Skip to content

Commentaries
Arabic
غلاطية
  
التَّمهيد للرِّسالة إلى أهلِ غَلاَطِيَّة



كانت غَلاَطِيَّة كورةً ومحافظةً رومانيَّةً في أَسِيَّا الصُّغرى. وقد أُطلق عليها هذا الاسم نسبةً إلى القبائل الغَلاَطِيَّة الَّتي استوطنتها سنة 250 ق.م. وزارها بُوْلُس الرَّسُوْل خلال سفراته التَّبْشِيْرِِيّة الفعَّالة.



ولكن بعد زياراته قَدِمَ مسيحيُّون، مِن أصل يهوديٍّ، مِن أورشليم وفسَّروا ناموس موسى لأهل غَلاَطِيَّة بطرق قديمة، محاولين إخضاعهم لفريضة الختان، كضرورة لتثبيتهم في عهد الله، ووضعوا في أذهانهم أنَّ بُوْلُس هو مجرَّد تلميذٍ للرُّسل، وليس رسولاً للمسيح، لأنَّه لم يُعاين الرَّبّ يسوع أثناء حياته على الأرض.



ولكنَّ الغَلاَطِيِّيْنَ لم يُمارسوا الختان فوراً، بل ابتدأوا يحفظون أعياد اليهود. فكتب بُوْلُس الرَّسُوْل لهذه الطَّوائف، ربَّما في نهاية سفرته التَّبْشِيْرِِيّة الثَّالثة أو قَبلها، هذه الرِّسَالَة المُلتهِبَة غيرةً ومحبَّةً، فأثبت فيها أوَّلاً (في الأَصْحَاحين الأوَّل والثَّاني) استقلاله التَّام عن الرُّسُل الأصليِّين الَّذين التقاهم بعد مدَّةٍ طويلةٍ مِن لقائه المسيح على طريق دمشق، وتصرَّف أمامهم بكلِّ حرِّيةٍ ويقينٍ، حتَّى إنَّه عارض آراءهم بخصوص نَيْل الخلاص بواسطة حفظ النَّاموس (شريعة موسى).



ودافع ثانياً (في الأَصْحَاحين الثَّالث والرَّابع) عن تعاليمه مُبرهناً لهم عظمة التَّبرير المجَّاني بالإيمان، باعتباره السَّبيل الوحيد لتحرير المَسِيْحِيّة مِن ناموس الحَرْف.



بَعْدَئِذٍ ابتدأ رسول الأمم يَعِظُ بشدَّةٍ (في الأَصْحَاحين الخامس والسَّادس)، مُحذِّراً مِن استعمال الحرِّية بطريقة خاطئة، وحاضّاً المؤمنين على ممارستها في سبيل المحبَّة الأخويَّة، بإطاعة الرُّوْح القُدُس.



إنَّ موضوع الرِّسَالَة إلى أهل غَلاَطِيَّة هو البِرُّ الإلهيُّ المَوهوب لنا بالنِّعْمَة، وهو نفسه موضوع الرِّسَالَة إلى أهل رُوْمِيَة. أمَّا الفَرق بين الرِّسالتَين فهو أنَّ الرَّسُوْل ساعد كنيسة رُوْمِيَة على النُّموّ في بِرِّ الإيمان، بينما حاول أن يُعِيْد الغَلاَطِيِّيْنَ إلى هذا المبدأ، لأنَّهم أضحَوا على شفير الارتداد عن النِّعْمَة، متمسِّكين بتقديسهم الخاص المَبني على أَعْمَالهم الذَّاتية النَّاموسيَّة (شريعة موسى).



كانت هاتان الرِّسالتان ، في عهد الإصلاح، أهمَّ نصوص الكِتَاب المُقَدَّس عند المؤمنين، حتَّى إنَّ "لوثر" قال في كتاباته: "إنَّ الرِّسَالَة إلى أهل غَلاَطِيَّة هي رسالةٌ محبوبةٌ اقترنتُ بها مثلما اقترنتُ بزوجتي الموَقَّرَة". وقد فسَّر "لوثر" هذه الرِّسَالَة مرَّتين حرفاً حرفاً. وصارت هذه الرِّسَالَة على مرّ القرون منبعاً للانتعاش والقوَّة، فحرَّرَت قلوب كثيرين مِن نِيْر التَّديُّن الأعمى في حِفظ النَّاموس (شريعة موسى) كسببٍ للبِرِّ الباطل. وفي الوقت نفسه يختم الرَّسُوْل بُوْلُس أفكارنا وإيماننا بهذه الرِّسَالَة، لنثبت بفرحٍ في حرِّية المسيح، خاضعين لمحبَّته العُظمَى.


السُّؤَال
أين تقع الكنائس الغَلاَطِيَّة؟
السُّؤَال
ما هي الضَّلالة الَّتي تسرَّبَت إلى هذه الكنائس؟
السُّؤَال
ما هي الأقسام الثَّلاثة لهذه الرِّسَالَة؟