Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
4- علامات نهاية الكون
(مرقس 13: 14- 18)
13:14فَمَتَى نَظَرْتُمْ رِجْسَة الخَرَاب الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيّ قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي، لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ. فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ،15وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا،16وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ.17وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ.18وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ.


بعدما حذَّر يَسُوْع تلاميذه مِن التّجارب بواسطة المضِلِّين، وأمرهم بتبشير العالم رغم الاضطهادات، أعطاهم دليلاً واضحاً، وبيَّن لهم سقوط أُوْرُشَلِيْم سنة 70 ميلاديَّة.
فَرِجْسَة الخَرَاب هي العلامة الّتي سمّاها يَسُوْع لكنيسته، وقد ذُكرت ثلاث مرات في نبوة دانيال، ولها تفاسير متنوِّعةٌ، ومنها:
أ: في سنة 168 ق.م. بنى الملك السُّوري "أنتيوخوس أبيفانوس" مذبحاً للإله الروماني "زيوس" وسط هَيْكَل أُوْرُشَلِيْم، ومنع الذبائح والتَّقْدِمَات اليوميّة ليهوه، إرضاءً للرومان. وهنا ظهر لأوّل مرّة الرجس الّذي سرعان ما لحقه الخراب العام (دانيال 9: 27 و 11: 31 و 12: 11).
ب: في سنة 40 م. أعطى القيصر "كاليغولا" أمراً بإقامة تمثال لنفسه للسجود أمامه في الهَيْكَل المُقَدَّس. ولكنّه مات قبل إقامة التمثال. ولا بدّ أنّ أعضاء الكنيسة آنَذَاكَ قد وقفوا مذهولين أمام هذه التطورات.
ج: عندما بدأت الجيوش الرومانية سنة 70 م. تحاصر أسوار أُوْرُشَلِيْم، ناضل الغُيُر في المدينة، وفي الهَيْكَل، في سبيل الحصول على سلطة القيادة للدفاع المشترك. وفي هذه الصراعات الدموية اختلط دم الكهنة القتلى بدم الذبائح في ساحة الهَيْكَل.
عِنْدَئِذٍ فهمت الكنيسة المَسِيْحية مِن الأصل اليهودي ما قصده يَسُوْع بقوله: "فحينئذٍ ليهرب الّذين في اليهودية إلى الجبال". فهربوا إلى عبر الأردن، إلى المدينة "بلاّ". ولم يشأ الرّبّ أن يُدخل كنيسته إلى الدَّيْنُونَة المنصبة على إسرائيل، فخلَّص أتباعه مِن الحصار الخانق.
كان حصار الرومان رهيباً. ففي ذلك الوقت كان مئات الألوف مِن الحجّاج قد وصلوا أُوْرُشَلِيْم في عيد الفصح، ولم يبقَ طعامٌ كافٍ في المدينة بسبب الحصار الطويل، فحدثت مجاعة فظيعة؛ حتّى إنَّ إحدى الأُمَّهَات أصيبت بالجنون وشَوَت طفلها. وسلَّم كثيرون أنفسهم لأيدي الرومان الّذين صلبوهم. فأحاطت غابةٌ مِن الصلبان مدينة القدس الّتي صلبت قبل ذلك بأربعين سنةً ابن الله البار على خَشَبَة العار.
أمَّا داخل المدينة، فقد التهب الغُيُر حماسةً، وشجَّعوا الجياع واليائسين قائلين لهم: "لا تخافوا، فالله يخلِّصنا، لأنَّ هَيْكَله ضمانٌ لحضوره معنا؛ فلا بدّ مِن أن ينصرنا، ولو بمعجزة". فحرَّضوا الضعفاء على الدفاع عن أنفسهم مِن جَدِيْد.
وبعدما فتح "تيطس" القائد الروماني المدينة المحاصَرة، باع كثيرين مِن الرجال والنِّسَاء الباقين شيباً وشباباً في أسواق العالم. أمّا هَيْكَل الله فاحترق كمشعل غضب الله فوق المدينة المدمَّرة كلِّياً.
تدل "رِجْسَة الخَرَاب" أيضاً على نهاية أرضنا. لا يعلم أحدٌ مسبقاً معناها بدقَّةٍ. لكنّ الإِنْجِيْل يساعدنا بدلائل متنوّعة. فمثلاً إن حاول بعض رجال الدّين تغيير النص الأصلي لكلام الوحي، أو إن حاولوا تفسيره حسب أهوائهم في مسعى رسمي لتوحيد أديان العالم، فهذه هي رِجْسَة الخَرَاب.
أو إذا بُني هَيْكَل جَدِيْد لجميع الشعوب على ساحة الهَيْكَل القَدِيْم في القدس، رغم أنّ كنيسة يَسُوْع هي هَيْكَل روح الله في العالم اليوم وحدها.
أو إذا قُدِّمت في القدس ذبائح حيوانية بصلاة التّوبة وترانيم الحمد، رغم أنّ يَسُوْع المَصْلُوب كان ذبيحة الله الكاملة والأخيرة.
أو إن جاء مَسِيْح آخر، وجلس في هذا الهَيْكَل الجَدِيْد، وطلب العبادة لشخصه كإله، لأنه استطاع أن يُحلّ سلاماً عاّماً في العالم المتألِّم، فسيسجد له زعماء الكنائس والشعوب كافّةً، لأنّه سيظهر لهم كالمخلّص الوحيد, والشخصية الوحيدة الموثوق بها (2 تسالونيكي 2: 3- 12؛ رؤيا يُوْحَنَّا 13: 1- 9).
عِنْدَئِذٍ ينبغي أن نتيقّظ، ونميّز روحيّاً، و نطلب الإرشاد بصوت الله الواضح، ونطيع هذا الصوت إلى حيث يريد الرّبّ، حتَّى وإن عَنَى هذا هروب الكثيرين، وترك ممتلكاتهم، وأنظمتهم، ومجتمعهم. فلا تنسَ: أوَّلاً تأتي الرِّجسة، وبعدئذٍ الخراب.
وقد طلب يَسُوْع مِن المَسِيْحيين الّذين مِن أصل يهودي أن يُصلّوا كي لا يكون هربهم وقت الشتاء، حتّى لا يعوقهم البرد سواء كانوا كباراً أو صغاراً، حبالى أو رضّعاً، أو تُميتهم المشقَّات. فنرى أنَّ شفقة يَسُوْع على الضعفاء والصغار لا تنتهي، حتّى في الدَّيْنُونَة. هو الحارس لأتباعه، ويحرس كنيسته كحدقة عينه. يخطط حربها مسبقاً، ووسط الويلات يحتضن أولاده.

الصَّلَاة
أيّها الإله القُدُّوس، دينونتك عادلةٌ، ونحن جميعاً مستحقُّون العذاب والموت. نشكرك لأنّك أرسلت لنا المخلّص الوحيد يَسُوْع النَّاصِرِيّ، لأنَّ دمه يُطهِّرنا من كل خطيئة. أيقظنا كي لا ننام في اضطراب الدَّيْنُونَة الأخيرة، بل نعرف العلامات والدلائل المعطاة لنا. دعنا نسمع صوتك، وامنحنا القوة على تنفيذ مشيئتك بالطاعة التّامة والفوريَّة. آمين.
السُّؤَال
ما هو معنى "رِجْسَة الخَرَاب"؟