Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
13:22وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَحْتَمِلُوا كَلِمَةَ الْوَعْظِ لأَِنِّي بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ.23اِعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أُطْلِقَ الأَخُ تِيمُوثَاوُسُ الَّذِي مَعَهُ سَوْفَ أَرَاكُمْ إِنْ أَتَى سَرِيعًا.24سَلِّمُوا عَلَى جَمِيعِ مُرْشِدِيكُمْ وَجَمِيعِ القِدِّيْسِيْنَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّذِينَ مِنْ إِيطَالِيَا.25اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ


لعلَّ كَاتِب الرِّسَالَةِ راجع تعليماته وتحذيراته إلى العِبْرَانِيِّيْنَ، وشعر أنَّ بعض الكلمات قد يكون لها وقعٌ شديدٌ عليهم؛ فلم يُلزمهم أن يقبلوا رسالته غصباً، بل لاطفهم طالباً منهم أن يفتحوا قلوبهم لكلماته. وسمَّى رسالته الشَّهيرة وعظاً. وهو باستخدامه هذه الكلمة يُبيِّن أنَّ الوعظ لا يعني تبشير غير المؤمنين، بل تعليم النِّعمة عن شخص المسيح وعمله ممزوجاً بالدَّعوة والتَّحذير والتَّوبيخ للمؤمنين كي يتقوَّوا وينتعشوا. فقدَّم لنا الكَاتِب، في إرشاد الرُّوْح القُدُس وسلطانه الإلهي، وعظاً عظيماً ندين حتَّى اليوم لخدمته الفعَّالة بالشُّكر والطَّاعة.
كُتبَت هذه الرِّسَالَة إلى إخوةٍ في المسيح، هم إخوة الرَّب الذي طهَّرهم بدمه، ونقلهم إلى بيته؛ فأدركوا الله أباهم، وحصلوا على صفات جوهره.
وهؤلاء لا يتعبون بوعظٍ طويلٍ، بل يتشوَّقون إلى مزيدٍ مِن المعرفة عن أبيهم وربِّهم يسوع. ونرى أنَّ قلب الوَاعِظ قد فاض بغزارةٍ، وبقيت عنده أشياء كثيرةٌ ليقولها عن يسوع لتمجيده. وهو في هذه الرِّسَالَة يُبرز خدمة يسوع الكَهَنُوْتيَّة، ويُرشدنا إلى عمق وطول وعرض وعلوِّ ذبيحته ونتائجها.
كان الوَاعِظ في غاية الفرح والسُّرور، لأنَّ تيموثاوس تلميذ بولس ورفيقه قد خرج مِن السِّجن. ويُرينا هذا أنَّ الجيل المسيحيَّ الثَّاني مرَّ بآلامٍ وضيقاتٍ مريرةٍ، لأنَّ الحكومات كانت تحاول أو تقتلع الرُّؤوس المسيحيَّة. أمَّا المسيح فحفظ الأسقف تيموثاوس وأطلقه ليرعى خرافه في المستقبل.
تمنَّى كَاتِب الرِّسَالَةِ أن يزور برفقة تيموثاوس الكنيسة التي كتب إليها، والتي كانت تقع على الأغلب في روما نفسها. ولعلَّه اختبأ خلال الاضْطِهَاد خارج المدينة في الكهوف والوعور، لأنَّه كتب مِن المنطقة المحيطة بروما، حيث عاش آخرون يُفكِّرون بصلواتهم في الكنيسة المتألِّمة ضمن العاصمة.
ويبدو أنَّ الكَاتِب لم يُرسل رسالته إلى رؤساء الكنيسة مباشرةً، حتَّى لا تتَّجه الأنظار إليهم، فتتهمهم السُّلطات، بل أرسلها سرّاً إلى البسطاء في الكنيسة المطلوب منهم التَّسليم على الشُّيوخ والرُّؤساء الذين كانوا على الأغلب موقوفين، أو سجناء، أو موضوعين تحت المراقبة المشدَّدة.
يُسمِّي الوَاعِظ المؤمنين قدِّيسين، لأنَّ المسيح أكملهم بذبيحته مرَّةً واحدةً. فدم المسيح يُطهِّرنا مِن كلِّ إثمٍ، ولا نجد قداسةً أعظم. لذلك نسجد لحَمَل اللهِ، رئيس كهنة جميع المؤمنين الذي أشركنا في قداسته.
أمَّا الكلمة الأخيرة في هذه الرِّسَالَة المهمَّة فهي "النَّعمة". فالوَاعِظ اختبر أنَّ خلاصنا ليس إلاَّ نعمة. وجميعنا نستحقُّ الغضب. والآن نقف في النِّعمة الإلهيَّة، إذ صالحَنا الله في دم ابنه. فالله معنا، وابنه يُرافقنا، والرُّوْح القُدُس يحلُّ فينا، وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا. وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ.
يتمنَّى الوَاعِظ هذا الامتياز، ليس للشُّيوخ والنُّخبة والنَّاضجين فقط، بل لجميع أعضاء الكنيسة في أيَّامه. وتحيَّاته تصلنا نحن أيضاً. وهو يقصدُك أنت أيضاً بهذه الكلمة "الجميع"؛ فهو يؤمن بأنَّ ملء النِّعمة يحلُّ فيك بإيمانك. هذه هي مشيئة الله نفسه. فهل تريد أن تبني حياتك بالتَّمام على نعمة المسيح؟
عِنْدَئِذٍ يتحقَّق معنى الكلمة "آمين"، لأنَّ معنى هذه الكلمة هو "فليَكُن". والله يقول لك "آمين"، إن أنت آمنتَ بعزمٍ وثباتٍ بابنه الشَّفيع، وقَبِلْتَ الفداء بدمه. "فآمين" الله هي ختم الرُّوْح القُدُس في قلبك لتتأكَّد بنعمة المسيح وتثبتَ فيها إِلَِى الأَبَدِ.

الصَّلَاة
نَسْجُدُ لَكَ أَيُّهَا الآب والابْن والرُّوح القُدُس، لأنَّك إلهٌ واحدٌ، وتريد خلاصنا؛ ففيك السَّلام والمسرَّة، وفرحك حلَّ في قلوبنا لأنَّ دم يسوع طهَّرنا وأكملَنا. ونحن مؤمنون بقوَّة الرُّوْح القُدُس، ونُقدِّم أجسادنا لك ذبيحة حمدٍ كي يعرف كثيرون، بِوَاسِطَةِ سيرتنا وشهادتنا، أنَّ ذبيحة المسيح غيَّرتْنا إلى أناس التَّضحية. احفظنا في تواضعك. إنَّنا نحبُّك أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ لأنَّك خلَّصتَنا وقدَّسْتَنا وحفظتنا في شفاعتك. تعال أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ لنعاينك ونَسْجُدُ لَكَ. أنت رجاؤنا وهدف حياتنا.
السُّؤَال
لماذا كانت "النِّعمة" آخر كلمةٍ في هذه الرِّسَالَة، وكيف تتحقَّق فينا؟