Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
ترنيمة الشيوخ الأربعة والعشرين بمناسبة اعتلاء العرش
5:9وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ لأَِنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ10وَجَعَلْتَنَا لإِلَهِنَا مُلُوكًَا وَكَهَنَةً فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ.


قرأنا في الأَصْحَاح السّابق (4: 8- 11) عن عبادة الخالق من قبل حراس العرش والشيوخ الأربعة والعشرين. ونقرأ في الأَصْحَاح الخامس (5: 8- 10) عن عبادة الحمَل مِن قبل الدّائرة نفسها. بهذا تتكرّر مخاطبة الشيوخ المدهشة الشّخصية؛ إنَّهم يخاطبون الله كالحمَل بضمير المخاطب "أنت"؛ فهم على علاقة وطيدة بالآب والابن، يعرفون الابن وهو يعرفهم، يخصّونه وهم ثابتون فيه. انهم يخصّون عائلة الله (أفسس 2: 19). شاركهم يَسُوْع في حقّ البنوّة؛ وهم يتمتعون بهذا الامتياز بواسطة الحَمل وحده.
لهذا السّبب عبدوا المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ بوصفه ذبيحة الكفارة الذي أصبح حيّاً ثانية، وشهدوا أن لحَمَل اللهِ وحده الحقّ والسلطة في قبول السلطان في السّماء وعلى الأرض، فهو مستحق أن يفتح ختوم السفر السّبعة. عرفوا تواضعه و وداعته، ورأوا محبّته وقداسته، وعلموا كيف تمّم متطلبات الناموس كلها، ووثقوا بقوته الرّوحية وسلطانه، واختبروا كيف تغلب على تجارب الشّيطان. لا يقدر أحد أن يتغلب على الشّيطان غيره وغير أبيه. حتى الموت لم يجد سلطاناً عليه. فالمَسِيْح ثبت منتصراً.
إنَّه يرى أسرار المستقبل، ويرى دوافع الأرواح النجسة في تطوّرات التاريخ، وهو وحده يحقق خلاص المختارين كما يحقق الدَّيْنُوْنَة العادلة على أولئك الذين يقسّون قلوبهم. لم يكن أحد قادراً أن يطفئ غضب الله سوى الحمَل.

البرهان الأول: أنَّ المَسِيْح حصل على سلطانه بموته الكفاريّ طوعاً والذي قبله عن وعي. ولهذا السّبب رنم الشّيوخ: "أنت مستحقّ لأنك ذبِحت".
نجد الإيضاح لترنيمة العبادة هذه في (المزمور22) وفي (إِشَعْيَاء4:53-12). فسّر يَسُوْع نفسه موته الكفاري من غير لبس ولا إبهام (متى 20: 28؛ 26: 26- 28). مجّد الرسل المصلوب المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ لأنه كان سبب تبريرهم ومصالحتهم مع الله وأساس رجائهم الأكيد في الحَيَاة الأَبَدِيَّة (أَعْمَال الرُّسُلِ 4: 12؛ رومية 3: 22- 24؛ 5: 1- 5؛ 1كُورنْثوْس 1: 18- 23، 30- 31؛ 2 كُورنْثوْس 5: 19- 21؛ غَلاَطِيَّة 2: 19- 20؛ أفسس 2: 1- 10؛ فِيْلِبِّيْ 2: 5- 11؛ كولوسي 2: 12- 14؛ يوحنا الأولى 2: 1- 2؛ عِبْرَانِيِّيْنَ 9: 14 و هلم جرا).
اختُصِرَت في ذبيحة يَسُوْع المَسِيْح الذاتية جميع أنظمة القرابين في العَهْد القَدِيْم وتمَّت:

لخَّص كاتب الرّسالة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ هذه القرابين المختلفة في آية واحدة عن قربان يَسُوْع المَسِيْح بنفسه: "لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عِبْرَانِيِّيْنَ 10: 14).
الصَّلاة: أيُّها المسيح الذبيح القدّوس، نسجد لك ونحمدك، لأنك ذبحت كحمل الله على مذبح الصليب، وكنت صامتاً كحمل قبل ذبحه. لذلك أصبحت مستحقاً أن تستلم قيادة الدنيا والآخرة، لأجل محبّتك القدّوسة، الَّتي ظهرت بموتك عن الخطاة، الَّذين أنا منهم.

