Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
1- كرازة يَسُوْع الأولى وشعار رسالته
(مرقس 1: 14- 15)
1:14وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوْحَنَّا جَاءَ يَسُوْع إِلَى الْجَلِيْل يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوْت اللهِ،15وَيَقُولُ قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوْت اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيْل.


أكمل يُوْحَنَّا المَعْمَدَان خدمته كساعي الربّ عندما ابتدأ يَسُوْع وظيفته كالمَسِيْح. فأسرع الشَّيْطَان مغتاظاً إلى النَّبِيّ في البرّية ليمتحنه الامتحان الأخير، بعدما هزمه يَسُوْع هزيمةً ساحقةً، فألقى بالمَعْمَدَان، بواسطة الملك هِيْرُودُس، في السّجن المظلم المملوء بالخوف والشكوك. ورسم أمام بصره الموت المقبل مرَّاتٍ عديدة.
ولم يتقدّم يَسُوْع ليحرّر سابقه وساعيه بالقوّة، بل أدرك علامات الساعة، وفهم مشيئة أبيه باكتمال الزمان واقتراب التغيير الجوهري للعالم. فمنذ ملايين السنين كانت المخلُوْقَات تنتظر مجيء الربّ، ليتحرّر العالم مِن قيود الذنوب والموت والأبالسة. فعندما رجع يَسُوْع مِن نهر الأردن إلى جبال الجَلِيْل، تقاصر الوقت، واندمجت أشعّة النّعمة كلُّها في شخصه، كما تتجمّع أشعة الشمس في عدسة بلورية لتخترق باختراقها كلّ مانع للنور الساطع.
المَسِيْح هو الرب نفسه، المالك الحكيم الّذي له الحقّ في السلطة، لأنّه بواسطته (الكلمة) قد خلق اللّه العالمين. فالكلّ ملكه. ولهذا جميعنا خاصة المَسِيْح، سواء عَلِمْنا هذه الحقيقة أو لم نَعْلَمْها.
ولَمَّا قَبِل يَسُوْع وظيفته كملك مالك، دخل العالمَ ليربحه للّه، فكانت إمكانيات سلطان اللّه كلُّها مستترة فيه. ولكنّه ما أشعل ثورة، ولم يُمِتْ أعداءه أفراداَ أو جماعات. وما استخدم سلطانه سلبياً، بل شبّه نفسه بحبّة القمح الّتي ينبغي أن تموت أوّلاً لكي يثمر منها حصادٌ للّه. حقّاً إنَّ يَسُوْع الملك قد بذل حياته لأجل أهل مَلَكُوْته ليؤهِّل الضَّالِّيْن العصاة لدخول رحاب اللّه.
وفي مجيئه، لم يطلب مِن سامعيه الانكسار بالدرجة الأولى شرطاً للدخول إلى مَمْلَكَة مَحَبَّته. بل قدَّم لهم نعمة مَلَكُوْته وقوَّة السماء مجّاناً. فلا يطلب اللّه منّا إكمال وصايا مستحيلة التطبيق، بل يأتي شخصيّاً إلينا، ويمنحنا حضوره ومَحَبَّته القُدُّوسة. فالخطوة الأولى للتّوبة هي تغيير الفكر مِن إنشاء العمل الخاص الناقص إلى قبول قوّة اللّه المنعمة علينا. فالكلمة اليُوْنَانِيّة لعبارة (التّوبة) لا تدلّ على انهمار الدُّموع والنوح الصَّارخ، بل تعني تغيير الذهن مع تبديل الشُّعور الباطني، والاتجاه الجديد للتفكير والكيان. نادى يَسُوْعُ الجَمَاهِيْرَ قائلاً: "ها أنا حاضرٌ بينكم. فيّ قد حَلّ مَلَكُوْت اللّه على الأرض. اقبلوني، واقبلوا محبّتي وقوَّتي وطهارتي فتتغيّروا إلى صورة حياتي".
وهذا التغيير الجذري في الإنسان، بواسطة التوبة الرُّوْحِيّة حسب الإِنْجِيْل، لا يتمّ بواسطة سحر أو تعقّد في الإرادة أو التصميم، بل بواسطة الإيمان بالمَسِيْح والثقة فيه. فنسلّم أنفسنا كُلِّيّاً لربّنا وملكنا لتكمل قوّته في ضعفنا وتقدّسنا لصفاته السَّمَاوِيّة. ومَن يؤمن به فله الحَيَاة الأَبَدِيَّة اليوم.
قَبْل مجيء المَسِيْح، لم يكن مَلَكُوْت اللّه على الأرض. أمَّا الآن فيبني الربّ مَلَكُوْته على أساس برّه، بقوّة روحه، في جميع التائبين المؤمنين. ويعدّهم لمجيئه الثاني، عندما يستقبلونه بهتاف، مزيَّنين بمَحَبَّة وتواضع وسرور أكيد. وهو عِنْدَئِذٍ سينشئ مَلَكُوْت اللّه ظاهراً على الأرض، معلناً مجده في أتباعه الودعاء.
تعَمَّق في إِنْجِيْل المَسِيْح، فتتغيّر أفكارك، وتمتلئ بكلمة اللّه، فتولد إنساناً جديداً بالرّوح والحقّ. الملك الإلهي واقفٌ أمامك ويدعوك، فهل تأتي إليه وتتقدّس بقداسته؟

الصَّلَاة
أيّها الربّ المَسِيْح أنت ملكنا الرحيم. نحن خاصّتك. اغفر لنا إن اختلسنا أنفسنا منك لنعيش مستقلين عنك، كأنّنا خاصة أنفسنا. نشكرك لأنّك أتيت إلينا ونحن عصاة ولم تُبِدْنا، بل عشت متواضعاً ووديعاً بيننا، وستَرْتَ سلطانك، وأظهرت محبّتك في قداستك. نسجد لك معترفين بأنَّك ربّنا وملكنا. غيّر أذهاننا، وقدّسنا إلى التمام، لكي ننال بتبريرك لنا قوّة روحك القُدُّوس، ونتجدّد في الولادة الثانية، ونجتهد لنشر مَلَكُوْتك استعداداً لمجيئك الثاني. تعال أيّها الربّ يَسُوْع... تعال.
السُّؤَال
ما هي معاني العبارة "مَلَكُوْت اللّه"؟