Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
7 - القبض على يسوع
(22: 47 -53)
22:47وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَاٰلَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا - أَحَدُ اٰلاِٰثْنَيْ عَشَرَ - يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ.48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ اٰبْنَ اٰلإِنْسَانِ؟»49فَلَمَّا رَأَى اٰلَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ، قَالُوا: «يَا رَبُّ، انضْرِبُ بِاٰلسَّيْفِ؟»50وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ اٰلْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذُنَهُ اٰلْيُمْنَى.51فَقَالَ يَسُوعُ: «دَعُوا إِلَى هٰذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.52ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ اٰلْكَهَنَةِ وَقُّوَادِ جُنْدِ اٰلْهَيْكَلِ وَاٰلشُّيُوخِ اٰلْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ!53إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي اٰلْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ اٰلأَيَادِيَ. وَلٰكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَان اٰلظُّلْمَةِ».


بينما يسوع يصلّي وسط الليلة، ويكافح مع الله لفداء العالم وتلاميذه نيام، تسلّل يهوذا وخدّام المجمع الأعلى بحذر وهدوء إلى موضع عزلة يسوع. وقفزوا فجأة يتقدمهم يهوذا، عالماً ان يسوع لا يعارض السلطة، فاحتضن يسوع وقبّله كأخ وصديق.
لم يبعد يسوع الخائن عنه، ولم يضربه على وجهه الوقح، بل نظر في عينيه، ودعاه باسمه. ووبّخ ضميره لآخر مرّة، ليخلّصه. وطعنه في عمق شرّه، لأنّ الخائن ستر بقبلة المحبّة بغضته الشديدة، وغطى برمز القرابة خيانته الدامغة. وبهذا بلغت المراءاة الشيطانية القمة. فالشيطان الحالّ في الخائن بدا محبّاً، وألبس كذبه مومياء الثقة. فيهوذا لم يؤمن بألوهية يسوع، بل رأى إنسانيته فقط. ولو وقف الربّ أمامه في المجد، هل كان يقدر أنْ يقبله أيضاً كما فعل؟ إنّ الشيطان كان الدافع في المسكين وأعماه. والشرّير تعرفه بقبلته الكاذبة، وبكلماته اللطيفة الممتلئة بالخيانة. كلّ إنسان يميل إلى مراءاة مثل هذه. نحن المنافقين الخونة الأشرار، يطعننا يسوع في قلوبنا، بسؤاله الّذي وجّهه إلى يهوذا.
والتلاميذ الآخرون الّذين قاموا مضعضعين مِن وعكة النوم، أدركوا إلى حّد ما اقتراب السّاعة الفاصلة. فاستعدّوا للقتال. ولم يكونوا جبناء، بل ألقوا أنفسهم لتحرير المسيح. ولم ينتظر بطرس جواب ربّه وسماحه لهم باستعمال السيف، بل ضرب رأساً الجندي الأول، الّذي حاول إمساك يسوع، ظانّاً استحالة سجن يسوع ربّه والقبض عليه. ولاحظ الجندي سقوط السيف اللامع عليه، الّذي استهدف فصم رأسه، فانزاح سريعاً، وإذ ذاك أصابه الحديد الصقيل جانباً، قاطعاً أذنه اليمنى. فانبجس الدمّ.
فصرخ به يسوع: قف، اخفض السيف وضعه في غمده، لأنّ مَن يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ. الآن تتم مشيئة أبي، الّتي أخضعت لها نفسي في صلاتي طوال الليل، وأنتم نيام. فيسوع كان مستعداً لصنع مشيئة الله، ولم يعارضها بعنف. أمّا التلاميذ فما كانوا مستعدّين لمقاومة التّجربة، وسقطوا إلى فداء النّفس بالنّفس، دفاعاً وقتالاً. فلم يعرفوا أنّ العالم لا يُفدى بالعنف والقتل، بل بالتّضحية بالذات واحتمال الموت.
وأخذ يسوع بيده الأذن الدامية المقطوعة، وأعادها إلى مكانها في رأس عدّوه. فالتصقت كحالتها رأساً وتوقّف نزيفها الجاري، وزال الألم. فسمع هذا المعافى كلمات مخلّصه وشافيه. ليت أولئك الجنود الحرّاس أدركوا هذه الأعجوبة الأخيرة ليسوع. إنّ يسوع قد أحب أعداءه عمليّاً حتّى المنتهى. فالربّ نفسه شفى الّذين قبضوا عليه. فهل تدرك أنت الآن، مَن هو يسوع، وما هي أعماق محبّته الإلهيّة؟
ولمّا رأى التلاميذ، أنّ القادر على كلّ شيء سمح بوضع السلاسل الحديدية في يديه والقبض عليه، تجمّدت عقولهم، ولم يعرفوا يميناً أو يساراً فهربوا. وأشعلت مشاعل عديدة آنذاك، وتقدّم رؤساء الكهنة وضبّاط الحرس والشيوخ بلحاهم الطويلة. أولئك الّذين كانوا مستخفين، حتّى تيقّنوا مِن نجاح الجنود في القبض على يسوع. فجاءوا عندئذٍ باعتداد المنتصر ودينونة الحاكم. وكلّمهم يسوع كانّما يسألهم: لماذا جئتم برماح وسيوف وعصي؟ هل تخافون منّي أو أبدو لكم كَلِص؟ ألم تدركوا بعد وداعتي وتواضعي ومحبّتِي؟ إِنّي وقفت يوميّاً أمامكم، معلّماً في صحن الهيكلّ. ولم أهرب منكم، رغم علمي بقصدكم. فلماذا لم تقبضوا هنالك عليّ؟ إنّكم لجبناء محتاجون لليل والاستخفاء بعملكم الشرّير. وحتّى الآن لم تستطيعوا القبض عليّ، لأنّ ساعتي لم تكن قد أتت بعد.
ولكن ها الآن، فإنكم لستم أنتم بالحقيقة القابضين عليّ لأنّ الله هو الّذي سمح، وسلّمني لأيديكم، وأنا موافق لتخطيط إرادته. الآن يطفح خبثكم ظاهراً. فهذه الساعة إعلان عن حقيقتكم الخاطئة، وبيان لنضجكم نحو الدينونة. فلستم أنتم العاملين، بل أنتم آلات مسكينة في يد أبيكم الشيطان. فهو يدفعكم للمنكرات، فتأتون بقناع التقوى الشديدة بانوار كثيرة لتضيئوا الظلمة، ولكنّكم بالحقيقة تنشرون الليل الدامس، والظلم المقشعرّ وألوية جهنّم. فالآن يسيطر سلطان الظلمة، ويستحوذ على الحق لتغطيتي. ولكنّه سيتحطّم بوداعتي، لأنّ المحبّة والحق أقوى مِن العنف والاغتصاب.

الصَّلَاة
نشكرك أيّها الربّ يسوع لأنّك لم تهرب بل سلّمت نفسك لأيدي الحرس، الّذين قبضوا عليك، لتكمل فداءنا. علّمنا الوداعة ومحبّة أعدائنا ومعرفة إرادة أبينا السماوي في كلّ لحظة. وامنحنا القوّة لنتبعها.
السُّؤَال
ماذا يعني القبض على يسوع وسجنه؟