Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
صلوات القديسين تُصفَّى على مذبح البخور الذهبي
(رُؤْيَا يُوْحَنَّا 8: 3- 5)
8:3وَجَاءَ مَلاَكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ وَمَعَهُ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَأُعْطِيَ بَخُورًا كَثِيرًا لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ الْعَرْشِ.4فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ.5ثُمَّ أَخَذَ الْمَلاَكُ الْمِبْخَرَةَ وَمَلأَهَا مِنْ نَارِ الْمَذْبَحِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الأَرْض فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَزَلْزَلَةٌ.


يتأنى حَمَل اللهِ في تنفيذ دينونته. وهو مستعد أن يُصغي لكلّ صوت يصل إليه كصلاة. ولكن لا بدَّ لجميع الصلوات مِن أن تمرّ في النار لكي تحترق جميع نيَّاتنا الأنانيَّة والإنْسَانيَّة ، فلا يبقى إلا ما يصلّى باسم وروح الحمل.
ليست وظيفة تنقية الصلاة وتطهير جميع الطلبات من خصائص رئيس الملائكة بل ملاك آخر هو قام بوظيفة الكاهن على مذبح البخور المصنوع من خشب السنط الذي كان مطلياً بطبقة من ذهب في غرفة "القدوس" في خيمة الاجتماع وفي الهيكل أمام حجاب قدس الأقداس (سفر الخروج 30: 1- 10). ولكن بعدما انشق الحجاب في هيكل الله عند موت المَسِيْح (متى 27: 51) تقف الصورة الأصليَّة لمذبح البخور في السماء مباشرة أمام عرش الله الحي.
كان البخور في العَهْد القَدِيْم يُحرَق صباحاً ومساءً كصورة رمزية للخضوع والولاء اللذين تقدِّمهما الجماعة لله بالصلاة. بينما كانت الصلوات تصعد مع دخان البخور كان الصَّمت التَّام يعمُّ الهيكلَ. لهذا السبب كان في السَّماء أيضاً نصف ساعة صمت. اعتبر الربّ الحيّ صلوات القديسين مهمة حتِّى إنَّ الجميع صمتوا.
قال أحد المفسرين إنَّ البخور الإضافيَّ الذي استلمه الملاك في السماء هو صلوات الملائكة. وتساند هذه الصلوات بدورها تقدّم خطة الخلاص، وتنفيذ برّ الله وقداسته. وكان حتى على صلوات الملائكة وصلوات القديسين أن تمرَّ بالنار لتتطهر وتصبح مقبولة عند الله.
فُرض علينا أن لا نسجد للملائكة أو نستعين بهم لأنَّ لنا حق التقدم إلى الآب بواسطة يَسُوْع المَسِيْح ابنه (عِبْرَانِيِّيْنَ 1: 10، 2: 1، رُؤْيَا يُوْحَنَّا 22: 8- 9). وكل مَن يطلب مساعدة من الملائكة أو من أرواح أخرى يحتقر الآب والابن.

إنَّ العبارة "جميع القدِّيسين" لا تضمُّ فقط القديسين في زمن الرسول يوحنا، بل أيضاً القديسين من العَهْد القَدِيْم (دانيال 4: 14، 7: 18و 21و 22و 25، 8: 13) وكذلك القديسين من العَهْد الجَدِيْد الذين تقدّسوا بدم المَسِيْح ويُصَلُّون ويعيشون بقوة الرُّوْح القدُس (عِبْرَانِيِّيْنَ 9: 14، 10: 14، أَفَسُس 1: 1، كولوسي 1: 2 ومواضع أخرى). صلواتهم بالروح (رومية 8: 26- 27) تملك سلطاناً (أَفَسُس 3: 14- 21).
