Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
إظهار وكرازة التّوبة وأعمال يوحنّا المعمدان
(1: 3-20)
3:1وَفِي اٰلسَّنَةِ اٰلْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ، إِذْ كَان بِيلاَطُسُ اٰلْبُنْطِيُّ وَالِياً عَلَى اٰلْيَهُودِيَّةِ، وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى اٰلْجَلِيلِ، وَفِيلُبُّسُ أَخُوهُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى إِيطُورِيَّةَ وَكُورَةِ تَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَانيُوسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى اٰلأَبِلِيَّةِ،2فِي أَيَّامِ رَئِيسِ اٰلْكَهَنَةِ حَنَّان وَقَيَافَا، كَانتْ كلمَةُ اٰللّٰهِ عَلَى يوحنّا بْنِ زكريّا فِي اٰلْبَرِّيَّةِ،3فَجَاءَ إِلَى جَمِيعِ اٰلْكُورَةِ اٰلْمُحِيطَةِ بِاٰلأُرْدُنِّ يَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ اٰلتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ اٰلْخَطَايَا،4كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ إِشَعْيَاءَ اٰلنَّبِيِّ: «صَوْتُ صَارِخٍ فِي اٰلْبَرِّيَّةِ، أَعِدُّوا طَرِيقَ اٰلرَّبِّ، اٰصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً.5كلّ وَادٍ يَمْتَلِئُ، وَكلّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَتَصِيرُ اٰلْمُعْوَجَّاتُ مُسْتَقِيمَةً، وَاٰلشِّعَابُ طُرُقاً سَهْلَةً،6وَيُبْصِرُ كلّ بَشَرٍ خَلاَصَ اٰللّٰهِ.


يدور دولاب التاريخ إلى هدفه. وفي تلك الأثناء كان القيصر أوغسطس قد توفي في سنة 14 بعد المسيح، بعدما حكم 45 سنة على حوض البحر المتوسط مسميّاً نفسه مخلّص العالم (31 ق م إلى 14 ب م). وخلفه في روما القيصر طيباريوس، الممتلئ حقداً وكراهية لكلّ النّاس وشكا بهم. وملك ابتداء مِن سنة 14 ب م إلى 37 ب م. فحدثت في أيام حكمه كلّ الحوادث المدّونة في الإنجيل.
وركّز الطبيب لوقا على السنة 28أو29 ب م بدّقة، لأنّه في هذه السنة خرج يوحنّا المعمدان ساعي المسيح مِن عزلته الزاهدة في البريّة. وكانت الأحوال السياسيّة والدينيّة آنذاك سيّئة تماماًُ، لأنّ الشياطين ملكت في البلاد كلّها.
وكان في هذا الزمن هيرودس الدموي العنيف قاتل أولاد بيت لحم قد مات مِن زمن. وأبناء هيرودس انتيباس وفيلبس قد قسما مع ليسيانوس مملكة الملك الّذي كان عميلاً لروما. فلم يكونا أقلّ مِن والدهما في العجرفة والتباهي والزنى، الّذي ملأ قصورهم الفخمة.
وقد ألغت روما في الفوضى الّتي أعقبت موت هيرودس حريّة اليهودّية، وعيّنت ولاة بسلطان مطلق. والوالي الثاني فيها، كان بيلاطس البنطي حاكماً عنيفاً وبارداً بلا ضمير، الّذي خلط مرّة دم أعدائه بدم الذبائح المقدّمة في الهيكلّ، لإهانة الطقوس والشرائع وإيمان الشعب.
والوالي الّذي كان قبله، عزل في سنة 15 ب م رئيس الكهنة حنان. وعيّن بدلاً منه بعض أقربائه، وعزلهم أيضاً بعد ذلك. حتّى وجد في قيافا الماهر المدعي العام شخصيّة مطواعة له، وتتمّم إرادته. فأفتى قيافا الماكر فتاوى توافق سياسة بيلاطس مع شريعة اليهود وتقاليدهم. وهكذا عاش في زمن واحد رؤساء كهنة عديدون معاً، ممّا يخالف أمر الشريعة مخالفة تامة.
