Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
3 - ظهور يسوع عشية الاحد
(24: 36 - 43)
24:36وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهٰذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلامٌ لَكُمْ!»37فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً.38فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟39انظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَاٰنْظُرُوا، فَإِنَّ اٰلرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي».40وَحِينَ قَالَ هٰذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ اٰلْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هٰهُنَا طَعَامٌ؟»42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ.43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.


ويسوع بَرَّ بوعده مرّة أخرى: حيث اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم. لأنّ التلاميذ لمّا قوّوا بعضهم بعضاً في الإيمان بواسطة بشرى اختباراتهم مع المسيح، ظهر فجأة في وسطهم. قد أتى بدون صوت، ولم يصفق باب أو نافذة. ولم يدخل تيّار هوائي، بل المسيح صار داخلاً وحاضراً حقّاً.
وفي هذه اللحظة، كاد التلاميذ يجنّون. لقد آمنوا بقيامته مِن قبل، ولكن بقيت رواسب مِن شكوك في أذهانهم. فشعروا أنّ قيامة المسيح مِن بين الأموات تعني فجر ملكوت الله وبداية عصر جديد. ولكنّهم علموا أيضاً أنّهم هربوا مِن ربّهم في ساعة التّجربة الهامة. فعرفوا أنّ المسيح الحي أبصر ذنوبهم مكشوفة كشفاً. وبعضهم ظنّوه روحاً بلا جسد، بهيئة المسيح بحيلة شيطانية بسبب أمنية أشواقهم. فكانوا مضطربين وغير قادرين فكراً وعملاً.
فرحمهم يسوع وخلّص قليلي الإيمان مِن شكوكهم وكفرهم، وكلّمهم بكلمات مفهومة، فسمعوا صوته المعروف. وشعروا بتعزية الله في قلوبهم القلقة. وكلمات محبّته طهّرتهم، وقوّة تعبيره انشأت إيماناً جديداً. فغفر لهم ذنوبهم بنطقه كلمة سلامه لهم. وهو لم يجبرهم على قبول الإيمان كضغط عليهم، كان يقول لهم «السّلام عليكم» بل أشركهم بقبول حلول سلامه بمخاطبته إيّاهم بكلمة «سلام لكم». عندئذ عرفوا أنّه اختارهم ودعاهم وبرّرهم وقدّسهم، وأنّ الله نفسه قبل موت ابنه. وصالحهم بواسطته مع نفسه صلحاً عظيماً. فاستمسكوا بهذا وبنوا قلوبهم عليه. وتعزّوا تعزية عيد الفصح.
ورغم هذا القول لم يؤمنوا بحقيقة حضوره. لأنّ عقولهم كانت بطيئة، وقلوبهم غليظة بشريّة. فرحم يسوع مختاريه مرّة أخرى، وأراهم أثر المسامير في يديه ورجليه رمزاً لغفران خطاياهم الكامل. فإنّ المقام الحيّ هو المصلوب الحقّ. ولو أتى ملاك النّور إليك وقال أنّه الله فاطرده باسم المسيح، لأنّ إلهنا يحمل أثر المسامير في يديه. ولا نعرف ربّاً آخر، إلاّ يسوع المسيح المصلوب.
ونما الإيمان في التلاميذ وازداد وعيهم الرّوحي، ولكنّهم كانوا ناقصي الرّوح القدس آنذاك. فأعطاهم المسيح برهاناً آخر ليؤمنوا بحقيقة قيامته، ويدركوا الأعجوبة العظمى المعطاة للبشر، أنْ يؤمنوا بألوهيته. فقال جسّوني، المسوني!.. ادركوا أنّني قمت بجسدي حقّاً. فلي لحم وعظام ككلّ إنسان. فالبشير لوقا وهو طبيب، أبرز الشيئين القاطعين العجيبين، أنّ المسيح بعد قيامته كان يدخل بجسده الرّوحي مِن خلال الجدران، غير مقيّد بزمان ومكان، وحاضراً في كلّ حين. فهو إله حقّ وفي الوقت نفسه إنسان حقّ بلحم ودم مسموع ومنظور وملموس. فلنا شهادة عظيمة مِن طبيب رسمي، أنّ للمسيح جسداً روحياً، فهو روح الله المتجسّد وهذا يظهر لنا أعجوبة قيامتنا لأنّ المسيح هو رمز مستقبلنا.
وكان فرح التلاميذ عن حقيقة قيامة المسيح وغلبته على الموت في قلوبهم وعقولهم كبيراً بمقدار أنّهم لم يستطيعوا التصديق والتكلّم والتفكير. فأذهانهم كانت كأنّما هي مشلولة، وشعورهم كان جامداً، لأنّهم رأوا المسيح كميت قام مِن قبره. فعظم فرح محبّي المسيح، وتعجّبوا تعجّباً كبيراً.
أمّا المسيح، فإنّه لم يرد أنْ يستيقظ فرحنا فقط، بل يقصد انشاء إيمان واع وإخضاع تفكيرنا وإراداتنا تحت حقيقة القيامة. فطلب مِن تلاميذه غذاء. وممّا لا شك فيه، أنّ المقام مِن بين الأموات، لم يكن بحاجة إلى طعام، لأنّ له جسداً روحيّاً أزلياً، غير فان وغير مجرّب ولكن في سبيل المحبّة لتلاميذه، وليشغل عقولهم فيتثبتوا منه، أراهم الحي الإلهي، أنّه إنسان حقّ، وليس خيالاً أو روحاً، وبرهن ذلك لهم، بإظهار أبسط الدوافع البشريّة، وهي مضغ الطعام. فأكل أمامهم مِن السمك والعسل الموجود عندهم.
فالطبيب لوقا استفهم مِن كلّ المعاصرين له والّذين عاينوا المسيح بعد قيامته، وفهم منهم أنّ يسوع المقام كانت له أسنان ولسان وفم وعينان ويدان ورجلان وجسم وعظام وهيكل، إنساناً حقّاً، لا ريب فيه البتة. فالمسيح هو أول إنسان قام مِن بين الأموات جسديّاً، لأنّه إله منذ الأزل. ففرح التلاميذ وآمنوا، وأدركوا أنّ الموت ليس هو النهاية، بل أنّ حياة الله هي أقوى مِن الزوال. ولم يبق المسيح في القبر متفتّتاً ككلّ الفلاسفة ومؤسسي الأديان وزعماء التاريخ، بل قد قام فحقّق ما قال: أنا هو القيامة والحياة، مَن آمن بي ولو مات فسيحيا. وكلّ مَن كان حيّاً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد.

الصَّلَاة
أيّها الربّ يسوع المسيح، أنت الإله الحق المولود مِن الآب قبل كلّ الدهور.وأنت إنسان حقّ، مولود مِن مريم العذراء. وقد قمت مِن بين الأموات، رغم تجرّعك أوجاع الموت. نشكرك لإعلان حياتك، الّتي هي عربون قيامتنا في الجسد أيضاً. يا ربّ الحياة، أحينا واحفظنا في محبّتك.
السُّؤَال
كيف أظهر يسوع أعجوبة جسده الرّوحي؟