Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
2 - تفويض الحمل ملءَ سلطان الله
(رُؤْيَا يُوْحَنَّا 5: 7)
5:7فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الجَالِس عَلَى العَرْشِ.


يصف يوحنا ببساطة رائعة تربّع يَسُوْع المَسِيْح على العرش في السّماء الذي حدث في لحظة واحدة.

لا نعرف متى وبأية طريقة تقدّم يَسُوْع إلى الله المَحبّة القدوسة. ليس مكتوبا إنْ كان قد انحنى أمام الآب وسقط وقبل رجليه، كما يفعلون في نيجيريا. يتصوّرون في العالم العربي أنه عانقه وقبل جبينه. لم يكن هذا كله مهما ليوحنا. لكن أمرا واحدا كان حاسما للزمان والأبدية: انه أتى وأخذ.
نقرأ في النَّص العربي: "فأتى وأخذ" وليس "فأتى واستلم". ولكن لكلمة "أخذ" معان كثيرة. فالابن لا ينتزع شيئا لنفسه ولا يأخذ شيئا بالعناد من يد أبيه، بل ينتظر حتى يعطيه الآب.
استلم الابن إرساليته (يوحنا 17: 18؛ 20: 21) ومسحته (لوقا 3: 18- 19) وثمار حياته كلها (يوحنا 3: 35؛ 17: 7) من أبيه.
شهد يَسُوْع بتبعيته الدائمة للآب: "لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ" (يوحنا 5: 19- 24).
لم يتكلم الابن مِن نفسه، بل كان الآب يعطيه الكلام (يوحنا 14: 10؛ 17: 8)، ولم تكن الأعمال التي عملها مِن نفسه، بل كان الآب الحال فيه هو يعملها (يوحنا 5: 36؛ 14: 10؛ 17: 4)؛ أعطاه الآب الوصيَّة أن يهب الحَيَاة الأَبَدِيَّة (يوحنا 12: 49- 50) وأعلن للابن اسمه: "الآب" (يوحنا 17: 11- 12)، وشهد علانية أنَّ يَسُوْع ابنه الحبيب (يوحنا5: 37؛ متى 3: 17 وغيرها).
أعطاه الآب الدَّيْنُوْنَة كلها (يوحنا 5: 22؛ دانيال 7: 13- 14؛ أَعْمَال الرُّسُلِ 10: 42)، ومنحه المجد ومجموع صفاته الإلهية (يوحنا 17: 22).
وضع الآب أولئك الذين اختارهم من العالم في قلب الابن (يوحنا 17: 6) لئلا يضيع واحد منهم (يوحنا 6: 39؛ 10: 29). اعترف يَسُوْع بأن أحداً لا يقدر أن يأتي إليه إنْ لم يجذبه الآب (يوحنا 6: 37؛ 17: 7 و9 و24). بقي يَسُوْع متواضع القلب وديعا في خلقه (متى 11: 29) ولم يستكبر.
بقي يَسُوْع متواضعاً حتى في أعلى درجة من سيرته عندما استلم سفر الرُّؤْيَا من أبيه ونال كلّ سلطان في السّماء وعلى الأرض.
ّمِن الغريب أن النص اليوناني لم يورد أن يَسُوْع استلم "لفَّة السفر" مِن يد ذلك الجَالِس عَلَى العَرْشِ، بل أورد فقط أنه استلم من يده. لم يكن السفر بحد ذاته هو الأهم، بل المستلم ونسبته إلى ذلك الجَالِس عَلَى العَرْشِ. لقد أثبت تسليم السّلطان صحة وحدة الثالُوْث. وساد السماء التوتر، إذ سلم الآب الابن كل سلطة وسلطان، الحياة والدَّيْنُوْنَة، الماضي والمستقبل؛ وهذا هو الحدث الحاسم الأهم في مجرى حوادث البشرية كلها التي كانت والتي ستكون.
لم تُقسم السلطة عند تسليم السفر، لأنَّ الملء يبقى الملء بعد التسليم أيضاً. يمكن أن يجري الحديث عن ازدياد السّلطة. يسكن ملء الحياة والمحبّة والسّلطة وكل حقّ في الآب والابن كما في الرُّوْح القدُس؛ فالقداسة مثلثة. يسكن مجد الآب والابن والرُّوْح القدُس في بعضهم بعضاً وليس بجانب بعضهم بعضاً. استلم الابن هذا كله وأكثر منه من الآب عند وصوله الظافر إلى السّماء. إنَّ هدف صعود المَسِيْح هو تربّعه على العرش. وقد جلس مع أبيه على عرشه (رُؤْيَا يُوْحَنَّا 3: 21) فتحققت شهادة إيمانه على الأرض بهذا الحدث المجيد (متى 11: 27؛ 28: 18؛ يوحنا 17: 20- 24).
لم يَظهر الأسد مِن يهوذا كإنسانٍ متفوّق (سوبرمان)، بل كحَمل مذبوح؛ لأن حَمَل اللهِ وحده كان مستحقّاً وقادراً أن يستلم الكون مِن يد أبيه.

الصَّلَاة
أيُّها المسيح المتواضع، نسجد لك، لأنّك لم تتباه، ولم تكرم نفسك، بل مجدّت أباك السماوي في كلّ حين، وأكملت مشيئته على الصليب. فقبل أبوك تواضعك، وسلم لك قيادة الكون، والدينونة الأخيرة. ساعدنا حتَّى نتعلم منك التواضع حقّاً، وقدنا بروحك لنطيع لك دائماً.
السُّؤَال
كيف تمّ تسليم سلطان الله ليَسُوْع؟