ماذا يبقى مِن صلواتنا عندما تأتي إلى نار مذبح المحرقات؟ ألا تدور معظم طلباتنا حول أنفسنا وعائلاتنا؟ إنَّ بعض الصلوات لا يأتي من محبة الله الآب، ولا من صبر يَسُوْع المَسِيْح ابنه، ولا من دوافع الرُّوْح القدُس. لهذا السبب ينبغي أن تُحرَق! تحتاج صلواتنا كلُّها إلى التطهير بواسطة دم يَسُوْع المَسِيْح، وإلا فإنَّنا نخطئ حتى بواسطة صلواتنا.
إذا حُذف مِن صلواتنا كلّ فكر بشري وأكثر من بشري، لا يبقى في النهاية إلا طلبات الصلاة الربانية. إنَّ عبادة الآب ومجيء ملكوته وتنفيذ مشيئته عندنا كما في السماء هي المواضيع الأساسية لصلواتنا المقبولة. ثم لنا الامتياز أن نلتمس من أبينا الخبز الذي يكفي لكلّ يوم. تضم هذه الطلبة كل ما نحتاجه لحياتنا الشخصية ولديمومة عائلاتنا واستمرارية كنائسنا ولجيراننا المحتاجين. طلبة المغفرة تكسر كبرياءَنا وتقودنا إلى الشكر لموت يَسُوْع الكفاري عنَّا وعن جميع الناس. تربينا الطلبة حول المغفرة على غفران جميع الخطايا لخصومنا، لأننا نطلب في الصلاة الربانية من الله أن يغفر لنا بقدر ما نحن مستعدون أن نغفر أيضاً. ينبغي أن نصلي الطلبة لكي يحفظنا من تجربة السقوط وطلبة النجاة من قبضة الشرير وحيله كل يوم.
كلّ ما هو في نطاق هذه الصلاة مقبول عند الآب. بالإضافة إلى ذلك ثمَّة مزامير كثيرة أيضاً ( 1، 23، 32، 51، 90، 91، 103، 104 وغيرها).
وصلوات بطرس ( 1 بطرس 1: 3- 5) وصلوات يوحنا (رُؤْيَا يُوْحَنَّا 1: 5- 6) وصلوات بولس (أَفَسُس 1: 3- 14) التي تقدّم كلها معاً مدرسة الصلوات للقدّيسين. وحتى الرُّوْح القدُس بنفسه يشجعنا على الصلاة: "يَا أَبَا الآبُ" (رومية 8: 15- 16).
ليتنا نمتحن صلواتنا ونخصص وقتاً للصلاة ونطلب لصلواتنا هداية الروح، ومِن ثم يقدر روح الحمل أن ينبهنا إلى إخوتنا وأخواتنا الذين في الضيق العظيم في جميع دول العالم لكي نقدم ابتهالات مستهدفة ونتمرَّن على الشكر بارتياح لأجلهم. قال شيخ كنيسة صيني مرَّة عند الوداع: "ابقوا أمناء حتَّى نقدر نحن أن نبقى أمناء أيضاً".
يُسّرُّ الله بكلّ صلاة من صلواتك باسم يَسُوْع المَسِيْح كما يفرح الأب عندما يتكلم إليه ابنه بثقة. يجوز لنا أن نقول كلّ شيء لأبينا وما نحمله في قلوبنا (متى 6: 25- 33، 7: 7- 11 وغيرها).
يُعلن لنا مثل الأرملة اللَّجوجة بطلباتها الوعد الخاص لأجل المتضايقين والمضطهدين في الأَيَّام الأخيرة (لوقا 18- 2- 8). تُريد قصّة الصديق الذي ألحّ بطلبه أن تربينا على الصلوات العاصفة المستمرة (لوقا 11: 5- 13). وترينا قصة الأرملة والصديق الذي ألح بطلباته لأجل ضيفه حتى نال ما تمناه أنَّه ينبغي أن نستمر أيضاً في صلواتنا بإلحاح حتى يستجيب الرب صلواتنا من أجل أصدقائنا.

