Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
17:24أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَِنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.


سمَّى يَسُوع اللهَ "آباً" ستَّ مرَّاتٍ في صلاته الكهنوتيَّة، و "الإله الحَقِيْقِيّ" مرَّةً واحدةً.
فبهذا الاسم الفريد "الآب" عبَّر يَسُوع عن صميم إيمانه وشوقه إلى الآب، لأنَّه كان واحداً معه في جوهرٍ واحدٍ، ولكنَّه أخلى جلاله، وتواضع جدّاً لأجل فدائنا، ولم يبحث عن الشُّهرة، ولا عن إشباع غريزة التَّملّكُ. استخدم العبارة "أعطيتني" ثلاث عشرة مرَّةٍ في صلاته، معتبراً النَّاس جميعاً وكلامه وأَعْمَاله وسلطانه ومجده هبةً مِن الله له، وكأنَّه لم يكن يملكها قبلاً. فأفرغ ذاته متخلِّياً عن كلِّ شيءٍ، وخاضعاً لأبيه في كلِّ شيءٍ. فضمن تواضعه هذا الانسجام الدَّائم، حتَّى إنَّ الابن جسَّد عمليّاً جميع أفكار الآب ومقاصده.
ولأجل هذا الخضوع المطلَق، حقَّ له أن يقول في صلاته: "أُريد". فما هي يا تُرى إرادة ابن الله البارزة؟ إنَّه يُريد أن يكون أتباعه كلُّهم، مِن جميع الأزمنة والشُّعوب، معه حيث يكون هو. وهكذا شهد بولس قائلاً إنَّه مع المَسِيْح صُلب ومات ودُفن، وقام بقيامته، وجلس معه في السَّماوات، ليرى غنى نعمة الله الفائقة بلطف يَسُوع المَسِيْح (رومية 6: 11؛ أفسس 2: 4- 7).
إنَّ اتِّحادنا بالمَسِيْح ليس محصوراً في آلامه ومحبَّته، بل يشمل مجده أيضاً. وهو يشاء بكلِّ تأكيدٍ أن نُعاين مجدَه بوجهٍ مكشوفٍ، ونمكث برفقته إلى الأبد. ويعرف جميع الرُّسُل هدفَ رجائنا هذا، معترفين به لنا. فسنفرح فرحاً أَبَدِيّاً لا يُنطَق به، إذ نراه كما هو. وسنعكس مجده متغيِّرين إليه، لأنَّ شرط بهاء هذا المجد قد أُعطي لنا في انسكاب محبَّة الله في قلوبنا (رومية 5: 5؛ 8: 29). فالمَسِيْح منحنا مجده كما كان مجيداً وهو في هيئة الإنسان الحقير. وأدرك الرُّسُل في حضوره أنَّ مجده ينبثق مِن محبَّته الثابتة بينه وبين الآب مِن قَبل تأسيس العالَم. فهذا الكيان في الثَّالُوْث الأَقْدَس هو مصدر كينونتنا وفدائنا.