Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
2 - ال 144000 المختومون من بَنِي يَعْقُوْبَ
(رُؤْيَا يُوْحَنَّا 7: 4- 8)
7:4وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةًَ وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا مَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْل.5مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ رَأُوبِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ جَادٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.6مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.7مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ لاَوِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.8مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ

من يقرأ بدقة بشارة ملاك الخلاص يرتعب لأنَّ أسماء المختارين الذين ختمهم الملاك أمام كوارث نهاية الزمن بعلامة الحماية وملكية ملك الملوك هم ذرِّيةٍ واحدةٍ. فلماذا يعمل الله من طرف واحد وينحصر في أشخاص مريبين في بطن من بطون هذه القبيلة؟
لم يختَر الله إسماعيل بن إبراهيم البكر المحبوب، الذي أنجبته له هاجر الأَمَة المصرية عوضاً عن زوجته سارة، ليكون جَد المَسِيْح الآتي. ضمَّت سلالته اثني عشر سبطاً ولكنهم لا يخصون شعبه المختار. كان إسحق وحده حاملاً البركة لأنه وُلد من سارة العاقر بكلمة خاصة من الله (تكوين 17: 1- 22، 21: 1- 21).
كان إبراهيم مستعداً أيضاً أن يضحي بابنه إسحق الوارث الوحيد إن كان الله يشاء ذلك، فأقسم الله الرب لنفسه قَسَماً ذا نقاطٍ أربع:

لماذا هذا التفضيل؟ لأنَّ إبراهيم أطاع صوت إله العَهْد إلى أقصاه (سفر التكوين 22: 15- 18).
عندما وُلد يعقوب كانت يده عند ولادته قابضةً بعقب أخيه عيسو، ولذلك دُعي اسمه يعقوب ومعناه "يُمسك العقب" والمقصود به الذي يأخذ خلسةً (تكوين 25: 19- 28).
احتال يعقوب على عيسو أخيه وأخذ منه خلسةً حقَّ البكوريَّة مقابل صحن عدس أحمر (تكوين 25: 13- 34). فاحتالت أُمُّه الماكرة، التي أحبَّت يعقوب أكثر مِن عيسو، مع يعقوب فغشَّا أباه الضَّرير إسحق " باسم الربّ إلهه" وأخذ يعقوب بركة أبيه عوضاً عن عيسو (سفر التكوين 27: 1- 28: 5).
عِنْدَئِذٍ هرب يعقوب من أخيه عيسو إلى بلاد ما بين النهرين البعيدة 800 لم ليتزوج بامرأة من ذرية أمّه. وفي أثناء الطريق نام في البرية وأخذ حجراً ليضعه " كوسادة" تحت رأسه. إنَّ سُلَم السماء الذي رآه في الحلم ومجد الله فوقه أثبتهما يَسُوْع في شهادته لِنَثَنائيل (سفر التكوين 28: 10- 22، يوحنا 1: 51). خدم يعقوب خاله لابان عشرين سنة حيث خدع الواحد الآخر واحتال عليه بقدر ما استطاع (تكوين 29: 1- 30، 30: 25- 43).

أنجبت ليئَة ابنة لابان الكبرى ليعقوب التي لم يحبها أربعة بنين: رأوبين، وشمعون، ولاوي، ويهوذا! أمَّا راحيل زوجة يعقوب الثانِية التي أحبها كثيراً وهي أخت ليئة فلم تنجب له أولاداً، ولذلك أقنعت راحيل يعقوب أن ينام مع أمتها "بِلْهَة" ليكون له ابنٌ منها. وأسمَت راحيل هذا الابن من الجارية نفتالي.
لمّا رأت ليئة كيف يعقوب يولد لزوجها بنون من أمة راحيل أقنعته هي أيضاً أن ينام مع أمتها زِلفه. وهذه أنجبت له جاد وأشير. ولكنَّ ليئة أنجبت له في وقت متأخر وبمساعدة أعشاب ابنين آخرين: يَسّاكر وزبولون.
