Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
المقدمة لإِنْجِيْل المسيح حسب البشير مَرْقُس



أرشد المَسِيْح بعضاً من أتباعه إلى تدوين أقواله، وأَعْمَاله، وسيرة حياته، وموته، وقيامته، وصعوده. فكان منهم العَشَّار متّى، شاهد العيان، ومُتقن اللغات؛ ويُوْحَنَّا التِّلْمِيْذ المحبوب، من الأرومة الكهنوتية؛ ولُوْقَا الطبيب اليُوْنَانِيّ، المرافق لبُوْلُس الرَّسُول؛ ومَرْقُس الشاب، الّذي سجَّل عظات بُطْرُس مقدام الرُّسُل.



مَن هو مَرْقُس؟


نؤيِّد إجماع الكنيسة بأنَّ كاتب الإِنْجِيْل الثاني هو يُوْحَنَّا مَرْقُس، الّذي رافق خاله بَرْنَابَا والرَّسُول بُوْلُس في الرحلة التَّبْشِيْريّة الأولى (كما جاء في أَعْمَال الرُّسُل 12: 12- 25 و13: 5- 13 و15: 37- 39). ولكنه إذ لم يقدر أن يحتمل المشقَّات الجسديَّة والكفاح الرُّوْحِيّ، أثناء هذه الرحلة، لحداثته آنَذَاكَ، ترك الرَّسُولين، وقفل راجعاً إلى موطنه مِن أوّل الرحلة، الأمر الّذي لم يَرُقْ لبُوْلُس الرَّسُول.

ولكنَّ خاله بَرْنَابَا رأى فيه، بثاقب نظره وحكمته، رجل المستقبل. فحاول تهوين الأمر على بُوْلُس باصطحاب مَرْقُس ثانيةً. فاصطدم برفيقه بُوْلُس الّذي لم يَقبل اصطحاب شاب ليّن هارب. وهكذا حدث انفصالٌ بين زعيمَي التَّبْشِيْر بُوْلُس وبَرْنَابَا. إنما بعد بضع سنوات، نجد مَرْقُس ثانيةً رفيقاً لبُوْلُس وعوناً له في سجنه بروما (كولوسي 4: 10 وفليمون 24 و2تيموثاوس 4: 11).

ومِن المسلَّم به أن مَرْقُس هو ذلك الفتى الّذي تبع يَسُوْع مِن بعيد لابساً إزاراً على عريه. ولمَّا قبض الجند على يَسُوْع، هرب عرياناً، إذ نزعوا عنه إزاره (مَرْقُس 14: 51). فشهد مَرْقُس في إِنْجِيْله بهذه الحادثة، بمعنى أنه صار مكشوفاً عارياً في صلب المَسِيْح، عبداً باطلاً غير مستحقٍّ لكتابة الإِنْجِيْل. ولكنَّ المَسِيْح رحمه، وفوّض إليه كتابة سيرة حياته الإلهية.



كيف تَكوّن إِنْجِيْل مَرْقُس؟


يقول المؤرِّخ الكنسي "أوسابيوس" إنَّ مَرْقُس قد التحق بالرَّسُول بُطْرُس بعد موت الرَّسُول، ولازمه في روما خادماً مخلصاً له، وسجَّل بكلّ دقّة كلمات وعظات هذا الرَّسُول الشيخ عن حياة المَسِيْح، ليس حسب التسلسل التاريخي، بل وفقاً للعظات والمحاضرات الّتي كان يلقيها بُطْرُس في الكنائس والبيوت، ليرسم لسامعيه صورة حياة المَسِيْح، فيروه واضحاً كأنه أمامهم... وبالحقيقة ليس مَرْقُس هو مصدر أخبار إِنْجِيْله، بل بُطْرُس مقدام الرُّسُل.
ونجد في هذا الإِنْجِيْل القليلَ مِن أقوال المَسِيْح الّتي نقرأها في الأناجيل الأخرى. لكنْ تَظهر أمام أذهاننا أَعْمَال المَسِيْح بطريقة مقتضبة فعَّالة. وقد أوضح بُطْرُس خاصةً، مِن بين هذه الأحداث، فشله المرّ بصورة أوضح منها في الأناجيل الأخرى، ليمجِّد الِّنعمة المخلِّصة لِلمَسِيْح الّذي باركه رغم إنكاره إيَّاه ثلاث مرَّات.



