Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
16 - المسيح يرسل تلاميذه الإثني عشر للتبشير
(9: 1 - 9)
9:1وَدَعَا تَلاَمِيذَهُ اٰلاِٰثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قوَّةً وَسُلْطَاناً عَلَى جَمِيعِ اٰلشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ،2وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ اٰللّٰهِ وَيَشْفُوا اٰلْمَرْضَى.3وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَحْمِلُوا شَيْئاً لِلطَّرِيقِ، لاَ عَصاً وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ خُبْزاً وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَان.4وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ أَقِيمُوا، وَمِنْ هُنَاكَ اٰخْرُجُوا.5وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاٰخْرُجُوا مِنْ تِلْكَ اٰلْمَدِينَةِ، وَاٰنْفُضُوا اٰلْغُبَارَ أَيْضاً عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ».6فَلَمَّا خَرَجُوا كَانوا يَجْتَازُونَ فِي كلّ قَرْيَةٍ يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ.


جمع يسوع تلاميذه وفوّضهم بقوّته، بعدما سمعوا لمدّة طويلة كلماته، ورأوا أعماله وتقوّى إيمانهم في حضوره، حتّى نالوا قوّته، وفهموا أهدافه. فأراد المسيح أنّ يضاعف مجد محبّته. فأمر أتباعه ليس بالكرازة فقط، بل أيضاً بإخراج شياطين، وشفاء أمراض. وأعطاهم سلطاناً على كلّ الأرواح النّجسة وعلى كلّ الأمراض، وأرسلهم كما أرسله الآب، مفعمين بقوى الرّوح القدس، لتحقيق ملكوت الله، حيث يكون المسيح بذاته ملكاً ومحوراً ومصدراً لكلّ القوّة، لأنّ منه جرت القوّة لغير المقتدرين والنّعمة لغير المستحقين.
فيا أيّها الأخ، انّ لأمر ملكنا ضرورة. والوقت الّذي نستطيع التصرّف فيه جهراً قصير. فمَن يسمع دعوة المسيح للخدمة؟ ومَن يأتي إليه مستعدّاً؟ هل ينمو إيمانك، ليستطيع المسيح إرسالك وتجهيزك مفوّضاً إلى محيطك؟ لا تبشر بفلسفات بل انقل قوّة المسيح للأموات في الخطايا ليقوموا حقّاً وصدقاً. وحرّر باسم يسوع أسرى الشيطان ليدخلوا إلى النور، تاركين الظلام. وملء الملكوت يحل في كلّ الّذين يطيعون الإنجيل. وكلّ أتباع المسيح المتواضعين، مع كلّ القديسين الراقدين، هم ملكوت الله، العابر في الزمان والحاضر بيننا.
والمسيح أعطى ملاحظات عملية لخدّامه، ليعرفوا التصرفات الحكيمة لخدماتهم. أولاً منعهم مِن الهموم لأجل المال والخبز، أوصاهم ألاّ يحملوا كنوزاً وأثقالاً وأسلحة في رحلاتهم التبشيرية، ليستطيعوا السفر بسهولة، ولا يطمع اللصوص بهم. فملكوت المسيح ليس مِن هذا العالم، بل مملكة روحيّة. لهذا فإنّ مواهب المسيح روحيّة لا ماديّة. فلم يعط المسيح لرسله معاشات أو سيارات أو تجهيزات دنيويّة، بل قال لهم حيث تكونون فكلّوا واشربوا ما يقدّمه لكم المستمعون إليكم. وهذه الوصية تخص شعب العهد القديم بالدرجة الأولى، لأنّ هناك كان الشعب متعوّداً على الاعتناء بخدّام الربّ رزقاً وقوتاً.
وقد أفهم المسيح تلاميذه مسبقاً، انّهم سيختبرون كما اختبر. فبعض السامعين سيقبلونهم وآخرون سيرفضونهم ببغضة. فمن الحكمة أنّ يحفظوا الأمانة لباكورة الإيمان في كلّ قرية يمرون بها حتّى ولو تجدد بعدئذ أصدقاء أغنياء وأذكياء، وقدّموا لهم منامة مريحة أكثر. فالأمانة هي الأساس في خدمة المؤمنين.
ولكن حيث تقسّي بغضة جهنّم القلوب، فهناك يكون على الرسل، ألاّ يجبروا الرافضين على قبول النّعمة، بل أن يمضوا بكلّ بساطة نافضين كلّ الغبار عن ثيابهم، رمزاً للمعرفة أنّهم لا يشتركون في دينونة الله الحالة على كلّ الّذين يرفضون الإنجيل. ويل للبيت والقرية والمدينة والبلاد، الّتي ترفض المسيح وخلاصه. فدينونة الربّ والحروب القاتلة ستفتك بهم.
وأطاع الرسل كلمات ربّهم وساروا إلى القرى، اثنين اثنين. وأعلنوا انتصار المسيح وبشروا بما رأوه وسمعوه، ووضعوا أيديهم على المرضى وشفوهم باسم المسيح. واختبروا أنّ الربّ نفسه رافقهم خفياً عليهم، وكملت قوّته في ضعفهم.