Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
6- مثل الكَرَّامين غير الأمناء
(مرقس 12: 1- 12)
12:1وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ بِأَمْثَالٍ إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ حَوْضَ مَعْصَرَةٍ وَبَنَى بُرْجًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ.2ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الكَرَّامين فِي الْوَقْتِ عَبْدًا لِيَأْخُذَ مِنَ الكَرَّامين مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ.3فَأَخَذُوهُ وَجَلَدُوهُ وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا.4ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا عَبْدًا آخَرَ، فَرَجَمُوهُ وَشَجُّوهُ وَأَرْسَلُوهُ مُهَانًا.5ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا آخَرَ، فَقَتَلُوهُ. ثُمَّ آخَرِينَ كَثِيرِينَ فَجَلَدُوا مِنْهُمْ بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا.6فَإِذْ كَانَ لَهُ أَيْضًا ابْنٌ وَاحِدٌ حَبِيبٌ إِلَيْهِ أَرْسَلَهُ أَيْضًا إِلَيْهِمْ أَخِيرًا قَائِلاً إِنَّهُمْ يَهَابُونَ ابْنِي.7وَلَكِنَّ أُولَئِكَ الكَرَّامين قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ هَذَا هُوَ الْوَارِثُ، هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فِيَكُونَ لَنَا الْمِيرَاثُ.8فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ.9فَمَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ الْكَرْمِ، يَأْتِي وَيُهْلِكُ الكَرَّامين وَيُعْطِي الْكَرْمَ إِلَى آخَرِينَ.10أَمَا قَرَأْتُمْ هَذَا الْمَكْتُوبَ، الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ.11مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا.12فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ وَلَكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْجَمْعِ، لأَِنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ الْمَثَلَ عَلَيْهِمْ، فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا


غرس الله شعب العَهْد القَدِيْم ككرمة واسعة خصبة، وأحاطهم بسياج شريعته، ووضع نظام الذّبائح كمعصرة فيهم، وأقام الأنبياء أبراجاً وسط الأمَّة، وفوَّض الزُّعماء المدنيِّين والرُّوحيّين بالسلطة والمسؤوليَّة.
وأرسل الله عبيده الأنبياء المخلصين ليجمعوا لربِّهم الثِّمار الطَّيبة، التّوبة والحقّ والمَحَبَّة.
ولكنَّهم لم يجدوا إلاَّ البرَّ الذّاتي، والفضائح، والتّعجرف، والظّلم في الأمَّة المتمرِّدة العنيدة الّتي تضطهد مرسلي الله، وتطردهم، وتستهزئ بهم، وتقتل بعضهم.
ما أعظم صبر الله! فهو لم يهلك هذه الأمَّة، رغم قساوتها، بل واصل إرسال عبيده الأنقياء واحداً تلو الآخَر. إنّنا لا نجد بين البشر رجلاً يعامل عبيده بمثل هذا البال الطويل والاحتمال الإلهي. فالله صبورٌ ورحيمٌ. وقصده أن يربح طاعة البشر بالمَحَبَّة، دون اللجوء إلى الشِّدَّة.
كان لله، منذ الأزل، ابنٌ فريدٌ، أحبَّه لأنّه صورة ذاته، ورَسْمُ جوهره، إذ إنّه مولودٌ مِن الرُّوْح القُدُس، روح المَحَبَّة. وهو خلق المخلُوْقَات كلّها. الحاضر والمُسْتَقْبَل ملك يديه. ملائكة السَّمَاء تسجد أمام مجده وقداسته، والأبالسة ترتعد خوفاً مِن اسمه. أمَّا أهل العَهْد القَدِيْم فلم يهابوه، بل ازدروه واحتقروه ورفضوه وحقدوا عليه وقتلوه. وليس أهل عصرنا بأفضل منهم، فهم أيضاً قد أهملوه، ورموا اسمه جانباً. هل توجد في العالم عبارةٌ أقسى مِن أن يقال: "إنَّ البشر استعدُّوا لقتل ربّهم، وإبادة ابن الله خالقهم"؟! إنّ معنى هذه الحقيقة هو أنَّ اللهَ، في محبَّته اللاَّنِهَائِيّة لنا يصل معنا، نحن قساة القلوب، إلى آخر درجة مِن صبره، ويفضِّل أن يُضحِّي بأعزّ من عنده ليفدينا، راجياً أن نرجع إليه تائبين متغيِّرين في سبيل لطفه.
ولكنَّ الناس كرهوا خالقهم، وعصوه، وتشاوروا ليُهلِكوا ابنه ويقتلوه نهائيّاً. فهُم لم يُدركوا استحقاق الله فيهم، ولم يصلوا إلى غاية اختيارهم. فموت المَسِيْح يعني الفشل الذَّريع لأهل العَهْد القَدِيْم والأمم معهم، وفي الوقت نفسه إظهار أعلى درجة مِن مَحَبَّة الله الأمينة.
فما هو موقفك تجاه صبر الله ومحبّته؟ هل تقدِّم لمخلِّصك ثمار حياتك شكراً وحمداً لخلاصه، أم لا تزال عائشاً لنفسك، مهتمّاً بشهرتك، ومخطئاً بلامبالاة؟ لقد غرسك اللهُ في كَرمه عوضاً عن أمَّة العَهْد القَدِيْم. ولكنّه مثلما دان اليهود سيدينك أنت أيضاً إنْ لم تأتِ بثمرٍ كثيرٍ، وتَثبُت في محبَّته، وتعِش في طهارة حقِّه. فالقُدُّوس ينتظر منك حصاداً صالحاً، وقبل كلّ شيء أن تستقبل ابنه بوقار وفرح، ليبثَّ هو فيك فضائله.

الصَّلَاة
أيُّها الإله القُدُّوس، اغفر لي أنانيتي. لقد استحوذ عليّ الخجل والندم بسبب سطحيتي وإهمالي لحقيقتك العظمى. فإذا كنتُ قد عصَيْتُ لطفك، وتمرَّدْتُ على إرشادك، فلا ترفضني، بل قدِّسني، وغيِّر شعوري الباطني، لأعيش لك ولابنك دائماً في سبيل التَّضحية، شاكراً صبرك الفائق. هَب لي الحكمة والمواظبة كي أُقدِّم لك كلَّ ثمار روحك الصَّالِح، وأتهيَّأ لاستقبال حبيبك بفرح. آمين.
السُّؤَال
كيف أوضح يَسُوْع مَحَبَّة الله بمثل الكَرَّامين الأشرار؟