Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
1:67وَامْتَلأَ زكريّا أَبُوهُ مِنَ الرّوح الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً،68مُبَارَكٌ الربّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ،69وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ.70كَمَا تَكلّمَ بِفَمِ أنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الّذينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ.71خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا.72لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ المقدّس.73الْقَسَمَ الّذي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا،74أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ75بِقَدَاسَةٍ وَبِرٍّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا.


نقرأ في الأصحاح الأول مِن إنجيل لوقا الّذي يشرح الفترة التمهيدية لولادة المسيح كلمة الرّوح القدس أربع مرّات (15 و33 و41 و67). فالطبيب لوقا أدرك بكلّ وضوح أنّ الدور الأوّل في مجيء المسيح، هو لله وليس للبشر. لأنّ روحه أعلن المقاصد الإلهيّة وطرد الشكوك، وأرشد المطيعين، وملأ الضعفاء بقدرته. هل أدركت كيف تخلق محبّة الله معرفة وإيماناً وثماراً في الّذين يصطّفون طوعاً في خطّة خلاص الله؟ افتح نفسك لروح المسيح فتختبر عجائب في انكسار كبريائك لتمجيد ربّك في محيطك.
وقد صمت زكريّا تسعة شهور طوالاً، وتعمّق في كلمات الملاك. ودخلت مريم بيت زكريّا آنذاك، فصرخت امرأته في فرح الرّوح القدس. وشهدت العذراء للكاهن الشيخ كيف ظهر الملاك جبرائيل أمامها.
عندئذ أدرك زكريّا، أنّه ليس هو ولا امرأته أو ولده أو مريم، هم محور تاريخ الله ومركز كلّ هذه التحرّكات السماوية، بل جنين مريم وحده هو الموعود الأزلي. عندئذ عرف الكاهن المدرّب بكلمات التوراة، أنّ المسيح آت! فكانت هذه المعرفة كانت كصدمة كهربائية في عقله، فنسي نفسه وبيته وعظّم الله لمجيء روحه للتجسّد.
عظيم هو نشيد الشيخ المنطلق اللسان، الّذي صالح طيلة حياته الشعب الشرّير مع القدّوس بواسطة ذبائحه. فأدرك أنّ المجيد البعيد، كان مقبلاً عليهم في المسيح ليزور المعذّبين. وحقّاً قد وصل إليهم.
وهذا المجيء الإلهي إلى البشر لا يعني دينونة وإهلاكاً وإفناء في نوره الساطع، بل نعمة لطيفة وخلاصاً حنوناً وفداء أبدياً. وهذا المبدأ، اختبره الشيخ المتشكّك في نفسه. لأنّ الله قد غفر عدم إيمانه وعمق شكوكه وملأه بروحه القدّوس. فعظّم النّعمة، وجذب مستمعيه إلى قوّة محبّة الله. فيا أيّها الأخ هل أنت لسان معقود، أو متحرّر مسبّح لنعمة الله؟
والعبارة قَرن خلاص تدلّنا على الحلقة في مذبح المحرقة، الّتي يتعلّق بها النّاس الهاربون مِن المنتقمين، ليجدوا رحمة وأمناً في الحرم القدسي. وبينما كانت الذبيحة تحترق كان اللاجئون يقفون تحتها، معتبرينها نائبة عنهم، لينالوا الحياة. هكذا أدرك الكاهن الخبير، أنّ يسوع هو قَرن الخلاص لكلّ الخطاة. ومَن يتمسّك به، لا يهلك في غضب الله المنتقم مِن كلّ خطيئة. بل يتبرّر ناظراً للذبيح النائب عنّا على الجلجثة. فهل تتمسّك بِقَرن الخلاص؟
وكلّ هذه المواهب الروحيّة لم تنصب علينا فجأة بل لها قصّة طويلة وسبب عميق قد انبأ به الانبياء مِن قبل، لأنّهم رأوا بالرّوح القدس المسيح المقبل كشخص فريد مخلّص العالم. وشهادتهم هي حقّ ومتحقّقة تدريجياً ومتبلورة فينا، مكمّلة في مجيء المسيح المجيد.
ووثق آباء الإيمان بالله الحيّ، وهم راؤون الآن ثمار إيمانهم. لأنّ إلهنا ليس إله الأموات بل الأحياء. فتهلّلوا في الفردوس يوم ولادة المسيح، وعظّموا الله تعظيماً كثيراً على قيامة المصلوب. واستقبلوا الصاعد إلى السماء، وهتفوا لجلوسه على العرش. لقد رأوا أنّ المسيح، هو الضامن العهد مع الله، لأنّه ليس انسان أو شعب يقدر أن يقطع عهداً مع الله القدّوس، ولكنّ دم ابن الله يطهّرنا ويؤهّلنا، لنقترب مِن الله، ونعيش معه في عهد جديد يشملنا إلى الأبد بالنّعمة والبراءة.
وقد تحقّق في المسيح قسم الله أمام ابرهيم البدوي المؤمن، لمّا كان مستعدّاً ان يضحّي ببكره اسحق مطيعاً لله. فكان بهذا الاستعداد متقارباً لمحبّة الله، الّذي بذل ابنه الوحيد على الصليب لأجلنا. فحلف الله للمنكسر المطيع أنّ المسيح سيكون مِن نسله، وتتبارك بواسطته كلّ الأمم (تكوين 22: 16- 17).
وقد فهم زكريّا هذه الخطّة الروحيّة في العهد القديم حقّاً، لأنّه كاهن مطلّع على التعاليم. لكنّه بتفكيره اليهودي أخطأ، إذ ظنّ أنّ المسيح الآتي سينشئ ملكوت الله بالقوّة. ويجعل أورشليم مركز عاصمة العالم، حيث اشتاق زكريّا الكاهن إلى شيئين: أولهما تطهير الشعب الخاطئ، وثانيهما انتصار الأمّة على العدّو الدخيل.
ورغم هذا الشوق الدنيوي الأخير، فإنّه لم يشتق إلى الغنى والرفاهية والشرف، بل إلى حرّية العبادة الجمهوريّة وهداية أمّته، فأدرك هدف مجيء المسيح الفريد كعبادة للأمّة كلّها، في سبيل الإصلاح، ليقترب الجميع مِن الله. بتوبة وتطهير وتقديس وابتهال، في قداسة حقّه وبرّه الإلهي. وقد أتى المسيح إلينا بهاتين الصفتين الفائقتين عقلنا البشري. فمَن يتعلّق بابن الله، يتبرّر برّاً إلهياً. ومَن يثبت فيه، يمتلئ مِن الرّوح القدس قداسة كاملة إلى الأبد.

الصَّلَاة
نعظّمك أيّها الآب السماوي لأجل المسيح المتجسّد، الّذي أتى برجاء وخلاص عام للبشر. أفِدْنا مِن كلّ اشتياقاتنا الدنيويّة وثبّتنا في برّك وقداستك لكي نحمدك بكلّ حياتنا.
السُّؤَال
ما هي اصول وأهداف خلاصنا؟