Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
11 - مِن صور إلى قيصرية
(21: 7 - 14)
21:7وَلَمَّا أَكْمَلْنَا السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْ صُورَ، أَقْبَلْنَا إِلَى بُتُولِمَايِسَ، فَسَلَّمْنَا عَلَى الإِخْوَةِ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُمْ يَوْماً وَاحِداً8ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِداً مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ9وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ10وَبَيْنَمَا نَحْنُ مُقِيمُونَ أَيَّاماً كَثِيرَةً، انْحَدَرَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَغَابُوسُ11فَجَاءَ إِلَيْنَا، وَأَخَذَ مِنْطَقَةَ بُولُسَ، وَرَبَطَ يَدَيْ نَفْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ:"هذَا يَقُولُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ هذِهِ الْمِنْطَقَةُ هكَذَا سَيَرْبُطُهُ الْيَهُودُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي الأُمَمِ"12فَلَمَّا سَمِعْنَا هذَا طَلَبْنَا إِلَيْهِ نَحْنُ وَالَّذِينَ مِنَ الْمَكَانِ أَنْ لا يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ13فَأَجَابَ بُولُسُ:"مَاذَا تَفْعَلُونَ؟ تَبْكُونَ وَتَكْسِرُونَ قَلْبِي لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضاً فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ"14وَلَمَّا لَمْ يُقْنَعْ سَكَتْنَا قَائِلِينَ: "لِتَكُنْ مَشِيئَةُ الرَّبِّ".


سافر بولس بسفينة أخرى إلى الجنوب، وتوقّف يوماً في عكّا وسلّم على الإخوة المؤمنين هناك، ثم أكمل طريقه إلى العاصمة الرومانيّة في فلسطين (قيصرية) حيث سكب الرّبّ روحه القدّوس لأوّل مرّة على عدد كبير مِن الأمم. وللعجب فإنّنا لا نقرأ شيئاً عن هذه الكنيسة مِن الأمم، ربّما لأنّهم انتقلوا إلى مدن أخرى، لأنّ تلك المدينة كانت مركزاً رومانيّاً يخدم فيها الموظفون لمدّة وجيزة، ثم تنقلهم الحكومة إلى مناطق أخرى حسب نظامها.
وكان يسكن قيصريةَ المبشِّرُ النشيط فيلبس، أحد الشمامسة السبعة، الّذي كان عليه سابقاً بعد رجم زميله استفانوس أن يهرب مِن شاول الغيور، حتّى لا يموت أيضاً. وها هو بولس الآن داخل بيته ضيفاً معزّزاً، فالعدوّ صار بواسطة محبّة الله أخاً في المسيح. تصوّر كيف شكر هؤلاء الإخوة معاً المسيح لنعمته! وكيف أنّ لوقا استخبر مِن هذا الشاهد عن الحوادث التاريخيّة حول بداية الكنيسة، لأجل تأليف سِفره - أعمال الرسل-! وكان فيلبس موافقاً تماماً على تبشير الأمم، لأنّه قد عَمّد قبل كلّ الرسل وزير كنداكة الحبشي، وقد استخدمه المسيح لنشر ملكوته في أماكن عدة. فسكن بولس في بيت فيلبس أياماً كثيرة بانسجام روحي وفرح عظيم.
وكان المبشّر الشهير متزوّجاً، لأنّ الزواج ليس عاراً بل هبة مِن الرّبّ. وكانت بناته الأربع مؤمنات، ممتلئات بروح النبوّة الحقّة؛ فتكلّمن في الكنيسة، لأنّ الرّوح القدس أعلن بواسطتهم مشيئة الله بسلطان ووضوح، فبركة الآب خيّمت على بيته بأكمله.
ودخل إلى فرح هذه الكنيسة نبيٌّ مِن أورشليم، الّذي ذكر لوقا اسمه سابقاً في الأصحاح 11: 28 ألا وهو أغابوس. فأتى هذا مِن الكنيسة القويّة في القدس، لأنّ روح الرّبّ كان قد أعلن له مسبقاً أنَّ بولسَ آتٍ في السَّفينة بحراً ومتقدّمٌ نحو أورشليم. فحذّر الرسول ليبعده على طريق آلامه، ووضَّح النّبي توضيحاً تامّاً أنّ اليهود سيربطون بولس ، ويحكمون عليه بالقصاص المميت، كما فعلوا بيسوع؛ وسيسلمونه إلى أيدي الأمم، عاراً وتنكيلاً. وقد أنبأ المسيح آنذاك بطريق آلامه بنفسه، لأنّه خاتم الأنبياء. أمَّا بولس فقد تنبّأ له أعضاء الكنائس، لأنّ روح النبوّة صار منتشراً مِن المسيح في كثير مِن المؤمنين.
ولمّا ظهر إعلان الله عن مصير بولس، أمام أعين الكنيسة القيصرية، عمل الإخوة نفس ما عمله سابقاً بطرس، لمّا حاول منع ربّه مِن التَّوجُّه إلى الصَّليب، ولكنَّ بولس علم كالأنبياء الآخرين مشيئةَ ربّه فوافق عليها، وانفصل اختياريّاً مِن خدمته التبشيريّة في العالم، مستعدّاً للتمثّل بربّه في الآلام، وفضّل ترك الكنائس على أن يخطئ غاية ربّه. ولكنَّ قلبه انكسر وبكى مع الباكين، واستمرّ عزمه ثابتاً، بالرغم مِن ذلك، لأنّه أراد تمجيد ربّه يسوع بإطاعة الإيمان.
وبهذه المناسبة، نطق بولس بعقيدة الكنيسة الأولى قائلاً: إِنَّ الإنسان يسوع هو الرّبّ. ففي هذين الاسمين نجد ملء اللاَّهوت جسديّاً مستتراً في النّاسوت بصورة متواضعة. وربّ المجد قد غلب بولس، فعبده هذا طيلة حياته، وأراد اتباعه إلى آخر لحظة، مستعدّاً للمضي إلى مصير حمل الله، فثبت في كلّ التجارب المتلاطمة حوله، حتّى أدرك جميع أعضاء الكنيسة أنّ بولس لا يخضع للميول البشريَّة، بل يتمّم مشيئة الرّبّ في الصميم. وهذا اليقين هو الشعار لكلّ الحوادث التالية.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع، نشكرك لأنّك أنت الإله الحقّ والإنسان الحقّ. قد فديتنا مِن الموت والخوف والجبانة، وقوَّيتنا وتُقوِّينا في طريقنا الأخير، لنذهب مطمئنين إلى أشداق الضِّيقِ والعذابِ والشَّهادة لتمجيدِ اسمِك.
السُّؤَال
لِم لم يرهب بولس التألّم في أورشليم؟