وأخيراً بعدما وُلِدَ ليعقوب عشرة بنين من ليئة والأمتين أنجبت له راحيل أيضاً يوسف ابنها البكر؛ وأخيراً أنجبت بنيامين، ابن الحظّ، وماتت عند ولادته (تكوين 29: 31- 30: 24؛ 35: 16- 22).

مَن يقرأ تقارير العَهْد القَدِيْم عن بَنِي يَعْقُوْبَ الاِثْنَيْ عَشَر ويقارنها بتعداد أسمائهم في بشارة ملاك الخلاص في رُؤْيَا يُوْحَنَّا 7: 4- 8 يجد فوارق كبيرة في تتابع الأسماء. نجد في سفر رُؤْيَا يُوْحَنَّا في الدرجة الأولى يهوذا وليس رأوبين. نام رأوبين البكر مع زِلفه أَمَة ليئة رغم أنَّ أباه أنجب من بِلهة، ولأجل هذه الخطيئة خسر بركة البكوريَّة (تكوين 35: 22؛49: 4).
لم يحتلّ شمعون ولاوي تلقائياً المقام الأوَّل، لأنَّهما انتقما لأختهما دينَه في شكيم (نابلس) بالسيف بعد أن اغتصبها ابن الحاكم هناك. هربت كل ذرية يعقوب خوفاً من الثأر إلى جنوب الأَرْض إلى بيت إيل (تكوين 33: 18- 35: 3).
غضب يعقوب من شمعون ولاوي وتنبأ لهما بأنَّهما لن يجدا في المستقبل مسكناً في أرض الميعاد (تكوين 49: 5). لم يُذكَر شمعون نهائيّاً في قائمة سبط بَرَكة موسى (تثنية أَصْحَاح 33: 1- 29) حول أسْبَاط إِسْرَائِيْل لأنه أُلحِقَ بسبط يهوذا وأُدمج به (يشوع 9: 1- 9، 21: 1- 42).
أعطيت خدمة الكهنوت في الشعب بعد ثلاثة أجيال لأسلاف لاوي المقاتلين. كان عمران أحد أحفاد لاوي أباً لهرون وموسى ومريم الذين صاغوا تاريخ بَنِي يَعْقُوْبَ (خروج 6: 16- 20).
ولكنَّ أسلاف لاوي لم ينالوا نصيباً من الميراث في الأَرْض المقدسة (تكوين 49: 5- 9) بل بالحري وُعِدوا بالعشر كحقّ أبديّ لأنهم أثناء السَّير في البرية تحمسوا بالسَّيف لمجد الله (خروج 32: 26- 29، عدد 18: 21- 32، 35: 1-8، تثنية 33: 8- 11).
كرَّس القرآن سورةً لآل عمران الذي يُعتبَر في الإسلام كأبٍ أول لليهود والمَسِيْحِيّين. ويعود هذا الالتباس إلى أنَّ محمداً بدَّل مريم أخت هارون بمريم أم يَسُوْع ظنّاً منه أنَّ ابن مريم هو ابن أخت موسى وهارون (سورة 3: 33- 35، 19: 28، 66: 12).
أمَّا يهوذا فهو الذي يذكر لائحة أسماء أسْبَاط يعقوب في رُؤْيَا يُوْحَنَّا لأنَّ من سلفه يولد المَسِيْح. لم يكن يهوذا قديساً بطبيعته، إذ أقنع إخوته الغُيُر الحاقدين ألاَّ يطرحوا أخاهم الصغير يوسف في البئر ليموت جوعاً وعطشاً بل أن يبيعوه لتجار العبيد بعشرين من الفضة (تكوين 37: 26- 28).
