Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
21 - خطاب استفانوس للدفاع عن نفسه
(7: 1 - 53)

أ - وصف أيام آباء الإيمان
(7: 1 - 19)
7:1فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ:"أَتُرَى هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا هِيَ؟"2فَأَجَابَ:"أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ3وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا5وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثاً وَلا وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكاً لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ6وَتَكَلَّمَ اللّهُ هكَذَا: أَنْ يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّباً فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ،7وَالأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا سَأَدِينُهَا أَنَا، يَقُولُ اللّهُ وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ وَيَعْبُدُونَنِي فِي هذَا الْمَكَانِ8وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ، وَهكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ.


شكراً للطبيب لوقا: خاصّة لأنّه أخبرنا في الأصحاح السابع مِن كتابه، بطريقة مفصّلة وافية، كيف فهم أعضاء الكنيسة الأولى العهد القديم، فلم يقطعوا علاقتهم مع آباء الإيمان، بل تمسّكوا مخلصين بالتّوراة والمزامير والانبياء، ووجدوا في إرشاد الرّوح القدس النبوّات الواضحة، الدّالة على يسوع المسيح وتطوّر خطّة خلاص الله، فالقراءات التالية تمنحنا بصيرة عميقة في فهم وشرح نقط مهمّة في التوراة، في زمن الكنيسة الأصليّة؛ فنستطيع القول إِنّ استفانوس قدّم لنا درساً عن أساس إيماننا في العهد القديم.
وقف استفانوس أمام لجنة التفتيش التابعة للمجلس الأعلى، واعترف بإيمانه بعقيدة الآباء، وقد أصغى المفتشون باهتمام لكلّ كلمة مِن كلماته، وانتبهوا للمواضيع الّّتي أكّد عليها بألفاظه، ليتبينوا هل هذا المشتكى عليه ثابتٌ في العهد القديم، أم انّه يجدّف على الله ويستحقّ الرجم مباشرةً؟ (لاويين 24: 16)
لم يشتك رئيس الكهنة شخصيّاً على استفانوس، بل الّذين تحاوروا معه سابقاً هم الّذين ألصقوا به تهمة التجديف. فسأل رئيس المحكمة المتّهم بإيجازٍ: هل صحيح ما يقوله المدّعون؟
فجاوب استفانوس بكلّ احترام، وخاطب الجالسين "بالإخوة والآباء"، رغم أنّهم لم يحصلوا على مسحة الرّوح القدس. ولكن استفانوس اليهودي المغترب، إذ شاء أن يكرّم أعلى هيئة دينيّة يهوديّة، رجاهم أن يسمعوا كلامه، ويصغوا بصبر أبوي إلى شهادة إيمانه، لأنّه لم يكن متمكّناً مِن اللغة الآراميّة ولا العبريّة، الّّتي عنها تُرجمت التوراة إلى اليونانيّة (السبتواكنتا)، وقد أَثبت استفانوس عقيدته بواسطة آيات مِن هذه الترجمة الشهيرة، الّّتي تختلف في بعض ألفاظها عن النص العبراني الأصلي، الّذي عرفه القضاة كلّهم غيباً.
فشهد استفانوس أنّ الله ظهر لإبراهيم، واختاره وجعله أمّة كبيرة فالإلهُ الأَوحدُ المجيد ظهر لإبراهيم، إذ كان لا يزال وثنيّاً، ساكناً العراق وسط عشيرته الكبرى. فلم يكن لأبي الإيمان استحقاق للقاء الله، لأنّه لم يكن أصلح مِن البشر الآخرين. ولكنّ اختيارَ الله الحرّ جعل مِن المستقرّ بين أبناء جلدته بدويّاً رحّالةً، فخلعه مِن مِلكه وراحته، وأرسله إلى مكان مجهول، مؤكّداً له أنّه سيرشده على الدوام.
انتبه للأفعال التسعة في نصّ قراءتنا، لأنّها توضح لك عمل الله الفعّال فتدرك أنّ القصص في التوراة ليست قصصاً بشريّة، بل هي تاريخ الله نفسه، فالرّبّ الحيّ ليس بعيداً عن أرضنا كأنّه لا يقترب مِنا، بل هو متدخّل في سيرة البشر، واختار رجلاً واحداً، وعيّنه بداية لخطّة خلاصه فالمحرّك في تاريخ العهد القديم لم تقوّ إبراهيم أو صلواته، بل إرادة الله المخلّصة وبركاته.
أطاع إبراهيم الله جزئيّاً، إذ ترك بلاده. ولكنّه لم يترك أباه، ولا لوط ابن أخيه، فأخّر هكذا مقاصد الله. وأَخيراً وصل إلى جبال كنعان الجرداء والأودية الخصبة، حيث الشتاء قارس والصيف حارّ، فلم يجد إبراهيم فردوساً وتربة واسعة كالعراق، بل صخوراً وصحارى؛ فجال مضطرباً بين هذه الجبال، ولم يجد مِلكاً يمتلكه، والله قد وعده وعداً أنّ كلّ البلاد ستكون له ولأبنائه، رغم أنّ إبراهيم لم يكن له ولد. وهكذا تعلّم المجرد مِن الأرض والمحروم مِن الأولاد الإيمان في صبر مستمرّ، وهذا الإيمان حُسب له برّاً، واتّكاله على الله المستتر خلال السنين الطويلة بدون نتائج ملموسة، جعله قدوةً لكلّ المؤمنين.
وهكذا نفهم أنّ الإيمان هو جواب الإنسان الفريد لدعوة الله في اختياره. فهل سمعت صوت الله المتجسّد في المسيح، وهل تؤمن بنصيبك الرّوحي، حتّى وإِنْ لم تَشعُرْ بالبركة أو تُحقِّقْ نتيجةً ملموسة؟ إنّ الله يدعوك ويحفظك وهو أمين، فأكرمه بإيمانك الدائم.
وأخيراً تلقّى إبراهيم إعلاناً مِن الله، أنّ إيمانه بوعد الله بتمليكه أرضاً لن يتحقّق خلال حياته، ولا في حياة ابنه، بل إِنَّ نسله سيستمرّون في العبوديّة بمصر مدّة أربعمئة سنة. فكّر بهذا العدد! لأنّ الله ترك نسل إبراهيم تحت نير العبوديّة الّذي اختاروه هم لأنفسهم، ولكنّه لم يلغ وعده لهم.
لقد ارتبط القدّوس بإبراهيم ونسله بواسطة عهد الختان، فكل نسله داخلون سلسلة البركة هذه، لأنّ إبراهيم قد ختن اسماعيل واسحق بيده، ليثبِّتهما في عهد الوعد الّذي لم يُبنَ على حفظ وصايا الشريعة، بل على نعمة الاختيار وحده.

الصَّلَاة
أيّها الله القدّوس، نشكرك، لأنّك اخترتنا في المسيح حقّاً، وثبَّتَّنا بروحك القدّوس في عهدك الجديد المبني على دم ابنك الوحيد؛ فعلِّمْنا الإِيمان والثِّقة والاتِّكال عليك، لننتظر مجيء ملكوتك القريب. آمين.
السُّؤَال
ما هو السرّ في حياة إبراهيم؟