Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
6:13فَإِنَّهُ لَمَّا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْظَمُ يُقْسِمُ بِهِ أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ14قَائِلاً إِنِّي َلأُبَارِكَنَّكَ بَرَكَةً وَأُكَثِّرَنَّكَ تَكْثِيرًا.15وَهَكَذَا إِذْ تَأَنَّى نَالَ الْمَوْعِدَ.16فَإِنَّ النَّاسَ يُقْسِمُونَ بِالأَعْظَمِ وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَِجْلِ التَّثْبِيتِ هِيَ الْقَسَمُ.17فَلِذَلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيرًا لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُُّرِ قَضَائِهِ تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ18حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ التَّغَيُّرِ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا19الَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ الْحِجَابِ20حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَِجْلِنَا صَائِرًا عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِيْ صَادَقَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَِى الأَبَدِ


يُشجِّع كَاتِب الرِّسَالَةِ القُرَّاء على الإيمان في الرَّجاء والثَّبات في الصَّبر بِوَاسِطَةِ وصف أمانة الله تجاه إبراهيم. فقد اختار الأزليُّ الإنسانَ الفاني، ووعده أن يُقيم مِن نسله شعباً كبيراً. وكان لهذه العبارة وقعٌ حسنٌ عند إبراهيم عَلَى الرَّغْمِ مِن أنَّه لم يُرزَق بأولادٍ لأنَّ امرأته كانت عاقراً. فكان الإيمان بنسله الكثير الموعود به صعباً. وقد حاول إبراهيم أن يساعد نفسه بنفسه، فأنجب إسماعيل مِن الجارية المصريَّة، ولكنَّ الله عاقبه بصمتٍ طويلٍ. وعندما بلغ إسماعيل الثَّالثة عشرة مِن عمره، أتى الرَّب مرَّةً أُخرى إلى إبراهيم، وأثبت له أمانة وعده، وبشَّره بابن الوعد الكريم. وعِنْدَئِذٍ ضحكت زوجة إبراهيم لأنَّها كانت عجوزاً. وكان إبراهيم آنَئِذٍ شيخاً تجاوز التِّسعين عاماً، فقضى حياته الطَّويلة منتظراً إتمام الوعد، حتَّى نظر الله إلى صبر إيمانه، وبارك تسليمه بالرَّجاء فيه، وأتمَّ الوعد بمولد إسحق باكورةً للشَّعب المنحدر منه (تكوين 25: 12).
وبعد ولادة إسحق، امتحن الله إبراهيم، وطلب منه أن يُقدِّم إسحق ذبيحةً. وكان هذا الطَّلب ضربةً هائلةً لعاطفة الشَّيخ الكبير، وتجربةً قاسيةً لإيمانه بأمانة الله وصِدقه. فتساءل كيف يُحقِّق القدير وعده بأن يُقيم مِن إسحق شعباً كبيراً، وهو يطلب الآن ذبحه. لكنَّ إبراهيم استمرَّ مؤمناً بالله ووعده؛ فأطاع كلمته، واستعدَّ لذبح ابنه الحبيب. وعندما رأى الله هذا الإيمان، أقسم أن يُتِمَّ وعدَه إِلَِى الأَبَدِ مهما كلَّف الأمر، وأن يجعل إبراهيم أباً لشعوبٍ كثيرةٍ.
سمَّى بولسُ إبراهيمَ وارث العالم وأباً لجميعنا (رُوْمِيَة 4). وشهد المسيح أنَّ إبراهيم عائشٌ اليوم في السَّماوات، وأنَّه رأى تجسُّده مِن بعيدٍ وفرح لأنَّ هذا الوعد الإلهيَّ قد تحقَّق في المسيح بعد انتظارٍ طويلٍ دام قروناً. فيسوع هو نسل إبراهيم، وبه يتبارك جميع البشر.
أبرز كَاتِب الرِّسَالَةِ مِن كفاح إيمان إبراهيم أمرَين هامَّين: أوَّلهما وعد الله، وثانيهما قَسَمُه. وهذان هما أساس إيماننا ومرساة رجائنا. ويُعتبَر القسَم، حتَّى عند غير المؤمنين، أمراً لاَ بُدَّ مِن تصديقه، كأنَّ الحالف يقول بقسَمة إنَّ الله سيبيده حالاً إن لم تكن كلُّ كلمةٍ منه صادقةً مائةً بالمائة.
