Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
13:31فِي ذٰلِكَ اٰلْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ اٰلْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ لَهُ: «اٰخْرُجْ وَاٰذْهَبْ مِنْ هٰهُنَا، لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ».32فَقَالَ لَهُمُ: «اٰمْضُوا وَقُولُوا لِهٰذَا اٰلثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي اٰلْيَوْمَ وَغَداً، وَفِي اٰلْيَوْمِ اٰلثَّالِثِ أُكَمَّلُ.33بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ اٰلْيَوْمَ وَغَداً وَمَا يَلِيهِ، لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ.34يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ اٰلأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ اٰلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ اٰلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا.35هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! وَاٰلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي حتّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌ اٰلْآتِي بِاٰسْمِ اٰلرَّبِّ».


خلال سفرته مِن الجليل إلى أورشليم دخل يسوع الأراضي الخاضعة لسلطة الملك هيرودس أنتيباس، الّذي كان تافهاً مبذّراً أمواله وبلا أخلاق. وقد ارتكب جرائم كثيرة، رغم وقوعه تحت تبكيت ضميره بصورة مستمرّة (2: 7 و3: 19 و9: 7 و23: 11). وربّما حاول إرضاء الفريسيين، لأنّه علم، أنّهم يبغضون يسوع ويريدون طرده مِن محيطهم. فوعدهم باستخدام حراسه القليلين لهذا الغرض. وقد أراد الفريسيون تخويف المسيح، ليروا الشعب، أنّه خوّاف ومحبّ لحياته وهارب من الموت، فيخرّبون صيته. ولعل هيرودس أراد فوق ذلك إرضاء القوّة الاستعماريّة الرومانيّة، بتسليمها زعيماً شعبيّاً ثائراً، ليبرهن خضوعه وولاءه للسلطة.
وأبصر يسوع حيلة الملك وحلفائه وسمّاه جهراً ثعلباً، لأنّه فهم أفكاره وتخطيطاته المتآمرة وأدانها مستهزئاً بها. ورغم هذا، فقد أبلغ يسوع هيرودس التافه رسميّاً ما هي أعماله، لكي يعرف جليّاً مَن هو الّذي يخدم في منطقته. إنّ المسيح هو المنتصر على كلّ الشياطين. وهيرودس كان في جلساته مع الأرواح الشرّيرة يخاف سلطتهم الظالمة ويرتجف منهم. أمّا يسوع فطرد السلطات الشرّيرة بكلمة فمه. وبهذه القوى شفى المساكين وأبرأ المعذّبين. وكانت محبّته الإلهيّة دافع قدرته.
وشهد يسوع مع ذلك، أنّ ليس إنْسان ولا الملك يقدر أنّ يقتله بدون إرادة الله، الّذي أعطاه خدمة محدّدة زماناً ومكاناً والّتي يتمّمها يسوع كاملة. فالله هو مالك العالم. ولا يقدر أي مليك أو زعيم صعلوك أنّ يمنع، أو أنّ يعارض إنشاء ملكوت الله بحيلته وسلطته البشريّة.
كان يسوع عالماً مسبقاً أنّ طريقه تؤدي إلى الصليب. وسمّى موته على خشبة العار إكمال خدمته وشخصيته. فهل كان يسوع غير كامل على الدوام؟ وممّا لا ريب فيه أنّ يسوع قد حلّ فيه كلّ ملء اللاهوت جسدياً. ولكن خدمته أكملت على الصليب مصالحة العالم مع الله. وكان على جسده البشري، أنّ يحتمل التّجربة الأخيرة الفائقة الإدراك. فجعل روح الله الإنسان يسوع الضعيف إنساناً كامل القدرة، وحّد العالم مع الله بدمه الثمين، واستحقّ القيامة مِن القبر جسديّاً، ويجلس اليوم في هذا الجسد الإنساني الممجّد عن يمين الله.
وعلم يسوع أنّ الساعة الأخيرة في حياته على الأرض سوف لا تتم إلاّ في أورشليم. فأطاع إرشاد الرّوح القدس ليموت هناك على مذبح العالم.
وقد تألّم ابن الله في الوقت نفسه مِن شيطنة هذه المدينة، لأنّ القاتل مِن الأزل وجد في مركز الحضارة اليهوديّة مكاناً واسعاً لإجرامه. فسمّى يسوع مدينة السّلام قاتلة الأنبياء. ولم ينبهر يسوع مِن بهاء العاصمة. ولم يؤخذ بملابس الزعماء الرّوحيين والمدنيين الفخمة. وابتسم مِن أسلحة الجيش الفتّاكة الّتي لقوّات الاستعمار. واحتقر غنى تقدّم المدنية. وعوضاً عن هذه المظاهر الفانية، حاول يسوع أنّ يوحّد النّاس الجهلاء، المشتاقين إلى الله في هذه المدينة، بواسطة قوّة محبّته، ليثبتوا مطمئنين في قربه، وينالوا الحياة الأبديّة. فدعاهم وركض وراءهم وتعب لأجلهم. ولكنّ أبناء المدينة وخاصّة المتدينين لم يريدوا البتّة أن يتبعوا الطبيب الآتي مِن القرية المتخلفة. فقسّوا أذهانهم تجاه نداء الله. ونضجوا للدينونة المرعبة.
ويلٌ للقرية والمدينة والبلاد، الّتي يسدّ أبناؤها آذانهم، لئّلا يسمعوا صوت محبّة الله. فلا بدّ مِن الدينونة السريعة. وينبغي أنّ تأتي الحروب لعدم إيمان النّاس بالمسيح. فلماذا تتعجّب الجماهير مِن الاضطرابات والكوارث والحروب في دنيانا؟
إنّ دينونة الله لمستمرّة، والعمى الرّوحي يتكاثر، لأنّ نور الإنجيل يطمس. ويلٌ للمدينة أو البلاد الّتي يغادرها روح المسيح، لأنّ أهلها لم يفتحوا قلوبهم له طوعاً. عندئذ تدخل أرواح شرّيرة مِن الجنوب والأطراف، وخلق الخدع والتسلط والزنى والفوضى والبغضة والخوف.
هكذا أرى المسيح الأتقياء المستكبرين الدينونة الآتية على أمتّهم. ولكنّه ترك لهم فجر الرجاء مشرقاً على أفق التاريخ، ودلّهم على مجيئه الثاني، وإمكانية توبة أهل العهد القديم، الّذين سيتمتمون مرتعبين في مجده المشرق مِن العلاء، مردّدين كلمات المزمور المختصّ برئيس الكهنة الداخل إلى هيكلِّه، صارخين بالدموع: مبارك الآتي باسم الربّ.

الصَّلَاة
أيّها الربّ يسوع نسجد لك، لأجل محبّتك الصادرة وحقّك الصادق. اغفر لنا قلبنا البطيء، إنْ لم نتبع صوتك الحنون اللطيف. وسامح كلّ الّذين قسّوا قلوبهم تجاه روحك القدّوس. وادعهم مرّة أخرى، ليلتجئوا إليك قبل أنْ يأتي يوم الخراب العظيم. ونشكرك لصبرك واحتمالك إيانا.
السُّؤَال
ما هي المعاني المختلفة لنداء الحزن مِن فم المسيح على أورشليم؟