لِمَنْ كُتِب هذا الإِنْجِيْل؟


لقد تعلَّم مَرْقُس أثناء اتّباعه لبَرْنَابَا وبُوْلُس وبُطْرُس أنَّ يَسُوْع النَّاصِرِيّ هو المَسِيْح المقتدر القوي المنتصر. فأظهره لسَامِعِيْه الرُّوْمَان أنّه ابن اللّه الأوحد. لأنَّ الرُّوْمَان واليُوْنَانِيّين لم يجدوا في آلهتهم المتعددة المنصوبة في هياكلهم الكثيرة رجاءً حقّاً للحياة والموت. فأبرز لهم ابن اللّه الوحيد رجاء العالمين.

وهكذا فسَّر لهؤلاء الوثنيين بعض العادات اليَهُوْدِيّة بوضوحٍ، ليفهموا خلفية حياة يَسُوْع. وترك وصف الكفاح مع الفَرِّيْسِيّين. واستخدم مفردات ومُصطلحاتٍ رومانية باللغة اليُوْنَانِيّة. مما يدلّ على أنّه لم يكتب إِنْجِيْله لليهود العِبْرَانِيّين، بل للمؤمنين من الأمم في روما، ليجتذبهم إلى الإيمان الحي بالمَسِيْح مَلِك المُلُوْك ورَبّ الأَرْبَاب، المؤسِّس الإلهي للمَلَكُوْت الرُّوْحِيّ في دنياه الفاسدة.



متى كُتِب إِنْجِيْل مَرْقُس؟


نقرأ عن القدّيس "إيرونيموس" قوله أن بُطْرُس قد طالع قبل موته هذا الإِنْجِيْل، ووافق على محتوياته. ممّا يدلّ على أنّه كُتب قبل سنة 64 ب.م. لأنَّ في هذه السَّنة حدث الاضْطِهَاد العظيم على يد القيصر نيرون، الّذي تسبَّب على الأغلب في موت بُطْرُس.

ونتعلَّم مِن أصغر الأناجيل هذا، أنَّ سلطان اللّه كان عاملاً في يَسُوْع المَسِيْح الربّ. وندرك أثناء تأمُّلنا في سيرته أنَّ المُقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات هو حاضرٌ حتّى اليوم بيننا، منشئاً مَلَكُوْت مَحَبَّته بين الأمم. وهكذا يدعونا ابن اللّه بأوامره الموجزة لإطاعة الإيمان، لأنَّ في رحابه لا توجد فوضى وخطيئة، بل قوَّة الرُّوْح القُدُس، عاملة حسب تنظيمات رحمته، المبنية على انتصاره الخالد.

لا تقرأ إِنْجِيْل مَرْقُس بسرعة وسطحية، بل تأمَّل كلَّ كلمة مِن كلماته، ونفِّذْها بإخلاص، فتتقوى في الحياة الرُّوْحِيّة.


وأمَّا تنظيم الكتاب فهو كما يلي:


































1- التمهيدات لظهور المَسِيْح. 1: 1- 13
2- بداية أَعْمَال يَسُوْع في الجَلِيْل. 1: 14- 45
3- الاصطدامات مع فقهاء التَّوْرَاة والنَّامُوسِيّين. 2: 1- 3: 6
4- آيات المَسِيْح العظيمة وعجائبه في الجَلِيْل ومحيطه. 3: 7- 8: 26
5- المَسِيْح يُعِدّ تلاميذه لآلامه وموته. 8: 27- 10: 45
6- دخول يَسُوْع أُوْرُشَلِيْم وأَعْمَاله الأخيرة. 10: 46- 52
7- آلام يَسُوْع وموته. 14و 15
8- قيامة يَسُوْع. 16

السُّؤَال
مَن هو مَرْقُس؟ ومع أي الرُّسُل تعاوَن؟
السُّؤَال
مَن هو مصدر إِنْجِيْل مَرْقُس؟
السُّؤَال
إلى مَن كَتب مَرْقُس إِنْجِيْله، وفي أي زمن؟