الذي قدمه الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً لتعليل استحقاق الحمل بفتح أختام السفر: "أنت اشتريت بدمك لله أناساً مِن جميع القبائل واللغات والشعوب والأمم".
لم يَذكر النص اليوناني الأصلي لهذه الآية "مَن أو ماذا" اشترى الحمل بدمه لله. فأضاف مترجمون كثيرون كلمة "أناسا" أو "نحن" أو "الكنيسة"؛ وقد اقتضت إضافة هذه العبارة زيادة في الإيضاح.
لم يكن مهماً للأربعة والعشرين شيخاً في الدرجة الأولى مَن أو ماذا اشترى، بل كان المهم أولا عقد الشراء بحد ذاته. فبواسطة دم كفارة المَسِيْح استطاع أن يشتري لله غير المقدس ويقدّسه. بواسطة موت يَسُوْع الفدائي يصبح المذنبون والمجرمون أحرارا. قد نستطيع أن نبدل الموضوع أيضا "بجميع المختارين" أو "بكل من يقبل ذبيحته ويؤمن به". إن قوة دم يَسُوْع المَسِيْح الشرائية والتقديسيّة هي أعظم وأوسع مما نعرف.
وصف بطرس هذا السر بطريقة أدق: "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء، بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المَسِيْح" (1بطرس18:1-19).
مَن يؤمن بهذا ويتمسك به يصبح من خاصة يَسُوْع المَسِيْح الذي اشتراه وحرّره لأبيه. والآن لا نخص نحن أنفسنا، بل نخص دَائِماً الله وحمله.
إنَّ هذا الشراء هو شراء التحرير من سوق نخاسة الخطيئة والارتباطات كلها (متى 20: 28). لم ُيعْط الحق والحرّية وحق العودة إلى بيت الآب للمَسِيْحِيّين المولودين ثانية فقط، بل لجميع الناس من القارات جميعها.
يخص هذا الامتياز أوَّلاً كل يهودي وكل إسرائيلي من أسباط العَهْد القَدِيْم الاثني عشر، حتى وإن كان معظمهم يحتقرون هذا الحق أو يرفضونه.
ويخص الحق والحرية من الذنب والخطيئة وإمكانية العودة إلى الله أيضاً الجماعات الشعبية ال 87411 والتي سمع نصفها بالإنجيل حتى الآن.
إنَّ هذه النعمة المجانية الثمينة مفتوحة للناطقين بجميع اللغات والألسنة على اختلاف جماعاتهم والتي يعرف منها حتى اليوم 6528 جماعة. ولا يزال يوجد حتى اليوم 4500 لغة لم يترجم إليها نص من الكتاب المقدس.
ويخص هذا الحق أخيراً 193 أمة من أمم الأرض التي اختصرت فيها هذه اللغات والجماعات الشعبية، علماً أنَّ التبشير في إسرائيل أو الصين أو الهند أو البلدان ذات الأكثرية البوذية أو المسلمة غير مرغوب فيه أو ممنوع منعاً باتاً في بعض الأحيان.
نُلاحظ أن حَمَل اللهِ لا يقدر أن يشتري ويحرّر كل إنسان من جميع القبائل
واللغات والشعوب والبلدان إلا المدعوين فقط الذين لبوا نداء الحَمل طائعين. قال يَسُوْع: "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي, وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاة أَبَدِيَّة, وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ, وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ, وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ." (يوحنا 10: 27- 30).
من لا يكون مستعداً للتحوُّل إلى حمَل وديع ومتواضع، بل يفضل أن يبقى تيساً عنيدا أو ذئباً ضاريا لا يجبره الراعي الصالح أن يتبعه. فيَسُوْع يحب جميع الناس ويقدم للجميع حقه للخلاص مجانا. ولهذا السبب لا يجبر أحداً على أن يسلم نفسه له.
الصَّلاة: يا حمل الله الحنون، نحمدك ونعظّمك، لأنّك سفكت دمك كفِدية، لتشترينا مِن سوق الخطيئة. ولقد كان دمك القدّوس قادراً وكافياً لشراء جميع التائبين في الدنيا، وتحرّرهم مِن قيودهم، وتطهّرهم خاصّة لله.

