Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
9 - يسوع أمام المحكمة الدينية
(22: 63 -71)
22:63وَاٰلرِّجَالُ اٰلَّذِينَ كَانوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ،64وَغَطَّوْهُ وَكَانوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ: «تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ اٰلَّذِي ضَربّك؟»65وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.66وَلَمَّا كَانَ اٰلنَّهَارُ اٰجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ اٰلشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ اٰلْكَهَنَةِ وَاٰلْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ67قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ اٰلْمسِيحَ فَقُلْ لَنَا». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ،68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي.69مُنْذُ اٰلآنَ يَكُونُ اٰبْنُ اٰلإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اٰللّٰهِ».70فَقَالَ اٰلْجَمِيعُ: «أَفَأَنْتَ اٰبْنُ اٰللّٰهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّي أَنَا هُوَ».71فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ».


لم يخبرنا البشير لوقا كلّ التفاصيل عن المحاكمات الثلاث ليسوع المسيح أمام الهيئات الدينيّة. فالأولى جرت مساء، في بيت رئيس الكهنة السابق حنان (يوحنّا18: 19-24). والثّانية جرت ليلاً أمام قيافا ونخبة المجمع (متى 26: 59-68). والثالثة جرت صباحاً في المجمع الكامل بكلّ نوّاب الأمّة. ويرتكز لوقا على هذا الاجتماع الأخير الرئيسي الّذي أثبت رسمياً الحكم المقرّر السابق (متّى 27: 1).
وبعد الاجتماع الثاني أخذ الحراس يسخرون مِن يسوع المقيّد واستهزأوا به. وايضاً قيافا وسائر النوّاب استهزأوا بيسوع وضربوه غيظاً، وجلد الحراس ظهره بسياط الجلد، وجدفوا على الّذي عرف من قبل كلّ كلمة صادرة مِن فم الإنسان في هذه الليلة، حتّى أنّه انبأ بصياح الدّيك ليوقظ بطرس المنكر. فجرّب الجند هذا العليم، ليبرهن لهم أنّه نبي. وصفعوه مراراً على وجهه اللطيف. ولم يعرفوا ماذا يعملون. إنّهم ضاربو الله في وجهه، ولاطموه مراراً. ولم يقل المسيح كلمة واحدة، بل تألّم مِن تعدّي النّاس، الّذين يحبّهم. وأحبّهم إلى المنتهى، عالماً أنّه قد حانت السّاعة، لإعلان كلّ شرور البشر. وإنّهم مطيعون سلطان الظلمة كعبيد. فصلّى لأجل الّذين لعنوه.
وفي الصّباح الباكر اجتمع أعضاء المجمع الأعلى اليهودي المؤلّف مِن سبعين عضواً، الّذين استدعاهم قيافا مِن أورشليم ومحيطها بسرعة. وبينهم كان رجال وجهاء مِن عشيرة رؤساء الكهنة القويّة، والفقهاء اللاهوتيين، والقضاة، والمدعوين العامّين، والمحامين، والفرّيسيين الفخورين، والصدوقيين المتحرّرين، والنوّاب مِن كلّ بيت محترم، والمحترمين مِن الشعب. الكلّ تراكضوا، ليروا المعلم الشعبي، والطبيب المعجز، والشاب الريفي الجليلي، ليروه ويدينوه. ولم تبدأ الجلسة بأسئلة تمهيدية بل فتحوا اجتماعهم رأساً بالشكوى الرئيسية على يسوع، الّتي أوضحها قيافا في الليل، واعترف بها يسوع. فسألوه مبتسمين: أأنت المسيح المنتظر؟ وكان واقفاً أمامهم، مقيّداً مضروباً مجلوداً مبصوقاً عليه، بلا عون ولا جند ولا شهادات عليا ولا عشيرة قوّية. إنّه صورة مسكينة. فلم يتجادلوا معه، لأنّهم لم يعتبروه مهمّاً، بل أرادوا أنْ يسمعوا بسرعة مِن فمه الشهادة، أنّه المسيح، ليستطيعوا رسميّاً الحكم عليه بسرعة.
