Skip to content

Commentaries
Arabic
متى
  
الدعوة إلى الرّاحة في المسيح
(11: 28-30)
11:28تَعَالَوْا إِلَيَّ يَاجَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. (29) اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. (30) لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ. (إرميا6:16؛31:25، إشعياء28:12،1يو5:3)


يدعو المسيح جميع الناس إلى شركة الثالوث الأقدس، لأنه لا راحة لأنفسنا إلا بالثبات في الله الحقيقي. ينادي يسوع الجميع حتى المكتفين في ذواتهم والمستكبرين في نشاطهم، لكنهم لم يلبوا دعوته، إذ أنهم لم يدركوا سبب مشاكلهم و نجاسة قلوبهم. أما المحتاجون النادمون، فهم الذين يلبُّون دعوة المسيح. عجباً كيف أن الأغنياء ورجال الدين والمسؤولين الكبار في الدولة لا يُسرعون إلى المخلص، بل الفقراء والمساكين الفاشلون والخطاة الذين يقشعرون من أنفسهم لكي يسمعوا صوت المعزي، فهل تعرف نفسك ؟ هل سمعت دعوة المسيح المخلِّص الذي يدعو كل الناس؟ إنه صاحب السلطان الوحيد الذي يرفع أثقالنا، يحرّرنا من الخطيئة والمرض، من الشريعة والموت، من الشيطان وغضب الله. المسيح هو المخلّص الوحيد القدير، الذي لا يرفض طالباً واحداً، بل يدعو الكل كي يسرعوا إليه ويُلقوا أثقالهم عليه، ليرفعها عنهم.
إن الذين يدعون للراحة في المسيح هم فقط كل الذين يشعرون بالخطيئة كثقل ويئنون تحتها، الذين لا يقتنعون بإثم الخطيئة فقط، بإثم خطيئتهم الشخصية، بل أيضاً تنسحق نفوسهم بسببها، الذين يتألمون حقيقة من أجل خطاياهم، يتعبون من خدمة العالم والجسد، الذين يرون بأن حالتهم محزنة وخطرة بسبب الخطيئة، ينزعجون وينتحبون بسببها.
إن الرب يسوع المسيح يهب راحة أكيدة للنفوس المتعبة التي تتقدم إليه بإيمان حي لطلبها، "راحة " من انزعاج الخطيئة، مع سلام عمق في الضمير. "راحة" من سلطان الخطيئة، مع تنظيم قوى النفس ومنح قوة لضبط النفس. "راحة" في الله، وتلذذ في النفس بمحبته (مز11: 6و7). هذه هي الراحة التي بقيت لشعب الله (عب4: 9) التي بدأت في النعمة وتكملت في المجد.
إن دعوة المتعبين والثقيلي الأحمال لحمل نير على أعناقهم يبدو كأنه إضافية ضيق للمتضايقين. على أن هذا التناقض الظاهري يزول حينما نذكر أن المسيح يقول إن هذا النير نيره هو "نيري" وكأنه يقول "أنتم تحت نير يجعلكم متعبين وثقيلي الأحمال، فانفضوا عنكم هذا النير وجربوا نيري الذي يريحكم. قيل عن العبيد إنهم "تحت نير" (1تي6: 1) وكذلك الرعية(1مل12: 10) لذلك فإن قبول نير المسيح معناه أن نرتضي بأن نكون عبيداً ورعية له، ومن ثم أن نتصرّف التصرف اللائق، وذلك بأن نطيع جميع وصاياه من كل القلب، ونخضع بسرور لجميع أحكامه وتصرفاته معنا. معناه أن نطيع إنجيل المسيح ونخضع للرب.
إن قلوبنا شريرة ومحتالة، فلا يكفينا غفران الخطايا. إنما نحتاج إلى قوة مغيِّرة، تخلق فينا حياة جديدة فينا. لهذا يضع المسيح نيره الخاص علينا، لأنه مرتبط مع أبيه في انسجام تام، فيجذبنا إلى شركته لنعيش معه. فإذا آمنّا وسرنا بالقرب من الله تحت نير واحد، نتغير بمحبته ونحصل على راحة الضمير الحقة. لأنه لا راحة إلا في المسيح.
ليس هناك إنسان حر، إما أن يكون عبداً للخطيئة، أو شريكاً في نير المسيح. من يتّحد مع الآب والابن مؤمناً، فيحتم عليه أن يمشي معه بنفس السرعة والهدف. إن المسيح يدرّبنا لنتمثَّل ونكون مثله، ويعلّمنا فضائله. إنه وديع حقاً، إذ سلَّم إرادته لأبيه تماماً، إنه متواضع القلب حيث أخلى نفسه. إذا ارتبطت مع يسوع يحررك من عنادك واستكبارك وبُخلك، ويغيِّرك إلى إنسان جديد، إنسان المحبة، المحبة، فتفلح مع المسيح أرض دنيانا، وتزرع فيها بذور الإنجيل. لكن لا تعمل مستقلاً عن الله من خلال أفكارك واجتهادك، بل تعمل تحت نير المسيح، الذي يوحّدك بالله. هو مزمع أن يروي عطشك إلى البر ويُشبع جوعك للاستقرار الروحي.
قال السيد المسيح "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ." إسأل نفسك هل تريد أن تتغيَّر وتسلك وديعاً مُسلِّماً للمسيح مقود حياتك؟ هل تريد أن تتواضع وتعتبر نفسك أصغر الجميع وأكبر خاطئ غُفرت له خطاياه؟ عندئذ سيمنحك المسيح سلامه وراحة مسرَّته ما دمت معه تحت نير واحد.
إنه وديع وقادر أن يترفق بالجهال الذين قد يحتد عليهم الآخرون. كم من معلمين مقتدرين تراهم حادي الطبع ومتعجلين، الأمر الذي يثبط عزائم المتباطئ الأذهان. أما المسيح فيعرف كيف يحتمل أمثال هؤلاء، ويفتح أذهانهم. لقد كانت تصرفاته مع تلاميذه الإثني عشر عينة لهذا. لقد كان وديعاً طويل الأناة نحوهم، خلق منهم شخصيات غاية في السمو. ورغم ما بدأ منهم من عدم الإكتراث والتناسي فإنه لم يكن يتطرف في إظهار غباوتهم.
إن الطريق الوحيد والأكيد لنجد راحة لنفوسنا هو الجلوس عند قدمي المسيح والإستماع لكلمته. إن الفهيم يجد راحة واطمئناناً كاملاً في معرفة الله ويسوع المسيح، لأنه يجد في الإنجيل الحكمة التي طالما بحث عنها في كل الخليقة، إننا نعرض نفوسنا لخطر جسيم إذا ما تركنا الحقائق التي يعلمها المسيح.
هذه هي خلاصة دعوة الإنجيل وهباته، هنا يخبرنا الإنجيلي في كلمات قصيرة ماذا يطلبه منا المسيح، وهو يتفق مع ما قاله الله عنه مراراً وتكراراً:"هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا".

الصَّلَاة
أيها الرب يسوع المسيح، نسجد لك لأنك دعوتنا، فإننا نسرع إليك ملتمسين منك غفران آثامنا. نعظّمك لأنك رفعت أثقالنا وأعلنت لنا اسم الآب، وجعلتنا أولاداً له، وتغيّرنا إلى فضائلك، لكي نمشي معك ونثبت فيك. ساعدنا لكي لا نفارقك، بل نتبعك في كل حين حتى تغيّرنا إلى صورتك المتواضعة الوديعة.
السُّؤَال
ما هو نير المسيح الخاص الذي يحمّلنا إياه؟