Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
33 - يسوع يزور زكا
(1:19 -10)
19:1ثُمَّ دَخَلَ وَاٰجْتَازَ فِي أَرِيحَا.2وَإِذَا رَجُلٌ اٰسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَان غَنِيّاً،3وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ اٰلْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ اٰلْقَامَةِ.4فَرَكَضَ مُتَقَدِّماً وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنِّهُ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ.5فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى اٰلْمَكَان، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَاٰنْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ اٰلْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ».6فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحاً.7فَلَمَّا رَأَى اٰلْجَمِيعُ ذٰلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئٍ».8فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ».9فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اٰلْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهٰذَا اٰلْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضاً اٰبْنُ إِبْرَاهِيمَ،10لأَنَّ اٰبْنَ اٰلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».


لمّا مشى يسوع في قلب أريحا مدينة النخيل تهلّلت الجماهير السطحيّة. ولكنّه عزم على أنْ يعمل عمليّة جراحيّة عميقة الغور لأعينهم العمياء روحيّاً، ليروا مَن هو ابن داود. فإنّه ليس الطبيب المقتدر الرحيم فقط، بل أيضاً مخلّص الخطاة، الّذي يرحم الدنسين، ويبحث عن المرفوضين مِن المجتمع.
وكان عائشاً في مركز تقاطع الطرق في وادي الأردن بمدينة أريحا رئيس للضرائب اسمه زكا، مخادعاً ككلّ زملائه، الّذين عصروا الشعب كعصير الجزر، ليستخلصوا منهم بأمر القوّة الاستعمارية الضرائب. فاستخرجوا منهم أكثر مِن الواجب والمعقول. فأثروا على ظهورهم إثراء كبيراً. ولكنّ ضمير زكّا استيقظ وبكّته. فعلم أنّ كلّ خداعاته تثير غضب الله. وأراد أنْ يشاهد يسوع، لعلّه يقدر أنْ يساعده ويريح ضميره. وحيث كان زكّا قصير القامة، فلم يقدر أنْ يرى يسوع، لأنّ الجمع كان متزاحماً وغير مهتم بهذا الخدّاع المحتقر. فركض هذا القزم. وسبق موكب يسوع، وتسلّق جميزة، ليراه في الخفاء عن قريب، عارفاً أنّ جموع الموكب لا بدّ سيمر مِن هذا الموضع. والعجيب العجاب أنّ يسوع قد عرف قلبه واسمه وحالته مسبقاً. فنظر إلى عينيه، وسط اختفائه بين الأغصان، وصرخ إليه جهراً باسمه، الّذي كان كلّ النّاس يعرفونه في المدينة، أنّه مجرم عميل سراق. وكلّمه يسوع بعبارة ما وجدت في كلّ الكتاب المقدّس بغير هذا المكان: تعالَ مِن خفيتك، لأنّي أنا ابن الله وابن داود، ينبغي أنْ أزورك اليوم، وأتعشى في بيتك. وكلمة ينبغي هنا تعني عزم يسوع على أنْ يوضح للجماهير العامّة، أنّه لا يحبّ الصالحين والأتقياء فقط، بل قبل كلّ شيء يطلب الضّالين ليخلّصهم.
وحالما أظهر هذا المبدأ اهتاجت بغضة الأبرار في ذواتهم جهراً. وكرهوا المسيح، لأنّه لم ينزل ضيفاً عند أحد وجهاء مدينتهم، بل زار عميل القوّة الاستعمارية، الكافر الخائن اللصّ. فتساءل بعضهم مع بعض: هل يريد الاستغناء؟ ألا يعرف هذا في بصيرته النبوية أنّ زكّا خاطئ عشّار؟ وانقلبت الأوضاع. وانكروا بنوّة يسوع لداود ونبوّته، وانتصبت المجادلات في المقاهي والحدائق والبيوت إلى منتصف الليل وطوال الأسبوع.
