Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
19:41وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى اٰلْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا42قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً حتّى فِي يَوْمِكِ هٰذَا مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ. وَلٰكِنِ اٰلآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ.43فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ،44وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَان اٰفْتِقَادِكِ».


لم يبهر يسوع بضجيج موكب الهتاف، الّذي أحاطه، بل أبصر ببصيرته النبويّة نهاية وتدمير المدينة الموضوعة أمامه. فانكسر قلبه، وانهلّت دموعه مدراراً على خدّيه، أجل إنّ يسوع بكى وأجهش بالبكاء، لأنّه رأى القلوب القاسية المهتاجة ضدّه. وهو حامل محبّة الله في ذاته، الّتي حاولت ليلاً نهاراً ان ترجع الضالين إلى التّوبة، ولكن عبثاً. فإنّ آذانهم كانت صمّاء للدعوة الإلهيّة. وأعينهم عمياء لم تدرك المنتصر على الموت والشيطان. وحتّى اليوم، لا يزال ثمة حجاب مسدل على أكثريّة أعين أبناء إبراهيم. ورغم أنّ أورشليم معناها مدينة السّلام، فلم يسكن سلام العلي فيها. وفارقها دواماً. ولا يزال يسوع يبكي اليوم أيضاً على هذه المدينة، الّتي اختارها الله مركزاً لسلام العالم كلّه.
وقد رأى الربّ آنذاك مسبقاً، كيف سيرفضه اليهود، ويسلّمونه إلى أيدي الأمم للقتل. وسمح ابن الله لأبناء أمّته ان يطردوه، وغفر لمعارضيه كلّ ذنوبهم. ولكنّه علم، أنّهم إذ لا يقبلون قوّة الرّوح القدس الحالّ بعد موته، فسيسقطون إلى الدينونة مباشرة. وبينما كان مرافقوه المترنّمون يتهلّلون فرحين بكى الربّ، وانبأ بصوت عال سقوطهم إلى الإبادة.
ورأت المحبّة الإلهيّة المتجسّدة برؤية دقيقة. كيف سيحفر الرومان خندقاً، ويرفعون مترسة بترابها وحجارتها حول المدينة لحصارها، ويدمّرون أسوارها المرتفعة تدميراً، ويستحلون المدينة حيّاً حيّاً. ويسمحون لأنفسهم بكلّ اغتصاب ونجاسات ممكن أنّ يعملها فاتح مغتاظ حاقد. حتّى أنّهم أخذوا أطفال اليهود، وضربوا بهم الحيطان مفجمين رؤوسهم. ثم أحرقوا هيكلّ الله بعد أنْ نهبوا محتوياته الذهبيّة والفضيّة سنة 70 ب م. وبعد الثورة الأخيرة الفاشلة سنة 132 م هدم الرومان أسوار المدينة كلّها. لتصبح القدس الفخورة برّية خالية.
ورأى يسوع كلّ هذه التفاصيل مقبلة على مبغضيه، وبكى رأفة ومحبّة بهم. ولم يقل شامتاً: جيد أنْ تضرب المدينة بهذه الوحشيّة، وليسمح الله بأنْ يباد كلّ الشعب الرافض، بل إنّ ملك المحبّة بكى لأجل عدم الإيمان وقساوة القلوب وعمى الشعب. هل يبكي يسوع عليك أيضاً وعلى قلبك القاسي؟ وهل يرى الدينونة مقبلة على أمّتك مسبقاً؟ وهل تشترك في بكائه رأفة على البشر الرجسين أو أنّك تكره الأشرار.