Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
16:25وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلا يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللّهَ، وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا26فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حتّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ السِّجْنِ، فَانْفَتَحَتْ فِي الْحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا، وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ27وَلَمَّا اسْتَيْقَظَ حَافِظُ السِّجْنِ، وَرَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَةً، اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، ظَانّاً أَنَّ الْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا28فَنَادَى بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: "لا تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيّاً، لأَنَّ جَمِيعَنَا ههُنَا".


لم يسترح الرسولان بعد عذابهما، وتشقّق ظهريهما الداميين في أحد المستشفيات تحت إشراف علاج راهبات لطيفات، بل كانا مقيّدين بالمقطرة والسّلاسل، جالسين في العراء على الصخور، والظلمة مخيّمة ورابضة عليهما. ولكنّهما لم يشتما ولم ينوحا. بل رتّلا معاً؛ فالصّلاة بصوت خفيف لم تكفهما، لأنّ قلبهما امتلأ شكراً وحمداً لانتصار المسيح، بعد المنع الطويل مِن الرّوح القدس في آسيا الصغرى. لقد أشرقت أصباح غلبة المسيح في أوروبا، فعلى الظلمة أن تسمع اسم المُقام مِن بين الأموات، ولا حائل مطلقاً دون حلول ملكوت الله وانتشاره في الأرض. فرتل المعذّبان بصوت عال حتّى سمعهما السُّجناء الآخرون.
وكان منتصف الليل، لمّا بلغت ترانيم الحمد عنان السّماء. وهذا الخبر في أعمال الرسل كان رمزاً معزيّاً لكثير مِن المعذّبين والمضطهدين في تاريخ الكنيسة، إذ ارتفع حمدهما في منتصف وخلال الغَسَق. عندئذ جاوبهما الله فجأة، ليس بظهور ملاك ولا بكلمات وحيّ، بل بزعزعة زلزال. فبان لهما لأوَّل وهلة كأنّما الشيطان يزيد في تعذيبهما، وسقطت حجارة وأتربة مِن السّقف عليهما. ولكن بعد قليل انفتحت كلّ أبواب السجن بقوّة، وسقطت عنهما كلّ سلاسلهما المعذّبة. ومع ذلك لم يهرب بولس مستغنماً الفرصة مع السجناء الأُخر الّذين كانوا مضطربين في أعماق قلوبهم مِن الترتيل، وجواب الله عليه بالزلزلة، حتّى ما تجرأوا على الحراك، وربّما خافوا مِن دينونة الله على خطاياهم الظاهرة.
لكنّ رئيس السجن انتفض مِن فراشه، ورأى أبواب السجن مفتوحة، ظانّاً أنّ السجناء كُلَّهم قد فرّوا. فخاف مِن عار هربهم مِن يده، ومما ينتظره مِن محاكمة وعذاب أليم، وقتل له، واستعباد لعائلته، وهكذا مشحوناً بهذه المخاوف والتصوّرات استلّ سيفه مزمعاً أن يخرق صدره به.
ورأى بولس مدير السجن المزمع على الانتحار وسيفه بيده، فصرخ به: قف! لا تقتل نفسك! لا تخف، لم يهرب أحد. السُّجناءُ كلُّهم موجودون هنا. فالمحبّة في صوت بولس وتعزيته بهذا الكلام الرقيق كان عكس ما اعتاده هذا الضابط مِن شتائم السُّجناء ولعناتهم ووحشيتهم وصراخهم. وكان إذا أُتيحت للسجناء فرصة، مزّقوا حرّاسهم وانطلقوا هاربين. لكن الآن يا للغرابة! أبواب السجن مفتوحة، ومع ذلك ها هم السُّجناء لا يهجمون عليه كالوحوش، بل إِنَّ أحدهم، وهو بولس، يناديه بكلّ كلام لطيف، حتّى لا يضرّ بنفسه ويوردها الحتف. فصدم هذا الكلام عقل الحارس وفاق تصوره، فاستغربه جداً، لأنّ عدوّه أحبه وخلّصه مِن الانتحار، فصار يفتح عينيه ويحملق محاولاً تجميع أفكاره وكأنّه كان في حلم عميق.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع الحيّ، دعنا نسمع صوتك اللطيف إن سقطنا في اليأس والحيرة. علّمنا أن نسمع كلمات محبّتك إن زال رجاؤنا. واجذبنا إلى تعزيتك لكي نعيش في قوّتك ولا نموت أبداً.
السُّؤَال
لماذا رتّل السجينان المعذّبان ترانيم الحمد في غسق الليل؟