أمّا يسوع، فدان عدم إيمانهم، وطلب منهم الثقة في كلماته. عالماً أنّ المستمعين لم يطلبوا الحقّ، بل قررّوا سلفاً إبادته، وأرادوا المحافظة على العدل رياء. وبسهولة قدر المسيح أنْ يسألهم عن علمهم بالكتاب المقدّس، ويبرهن لهم مِن التوراة، أنّه المسيح الحقّ. ولكن كلّ هذا لم ينفعه ضدّهم، لأنّهم قصدوا عازمين قتله، لا تركه.
عندئذ انتصب يسوع، واخترقهم بعينيه، ونظر مِن خلال الوجوه الفارغة، ورأى حتّى خلف موته على الصليب وأبصر أكثر إلى السماء ناظراً أباه والعرش المعدّ لأجله عن يمينه. فشهد بهذه الحقيقة المقدّسة على نوّاب إسرائيل. وكلّ الحضور علموا مِن سفر دانيال 13 ، أنّ الاسم ابن الإنسان يعني ابن الله بالذات، الّذي دفع إليه كلّ السلطان في السماء وعلى الأرض، ليمارس الدينونة على الجميع. وعرف أيضاً هؤلاء المثقفون ما ذكر في المزمور 110: 1 حيث يقول الربّ للربّ: اجلس عن يميني، حتّى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فيسوع وحّد هاتين الآيتين في جوابه الدفاعي وكشكوى على قضائه. وطلب لآخر مرّة مِن ممثلي شعبه ان يؤمنوا به، ويسجدوا ويخضعوا له وإلاّ فإنّ شهادته تعني دينونتهم وإبادتهم وهلاكهم.
اغتاظ النوّاب السبعون مِن الشاب الريفي (المقيد أمامهم)، الّذي تجرّأ وتجاسر أنْ ينطق بهذه العبارات عليهم. ولكنّهم ضبطوا أنفسهم بأعين حاقدة، وسألوه بغيظ وحقد جملة ماكرة واحدة، ليقودوه مِن المثَل إلى الاعتراف بأنّه هو هو، لكي يقدروا أنْ يحكموا عليه، هل أنت ابن الله؟ فاليهود لم يستعملوا عادة كلمة الله. وذلك احتراماً لجلالة القدّوس. ولكنّهم رتّبوا سؤالهم ذاكرين الله بشكلّ واضح وبتحايل يجعل الإجابة بالإيجاب تجديفاً مضاعفاً.
ونظر المسيح فيهم، وجاوبهم جواباً قاطعاً، كأنّما هو يقول لهم: أنّي أقول الحقّ، وأنتم لا تؤمنون بي. لست أنا قلت، أنّي ابن الله، لأنّ هذا الكيان منذ الأزل حقيقي خارج الشك والبحث. إنّ امتيازي وشهرتي أننِي أصبحت ابن الإنسان، وتواضعت إلى مستوى البشر. نعم أنا ابن الله في هيئة ابن الإنسان، إله مِن إله، نور مِن نور، إله حقّ، مولود غير مخلوق، ذو جوهر واحد مع الآب. والقادر على كلّ شيء مع أبي. أمّا أنتم فتكونون مخلوقين فانين، مستسلمين لأب آخر هو الشّيطان الرجيم.
عندئذ انتفض الجمع ساخطين ومتأكّدين أنّ هذا الواقف أمامهم مجدّف مضلّ مختلّ، وأنّ حكمهم عليه سريعاً هو الطريق الوحيد الّذي يخلّصهم مِن غضب الله. فامتنعوا عن كلّ استفهام وشهود وامتحان لشهادتهم لأنّ الجمع كلّه سمع كلمة التجديف الصراح، أنّ لله ابناً. فهم عمي متقسّون أغبياء، رغم أنّهم نخبة الشعب والأكثر تقوى وثقافة وغنى. ولم يدركوا دينونة المسيح عليهم البتّة.

الصَّلَاة
أيّها الربّ يسوع المسيح، أنت إله حقّ مِن إله حقّ. نسجد لك ونشكرك لأنّك أصبحت إنساناً حقّاً مِن مريم العذراء، وخلّصتنا بحق محبّتك. نعظّمك لأجل شهادتك أمام المجمع، ونكرّس أنفسنا لك شكراً لآلامك. اغفر لنا حيث ذنوبنا ضربت وجهك، وقدّسنا في اتباعك. وافتح أعين كثيرين، ليروك ومجدك عن يمين الآب.
السُّؤَال
ماذا يعني اعتراف المسيح الّذي قاله عن نفسه أمام المجمع الأعلى؟