Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
19- شفاء الأعمى في بَيْتِ صَيْدَا
(مرقس 8: 22- 26)
8:22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ.23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئًا.24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشَجَارٍ يَمْشُونَ.25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ فَعَادَ صَحِيحًا وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيًّا.26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَِحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ


المَسِيْحيُّ الحق يتطوّر مِن معرفة جزئية إلى إدراك خطّة خلاص اللّه الواسعة. فمَن يؤمن بالمَسِيْح ينمو في معرفة مَحَبَّته واختبار قوّته، ولا يكون كاملاً رغم الكمال الموهوب له، بل ينتقل مِن إيمان إلى إيمان أكثر. وهذا التطوّر الرُّوْحِيّ نراه جليّاً في شفاء المَسِيْح للأعمى في بيت صيدا.
قدَّم بعضُ المؤمنين أعمى إلى يَسُوْع، وطلبوا إليه أن يلمسه بقدرته ليشفى. وهذا هو بدقَّة موضوع التَّبْشِيْر. وامتيازك كمؤمن مخلّص أن تُحْضِرَ العمي، بِالنِّسْبَةِ إِلَى الإيمان، إلى يَسُوْع في صلواتك، لكي ينيرهم بروحه. فخدمة ابتهالاتك هي بداية شفائهم. لم ينفّذ المَسِيْح إرادة الطالبين توّاً، بل أخذ المريض جانباً، واقتاده مِن وسط الجمهور إلى العزلة والسكون. فقبل أن يحصل على البصر، كان الأعمى يتبع يَسُوْع إلى الهدوء والسَّكينة. وهكذا يختلي المَسِيْح بكلَّ طالب للحقِّ بعيداً عن ضجيج الحياة، ليعالجه شخصياً في راحة التأمّل حسب مرضه وضيقه الخاص.
وتفل ابن اللّه في عيني الضرير، علامة تطهيره مِن آثامه، وإشعاره بالغسل الإلهي. فكل أعمى في الروح يحتاج أوّلاً إلى تطهير قلبه مِن خطاياه بدم المَسِيْح، لأنّ الخطايا هي الّتي تحجب معرفتنا باللّه.
ولمس يَسُوْع الأعمى بيده الإلهية، فجرت قوّته في المريض المترقّب الشفاء كما يسري التيّار الكهربائي في يدك وجسمك إنْ لمستَ سلكاً كهربائيّاً. وهكذا إنْ آمنت بغفران خطاياك مّن المَصْلُوب، تحلّ فيك أيضاً قوّة الرُّوْح القُدُس، العنصر السَّمَاوِيّ الجَدِيْد؛ لأنّ المَسِيْح لا يكلّمك فقط، بل يشركك بقوَّته الخاصة أيضاً.
وبعد ذلك كلّم يَسُوْع الأعمى وشجّعه على النَّظر، فنظر الأعمى ولكنّه لأوَّل وهلةٍ لم ير الأشياء بوضوحٍ، تماماً مثلما لا يرى بعض المؤمنين بالمَسِيْح لأوّل وهلةٍ وسع خلاصهم وأسرار الثَّالُوْث الأَقْدَس بوضوح، خاصَّةً عندما يكون روح العمى الرُّوْحِيّ ضاغطاً على عشيرتهم منذ أجيال كثيرة. ولكنَّ سماع كلمة المَسِيْح بمواظبة، والاتّصال بقوّته اللطيفة، يُنميان المعرفة الحقّة والإيمان القويم.
لم يفقد المَسِيْح صبره عندما لم يرَ الأعمى شيئاً بوضوح في الحال، بل وضع يديه مرّة ثانية على عيني الرجل بعدما اعترف أنّه يرى جزئياً. وهكذا أيّها القارئ، نشجِّعك على أن تعترف بإيمانك النامي الراجي، فتختبر أنَّ ابن اللّه يلمسك، ويمنحك بصيرة أوسع لخلاصه وقوّته ومَحَبَّته.
وأخيراً استطاع المُعافَى أن يرى ويُميِّز يَسُوْع الماثل أمام عينيه بكلّ جلاء ووضوح. فكان وجه يَسُوْع اللطيف أوّل ما وقع نظر الرجل عليه، وأوَّل ما ارتسم في فؤاده، وبعدئذ رأى بدهشة تفاصيل العالم كلّها مِن حوله. أمَّا قلبه فامتلأ فرحا،ً لأنّ عينيه قد أبصرتا الرَّب.
وأوصاه المَسِيْح ألاّ يتعجّل بذكر هذه الحادثة أمام الآخرين، بل أن يترك الجمهور ويعتزل عنه، شاكراً الربّ ليدرك بشكره مَن هو المَسِيْح وما هي أهمية وعَظَمة فعله. ومَن هو الإنسان في ذاته، وكم هو غير مستحقٍّ الحصول على عون الربّ.
هل شكرت مرّة ربّك لعينيك المفتوحتين؟ هل تعلم أنَّ في العالم العربي أكثر مِن ثلاثمائة ألف كفيف. هل تجد في نفسك الشفقة والاستعداد لخدمتهم؟ متى تبتدئ بشكر ربّك لأجل الخلاص الممنوح لك، وتزور أعمى في محيطك وتصلّي معه وتساعده عمليّاً؟

الصَّلَاة
أيّها الرَّب، نشكرك لصبرك علينا. اغفر لنا عمانا الرُّوْحِيّ، وطهّر قلوبنا مِن كلّ ذنب ودنس بدمك الثمين، وأنِرنا بروحك القُدُّوس، لكي نراك جليّاً في لطفك ولا ننساك. ساعدنا على معرفة قلوبنا الغبيّة، فلا نتكبّر، بل نمتلئ بسلامك ونجلب كثيرين مِن العميان روحيّاً إليك، ليروك كما نراك نحن محور حياتنا. وساعدنا أيضاً على أن نخدم المكفوفين في محيطنا بخدمات عملية وصلوات ملّحة. آمين.
السُّؤَال
ماذا نتعلّم مِن شفاء يَسُوْع للأعمى في بيت صيدا؟