نقيض ذلك نام يهوذا مع تامار ابنة حماته الأرملة فأنجبت له فارِص المذكور في سلسلة نسَب يَسُوْع (تكوين 38: 1- 30، أخبار الأَيَّام الأولى 2: 4، لوقا 3: 33). كان يَسُوْع يهودياً حقيقيا،ً ولكن الرُّوْح القدُس فيه تغلب على كل حيلة وخداع وشهوة جسد حتى إنَّه عاش قديساً كما أنَّ الله هو قدوس (سفر اللاويين 11: 44- 45، 19: 2)، والقرآن نفسه يثبت أنَّ المَسِيْح وُلِدَ وعاش بدون خطيئة (سورة 19: 19). مات يَسُوْع مرفوضاً من شعبه كملك اليهود (متى 27: 37، مرقس 15: 26، لوقا 23: 38- 39، يوحنا 19: 19). وفي السَّماء يُدعى الأسد من سبط يهوذا (رُؤْيَا يُوْحَنَّا 5: 5). تعني هذه التسمية إتمام نبوَّة يعقوب عند مباركته أولادَه (سفر التكوين 49: 8- 10).

لم يأخذ أَبْنَاء يَعْقُوْبَ الأربعة مِن أَمتَي زوجتيه الاثنتين، دان ونفتالي من بِلهه، كما جاد وأشير من زِلفه، مركز أبناء النساء الحرَّات في عائلته. عند تقسيم الأَرْض أعطوا غالباً مناطق حدود حيث لم يتغلبوا على عبادة أصنام الكنعانيين أو محوها.
لم يأخذ أسلاف دان بكر يعقوب من الأمة زِلفة أرضاً كنصيبهم من الميراث حتى بعد عشرات السنين لاغتصاب الأَرْض بواسطة يشوع. فأخذ 600 رجل من هذا السبط مدينة كدشيش عند جبل حرمون (قضاة 18: 1- 31). وفي طريقهم سرقوا الصنم الذهبي من بيت أفرايم وأجبروا الكاهن العرّاف أن يسير معهم. وعندما احتلوا مدينة كدْشيش غيروا اسمها إلى دان، ورتبوا لسبطهم عبادة الأصنام المنتظمة، وعُيّن أحد أحفاد موسى، يوناثان من ابنه جِرشوم، كاهناً. وبعد ذلك أصابت لعنة الله (تثنية 29: 19- 20) هؤلاء المشركين. شطب اسمهم من لائحة أسْبَاط إِسْرَائِيْل كلياً ولا يوجد اسمهم في تعداد رُؤْيَا يُوْحَنَّا ( 7: 4- 8). لم يُختَم أسلاف هذا السبط. وكان يعقوب يتنبأ بأنَّ دان سيكون أفعى خطرةً على إخوته وأخواته. يظن بعض المفسرين اليهود أنَّ من هذا السبط يأتي المَسِيْح الكذاب. أمَّا يعقوب فتأوه بعد لعنه هذا الابن من أمته: " لخلاصك انتظرت يا ربّ" (سفر التكوين 49: 18). عوضاً عن دان وُضع في قائمة رُؤْيَا يُوْحَنَّا منسى، الابن الأول للأمير يوسف. ورث هذا مناطق مركزية شمالي شكيم إلى الكرمل، وشرقي نهر الأردن عند يبوق فتساوي في الحقوق مع أَبْنَاء يَعْقُوْبَ.

كان أَبْنَاء يَعْقُوْبَ الأربعة الأخيرون يوسف وبنيامين من راحيل وزبولون ويساكر من ليئة. أصبح يوسف بعد ظلم وآلام كثيرة القمَّة في عشيرة يعقوب. كان يوسف الأمير بين أخوته وأغناهم. ولكنه مات في مصر. وأخذ موسى معه في السير في البرية عظامه ودفنه يشوع أجزاءً في شكيم (تكوين 15: 25، خروج 13: 19، يشوع 24: 32).
سكن أفرايم وريث يوسف المباشر مع سبطه جنوب شكيم إلى بيت إيل. عند تقسيم إِسْرَائِيْل في زمن ما بعد سليمان إلى مملكتي يهوذا والسامرة انفصل سلفا يوسف (أفرايم ومنسّى) الفخوران والغنيَّان عن الجنوب المحكوم من اليهود وكوَّنا نواة المملكة الشمالية.