وهكذا وجد يسوع الضرورة في نفسه ليحرّر الجماهير مِن التحمّس السطحي. ويقودهم إلى هدف مجيئه. وكذلك فقد شاء أنْ يلتقي بنفس زكّا الجائع إلى السّلام مع الله والنّاس، علماً أنّ زكّا لم تكن له فرصة أخرى غير ذلك اليوم الفريد، الّذي التقى فيه بيسوع. فكان ينبغي للمسيح أنْ يدخل بيت المحتقر المرفوض.
وسريعاً نزل زكّا عن الشجرة، وفتح بيته بفرح، وفهم قصد المسيح رأساً، وشعر بمحبّته المنصبّة عليه هو الضّال الخاطئ. فشكره مِن أعماق كيانه، لأنّه فضّله على جماهير الأتقياء وتركهم، ليخلّصه أولاً. وبمعرفته وسروره ذاك، نشأ إيمان ثابت فيه، أنّ المسيح برّره وأنعم عليه. وهذا الإيمان انضج فيه رأساً ثماراً وأعمالاً حقّة في المحبّة. فعلم زكّا، أنّه لا يستطيع وهو في حضور المسيح، أنْ يخفي كذبة أو سرقة واحدة. ففتح قلبه ليسوع كاملاً، منفصلاً عن غناه الكاذب، وعزم على أنْ يوزّع نصف ممتلكاته لفقراء المدينة، هبة مستوجبة. واستخدم النصف الآخر، ليرجعه للّذين تضرّروا باختلاساته المتعمّدة. وكان مستعداً أنْ يدفع أكثر ممّا تأمره به شريعة الربّ (لاويين 5: 21 خروج 21: 37 و22: 3-8) هل في بيتك أوان ومفروشات وأشياء أخرى سرقتها؟ أخرجها رأساً مِن دارك باسم المسيح واعطها لمستحقّيها؟ ونظّم كلّ حياتك لأنّ كلّ قرش مسروق سيحرقك في جهنّم كأتون ملتهب.
عندئذ قال يسوع إِنّ أعمال الإيمان الجريئة هذه لا تجعل بيت زكّا فقيراً، بل غنيّاً حقّاً. قد تحرّر من مال الظلم، وامتلأ قلبه بمحبّة الله. فروح الربّ حلّ في المؤمن، الّذي فتح بيته ليسوع ورسله على مصراعيه، مطيعاً لجذب الرّوح القدس مباشرة. فإيمان كهذا الإيمان لا يخلّص أفراداً قلّة، بل بيوتاً وعائلات بأكملها. فيسري الإيمان إلى جميع العائلة. الأم والأولاد والخدّام والأقرباء بالتتابع، لأنّ روح الله هو القوّة المطهّرة والمقدّسة في الدنيا.
ونتيجة الإيمان الظاهر في زكّا كانت شهادة يسوع على الجماهير المتذمّرة، لأنّه برهن لهم، أنّ الملك الله يغيّر القلوب، ويعمل مِن الخطاة صالحين، حتّى يدفع كلّ منهم ما توجّب عليه. ويعطي أيضاً مِن غناه للفقراء علانية. فتكلّمت كلّ المدينة عن يسوع مرّة أخرى، لأنّه أراهم، كيف جعل مِن الفاسد ابناً محترماً لإبراهيم رمز المؤمنين. فحصل يسوع على هدف تصرفاته بجعله الجماهير تدرك، أنّ ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك. فالتبديل في نفس زكّا كان أعظم تفسير لهذه الكلمة.

الصَّلَاة
نشكرك أيّها الربّ يسوع، لأنّك عرّفت زكّا واكتشفته وزرته، رغم الجماهير المتذمّرة. وهذا يشجّعنا أنّك تزورنا أيضاً، ولا تمرّ بنا فأنا المحتقر، افتح لك قلبي وبيتي بفرح، وكلّ ما سرقته أرجعه، وحيث صنعت ظلماً أعترف به مستغفرك.
السُّؤَال
لماذا وكيف حصل خلاص لبيت زكّا كلّه؟