Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
14- طلبة ابْنَي زَبَدِي المستكبرة
(مرقس 10: 35- 40)
10:35وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَعْقُوبُ وَيُوْحَنَّا ابْنَا زَبَدِي قَائِلَيْنِ يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا طَلَبْنَا.36فَقَالَ لَهُمَا مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا،37فَقَالاَ لَهُ أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ فِي مَجْدِكَ.38فَقَالَ لَهُمَا يَسُوْع لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ، أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي أَشْرَبُهاَ أَنَا وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا،39فَقَالاَ لَهُ نَسْتَطِيعُ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوْع أَمَّا الْكَأْسُ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا فَتَشْرَبَانِهَا وَبِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ،40وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لهُمْ


تقدَّم حَمَل الله الوديع إلى مذبح حياته، بينما كان تلاميذه يفكرون بالسياسة، والرِّياسة، والشَّرف، والسّلطة، والسَّيطرة على الآخرين، فطلبوا مجد هذه الدُّنيا، ولم يُدركوا ضرورة الصَّلِيْب، ظانِّين أن يخدموا الله بدون توبة وتجَدِيْد، وكانوا فخورين في قلوبهم. أمَّا يُوْحَنَّا ويعقوب فتبعا يَسُوْع، وتركا مهنة صيد السَّمك، ظانَّين نفسيهما أفضل مِن الآخرين بسبب صلة القرابة الّتي تربطهما بيَسُوْع، وانتسابهما إلى الأسرة الكهنوتيَّة، فتمنَّيا في حالة تسلّمهما زمام السّلطة أن يحصلا على وعد مسبق مِن يَسُوْع بأن يعطيهما نصيب الأسد مِن سلطانه ومجده.
لم يرفض يَسُوْع طلبتهما مباشرةً، بل لامَهُما لأنَّهما طلبا أمراً لم يَفهماه، فدانَ مقاصدهما، وكشف جهلهما بواسطة سؤاله الفاحص: "هل أنتما قادران على أن تشربا كأس غضب الله، وتحتملا مَعْمُودِيَّة آلام الصَّلِيْب؟" ويبدو مِن جوابهما أنَّهما لم يُدركا ضعفهما وفسادهما، ولا عرفا الله القُدُّوس في غضبه، ولا الحاجة إلى حَمَل الله وضرورة موت يَسُوْع. لقد رسبا في امتحان اتِّباعهما ليَسُوْع رسوباً ذريعاً، لأنَّ الرُّوْح القُدُس لم يكن قد سكن فيهما بعد، ولم يَعْلَما بعْد كبر ذنوبهما، ولا تبريرهما بالصَّلِيْب، فكانا أعميَيْن روحيّاً، ومُستكبرَين بشريّاً.
والعجيب أنَّ يَسُوْع لم يرفض استعدادهما لتحمُّل الآلام معه، وهما غير مُتَجَدِّدين، بل أعلن لهما أنَّ اتِّباعه يعني التّألُّم في سبيل خدمة الآخرين، كما تألّم هو البارّ مِن أجل الأثمة. فمَعْمُودِيَّة الرُّوْح القُدُس لا تأتي بفرح ومواهب ويقين برَّاق فحسب، بل تتبعها تجارب الشَّيْطَان وبُغْضَة الملبوس به.
هل أنت مستعدٌّ لدفع ثمن اتِّباعك ليَسُوْع؟ هل تريد التّمتُّع بالنِّعمة فقط، أم تستعدّ لبذل ذاتك وسط الاستهزاء والكراهية؟
إنَّ أجرة شركتنا مع الله وابنه ليست كما تخيَّلها يُوْحَنَّا ويعقوب. مستحيلٌ أن يجلس إنسانٌ عن يسار المَسِيْح، لأنَّ هذا مكان الآب الّذي أجلس ابنه عن يمينه. فطلبة ابْنَي زَبَدِي تُظهر كبرياء الشَّيْطَان الوسواس الّذي يوسوس في آذان التَّلاَمِيْذ، محاولاً تحريضهم ضدَّ روح سيِّدهم.
أين مكاننا في السَّمَاء؟ هل نحن مِن المقرَّبين أم مِن المُبعَدين؟ إنَّ كلَّ الّذين يؤمنون بالمَسِيْح يرتبطون بروحه إِلَى الأَبَد.. فنحن جسده الروحي، ولسنا منفصلين عنه. فالكيان في السَّمَاء هو المَحَبَّة والرّوح والوحدة، وليس إكرام الذَّات والانفصال بسبب التباهي والافتخار. لقد صلَّى يَسُوْع طالباً مِن أبيه: "ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحدٌ".

الصَّلَاة
يا ربّ، أنت تصبر علينا نحن المتكبِّرين الجُهلاء، ولا ترفضنا، بل شربتَ كأس الغضب لنعيش نحن في قوَّة روحك القُدُّوس. وقد احتملتَ مَعْمُودِيَّة العذاب على الصَّلِيْب لكي نعتمد نحن بروحك القُدُّوس. اغفر لنا غباوتنا وافتخارنا بأنفسنا، وطمعنا بالسلطة، وغيِّرْنا إلى صورتك لنتصاغر، ونتواضع، ونصبح ودعاء، مستعدِّين لخدمة الآخَرين، واحتمال استهزائهم ورفضهم ولطمهم، حتَّى يخلصوا. آمين.
السُّؤَال
كيف كشف سؤال ابْنَي زَبَدِي وجوابهما حالتهما الرُّوحيَّة؟