أمَّا سبط بنيامين الذي جاء منه الملك شاول والرسول بولس، فسكن في نواة منطقة إِسْرَائِيْل بين إيل وأُوْرشَلِيْم. ولكن القصة البشعة المذكورة في سفر القضاة 19- 21 تدلّ على أنَّ " ابن الحظ" كان أيضاً ابن المصيبة (تكوين 35: 18). عند تقسيم الأسْبَاط إلى مملكتين شمالية وجنوبية تفرق سبط بنيامين. انضمَّ نصفه الأوَّل إلى مملكة السامرة والنصف الآخر إلى مملكة يهوذا. وقد أثبت الرسول بولس، بالنظر إلى هذا السبط، ما قاله داود: "لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً, لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (مزمور 14: 3، رومية 6: 10- 12).
وسكن آخر ابنين من ليئة زبولون ويساكر مع عشيرتهما شمالي الكرمل كما في الجليل الأعلى. انفتحا بواسطة علاقتهما التجارية على صور وصيدا مِرَاراً وَتَكْرَاراً لعبادة الأصنام، حتى إنَّ إِيْلِيَّا نادى على الكرمل قائلاً: "حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ. إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ, وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوه"ُ (المُلُوك الأَوَّل 18: 21). ورغم ذلك تنبأ إِشَعْيَاء عن هذه المنطقة النبوة العظيمة التي تمت في يَسُوْع المَسِيْح (إِشَعْيَاء 8: 23- 94، متى 4: 13- 17).

مَن يقرأ قصص العَهْد القَدِيْم عن أسْبَاط بَنِي يَعْقُوْبَ الاِثْنَيْ عَشَر يتساءل مضطرباً: لماذا اختار الله عشيرة يعقوب بالذات وأسلاف أبنائه الاِثْنَيْ عَشَر ودعاهم شعبه وفضلهم حتى سفر رُؤْيَا يُوْحَنَّا؟ عند قراءة هذه التقارير يتضح أن أحداً من المختارين لم يكن أفضل من الشعوب المحيطين بهم. انه يبقى فقط اختيار نعمة الله القدوس الذي مجَّد نفسه في شعب فاسد وجلب أفضل إنسان، يَسُوْع، ابنه من هذه العشيرة.
إنَّه ليشرّف كتّاب العَهْد القَدِيْم الذين لم يجاملوا ما عمله الأفراد والجماعات من هذه العشائر. وبهذا يتضح انه لا أحد يتبرّر على أساس أعماله الخاصّة بل الجميع بالنعمة وحدها يدعون.
الصَّلاة: أيُّها القدّوس، لا نفهم طرقك بسهولة ولا نُدركها. إنَّما نعظّمك، لأنّك اخترت بني يعقوب العصاة شعبك. لا يظهر أنّهم أفضل مِن الشعوب الأخرى، بل بقوا متمرّدين محتالين. ولكن أباء الإيمان مِن بينهم، أنبأوا أن سيأتي منهم أفضل إنسان، يسوع البار، ابنك بالرُّوح القدس.

لم ير يوحنا في رؤياه فيما بعد فرقاً بين أسباط بَنِي يَعْقُوْبَ، فالأسْبَاط المفضَّلة مثل يهوذا وأبناء راحيل: يوسف وبنيامين مع أولاد يوسف وأفرايم ومنسّى على قدم المساواة مع الأسْبَاط التي أنجبت من الأمتين بلهة وزِلفة (جاد، أشير، نفتالي ولكن بدون دان).
وحتى رأوبين المحتقر وشمعون وليفي المشرَّدين أتوا في تعداد المختومين وحتى زبولون ويساكر اللذين مالا إلى عبادة الأوثان مع الفينيقيين وقفا مع شرفاء بَنِي يَعْقُوْبَ.
لا فرق بين البشر بنعمة ربنا يَسُوْع المَسِيْح. "الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللَّهِ, مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 3: 23- 24) بدون الإيمان بدم يَسُوْع المَسِيْح لا يتبرر أحد ولا اليهودي. فليس الشرف والتَّكريم ولا الغنى والتقوى في الأفراد والأسْبَاط يقرِّر مستوى الحياة الأَبَدِيَّة بل النعمة العظيمة في وحدة الثالُوْث الأَقْدَس التي ترحمنا أجمعين.
