Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
2 - قبول بولس التطهير حسب الناموس (الشريعة)
(21: 20 - 26)
وَقَالُوا لَهُ: "أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ (للشريعة) 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الأُمَمِ الارْتِدَادَ عَنْ مُوسَى، قَائِلاً أَنْ لا يَخْتِنُوا أَوْلادَهُمْ وَلا يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لا بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ، لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ23فَافْعَلْ هذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ24خُذْ هؤُلاءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ، فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ، بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ(للشريعة)25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الأُمَمِ، فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لا يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذلِكَ، سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ، وَمِنَ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالّزِنَا"26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ، وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ، مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ، إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.


لم يَصْفُ فرح القلوب الممتلئة بالسرور في الكنيسة المقدّسة، لأنّ الهموم حول الناموس (الشريعة) قيّدتهم. صحيحٌ أنّهم سمّوا بولس أخاً في المسيح، واعتبروه ابناً لله الآب، ولكنهم فكّروا في الوقت نفسه بألوف المسيحيين الّذين هم مِن أصل يهوديّ، ولا يزالون يهوداً ومسيحيين في الوقت نفسه، ولم يتقدّموا إلى الحرية مِن الناموس، (الشريعة) وبقوا مرتبطين بحرفية الوحي في العهد القديم، غير مدركين عظمة الإلهام مِن الرّوح القدس في العهد الجديد؛ علماً أن أورشليم كانت تسيطر عليها في تلك الأيام العناصر الثوريّة الوطنيّة المتطرفة، الّّتي تمخّضت عن ثورة لاهبة سنة 70 ب م وكان مِن نتائجها تهديم المدينة المقدّسة والهيكل العظيم. وبعد لقاء بولس ويعقوب بقليل مِن الزمن، رجم هؤلاء الثوّار المتعصّبون أخا المسيح حتّى الموت. فقد كان يعقوب يشعر مسبقاً بالخطورة، وما ستؤول إليه الأحداث. وهذا يبيّن لنا سبب طلبه مِن بولس التَّقيُّد بالناموس (الشريعة) في محاولة منه لتخليصه مِن الشبهة والاعتداء.
ولمّا كان بولس في آسيا الصغرى واليونان قبل ذلك بسنوات طويلة، كانت تتسرب أخبار وروايات غير صادقة، أنّ بولس يحرّض اليهود المهاجرين على الارتداد عن العهد الإلهي وعدم ختن أبنائهم. وذلك كذب وهراء، لأنّ بولس قد ختن بيده تيموثاوس لإرضاء اليهود. وعلم يعقوب والشيوخ في القدس أنّ الحكايات عن بولس تحمل اتّهامات مبالغاً فيها، فلم يصدّقوها. إنّما علموا أيضاً أنّ كثيرين مِن المسيحيين اليهود لم يفهموا المغزى الحقيقي للمواضيع الّّتي تطرّق بولس إليها، وكتبها في رسائله الشهيرة فاضطربت الكنيسة في أورشليم (رومية 5: 20 - و7: 6 وغلاطية 5: 4). فهؤلاء المؤمنون لم يدركوا الحرية الرّوحيّة مِن الناموس.(الشريعة) واعتبروا أعمال الناموس (الشريعة) أعظم مِن البرّ الصادر مِن الإيمان، ولم يستيقنوا أنّ برّ المسيح يسبّب أعمال المحبّة.
لم يطلب يعقوب في هذا الاجتماع بحثاً لهذه المبادئ لأنّها حُلَّتْ في مؤتمر الرسل المذكور في الأصحاح 15 نهائيّاً. فأثبت مقدام الكنيسة يعقوب أمام ممثلي كنائس الأمم، أنّهم أحرار مِن الناموس (الشريعة) ما عدا بعض أحكام المحبّة، الّّتي ينبغي أن يخضعوا لها لدوام الشركة بين المؤمنين اليهود والأمم. فبقي البرّ بالنّعمة غير مزعزع وثبت أساساً للكنيسة، وما زال حتّى اليوم لبّ الإنجيل وسرّه العميق. ولكنّ يعقوب وجّه لبولس الطلب أن يشهد أمام المؤمنين بالمسيح مِن اليهود إنّه لا يزال برغم الاتّهامات المتعدّدة يهوديّاً أصليّاً كاملاً، ويحفظ أحكام الناموس (الشريعة) لنفسه ولم يرفض الناموس، (الشريعة) وذلك لأجل محبّته لشعبه والعهد مع الله. إنّما غلب الرسول داخليّاً الفهم التقليدي للشريعة، ولم يكن بحاجة إليها لتبريره وتقديسه، إذ الخلاص كلّه هبة مِن الله. ولكنّه خضع للناموس (للشريعة) ليربح اليهود للمسيح حسب قوله، إنّه صار لليهود كيهوديّ وللأمم كأمميّ ليربح هؤلاء وأولئك لربّه العظيم. مع العلم أن بولس كتب في رسالته إلى رومية بكلّ وضوح أنّ الناموس (الشريعة) في ذاته صالحٌ ومقدَّس، ولكنَّ النّاسَ خُطاةٌ وغيرُ قادرين أن يحفظوه بقدرتهم الخاصّة (رومية 3: 31 و7: 12).
فوافق بولس على اقتراح يعقوب أن يقصّوا شعره كتائب، ويتطهّر سبعة أيام بلياليها للسجود لربّه، وهذا الاستعداد يتضمن الرشّ بماء التقديس في اليومين الثالث والسابع.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع، لقد كنتَ عضواً في العهد القديم، وحفظتَ الشَّريعة الموسوية وأكملتَها، ومنحتَنا العهدَ الجديدَ بحرّيته وقوّته ومحبّته. فنشكرك لأجل نعمتك، ونطلب إليك لأجل المتديّنين أَن تُحرِّرهم مِن روح التعصّب، وتثبّتهم في لطف برّك المتين.
السُّؤَال
لِم طلب يعقوب مِن بولس التطهير للسجود في الهيكل؟