بعدما أحضر الملاك عند مذبح البخور صلوات القدّيسين في المَسِيْح أمام عرش القدير تلقّى فوراً إشارات للعمل. دعاء البخور نفسه الذي وضعه على جمر مذبح البخور مع صلوات الملائكة والقديسين إلى أن صعدت جميع الصلوات كالبخور كرائحة طيّبة إلى الآب والابن، ملأ دعاء البخور نفسه بفحم الجمر من مذبح البخور وطرحه كجواب الله على الأَرْض. يقدر الربّ أن يُجري لمختاريه المتضايقين الحق في أقصر وقت. كانت بروق ورعود وأصوات وزلازل نتيجة صلوات القديسين، نقرأ في رُؤْيَا يُوْحَنَّا 4: 5 أنَّ بروقاً وأصواتاً ورعوداً خرجت من عرش الله.
إلهنا هو القوة الأصلية (إيل). هو الطاقة والقوَّة والسلطان. لا تقدر أن تقف قوَّةٌ أُخرى إلى جانبه. ولكنه لا ينتصر بعُنف بل بالمحبة والصبر وبالنيابة والرحمة. ولكن حيثما تداس محبة تضحيته بالأرجل وتُرفَض عمداً يترك أعداءه ليدمروا أنفسهم بأنفسهم. الزلازل تحذيرات من الله أن لا يتحدى أحد دينونته. هو قادرٌ أن يُغرِق في البحر قارات بأكملها وجبالاً عالية. القدير هو القادر على كل شيء. أمَّا محبته فهي التي تؤجل الدَّيْنُوْنَة. ولكن صلوات القديسين تعجلها لأنها تريد أن تقبل الإخوة في الضيق وفي الكآبة.
قادت رؤيا الله القدوس إِشَعْيَاء النبي الكاهن إلى معرفة الذات المذعورة والاعتراف بنجاسته. أخذ السيرافيم جمرة من مذبح البخور وحرق خطايا النبي من شفتيه ولسانه. أدت معرفة الله القدوس عند إِشَعْيَاء إلى نتيجة التوبة والمغفرة (إِشَعْيَاء 6: 1- 8). بينما لم يرَ بعض مؤسِّسي الأديان الله القدوس في رؤيا روحانية قط، ولذلك لم تأتِ إليهم توبة القلب والانكسار. فكيف حالك أنت؟
صمتت السماء في رُؤْيَا يُوْحَنَّا صمتاً متوتراً استعداداً لأبواق الدَّيْنُوْنَة الأولى حتى سُمعت وامتُحنت جميع الصلوات. وأجاب الله فوراً بعواصف غضب وزلزلة عظيمة، بتحذيرات غاضبة ونداءات أخيرة للتوبة. موضوع الأَبْوَاق السبعة واضحٌ: أنّ صلوات جميع القديسين هي القوة الدافعة لأحكام الدَّينونة القادمة. يُحرِّك النداء لخلاص المتعبين والمعذَّبين والمغتصبين ذراع الرب مثلما تُسرع الأمُّ، غير مباليةٍ بالأخطار والخسائر إلى إنقاذ ابنها المعذَّب. بروق حادة ورعود مرعبة وزلازل تسبب الذعر مع أصوات دينونة، وأصوات مخلصة تدعو الكنيسة والمجتمع والحكومة إلى التوبة. وحيث لا يرجعون تبدأ بالأَبْوَاق السبعة أحكام دينونة الحمل.

الصَّلَاة
أيُّها الآب السماوي، أنت قدّوس، وإنما صلواتنا وابتهالاتنا لا تزال ممزوجة بطلبات دنيوية. سامحنا لأجل تأثير الأنانية في صلواتنا، وعلمنا أن نصلّي في انسجام مع طلبات الصَّلاة الربانية، الَّتي علمنا إياها ابنك الحكيم. ارشدنا بالرُّوح القدس لنصلّي ما يرضيك وما يمجّدك وحملك.
السُّؤَال
لماذا ينبغي أن تمرّ صلواتنا بالنار المقدّسة؟