ولكنَّ تحقيق البرّ بالنعمة تمَّ لأجل إيمان يعقوب. فقدوة يعقوب هي المرشدة للطريق. هو خدع أخاه عيسو وهرب ولكن بعد 20 سنة في الغربة أراد أن يعود إلى البيت.وهنا بدأ ضميره يستيقظ ويؤنّبه. وملاك الله صارعه حتى طلوع الفجر وضربه على حُقّ فخذه حتى صار يعرج . أمَّا يعقوب فلم يترك الملاك يمضي بل صرخ: "لا أطلقك إن لم تباركني". ومنذ ذلك الحين يُدعى يعقوب " إِسْرَائِيْل" لأنه تصارع مع الله والناس وغلبهم بإيمانه فقط (تكوين 32: 23- 33). فالإيمان هو الذي يجلب نعمة الله إلى القلب.

لم يقدر ملاك الخلاص أن يختم جميع أسلاف إِسْرَائِيْل بل ختم فقط 12000 من كل سبط.
نقرأ في رُؤْيَا يُوْحَنَّا الأَصْحَاح 7: 4- 8 حرف الجرّ "من" اثنتي عشرة مرَّة مشيراً إلى أنَّ من كلّ سبط يختم النخبة فقط وليس السبط كلّه.
هل يعاكس هذا القول نبوءة بولس: أنَّ عند مجيء يَسُوْع الثانِي "سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيْل" (رومية 11: 25- 32)؟ من هنا يطفو السؤال الصعب التالي: مَن هم "جَمِيعُ إِسْرَائِيْل" ؟
هل هم كلّ مواطني دولة إِسْرَائِيْل اليوم؟ وفي هذه الحال يكون بين المخلصين كلّ الدروز والمَسِيْحِيّين والمسلمين والملحدين الذين يسكنون في الأراضي المقدسة!
هل تقصد هذه النبوة جميع المختومين في إِسْرَائِيْل؟ في هذه الحالة قد يخص أيضاً جميع المسلمين المختارين الذين يخلصون عند مجيء يَسُوْع الثانِي لأنهم يدعون إسماعيل جَدّهم الأول.
هل المفديون عند مجيء المَسِيْح هم فقط اليهود الأرثوذكس والمتشدِّدون في إِسْرَائِيْل الذين يحاربون لأجل كلّ بقعة من "أرض الموعد"؟ ولكن هذا
يعني أنَّهم أقلّ بكثير من نصف الإِسْرَائِيْليين الذين يخلصون.
هل يعني "جَمِيعُ إِسْرَائِيْل" جميع اليهود في جميع القارات؟ ثلثاهم يعيشون خارج إِسْرَائِيْل وشريعة موسى غريبة عنهم.
أو هل هم الثلاثة آلاف مسيحي من أصل يهودي وحدهم في إِسْرَائِيْل؟ مع الخمسة آلاف مَسِيْحِيّ في الولايات المتحدة الأميركية وفي بلدان أخرى المختونون جسداً وقلباً؟
مَن هم "جَمِيعُ إِسْرَائِيْل"؟ علينا أن نجيب عن هذا السؤال بتروٍّ وحذر:
كتب بولس بوضوح أن ليس "جَمِيعُ إِسْرَائِيْل" هم إِسْرَائِيْليون بل فقط أولئك المختونون في القلب (رومية 5: 25- 29، 4: 11- 12، 10: 6- 13، 1كُورنْثوْس 7: 18- 19، غَلاَطِيَّة 5: 2- 6، 6: 13- 16، أَفَسُس 2: 11- 18، كولوسي 2: 11 ).
أملَى يَسُوْعُ المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ على النَّاظر يوحنا مرتين في رُؤْيَا يُوْحَنَّا ( 2: 9- 10، 3:9) أن ليس كلّ من يقول أنا يهودي هو يهودي بالفعل. واعتبر بولس ويوحنا اليهود هم فقط الذين عرفوا يَسُوْع مَسِيْحاً لهم وقبلوه، واعترفوا له بخطاياهم، وآمنوا بمغفرة الخطايا بواسطة موته الكفاري وفقاً لإِشَعْيَاء 53، وأقامهم الرب من موتهم الروحي إلى الحَيَاة الأَبَدِيَّة بقوة الرُّوْح القدُس. يوافق هذا المفهوم الصيغة أنَّه لا يختم "مِن" كلّ سبط من أسْبَاط إِسْرَائِيْل، في نهاية الزمن، إلا 12000 ألف من المؤمنين بيَسُوْع فقط.

