Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
أوَّلاً: السَّفرة الثَّانِية إلى أورشليم
(وموضوعها نشوء العداوة بين يَسُوع واليهود)
(يوحنَّا 5: 1- 47)

1- شفاء المريض في بيت حسدا
(يوحنَّا 5: 1- 16)
الأَصْحَاْح الخامس: 1وَبَعْدَ هَذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ فَصَعِدَ يَسُوع إِلَى أُورُشَلِيمَ.2وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيّةِ بَيْتُ حِسْدَا لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ.3فِي هَذِهِ كَانَ مُضْطَجِعاً جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ الْمَاءِ.4لأَِنَّ مَلاَكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ.5وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.6هَذَا رَآهُ يَسُوع مُضْطَجِعاً وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَاناً كَثِيراً فَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ.7أَجَابَهُ الْمَرِيضُ يَا سَيِّدُ لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ.8قَالَ لَهُ يَسُوع قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ.9فَحَالاً بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَبْتٌ


أمضى يَسُوع على الأرجح تسعة أشهرٍ في الجليل. وبعدئذٍ صعد إلى أورشليم بمناسبة عيد المظال، لأنَّه علم أنَّ معركة الإيمان ستكون فاصلةً في عاصمة الأمَّة. وأرشده الرُّوْح القُدُس إلى الأسس المسبِّبة لعدم الإيمان به في النَّامُوْسِيِّيْنَ والأتقياء. فحفظ بنفسه الشَّرِيْعَة (النَّاموس) بأمانة، وكان يحجُّ ثلاث مرَّاتٍ في السَّنة إلى مسكن الله في القدس كلَّما استطاع ذلك (تثنية 16: 6).
كان في وسط المدينة نبعٌ قديمٌ يجري، فبنوا حوله بركةً يأتيها النَّاس للاستحمام. وقد شيَّد الملك هِيْرُوْدُس على هذا النَّبع بركتين فخمتين، أقام على كلٍّ مِن طرفيهما زوجَين مِن صفوف الأعمدة، وبينهما صفٌّ آخَر مِن الأعمدة. وجعل على الأعمدة فوق البركتين سقفاً مزيَّناً. وقد اكتشف هذا الأثر قبل عدَّة سنواتٍ. وسُمِّي هذا البناء الفخم "بيت الرَّحمة"، لأنَّ الكثير مِن المرضى كانوا يؤمُّون المكان بغية الشِّفاء، فينتظرون تحريك الماء، ظانِّين أنَّ الَّذي يقذف بنفسه في الماء أوَّلاً عند تحرُّكه يُشفى. فكانت الأعين كلُّها تشخص إلى صفحة الماء، فكلَّما تحرَّك الماء يركض الجميع ويرمون بأنفسهم في البركة.
زار يَسُوع هذا المكان المكتَظَّ بالمرضى. وفيما هو يمرّ بالَّجلّ الَّذي كان مُقعَداً منذ ثمان وثلاثين سنة، لاحظ مرارته وآلامه القاسية، وقرأ في قلبه ضيقه الكبير، وبُغضه للنَّاس، لأنَّ في بيت الرَّحمة هذا يُفكِّر كلُّ واحدْ بنفسه، ولا يرحم أحدٌ المسكين الَّذي لا يستطيع النُّهوض. ومع ذلك لم يفقد هذا المُقعَد رجاءه، بل كان ينتظر يوميّاً الفرصة الفريدة للحصول على رحمة الله.
وفجأةً، وقفَت الرَّحمة المتجسِّدة أمامه، وابتدأ يَسُوع بمعالجته، فحوَّل نظر الرَّجل مِن الماء إلى شخصه. ثمَّ ألهب إرادته للحصول على الشِّفاء، وأعطاه فرصةً ليصبَّ ضيقه كلَّه أمامه. لم يشتم المُقعَد النَّاس، ولكنَّ مرارته انفجرت حقداً وهو يعترف قائلاً: "ليس لي إنسانٌ يهتمُّ بي. وكثيراً ما حاولتُ النُّزول إلى البركة عبثاً، حتَّى اضمحلَّ رجائي، وتلاشَت ثقتي بالنَّاس. كلُّ يفكِّر بنفسه، وليس مَن يسأل عنّي. ألعلَّك تريد أن تنتظر إلى حين تحرُّك الماء كي ترفعني وتغطَّني فيه؟
"ليس مَن يسأل عني" هل هذه حالتك أيضاً يا أخي؟ هل أنت مرفوضٌ مِن الآخَرين؟ أقول لك إنَّ المَسِيْح واقفٌ أمامك، وهو يسأل عنك ويهتمُّ جدّاً بك، وقد بحث عنك، ووجدَك أخيراً، وهو يرغب أن يُخبرك، مِن خلال هذه الكلمات الَّتي تقرأها الآن، أنَّه قادرٌ أن يُعِينك وأن يمنحك خلاصه.
كان هذا تماماً الشعور الَّذي انتاب الرجل المقعَد، وهو ينظر بعينيه المتسائلتَين إلى عيني يَسُوع الفائضتين بالمَحَبَّة والحنان. فعزَّزَت نظرات يَسُوع الثِّقة في الرَّجل المسكين، وقرأ يَسُوع في عيني الرجل ما لم يستطع التَّعبير عنه بمفردات الّلغة. وإذ رأى رغبته القويَّة في الشِّفاء، وثقته في قدرة الرَّبّ على ذلك، أمره بكلمته القديرة قائلاً له: "قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ."
كانت هذه الكلمات أمراً إلهيّاً، يجعل المستحيل ممكناً. وآمن المُقعَد بكلمة ربِّه، وقَبِل محبَّته، ووثق بقوَّته الخارجة منه، وأحسَّ بهذه القوَّة تسري كالتَّيار الكهربائي في عظامه فتُنعشها وتُقوِّيها وتشفيها.
ولم يلبث هذا الرجل المُقعَد أن انتصب واقفاً على رجليه، وحمل فراشه الَّذي بلَّله بدموعه ثمان وثلاثين سنة، ومضى فَرِحاً. لقد التقى إيمانه وكلمة المَسِيْح القديرة، فحقَّق له شفاءً مباشراً.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نشكرك لأنَّك لم تعبر عن المريض المسكين مِن دون أن تشمله بحنانك. لم يكن له أحدٌ سواك أيُّها الرَّحيم. ساعدنا على أن نتمسَّك بك، ولا نتَّكل على عون النَّاس. حوِّلنا إلى صورة محبتك حتَّى نعتني بالآخَرين، ونُشركهم في بركاتك.
السُّؤَال
كيف شفى يَسُوع المُقعَد عند بركة بيت حِسدا؟