Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
1:34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً.35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ، الرّوح الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقوّة الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً القدّوس الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللَّهِ.36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً،37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللَّهِ.38فَقَالَتْ مَرْيَمُ، هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الربّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.


لمّا ألقى الملاك الوعد لزكريّا، شكّ الأخير وتساءل كيف أعلم هذا؟ (1: 18) رغم أنّه رأى المخبر المجيد وسمع كلماته الواضحة. أمّا مريم فسألت الملاك كيف يكون هذا ولم تشكّ، بل آمنت وفهمت وارتجفت في إنسانيتها مِن المستحيل. لم يحسب جبرائيل سؤالها تشكّكاً. بل سؤالاً عن الكيفية الّتي تتم بها المعجزة. فهذا السؤال يستحقّ الإجابة مِن الله. فليس مِن غير الجائز أنّ تسأل الله ليوضح طرقه في حياتك، إنْ لم تعارض مقاصده.
فلهذا الاستعداد المطيع عند مريم، أعلن الملاك سرّ تجسّد الرّوح القدس في المسيح وهو أنّ روح الله بالذّات بكلّ قواه وإمكانياته وأمجاده عزم على أنّ يحلّ جنيناً فيها. فملء اللاهوت حلّ في الابن، والرّوح القدس نفسه كان جوهره. أيّها الإنسان هل تدرك أنّ الثالوث الأقدس بكلّيته، كان مشتركاً ساعة حلول مخلّص العالم في مريم العذراء؟ فلغتنا تعجز أنّ تعبّر عن هذه الذروة لتاريخ البشر، وعقلنا أصغر مِن أن يدرك كيف أحبّنا الله، حتّى ألبس ابنه آلام العالم وتجسّد إنساناً. أُسجد للآب والابن والرّوح القدس الإله الواحد، وأحبّه من كلّ قلبك، لأنّ محبّته للبشر الفاسدين، هي الدافع الوحيد لتجسّد المسيح.
ولم يوجد في هذه الأعجوبة شهوة أو خطيئة أو أنانية أو دنس، لأنّ الله القدّوس ظهر في المسيح القدّوس، الّذي كان في حدّ ذاته ممتلئ قداسةً بدون خطيئة موروثة. حتّى أنّ كلّ الدوافع الخاطئة مِن سلالة أبيه داود وأتباعه الموجودة في مريم، تحوّلت إلى طهارة كاملة وقوّة إلهيّة وحقّ سرمدي.
لا يقدر الإنسان، أن يُدرك سرّ هذه اللحظة بدون الرّوح القدس. فالّذين لا يولدون مِن محبّة الله، يجدّفون على المسيح، قائلين إِنّه مولود مِن رجل بشري. ولكن مَن تجدّد في التّوبة وحصل على الحياة الأبديّة مِن كلمة الإنجيل يسجد لله الآب الّذي أرسل لنا ابنه في هيئة جسد الإنسان.
فربّنا يسوع المسيح هو إنسان حقّ مِن إنسان حقّ، وإله حقّ مِن إله حقّ، غير محتاج إلى ولادة روحيّة ثانية. إنّه المحيي الّذي يمنحنا نحن المتبرّرين حياته في الإيمان به، لنصبح بقوّته أولاد الله متّجهين إلى مجيئه القريب، الّذي هو رجاؤنا الأكيد.
وقد منح الملاك القوي مريمَ المرتعبة علامة واضحة. لكي يصبح إيمانها بالمستحيل ممكناً. لأنّ المباركة فكّرت كيف يعقل، أنّ المخلوقة تحمل خالق العالم في بطنها. فأراها الملاك الأعجوبة الإلهيّة في أليصابات قريبتها مِن جهة النساء وليست مِن صلب داود، الّتي أصبحت حبلى وهي عاقر. فهذه علامة مشجّعة، أعدّت مريم لكلمة الربّ القاطعة.
هل عند الله مستحيل؟ أيّها الأخ، هل تؤمن بقدرة الله غير المحدودة في حياتك وكنيستك وأمتك؟ فلا تجعلنّ الله كاذباً ولا تخدعَنَّ نفسك بأفكار بشرية. هل تؤمن بقدرة الله المطلقة؟ وهل وضعت نفسك وعقلك وأمراضك وأصدقاءك وأعداءك أمام عرش النّعمة مسلّماً حياتك بين يدي العلي؟ فأين محبّتك له وكيف مقدار إيمانك؟ تمسّك وتعلّق بالله لأنّه هو القادر على كلّ شيء ويريد الخلاص ويستطيع تنفيذ الخلاص ويخلّص عملياً حسب إيمانك. فأنت الباب الّذي تريد نعمة الله ان تدخل منه إلى محيطك.
وآمنت مريم بقدرة ربّها ففتحت نفسها لمشيئة المحبّة ولم يحلّ المسيح فيها بدون موافقتها، بل هي أتمّت بتسليمها المتواضع مقاصد العلي. لو تردّدت مريم في هذه الساعة أو شكّت أو رفضت كلمة الله لسقط العالم وبقينا في خطايانا مهلكين. ولكنّ العذراء كانت متمكّنة في التوراة، ومطيعة لإرشاد الرّوح القدس في حياتها، وآمنت بالنبوّات، فقدرت على قبول المسيح هديّة الله للعالم.
وبموافقتها الروحيّة، غسلت مريم العار الملصق بالمرأة منذ سقوط حواء، وحوّلت ضعفها إلى مجد. وقد تألّمت العذراء كثيراً لأجل ابن الله الموضوع في قلبها، ولكنّها احتملت عار الاتّهام بصبر وإيمان وشكر لربّها كلّ حياتِها.

الصَّلَاة
أبانا الّذي في السماوات نسجد لك، لأنّك وَلدت بكلّ قداسة محبّتك المسيح في أَمتك مريم. ونعجب مبتهلين مِن أعجوبة حلولك، ونطلب إليك أنّ تجدّدنا كلّنا لنؤمن رأساً بكلمتك الموجّهة إلينا، مؤمنين انّك تُغيّر وتُجدّد بواسطة إيماننا محيطنا الظالم.
السُّؤَال
كيف حبلت العذراء بالمسيح؟