أسرع بعض الَّذين شهدوا إقامة لِعَاْزَر إلى الفَرِّيْسِيِّيْنَ، ليُبلغوهم الأَعْمَال الَّتي صنعها يَسُوع، فلم يؤمن الفَرِّيْسِيُّوْنَ به، وانطبق عليهم مثل الرَّبّ عن الغني الساقط في جهنم الَّذي أجابه إبراهيم قائلاً: "إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ" (لُوْقَا 16: 31). فروح الله لا يستطيع تغيير القلوب المتحجِّرة إن لم تؤمن بيَسُوع، حتَّى وإن أُظهِر لها أعظم العجائب.
كان الفَرِّيْسِيُّوْنَ يتمتَّعون بنفوذٍ كبيرٍ في المجمع اليهودي الأعلى، حتَّى إنَّ رؤساء الكهنة انصاعوا إلى إلحاحهم، فجمعوا الأعضاء السَّبعين للتَّباحث. وحتَّى الصدوقيون الَّذين لم يؤمنوا بقيامة الموتى، رحَّبوا بانعقاد هذه الجلسة. كان الأمر المحيِّر لهم هو أنَّ يَسُوع لم يرتكب خَطِيئة واحدةً تُمكنِّهم مِن الإيقاع به، ولكن رغم ذلك قامت نهضةٌ مَسِيْحيَّةٌ حوله مِن عامَّة الشَّعب، قُبيل عيد الفصح الَّذي يتدفَّق فيه مئات الألوف مِن الحجَّاج قاصدين العاصمة أورشليم. فسمَّى أعضاء المجمع يَسُوع في اجتماعاتهم إنساناً، مُنكرين أن يكون رجل الله أو نبيّاً. ولكنَّهم رغم إنكارهم هذا لم يستطيعوا إنكار عجائبه الخارقة. ولذلك تردَّد بعضهم في هذا الأمر متسائلاً: لعلَّ الله يؤيِّده فِعلاً!
كان الخوف مخيِّماً على مباحثات المجمع مِن أن تتنبَّه السلطة المستعمرة لهذا الأمر وتتدخَّل، لأنَّ تجمُّع الجماهير حول رجل يصنع عجائب بصفته المَسِيْح المُنتظَر، يشير إلى ثورةٍ وشيكةٍ، وعند ذلك سيقوم الرومان بإغلاق الهيكل مسكن الله، فتتوقَّف بالتالي جميع الخدمات الكهنوتية والذبائح والصلوات والبركات. وخافوا فوق ذلك مِن أن يأخذ الرومان كبار وجهائهم أسرى وعبيداً إلى رومة.