Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
9- الملك السَّمَاوِيّ يَحكم بواسطة رُسُله
(مرقس 16: 10- 20)
16:19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ.20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ


غلب المَسِيْح الجاذبيَّة الأرضيَّة، وارتفع إلى السَّماء أمام أعين التَّلاَمِيْذ، رمزاً لدخوله العالم الآخَر. لقد أحبَّ أباه السَّمَاوِيّ مِنْ كُلِّ قلبه و مِنْ كُلِّ نفسه و مِنْ كُلِّ قُدرته. فبعدما أكمل خلاص العالَم، وأتمَّ تَعليمه، انطلق إلى أبيه، عالماً أنَّ دخوله قدس الأقداس، وتقَدِيْم دم ذبيحته الثَّمين أمام عرش النِّعمة سيُسبِّبُ البركة الكبرى الّتي أراد أن يضعها على كنيسته، أي انسكاب الرُّوْح القُدُس على كلِّ ذي جسدٍ.
وعرف يَسُوْع باختباراته المُرَّة أنَّ تلاميذه لن يستنيروا في عقولهم بدون هذا الروح، ولن يجدوا في ذواتهم قوَّةً لمُمارسة المَحَبَّة والإيمان والرَّجَاء بدون مسحة الرُّوْح القُدُس.
لذلك أسرع إلى أبيه، ليسكب مِن شركة المَحَبَّة هذه عنصر مَحَبَّة الله في قلوب أتباعه، فيُحبُّوا بعضهم بعضاً كما أحبَّهم هو.
وقد أنبأ الملك داود مسبقاً: "قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي, اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ" (مَزْمُوْر 110: 1). فهذه النُّبُوَّة اكتملت في صعود يَسُوْع. وقد أكرم الآب ابنه بإجلاسه عن يمينه، لأنَّ المَسِيْح أكمل ما لم يقدر كائنٌ (سواء كان إنساناً أو ملاكاً) على إكماله.
قد صالح الابنُ، بذبيحة دمه، العالمَ الشِّرِّيْر مع الله القُدُّوس. وبعدما وصل حَمَل الله إلى السَّمَاوَات، وتقدَّم إلى عرش الجالس، امتلأت رِحابُ القدس بتسابيح الحمد مِن أفواه جميع المخلُوْقَات مع القدِّيسين المُرتِّلين: "مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَِنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلَهِنَا مُلُوكًَا وَكَهَنَةً فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ".
المَسِيْح يَسُوْع اليوم هو الملك في العالم، ويملك بواسطة كنيسته. ليس بأسلحة فتَّاكة، بل بإنشاء مَمْلَكَة روحيَّة. هو اشترانا خاصَّةً لله، فأصبحْنا مُلْكَه وهو مالكُنا. ومملكته ليست مَمْلَكَة دنيويَّةً. وهو لا يُقدِّم كنوزاً فانيةً. ومملكته أبديَّةٌ.
وهكذا يُرسل مرسليه إلى جميع البلدان، ليُخلِّص المستمعين إليهم مِن غضب الله، وليشتركوا في الخلاص التَّامِّ. الحّيٌّ يُبثُّ حياته في كلِّ مَن يُؤمِن به، ويُغيِّر الخطاة القساة إلى أولاد لله مسالمين. مَلَكُوْته يأتي، والْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلَكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.
أَلَسْتَ أنتَ مدعُوّاً مِن المَسِيْح لخدمته وسط زملائك وعائلتك وجيرانك؟ لا تتسرَّع. ولا تعمل بحماسةٍ مُعتمداً على قدراتك ومواهبك الشَّخصيَّة، بل اطلُب من الرَّب أن يعمل معك، فيكون هو العامل وأنت أداة مبارَكة في يده اللَّطيفة. ضع نفسك ومواهبك كاملةً فوراً تحت تصرُّف يَسُوْع، فتختبر عجائب كثيرةً لا تعظِّمك ولا تُشْهِرك، بل تعظِّم ربَّك، فتُصبح حمداً لفَادِيك.
إنَّ خُدَّام الرَّبّ الأكفّاء لا يطلبون باطلاً كرامةً لأنفسهم، بل ينسبون كلَّ مجد ليَسُوْع، عالِمين أنَّ القوَّة العاملة في ضعفهم، منذ بداية خلاصهم وحتَّى نهاية خدمتهم، ليست نابعةً مِن أنفسهم، بل مِن يَسُوْع وحده ينبوع كلّ النِّعَم. فالأَعْمَال الّتي يَعملها المؤمنون بالمَسِيْح ليست سحراً ولا شعوذةً، بل إنَّ كلام المَسِيْح هو الّذي يُظهِر قُدرتَه. فاحفظ كلام يَسُوْع غيباً. كَرِّر أقواله في قلبك بروح التَّأَمُّل والصَّلاَة، فَتَغْنَى في الرّوح وتُغْني كثيرين.

الصَّلَاة
يا ربّ، أنت ملكي وسيِّدي وربِّي. أنتَ حيٌّ ومالكٌ من الأزل إلى الأبد. نشكرك لأنَّك برَّرتَنا وأشركتَنا في ملكك. قد اشتريتَنا بدمك الثَّمين من سوق نخاسة الخطيئة، وجعَلْتَنا خاصَّةً لله ورُسلاً لمحبَّتك، لكي نَخدمك، ونُحبَّك، ونُسامح الجميع، ونَشهد بخلاصك، وندعو الجميع إلى مَلَكُوْتك. أعطِنا إرشاد روحك القُدُّوس، وطاعة الإيمان المُباشرة، والمواظبة على الصَّلاَة في المصائب. لتكُن مشيئتك على الأرض. نشكرك لأنَّنا نعيش في عصر النِّعمة، ونرى أنَّ حصادك كثيرٌ. أرسِل فَعَلَةً مُكرَّسين متواضعين مُجتهِدين ومُطيعين إلى جميع مدن وقُرى أُمَّتنا، وإلى جميع البلدان حيث لا يَعرفونك، لكي يشتركوا في ملء نعمتك. استخدِمْني أنا أيضاً، غير المستحقّ أن أخدمك، لكي أعيش لتمجيد اسمك، وأنشر كلمتك قولاً وفِعلاً وصلاةً. آمين.
السُّؤَال
ماذا يفعل يَسُوْع اليوم؟