Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
11 - صلب يسوع وموته
(23: 26 - 49)
23:26وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَان، رَجُلاً قَيْرَوَانيّاً كَانَ آتِياً مِنَ اٰلْحَقْلِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اٰلصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ.27وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ اٰلشَّعْبِ، وَاٰلنِّسَاءِ اٰللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضاً وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ.28فَاٰلْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ اٰبْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ،29لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَاٰلْبُطُونِ اٰلَّتِي لَمْ تَلِدْ وَاٰلثُّدِيِّ اٰلَّتِي لَمْ تُرْضِعْ.30حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اٰسْقُطِي عَلَيْنَا وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا.31لأَنَّهُ إِنْ كَانوا بِاٰلْعُودِ اٰلرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هٰذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِاٰلْيَابِسِ؟».


إنّ جيش الرومان اشتمل على أوروبيين وإفريقيين وأسيويين. وقد مزّقوا ظهر ابن الله بسياطهم الجلديّة المربوط بها قطع مِن حديد معقوف لكشط الجسم. وأجبروه أنْ يحمل صليبه الثقيل، رغم إعيائه. وهكذا مثّل يسوع بنفسه الرّمز، الّذي وضعه نصب أعيننا بقوله: إنْ أراد أحد أنْ يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني، علماً أنّه كان بريئاً وغير مستحق الصليب. أمّا نحن فمذنبون مستحقون غضب الله، ولكن يسوع التّعب الضعيف، لم يستطع أنْ يحمل الصليب طول الطريق، رغم استعداده. فهذا يعني تعزية لنا، إنْ فكّرنا بعجزنا عن حمل المشاكل الموضوعة علينا.
وعند ذاك أجبر الجند رجلاً يهودياً قيروانياً راجعاً إلى بيته، أنْ يحمل صليب المسيح الرازح على ظهره، بدون اهتمام للطقوس، الّتي تقول بتنجيس مَن يلمس صليب المجرمين. ولكن حمل صليب المسيح سبب لسمعان وبيته خلاصاً عظيماً، لأن ابنَيّ سمعان القيرواني ذكرا في الإنجيل مرّتين مؤمنين شاهدين للمسيح (مرقس 15: 21 ورومية 16: 13) وهذا يكون تعزية أخرى لنا، لأنّ مَن يحمل الصليب في سبيل المسيح، يختبر أنْ المسيح يشاركه في حمل أثقاله.
ومشت خلف يسوع واللّصين اللّذين كانا معه، النساء اللواتي بكين كثيراً. وأخذن يلطمن رؤوسهن ووجوههن وينحن على ملك المحبّة. فنرى مِن هذا كلّه، أنّه ليس شعب اليهود بأجمعه عزم على إهلاك يسوع، بل الزعماء المتديّنون، الّذين حسدوه، وحرّضوا قسماً مِن الجماهير، ودبّروا مكيدة بصراخ الغوغاء، للحكم عليه بالموت.
وشعر يسوع بشفقة النساء المستقيمات عليه، وجاوَب صوت محبّتهن رأساً. وظهر أنّه ما كان يفكر بموكب آلامه بنفسه، بل بغضب الله الساقط على شعبه. فأمر الباكيات ألاّ يبكين لأجله، بل على أنفسهنّ وأولادهنّ. فقد رأى مطمئناً طريقه الخاص المؤدي إلى المجد. ولكن تألّم كثيراً لأجل طريق الشعب اليهودي في أتون اليأس والبؤس عبر القرون، لأنّهم قالوا دمه علينا وعلى أولادنا. فرأى يسوع وسط آلامه المبرحة ملايين من عظام اليهود النخرة، منتشرة في كلّ العالم. فكثير مِن هؤلاء الهالكين تمنّوا في معتقلات هتلر أنْ تغطّيهم الجبال وتدفنهم التلال، ولكنّهم لم يستطيعوا أنْ يهربوا مِن العذاب. وبدلاً مِن فرح الأمّهات بأولادهن كالعادة، تألمنَ مِن وجود أطفالهنَ الجائعين، والّذين صاروا طعاماً للنّار، بينما العواقر طوبن أنفسهن، لأنّهن لم يلدن، وتحملن الضيق لوحدهن.
وشبه يسوع نفسه بالغصن الأخضر، الّذي يستطيع احتمال مرور نار غضب الله، بينما المتكبرون اليابسون الغير التائبين من الأتقياء المرائين الأشرار، شبههم بالحطب الوقود في نار جهنّم. ولا تنس أنّ النبوة تدلنا على الواقعة المقبلة علينا، أنّ غضب الله مسرع كنار آكلة لسطح كرتنا الأرضية، جاعلة أرضنا أتوناً مِن آجر محمر. بسبب ظلم النّاس المتبلور بالحكم على ابن الله وصلبه.