Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
11:49فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَهُوَ قَيَاْفَا. كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً.50وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا.51وَلَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوع مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ.52وَلَيْسَ عَنِ الأُمَّةِ فَقَطْ بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللَّهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ


عندما بلغ التشويش والهياج في المجمع أشدَّه، قام رَئِيْس الكَهَنَة قَيَاْفَا، وشنَّ هجوماً لاذعاً على وجوه الأمة متّهماً إياهم بالجهل وعدم التفكير. وكان له الحق، إلى حدٍّ ما، فيما قاله، لأنه كان رئيس الاجتماع بصفته رَئِيْس الكَهَنَة. ولكنَّ هذا الممسوح بالزَّيت رمز القداسة، كان المَسِيْح الكذَّاب، لأنَّه كان يُفترَض فيه أن يكون مملوءاً بالرُّوْح القُدُس كي يتكلّم الله بواسطته بصفته قائد الأمة؛ ولكنّه تبع الضلالة والهوى. وهو بحُكم دوره النَّبوي المرتبط بوظيفته كرئيس للكهنة وصف جميع النَّاس بالجهلاء.
وظهرت فوراً نوعيَّة الرُّوح الَّذي تكلَّم مِن قَيَاْفَا، لأنَّ الشَّيْطَان تكلّم منه نظير مقاصد الله حسب الظاهر، ولكن نقيضها عمليّاً. لا شكَّ أنَّه كان خيراً للشعب أن يموت حَمَل الله عوضاً عنهم، كي ينجوا مِن غضب الله وينالوا الحياة الأَبَدِيّة. ولكنَّ الناطق بلسان الشَّيْطَان تكلَّم بهذه الأفكار لأسبابٍ سياسيَّةٍ: "خيرٌ لنا أن يموت يَسُوع فننجو نحن مِن غضب الرومان". بهذه النُّبوَّة الشَّيْطَانية تحقَّق قول يَسُوع إنَّ إبليس هو الأب الرُّوحِيّ لكثيرين من اليهود، لأنَّه كذَّابٌ وأبو الكذَّاب.
وعلى الرَّغم مِن هذا الروح الشَّيْطَاني، أدرك البشير يُوْحَنَّا أنَّ قَيَاْفَا أفصح عن هدف شرير كان في مضمونه حقيقةً إلهيَّةً مقدَّسةً. لقد أراد رَئِيْس الكَهَنَة هذا بمقاصده الخبيثة أن يقتل يَسُوع كي تنجو الأمة بموته. ولكنَّه عبَّر عن مقاصده هذه بجملةٍ تعني ضمناً أنَّ موت يَسُوع هو خلاصٌ للجميع، غير مُدركٍ المغزى العميق لكلماته الصَّادرة عنه بصفته مرجعاً كهنوتياً أعلى، وغير مدركٍِ أيضاً أنَّه كان أكثر جهلاً مِن الَّذين وصفهم بالجهلاء، لأنَّه لم يؤمن بيَسُوع بالرَّغم مِن أنَّ الرُّوْح القُدُس قد أرشده للنّطق بعبارته المتضمنة موت المَسِيْح الفدائي. فأخفق في فهم معنى كلماته لأنَّه كان في الواقع يقصد العكس.
لقد أدرك يُوْحَنَّا معنى عبارة قَيَاْفَا بمعناها الشَّامل الواضح المتضمِّن خلاص العالم كلَّه. فيَسُوع لم يمُت للتكفير عن شعبه فقط، بل عن جميع المؤمنين مِن جميع الأمم، لأنَّ جميع الَّذين يؤمنون بالمَسِيْح هم أولاد الله، فبثقتهم بالمخلِّص ينالون الحياة الأَبَدِيّة بكلِّ قواها وصفاتها.
إنَّ هدف إيماننا ليس خلاصنا الشخصي فقط، بل توحيد جميع أولاد الله كي يكونوا واحداً في المَسِيْح. فمحبَّة المُخلِّص هي رمز المَسِيْحيَّة وقوَّتها. وباسم المَسِيْح يتَّحد أتباعه، وكلَّما اقتربوا مِن محورهم يَسُوع، يقتربون مِن بعضهم بعضاً. فهيَّا بنا نستيقظ مِن سباتنا، ونُسرع إليه، لِنَجِد أنفسنا إخوةً وأخواتٍ في عائلة الله الَّتي تفوق في أُلْفَتها ومودَّتها ودفئها كلَّ صلة قُرْبى وعلاقةٍ دنيويَّةٍ في عالمنا المادِّي.