Skip to content

Commentaries
Arabic
غلاطية
  
7- بُوْلُس يفتخر بالصَّلِيْب وحده
(غلاطية 6: 15- 18)
6:15لأَِنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.16فَكُلُّ الَّذينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هَذَا الْقَانُونِ عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ وَعَلَى إِسْرَائِيلِ اللهِ.17فِي مَا بَعْدُ لاَ يَجْلُبْ أَحَدٌ عَلَيَّ أَتْعَابًا لأَِنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ.18نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَة. آمِينَ


كأنَّما الرَّسُوْل قد بوَّق ببوق الانتصار في العالم، مُعلناً أنَّ الخليقة الجديدة قد ابتدأت منذ صعود المسيح، لأنَّ الخليقة القديمة، بأديانها وطقوسها ونواميسها، كانت غير كافية، ومحكوماً عليها، ومرفوضةً. لقد أوجد بِرُّ المسيح مِن الصَّلِيْب الإمكانية لخلقٍ جديدٍ. فتمَّ انتصار الله على الخطيئة، وحلَّت حياته الأَبَدِيَّة في الجسد المتبرِّر جوهراً للخليقة الجديدة.
فشكراً للمسيح يسوع مِن أعماق قلوبنا لأجل نعمته الفائقة الوَصْف، لأنَّ الرُّوْح القُدُس يحلُّ فينا؛ وقد حصلنا لأجل دمه على الحَيَاة الأَبَدِيَّة. يُخطئ ويخدع نفسه كلُّ مَن يظنّ أنَّ الختان، وأنظمة الطعام، والوضوءات تستطيع أن تُقدِّس الإنسان، فكلُّ مَن يسعى إلى تقديس نفسه بمثل هذه الممارسات يُشبه نوتيّاً يُحاول إصلاح سفينته الغارقة؛ لأنَّنا قد دخَلْنا سفينةً جديدةً، وانتقَلْنا إلى المسيح الَّذي هو قُوَّتُنا ومستقبلنا وفرحنا. ومَن يسكن في كنف قانون المسيح، يعِش في سلامٍ وطمأنينة.
هل أتانا بُوْلُس بناموسٍ جديدٍ حين أخبرنا بقانون المسيح؟ كلاَّ، بل إنَّه حدَّد إِنْجِيْله كرحاب النِّعْمَة تجاه دار الحكم النَّاموسيّ (شريعة موسى). فمَن يدخل حقَّ الرَّحمة يختبر أنَّ قانون المسيح يعني ضماناً وسلاماً مِن الله. فطوبى لِمَن يَقبل رحمة الله المتجسِّدة في المسيح. يتحدَّث كثيرون عن الرَّحمان الرَّحيم دون أن يعرفوه. أمَّا نحن فنعرفه، واسمه يسوع المسيح. حتَّى الأفراد اليهود الَّذين يتحرَّرون مِن النَّاموس (شريعة موسى) القديم، ويَدخلون العهد الجديد، يشتركون في نعمة الرَّحمة. إنَّ بِرَّ الله أعظم مِن عقولنا، ومحبَّته لا تسقط أبداً.
وصف بُوْلُس نفسه بأنَّه حاملٌ في جسده آلام المسيح، وأنَّه تعذَّب كثيراً لأجل ربِّه. فهو لم يُبشِّر بالإِنْجِيْل بكلماتٍ رنَّانةٍ، بل احتمل نتائج تبشيره مِن اضطهاداتٍ وآلامٍ صابراً. لم يتقهقر أمام المصاعب، بل تقدَّم إلى السُّلطات الشِّريرة، وواجهها، وشهد للحقِّ بكلِّ جرأةٍ. وطلب من كنيسته ألاَّ تُتعبه بالارتداد إلى قيود النَّاموس (شريعة موسى)، بل أن تظلَّ ثابتةً بالنِّعْمَة.
بهذه الكلمة العظيمة "النِّعْمَة" ختم الرَّسُوْل رسالته القويَّة، فطلب إلى الله أن يُحِلَّ ملء مواهبه في أهل كنيسة غَلاَطِيَّة. ولم يتوانَ الرُّوْح القُدُس في عمله، بل حلَّ بكلِّ مواهبه وحكمته فيهم. إنَّ مَن يبني حياته وخططه على عقله وذهنه، أو يتَّكل على برنامج حزبيّ، أو تنظيم مدني، أو فلسفة ما، هو إنسانٌ محدودٌ ودنيويٌّ؛ أمَّا مَن يَثبت في تنوير وهدى الرُّوْح القُدُس فهو يختبر قوَّته السَّرمدية، ويرى أَعْمَال الله الأَبَدِيَّة. فالرَّبّ يشاء أن يملأك بروحه، ويُنميك في نعمته، فهل فتحتَ قلبك كلِّياً لمشيئته الخلاصيَّة؟ هل ستكون رسول نعمة الله لجميع النَّاس؟ عِنْدَئِذٍ تكون من إخوتنا في الرُّوح، لأنَّ الله قد ولدَنا أولاداً له، لنُبشِّر بفضائله المقدَّسة قولاً وفعلاً وترنيماً. فانضمّ إلينا في حمد الآب والابن والرُّوْح القُدُس، لأنَّ منه وحده تأتي النِّعْمَة كلُّها إلينا نحن غير المُستحِقِّين، لأنَّنا بواسطة الإيمان حصلنا على بِرِّ الله الكامل. هذا حَقٌّ ويقينٌ. آمين.

الصَّلَاة
نسجد لك أيُّها الآب والابن والرُّوْح القُدُس، ونحمدك بابتهاجٍ لأنَّك لم تحكم علينا بالهلاك، ولم تَرفضنا حسب خطايانا، بل رحمتنا، وأحييتنا بموت ربِّنا يسوع المسيح، وأرسَلتَنا لخدمة الأموات في الذُّنوب والآثام. علِّمْنا أن نُبَشِّر إِنْجِيْل النِّعْمَة بسلطانٍ وحكمةٍ كي يولَدَ لك أولادٌ كقطر النَّدى في إشراق الفجر. ثَبِّتْنا في ملء نعمتك كي تُصبح حياتنا حمداً وشُكراً لمحبَّتك.
السُّؤَال
لماذا سمَّى بُوْلُس الغَلاَطِيِّيْنَ إخوةً؟ ولماذا ختم رسالته بكلمة "النِّعْمَة"؟