Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
د: إيمان إِبْرَاهِيْم الشُّجاع قُدوتُنا
(رُوْمِيَة 4: 19- 22)
4:19وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيْمَان لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ.20وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ بَلْ تَقَوَّى بِالإِيْمَان مُعْطِيًا مَجْدًا لِلَّهِ،21وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا.22لِذَلِكَ أَيْضًا حُسِبَ لَهُ بِرًّا.


سمع إِبْرَاهِيْم كلمة الله عن المستقبل، أنَّه مختارٌ ليكون أباً لشعوبٍ كثيرةٍ، في الوقت الَّذي لم يكن له ابنٌ شرعيٌّ. فلم يبتسم ويهزّ برأسه مُنكراً وهو في التَّاسعة والتِّسعين مِن عمره، عند سماعه كلمات الوحي هذه، بل آمن أنَّ الله يمنح رجاءً حين ينتهي كلُّ رجاءٍ بشريٍّ. لقد فشل إِبْرَاهِيْم في كفاحه الإِيْمَاني سابقاً، حين ولدت له الجارية "إسماعيل". ولكنه عندما رأى أنَّ مِن المستحيل أن تأتي امرأته العجوز بولد، لم ينظر إلى الحقائق الطَّبِيْعِيّة، بل حصر نظره في الله الَّذي أوجد جميع قوانين الطَّبيعة، والقادر وحده أن يُغيِّرها ويتحكَّم بها. لم يسمح إِبْرَاهِيْم لفكرة استحالة إنجابه ولداً مِن امرأته سارة بأن تستحوذ عليه، بل تقوَّى في الإِيْمَان، وتمسَّك بكلمة الله، واتَّكل على حقِّها السَّرمدي، وأيقن أنَّ ربَّ المجد لا يكذب، بل هو قادرٌ على تنفيذ ما وعد به، حتَّى وإن لم يجد العقل البشري سبيلاً لتحقيق الوعد.
إنَّ تمسُّك إِبْرَاهِيْم بوفاء الله، في هذا الكفاح الإِيْمَاني، قد حُسِبَ لَهُ بِرّاً (تكوين 15: 1- 6 و 17: 1- 8).
والمَسِيْح يدعوك اليوم إلى هذا الكفاح الإِيْمَاني نفسه. إنَّنا إذ ننظر إلى أنفسنا، ونتعمَّق في كنائسنا، نجدها مُتعَبة وعاجزة بل وميتة روحيّاً، بينما يشاء المَسِيْح أن يهب الحَيَاة الأَبَدِيَّة للملايين بِوَاسِطَة إيمانك وإيماني. إنَّه يُريد أن يُبارك شهاداتنا كي تتجسَّد محبَّته أَعْمَالاً وأفعالاً. فهل تؤمن بوعد يسوع ودعوته، لتُنجب ذرِّيةً مُبارَكةً بكلمة إيمانك؟ هل تثق بأنَّه يستطيع أن يتغلَّب على عدم قدرتك، وأن يُنعش كنيستك، ويُنشئ لنفسه مِن القلوب الغليظة أولاداً لروحه، كما قال المعمدان إنَّ الله قادرٌ أن يُنشئ مِن الحجارة المرميَّة في البرِّية أولاداً لإِبْرَاهِيْم، إن لم تتوبوا توبةً نصوحاً؟ هل تكرم الله؟ هل تتَّكل على ربِّ المجد وتثق به بدلاً مِن التَّشاؤم واليأس مِن أخلاقك المريضة ومِن كنيستك الفاترة؟ إنَّه يُنعم عليك أيُّها الفاشل، ويستخدمك في نقل سلطان حياته إلى الكثيرين. ثِقْ أنَّ إله إِبْرَاهِيْم وربَّ بُوْلُس هو هو أمساً واليوم وإِلَى الأَبَدِ، وهو ينتظر إيمانك، لأنَّ هذه هي الغلبة الَّتي تغلب العالم إيماننا. فلا تنمّ ولا تيأسْ، إن طال صراع إيمانك سنواتٍ وعشرات السِّنين، كما حدث في حياة إِبْرَاهِيْم، ريثما نضجت فيه أخيراً ثمرةٌ واحدةٌ صغيرةٌ هي إسحق الوديع. فإِبْرَاهِيْم هذا قد قوَّاه الله في روحه، وجعله أبا الأنبياء. إنَّ ربَّك حيٌّ، وهو يُريد أن يُبرِّرك بإيمانك. فارفع قلبك، وقوِّم يديك المسترخيتين، وركبتيك المخلَّعتَين، لأنَّ الرَّبّ حيٌّ، وهو يسبقك في جهادك الرُّوْحِيّ.