أمَّا على استحقاق الحمل الذي رنَّمه الشيوخ الأربعة والعشرون في ترنيمة العبادة فهو: "أنت جعلتهم لإلهنا ملوكاً وكهنة ويحكمون على الأرض".
كان ملكي صادق الذي بارك إبراهيم كاهناً لله العلي (التكوين18:14-20). أتمّ موسى كوسيط بين الله وشعبه واجبات كهنوتية ودنيوية سياسية. كان داود نبيا ملوكيا علَّم أجيالا من الناس أن تصلي وتعترف وتحمد.
يخص العمل المزدوج من سياسي وكهنوتي معاً، لدى بعض الديانات والثقافات، وظيفة وكرامة قادتها. كان الفراعنة حكاماً دنيويّين ووسطاء روحانيّين في وحدة الشخصية. فرض القياصرة الرُّوْمَان طاعة سياسية ولكنهم فرضوا عبادة دينية أيضاً. جعل هتلر الجماهير تنادي "هايل هتلر" مما يفيد أنَّ الخلاص يتم أخيرا بواسطة هتلر. سوف يجلس ضد المَسِيْح في الهيكل ويحكم الشعوب من أورشليم ويفرض على كل واحد أن يعبده. (2تَسَالُوْنِيْكِي2: 3-4؛ رُؤْيَا يُوْحَنَّا 13: 15-17؛ 20: 4).
ولكن كيف يمكن أن تظهر ثيوقراطيّة عالمية روحية تحت يَسُوْع المَسِيْح يحدد مفهومها بصفة الحَمل؟ يُصبَغ جميع الملوك الكهنوتيين أو الكهنة الملوكيين في ملكوته بصفة الحمَل، وإلا فهم جسم غريب يلحِق الضرر فقط. أشاد الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً بأنَّ يَسُوْع جعل الناس الذين اختارهم من أسباط إسرائيل ومن الأمم ملكوتا ًمن الكهنة. ونظروا في الوقت نفسه إلى الحمَل الذي كان مستحقاً وحده أن يفتح لفة السفر المختوم بسبعة أختام. ليست الكرامة الأرضية ولا السعي للحصول على السلطة ولا السلاح ولا الضرائب ولا السلطة السياسية ولا الحروب ولا المنظمات العالمية لشن حملات الانتقام هي من وسائل كهنة ملوك يَسُوْع المَسِيْح. فهم يتبعون الحمل. لا يحقق رسل يَسُوْع أنفسهم، فهم قد خلعوا طبيعة الذئب وامتلأوا من روح الحمل، فأعلن لهم ربهم وعداً عظيماً: "طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ, لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ" (متى 5: 5).
لم يُنفِّذ يَسُوْع مشيئته الخاصة، بل خضع دَائِماً لإرادة أبيه السّماوي، وهو يوصينا أن نتبع خطواته. يولد الكهنة الملوكيّون من الرُّوْح القدُس، ولكنهم ليسوا أكفاء من طفولتهم ليتقلدوا وظيفتهم. يتربّون في مدرسة يَسُوْع للإيمان أوَّلاً بتواضع ووداعة للصَّلاة والمحبّة والرجاء وينكسرون ويتشجعون.
لا يتكلم كهنة ملوك يَسُوْع المَسِيْح عن أنفسهم وعن اختباراتهم أوَّلاً، بل يمجدون حَمَل اللهِ. يضعون تيجانهم دَائِماً وأبداً أمام حَمل الذبح ويعترفون بأن سلطانهم وقوتهم وثمارهم تأتي من المصلوب وحده.
لهم الحق ككهنة في العَهْد الجَدِيْد في الدخول إلى الله القدوس ليحققوا قدرة دم الحَمل ويضعوا بركة هذه الذبيحة على الموكولين بهم. ابتهالهم هو سلطانهم؛ وشكرهم لأجل الآخرين يمجد الحمل.
يليق بنا أن نفكر في الأشخاص في محيطنا الذين وضع يَسُوْع المسؤولية عنهم في قلوبنا ومن ثم ننفذ خدمة الكهنوت لأجلهم باستمرار ودقة.
دعا يَسُوْع العاملين معه من الخطاة المائتين وحوَّلهم إلى خدام الله المقدسين
(1 كُورنْثوْس 3: 9؛ 4: 1) وهم يعيشون أبدا ويوكلهم ربهم مِرَاراً وَتَكْرَاراً بواجبات جديدة. وبهذا تطبق مبادئ روحية ثابتة، منها مثلاً:
الأمين في القليل أمين أيضا في الكثير والظالم في القليل ظالم أيضا في الكثير (لوقا 16: 10) مَن يرفع نفسه يتضع ومَن يضع نفسه يرتفع (متى 23: 12) كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه (متى 7: 7 )

فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السّماويّ
وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضا زلاتكم
(متى 6: 14- 15)

العَهْد الجَدِيْد هو الدستور الأساسي للكهنة الملوكيين، مع روح الآب والابن قوتهم ودم الحمل برهم.
أثبت يوحنا بالإيمان أن يَسُوْع دعا رعاة الكنائس المختلفة في آسيا الصغرى ودعاه هو أيضا كهنة ملوكيّين (رُؤْيَا يُوْحَنَّا 1: 6).
قدّر الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً الحَمل حق قدره لفتح السفر المختوم، ليس فقط لأن يَسُوْع مات كحمل القربان واشترى لله أناسا من جميع القبائل والأمم، بل أيضا لأنه غير المدعوين وعمل منهم أناسا جددا. لقد قبلوا نوع الحمل ولهذا السبب أمكنه أن يوكلهم بأن يخدموا بروحه ويحكموا روحيا على شعوب. تحَطِم وداعتهم، باسم يَسُوْع، كبرياءَ المتكبرين كما بقضيب من حديد (المزمور 2: 4؛ 22: 5).

الصَّلَاة
يا حمل الله الوديع، نعظّمك ونتهلل، لأنّك ملك الملوك في ملكوتك الرُّوحي. وجعلت الخطاة المشترين خدّامك على الأرض، ليُصلّوا ويبشرّوا، ويضحّوا، ويؤمنوا لخير العنيدين. تجعل خدّامك شهوداً لانتصارك، وتغيّرهم إلى حملان، فيهم قدرة الأسد، وهم كهنة متواضعون، وملوك روحيون، يحتملون شتائم العالم بصبر.
السُّؤَال
لماذا يتوقف استحقاق المَسِيْح لحكم العالم على ذبيحة ذاته؟ من أين يأتي الذين اشتراهم الحمل المذبوح خاصة لله؟ ما هي خدمات الكهنة الملوكية أمام ربّهم؟