Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
22:8فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيوحنّا قَائِلاً: «اٰذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا اٰلْفِصْحَ لِنَأْكُلَ».9فَقَالا لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ ان نُعِدَّ؟».10فَقَالَ لَهُمَا: «إِذَا دَخَلْتُمَا اٰلْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسِانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى اٰلْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ،11وَقُولا لِرَبِّ اٰلْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ اٰلْمُعَلِّمُ: أَيْنَ اٰلْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ اٰلْفِصْحَ مَعَ تَلامِيذِي؟12فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا».13فَاٰنْطَلَقَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدَّا اٰلْفِصْحَ.


لقد علم يسوع أنّ الخائن بدأ محاولاته، مستفهماً مسبقاً عن المكان الّذي سيجتمع فيه معلّمه مع تلاميذه في عزلة عن الشعب، ليقدر هذا الخائن أنْ يسلمه إلى أيدي أعدائه بكلّ سهولة وصمت.
ولكنّ ابن الله عزم أنْ يصرف آخر عشيّة في حياته الدنيويّة بفرح كبير مع تلاميذه، ليقطع معهم العهد الجديد المقدّس.
فما قاله لبطرس ويوحنّا بدقّة عن مكان الغرفة الّتي أراد أنْ يجتمعوا فيها، بل أرشدهما ببصيرته النبويّة وسط ازدحام النّاس والحجّاج إلى رجل يريانه حاملاً جرّة على رأسه. فهذا الرجل كان غريباً في تصرّفه، إذ أنّ النساء عادة هنّ اللواتي يحملن الجرار ويملأنَها مِن النبع، ويأتين بها على رؤوسهنّ مِن أسفل النّبع صعداً بالدرجات العالية إلى بيوتهن في جبل القدس.
كان الرجل متواضعاً، فخدم عائلته بنفسه وحمل الحمل الثقيل دون خجل مِن بين النساء الكثيرات والحجّاج المارين.
وقد رآه يسوع مسبقاً بعين النبوّة، مثلما رأى مسبقاً كلّ أحداث ذلك النهار، وبكلّ دقّة متناهية. لم يكن نبياً فقط، بل هو العليم بالذات، العارف أفكار وكلمات وأعمال النّاس قبل حدوثها، ولا ينسى الماضي أيضاً. فحياتك منكشفة أمامه بكلّ بيان.
ولمّا أطاع التلميذان كلمة المسيح مصدّقين، وانطلقا وسط ازدحام أزقّة المدينة، فرأيا الرجل الّذي وصفه يسوع. وقد كان محّضراً ومرتّباً بيته بإرشاد الرّوح القدس، ومحضراً الوسائد والمخدّات، منتظراً ضيف الله. فأتى الربّ بالذات إليه. وأصبح بيته الكنيسة الأولى، الّتي قطع ابن الله فيها مع أتباعه العهد الجديد بفرح عظيم.
لا نقرأ أنّ التلميذين قد ذبحا حملاً للفصح في الهيكل، وشوياه في بيت الرجل، الّذي أرسلهما يسوع إليه. لأنّهما كانا مع ربّهما مضطهدين. وإسماهما على القائمة السوداء. فلهذا نقرأ الأخبار عن العشاء الربّاني الأوّل، أنّه استعمل به الخمر والعشب المرّ والخبز فقط. وهو ما وزّعه يسوع على التلاميذ. فاحتفل المسيح مسبقاً بالفصح، كمرفوض مِن الأمّة. وتناول العشاء كمجرم، ليس له الحقّ أنْ يذبح في الهيكل حملاً له ولتلاميذه. وحقّاً لم يكن يسوع في حاجة إلى حمل لمصالحة نفسه مع الله، لأنّه كان حمل الله شخصيّاً، بدون خطيئة، حاملاً ثقل ذنوب العالم. ورغم هذا ثبت في صبره وسروره المستمرّ. ولم يقدّم لتلاميذه كأس خمر واحدة فقط، بل عدداً مِن الكؤوس حسب طقوس الاحتفال، لأنّ عيد الفصح كان عيد الفرح الكبير، لأجل الخلاص مِن غضب الله.