Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
1:43فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوع أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ. فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ اتْبَعْنِي.44وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُس.45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيْل وَقَالَ لَهُ وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوع ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَة.46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيْل أَمِنَ النَّاصِرَة يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ. قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ تَعَالَ وَانْظُرْ.


قرأنا في الآيات السَّابقة عن أحداث أربعة أيَّامٍ متعاقبة. ففي اليوم الأوَّل جاء وفدٌ مِن أورشليم، وفي الثَّانِي أعلن يُوْحَنَّا يَسُوع حملاً لله، وفي الثَّالِث جمع يَسُوع أربعة تلاميذ، وفي اليوم الرَّابِع دعا فِيلُبُّسَ ونَثَنَائِيْل إلى حلقة التَّلاَمِيْذ.
لم يتقدَّم فِيلُبُّسُ إلى المَسِيْح مِن تِلقاء نفسه، بل يَسُوع هو الَّذي طلبه. فربُّنا يقود كلَّ إنسانٍ بطريقةٍ شخصيَّةٍ إلى الإيمان الحيِّ. لا شكَّ أنَّ فِيلُبُّسَ كان قد سمع قبلاً مِن المَعْمَدَان أنَّ يَسُوع بينهم. فتعجَّب عندما أشار المَعْمَدَان إلى يَسُوع قائلاً: "هوذا حَمَل الله"، ولم يجرؤ فِيلُبُّسُ على الاقتراب مِن يَسُوع. تمنَّى أن يعرف الرَّبّ، ولكنَّه اعتبر نفسه غير مستحقٍّ الشَّركة مع الإله. فتقدَّم يَسُوع إليه، وأزال عنه مخاوفه، وأمره أن ينهض ويتبعه.
كان ليَسُوع الحقّ أن يختار أناساً لنفسه، لأنَّه خلقهم وأحبَّهم وفداهم. فلَسنا نحن مَن نختار أن نقبله، بل هو يرانا أوَّلاً. هو بحث عنَّا، ووجدَنا، ويدعونا إلى خدمته.
لا اتِّباع بدون دعوة، ولا خدمة نافعة بدون أمر مِن المَسِيْح. فكلُّ مَن يخدم وهو غير مُفرَزٍ للخدمة في مَلَكُوْت الله، يضرُّ نفسَه وغيره. أمَّا مَن يسمع المَسِيْح ويُطِعه حالاً، فهذا يتمتَّع برعاية المَسِيْح اللَّطيفة، ويكون يَسُوع مسؤولاً عنه في جميع الأوقات.
انطلق فِيلُبُّسُ حالاً للتَّبشير، وإذ وجد صديقه نَثَنَائِيْل قدَّم له البشارة، ناطقاً بشهادة الكنيسة: "لقد وَجَدْنَا المَسِيَّا" فلم يَقُلْ: "أنا وجدتُ المَسِيْح"، بل ضمَّ نفسه بتواضع إلى اعتراف الكنيسة كُلِّها.
يتبيَّن لنا أنَّ يَسُوع أخبر تلاميذه بسيرة حياته، فأنبأهم أنَّ يوسف كان أباه بالتَّبني وقد تعهَّده طفلاً وربَّاه. ولم يقُل شيئاً عن ولادته في بيت لحم، إذ كان ذلك يُهدِّد حياته بالخطر، لأنَّ الملك هِيْرُوْدُس عَلِم مِن المجوس بولادة الملك الجديد في بيت لحم. ولم يكن التَّلاَمِيْذ آنئذٍ يعلمون شيئاً عن ذلك الأمر.
كان نَثَنَائِيْل ماهراً في معرفة التَّوْرَاة. ففتَّش في أسفار موسى والأنبياء، وعرف الوعود الَّتي تُشير إلى المَسِيْح، عالماً أنَّ الآتي سيولَد في بيت لحم مِن نسل داود، وسيكون ملكاً على شعبه. كان صعباً على نَثَنَائِيْل أن يقبل الحقيقة أنَّ المَسِيْح سيولَد في بلدةٍ صغيرةٍ لم تُذكَر حتَّى في العهد القديم، ولم ترتبط أيُّ نبوَّةٍ بها. تذكَّر نَثَنَائِيْل أنَّها كانت ساحةً للثورة التي قام بها الغُيُر المتطرِّفون ضدَّ الرُّومان، والَّتي قُمِعَت بعنف، وسُفكَت فيها دماءٌ كثيرةٌ.
لم تكن هذه الُوْقَائع تهمُّ فيلبّس، لأنَّ فرحه كان عظيماً باكتشافه المَسِيْح. فغلبَت حماستُه شكوكَ نَثَنَائِيْل، وقال قطعاً لكلِّ جدل: "تعال وانظر". إنَّ هذا الشِّعار في التَّبشير هو أساس اختبار الحقيقة، ويقود إليها "تعال وانظر" لا تجادل عن يَسُوع، بل اختبر قدرته وشركته. فشهادتُنا ليست مبنيَّةً على أفكار وأوهام، بل على شخص حَقِيْقِيّ هو الرَّبّ نفسه.

الصَّلَاة
ربَّنا الحبيب يَسُوع، نشكرك لأجل الفرح الَّذي يغمر قلوبنا، ويَدفعُنا في بهاء شركتك إلى إرشاد الآخَرين إليك. أعطِنا الرَّغبة في التَّبشير بمحبَّةٍ وصبر، واغفر لنا كلَّ خوف وتأجيل وضعف فينا، كي نُنادي باسمك بجرأةٍ وشجاعةٍ.