وهكذا ساءت الأحوال، وشابهت قلوب العالم بريّة محترقة بلا ماء. ولكن خصوصاً في غمرة الفساد العام ابتدأ الله خلاص البشر، ليس في الهيكلّ بل في الوعر والصحراء. هناك أتت كلمة الربّ إلى يوحنّا ابن زكريّا، وليس العكس بالعكس، لأنّ الإنسان لا يقدر ان ينشئ الخلاص بواسطة صلواته وأعماله الخاصّة. إنّما الله يخترق حائط خطايانا بكلمته، وينير غباوة عقولنا بإنجيله. وهذه هي التعزية في بداية السنة وفي كلّ الأوقات. إنّ كلمة الله تأتي إليك وتملأك، لكي تشبه عربة مكدّسة مشحونة بكلمة ربّك، منطلقة إلى العالم لإشراق عصر جديد.
ويوحنّا أعظم الانبياء، بشّر العطاش إلى البرّ بكلمة صغيرة مؤلفة من حرفين: تُب، ارجع إلى ربّك، التفت مِن أهدافك الدنيويّة طالباً الله. غيّر ذهنك وأدرك القدّوس، فتعرف خطاياك الشنيعة. كلّ إنسان يبقى سطحيّاً وطائشاً، ان عاش بدون ربّه، رغم شهاداته العليا وسلوكه المهذّب. تعمّق في الإنجيل واعترف بكلّ خطاياك، مستغفراً العلي، فتحلّ قوّة الربّ فيك.
إنّ يوحنّا قد جاء باسم الله بالمعمودية، رمزاً للتوبة، لأنّ الغرق في نهر الأردن يرمز إلى إغراق اللص ودفنه بينما خروجه مِن الماء يعني إقامة المطّهر لخدمة الله المقدّسة. فهل أدركت معنى معموديتك؟ وهل مُتّ لنفسك وقمت في روح ربّك؟
ولكن يا للعجب! فإنّ الإنجيل لا يأمرك بالتّوبة وإنكار النفس فقط، بل يدلّك قبل كلّ شيء على النبوّة القديمة في إشعياء 4:3-5 الّتي يكتبها لوقا في الترجمة السبعينية. فالدافع في هذه النبوّة، هو إعلان مجيء الربّ. فكرازة التّوبة والمعمودية لغفران الخطايا، كانت عند يوحنّا إعداد طريق الربّ، لأنّ القدّوس زار البشر في ابنه. فهل أنت مستعّد، ان تلتقي ربَّك، مُعَّداً قلبَكَ لاستقباله؟
إنّك لا تقدر أنْ تتقّدم إلى ربّك، وأنت نجس. فالرّوح القدس، يقودك إلى تجليس طرقك المعوّجة، وتحطيم جبل استكبارك، وملء أودية رجاساتك، وتعبئة خنادق ضلالك بنعمة الله. ولكن إن جرّبت إصلاح نفسك، تختبر أنّك لا تستطيع إعداد طريق الربّ حقّاً. فننصحك أن تسلّم نفسك الخاطئة بين يدي المسيح مِن أوّل يوم في هذه السنة. فيمنحك قوّة الرّوح القدس، الّذي يمارس فيك التّوبة النافعة، ويغلب خطاياك الفاسدة، ويملأك بخلاص الله. تُب أيّها الأخ لأنّ ربّك يأتي إليك.

الصَّلَاة
أيّها القدّوس، لست أستحق سماع كلمتك. طهّر سمعي وقدّس فؤادي، لكي أفهم قولك وانعزل عن العالم الفاسد، لأعدّ نفسي لخدمتك. شقّ طريقك إلى قلبي، واملأ ذهني بإنجيلك، لكي أمتلئ ببشرى خلاصك، داعياً العالم إليك.
السُّؤَال
متى ابتدأ يوحنّا المعمدان خدماته وما هو معنى معموديته؟