ولا شكَّ أنَّ الله لا يكذب، كما إنَّه لا يحتاج إلى قسَمٍ لتصديق قوله. ولكنْ لتقوية ضعف إيماننا، ولأجل شدَّة التَّجارب علينا، تواضع الله وكفل بنفسه أن يُتمِّم ما وعد به. والقسَم والوعد هما الشَّهادتان اللاَّزمتان حسب القانون اليهودي لتثبيت الحقِّ أمام المحكمة. فالله يقبل ضعف نظرنا، ويتنازل إلى مستوانا، حتَّى إنَّه يحلف ليُقوِّي إيماننا ويُوطِّد رجاءنا، فلا نتزعزع بانتظار إتمام وعوده.
وهكذا نكتسب مِن قسمَ الله التَّعزية الكبرى أنَّه يُضاعف خدمتنا المتواضعة باسم يسوع، ويُقيم الرُّوْح القُدُس لنا بِوَاسِطَةِ شهادة إيماننا نسلاً كثيراً مِن المؤمنين، فنؤمن بمجيء المَلَكُوْت الإلهي تدريجيّاً في عصرنا، ونتمسَّك أيضاً بالوعد الكامل بأنَّ الرَّب نفسه سيأتي في المجد ويبني مَلَكُوْته على أرضنا الفاسدة. وإنَّنا نعتبر صليبه وقيامته شاهدَين على صدق مجيئه، كما إنَّ قسَم الله الذي أقسمه لإبراهيم يقودنا إلى الإيمان بأنَّ رئيس خلاصنا آتٍ عن قريبٍ.
ويُشبه هذا الرَّجاءُ مرساةً قويَّةً تُثبِّت سفينة الكنيسة وسط بحر عصرنا الهائج. وإيماننا هو الحبل الذي يربط مرساة الرَّجاء بقلوبنا. فانتبه ألاَّ ينقطع هذا الحبل، لأنَّ الرَّجاء هو الذي يُريحنا ويربطنا بدعوتنا الإلهيَّة.
ويُكمل الوَاعِظ شرحه لصورة المرساة بمَثَلٍ جديدٍ قائلاً: "إنَّ رجاءنا هو مرساة نفوسنا التي تنشب وتنغرز في عرش المسيح في قدس الأقداس الذي كان سابقاً منفصلاً بحجابٍ كثيفٍ عن جميع المخلوقات. ولكنَّ المسيح اجتاز الحاجز فيما بين الدُّنيا والآخِرة. وهو يعيش اليوم في حضور الله كاهناً عظيماً مصالحاً أتباعه مع القُدُّوْس."
"والمسيح هو المتقدِّم على الكهنة الكثيرين المشتركين في امتيازه، والمتقدِّمين إلى الله بِوَاسِطَةِ خدمته. فهم يجدون الخلاص ويتجدَّدون، ويصيرون مُصلِّين مُبتَهلين لأمَّتهم، راجعين إلى أصدقائهم وكنائسهم بالبركة الإلهيَّة."
بهذه الكلمات ينتهي التَّحذير الطَّويل الذي يُحرِّك القلوب ويُعدُّ المستمعين للموضوع الجديد عن الكمال الذي في يسوع رئيس الكهنة، والذي ليس مِن أرومة هرون ورتبته، بل مِن رتبة الكاهن الملوكيِّ "مَلْكِيْ صَادَق" الكاهن الكامل أمام الله.
إنَّ المسيح هو رجاؤنا الوحيد، ومرساة نفوسنا في الله، وبدونه نيأس. ولكنَّ وجوده في السَّماء قوَّةٌ لرجائنا. وهو سيأتي قريباً لأنَّ كاهنٌ شفيعٌ.

الصَّلَاة
أيُّها الإله القُدُّوْس، يا أبانا، نَشْكُرُكَ لأجل يسوع المسيح ابنك. نَشْكُرُكَ لأنَّك لم ترفضنا لأجل آثامنا، بل قبِلْتنا كلَّ القبول، وجعلتَنا أولاداً وكهنةً لك. نَشْكُرُكَ لأنَّك تُضاعف خدمتنا الجميلة، وتلد أولاداً كثيرين لنعمتك في أُمَّتنا. أمَّا نحن فنترقَّب إتمام الوعد، وهو مجيء يسوع ظاهراً، ليعمَّ مَلَكُوْت مجدك على أرضنا المسكينة.
السُّؤَال
لماذا أقسم الله لإبراهيم قسَماً، وماذا يعني هذا القسَم لنا؟