يعتقد بعض المفسرين اليهود والعرب أن لكل حرف قيمة عدد. وفي العددين معانٍ خفيَّة: فالعدد 12 هو حاصل ضرب العددين 3و4، والعدد 7 هو مجموع العددين. إن كان العدد 3 للثالوث الأَقْدَس والعدد 4 لجهات الأَرْض الأربع يكون العدد 7 حلول روح الله على الخليقة بمعنى الجميع. من حيث أنَّ العدد 12 حاصل ضرب 3و 4 يعني هذا العدد امتزاج الإلهي بالأَرْضيّ كما الطحين والماء والخميرة تُعجَن معاً.
العدد ألف هو رمزٌ للكثرة كما للسُّلطان. وهذا مِن شأنه أن يفسِّر العدد 12000 بأنَّه امتزاج النِّيَّات الإلهيَّة بقوى المواد الأَرْضية التي تتحقق في كلّ من الاِثْنَيْ عَشَر سبطاً في عدد كبير من أشخاص مجدَّدين ومعجونين بالروح.
العدد السري 144000 هو أوَّلاً حاصل ضرب 12في 12 ألف مرَّة. ولكن يمكن أن يعني هذا العدد أيضاً تسعة في 16 ألف ويعني ثلاثة في ثلاثة ضرب أربعة في أربعة ضرب ألف.
يمكن أن يعني هذا الحساب، في لغة الشرق الأوسط المختّصة بالأرقام، أنَّ صفات الثالُوْث الأَقْدَس والمضاعفة تحلّ في العدد الكامل من المختارين من أسْبَاط إِسْرَائِيْل وتغلب ضعفاتهم المضاعفة وشرهم المتزايد وفسادهم المطلق باستثناء سبط (دان) الذي سلم نفسه لصنم ذهبي مائت.
يَسُوْع هو برهان هذا الحساب الدَّال على تقديس ميراث أَبْنَاء يَعْقُوْبَ، وهو القائل: "ثِقُوا, أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا 6: 33).
العدد 144000 في رُؤْيَا يُوْحَنَّا لا يعني إلا العدد الكامل للمختومين من أسْبَاط إِسْرَائِيْل وليس دولة إِسْرَائِيْل ككلّ!

شغل هذا العدد بال الكثيرين في تاريخ الكنيسة، ليس آخرهم شهود يهوه الذين يعتقدون أنَّ هذا العدد يخصُّ خيرة أعضائهم فقط.
يرى مفسرون كثيرون في العدد 144000 عدد اليهود المَسِيْحِيّين الكامل الذين هم في الوقت نفسه يهود أصيلون ومَسِيْحِيّون حقيقيون. فإذا كان العدد الكامل من المَسِيْحِيّين من أصل يهودي لا بدَّ مِن أن نأخذ في الاعتبار الجماعات الصغيرة في إِسْرَائِيْل التي تجتمع في أماكن معيَّنة على الرَّغم من الضغط المتزايد والاضطهادات. وهؤلاء يمكن في كل وقت سحب الجنسية الإِسْرَائِيْليَّة منهم، لأنَّهم يحبون يَسُوْع مسيحاً لهم. وقد شهد أحد العرب المسيحيِّين لهم قائلاً: " إنَّك لتجد عند هؤلاء المسيحيِّين المسيانيين غيرةً وحميةً واندفاعاً أكثر ممَّا عندنا بكثيرٍ". قد تدفع الاضطهادات المتزايدة في الوقت الأخير بأحبَّاء يَسُوْع في الخفاء في إِسْرَائِيْل إلى أن يكونوا في الحسم ليَسُوْع أو ضدّ ابن الله المصلوب المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ. وكذلك سيجمع عدد المؤمنين المتزايد في حركة " اليهود ليَسُوْع" في الولايات المتحدة الأميركية الكثيرين للعدد الكامل من المختومين. وحتى في بلدان العالم الأخرى يدعو الرَّب مِن اليهود مَن يتجاوب بمحبته فيضمهم إلى العدد الذي يرمز إلى الكمال. وملاك الخلاص ومساعدوه يختمون جميع المنكسري الروح (مزمور 51: 3- 19، حزقيال 36: 26- 32، يوحنا 1: 47).
