Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
المنادي السّماوي يحطم كبرياء العالم
5:2وَرَأَيْتُ مَلاَكًا قَوِيًّا يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ.3فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي السَّمَاءِ وَلاَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ تَحْتَ الأَرْضِ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.4فَصِرْتُ أَنَا أَبْكِي كَثِيرًا لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَقْرَأَهُ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.


نادى ملاك الرب بصوت عال حتى تسمع رسالته السماء كلها وأطراف الأرض وما تحت الأرض. تضمنت رسالته نداء التوبة للمخلوقات كلها وإعلان قداسة الله في وحدة ثالوثه. نادى الملاك متحديا: "مَن هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه؟" تعني "مستحق" مَن له الحق, ومَن استحقّ في الوقت المعيّن أن يستلم وظيفة رسميّة. ومَن كان صالحا وقادرا على تحمل مسؤولية تنفيذ الأشغال بصبر وبقدرة كافية.
أما في السّماء، فيعني هذا النداء: مَن هو قدوس حتى يقدر أن يدخل، دون أن يتضرّر، إلى نور مجد الله السّاطع؟ من هو القدير والحكيم المحبّ الحنون العادل القويّ والرّحيم حتى انه يقدر أن يقترب من الله المَحَبّة القدّوس دون أن يفنى من قوته المشعّة؟
وكان سؤال الملاك أيضاً: مَن يقدر أن يفك الختوم السّبعة دون أن يتلف النص؟ من يقدر أن يقرأ الكتابة ويفهم الفحوى فلا ييأس منه بل يحققه بسلطان؟
طالب النداء القوي في الكون جميع الراغبين والمنافسين ومقدمي الطلب أن يتقدموا الآن. كانت الفرصة متاحة لجميع الملائكة والأنبياء والأرواح والقياصرة والحكام من جميع العصور أن يتقدموا، ولكن كان عليهم أن يعوا بأنهم سيحاكمون بعد ذلك من الله إنْ كانوا غير مستحقين. لم يجادل أولا حول فحوى الدرج، بل حول الشخص الصحيح الذي له الحقّ والقدرة أن يفتح سفر السّماء المختوم بسبعة أختام.
لم يتقدم أحد من رؤساء الملائكة، لا ميخائيل ولا جبرائيل؛ حتى مريم أم يَسُوْع لم تظهر في الصّورة. لم يجرؤ الشيطان أن يثبت كفاءته في هذا الامتحان الخطير، ولم يقدر أحد أن يتحمل قرب الله وقداسته وحكمته وقراراته. وكذلك لم يتقدم شهداء الكنيسة الثلاثة يعقوب وبطرس وبولس.
ربما تمنى أحد المخلوقات أن يفك الختوم السبعة، ولكن لم يكن ثمة مَن عمل صلاحا "ليس ولا واحد" (المزمور 14: 3). هناك لم تكن لتنفع فلسفة الفلاسفة ولا كهنوت رئيس الكهنة ولا فخامة رئيس الجمهوريّة ولا علم العلماء ولا طب الأطبّاء. لم يكن أحد مستحقاً أن يستلم السّفر من يد الله. كانوا جميعهم غير أكفاء مذنبين ومحرومين.
وساد السّماءَ صمتٌ عظيم وحيرة مبكتة. أصبح إفلاس البشر والملائكة جميعاً ظاهراً. يعني صمت المخلوقات كلها الدَّيْنُوْنَة المسبقة في فحص الذات لمعرفة الذات وإدانة الذات الضّروريّة.
بكى يوحنا بكاءً مرّاً. لم تسل قطرات دموع على وجنتيه فحسب، بل أجهش بالبكاء بكيانه كله، لأنه عرف إفلاس العالم وشمل نفسه. أدرك حقيقة الخليقة السّاقطة وواقعها: إن الجميع غير مستحقين ومذنبون وتحت لعنة الله. من عدم إمكانية لإعطاء الجواب ملأت السّماء والأرض. بالرغم من الجهود البشرية كلها لم يكن يحدث شيء له قيمته الأبدية. وحتى الشيوخ في السّماء حول العرش كانوا غير مستحقين. لو كنا مدركين وضعنا الخاص لكان من شأن بكاء يوحنا أن يعيدنا إلى جادة الصّواب.
أمَّا يد الله اليمنى بلغة السفر فبقيت ممدودة بالرغم من الصمت المخزي. كان هذا جواب الله على تاريخ البشرية. كانت هناك قطعة الورق الوحيدة التي لها مستقبل.
يُوجَد هذا النص اليوم في سفر الرُّؤْيَا معلناً لكل واحد. ولكن القليلين يقرأونه ويهتمُّون به. كان الملائكة والأنبياء يشتهون أن ينظروا إليه ليتعجبوا من مشيئة الله الحكيمة. النص مترجم اليوم إلى لغات كثيرة ومطبوع أيضا، ولكن الجماهير تفضل مشاهدة لعب كرة القدم على التلفزيون، ويظن الأتقياء أن خلاصنا قد تم على الصَّلِيْب وهذا يكفي، دون أن يدركوا أن إعلان يَسُوْع المَسِيْح يحدّد نسبيّة كل نظام عالمي جديد ويقاضي كل مجمع اقتصادي. فينبغي لمن يريد أن يعيش فِيْ سَبِيْلِ هدف واضح أن يقرأ رُؤْيَا يُوْحَنَّا مصليا وأن يصغي بدقة إلى ما يقوله الروح للكنائس.

الصَّلَاة
أمامك أيُّها القدّوس، لا يبقى بشر ولا روح باراً كاملاً، لأن ليس أحد صالح إلاّك. تكشف قداستك إفلاسنا وظلمنا. ليتنا نرتعب ونبكي مثل يوحنَّا، لترحمنا، وتعلن لنا خلاصك المعدّ.
السُّؤَال
لماذا بكى يوحنا بكاءً مرّا؟