عرف عاموس في نبوته في المملكة الشمالية الساقطة أنَّ تجديداً يأتي في نهاية الزمن لأَبْنَاء يَعْقُوْبَ ويكون منه نصيب للشعوب غير الطَّاهرة (عاموس 9: 9- 12). أثبت يعقوب، المهتم بالناموس من بين الكنيسة الأولى، هذه النبوَّة بكل تأكيد في مجمع الرسل في أُوْرشَلِيْم سنة 48 م. (أَعْمَال الرُّسُلِ 15: 13- 17). لا مفرَّ مِنَ التجديد الروحي في بَنِي يَعْقُوْبَ، كما تلقِّى حزقيال الأمر من الله في رؤياه بأن يأمر العظام الميتة أن تجتمع ويدخل الروح فيها. بالفعل نفخ روح الله في العظام المجتمعة التي ترمز إلى عشيرة يعقوب (حزقيال 37: 9- 14). فلا نهاية لمحبة الله. هي تصل وتحيي الأموات روحياً الذين تشتتوا في جميع الشعوب.
عرف النبي زَكَرِيَّا أنَّ في الأَيَّام الأخيرة، قُبَيل مجيء يَسُوْع الثانِي، يحدث حلول الروح على بيت داود وعلى سكان أُوْرشَلِيْم. فيكونون بهذا مبصرين روحياً ويرون المصلوب الآتي بدموع ونواح لأنَّ آباءهم طعنوه (زَكَرِيَّا 12: 10، رُؤْيَا يُوْحَنَّا1: 7).
سيكون جَدَل عميق في شعب العَهْد القَدِيْم بين الأموات روحياً تحت الناموس والأحياء بالرُّوْح القدُس على أسس الإِنْجِيْل. ستكون نقطة الدوران الإيمان بالنعمة في موت ابن الله الكفاري وليس التمسك بالناموس المثالي. وسيعترفون قائلين: "إنَّ يَسُوْع هو الرب الخالق والمنقذ والدَّيّان".
أراد يوحنا بكتابة هذه الرُّؤْيَا أن يُشجع أعضاء كنائسه في آسيا الصغرى المَسِيْحِيّين من أصل يهودي على الإيمان باختيارهم، وأن يثبتهم في يَسُوْع مخلصهم. أراد أن يجلب كلّ عضو في كنائسه من الهاربين اليهود إلى الولادة الثانِية والختم بواسطة الرُّوْح القدُس، لأنه عرف أنَّ لا حياة، ولا معرفة، ولا قوّة، ولا محبة بدون الرُّوْح القدُس.
أكَّد يَسُوْع للرَّسول المنفي إلى بطمس أنَّ العدد الكامل من جميع أسْبَاط بَنِي يَعْقُوْبَ سيخلص، باستثناء سبط دان الذي انفتح لعبادة الأصنام.

الصَّلَاة
نعظّمك يا ربّ، لأجل صبرك الطويل مع شعبك العنيد. وبقيت أميناً لهم رغم الدينونات الشديدة الساقطة عليهم، ليتوبوا. بل لم تتب إلاَّ نخبة قليلة مِن كلّ سبط (إثنا عشر ألفاً) الَّذين ينفتحون لروح حملك القدّوس. ساعدنا، لكي لا ندين هذا الشعب المتمرّد، بل ندين أنفسنا أوَّلاً، وشعوبنا الخاصّة، لكي لا تسقط علينا ذات الدينونات كما عليهم.
السُّؤَال
ما هو سرّ بني يعقوب؟ ماذا يعني العدد (144 ألفاً) في هذا الفصل؟