Skip to content

Commentaries
Arabic
لوقا
  
9:59وَقَالَ لآخَرَ: «اٰتْبَعْنِي». فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، اٰئْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَّوَلاً وَأَدْفِنَ أَبِي».60فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ اٰلْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاٰذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اٰللّٰهِ».


هذا الرجل الآخر لم يقدّم نفسه كذلك الخبير في التوراة المتحمّس للمسيح، بل تباطأ في اتّخاذ قراره رغم أنّ قلبه كان ملتهباً محبّة بالنّاصري. والعليم البصير رأى أفكار قلبه. وأراد مساعدته، ليخترق أحجبة تلكئه. فأنْهى تردده بالقول له: اتبعني. ولكن المدعو لم يطع كلمة الله الفريدة، بل كان أعمى المزاج ومثقلاً بواجبات عشيرته. فإذ مات أبوه الحبيب فكّر بترك موكب يسوع، ليغرق في أمواج الحزن في بيته. ولكنّ يسوع لم يبغ ترك هذا المبتدئ بالإيمان غارقاً في يأسه ودموعه، بل شاء انتزاعه إلى مملكة فرحه وإثباته في عائلة الله. فمِن أجل ذلك سمّى رئيس الحياة كلّ الأحياء أمواتاً، لأنّ البشر جميعهم أموات في الذنوب حاملون بذور الموت فيهم. وكلّ حيّ، إنّما بمساعدته الدنيويّة للآخرين. يكون دافناً لهم، لأنّه يمهّد طريقهم لا للسماء بل للقبر الهلاكي. أما المسيحي الحق فيشبه المحيي الفريد، حيث أنّ المسيح قد أشركه بقوّته، لينقل الأموات في الخطايا بكلمة الإنجيل إلى الحياة الأبديّة. فمَن يؤمن يحيَ. ومَن لا يؤمن يَمُتْ.
وقد طلب المسيح مِن هذا المدعو أمراً غريباً مستحيلاً بالنسبة للإنسانية وكسراً للمعتاد وإنكار واجباته تجاه العائلة، لكي ينال رأساً ملء حياة الله، ويصبح شجرة للنّعمة. والمسيح لم يأمر بهذه الوصيّة كلّ النّاس بل فرداً معيناً. فلست مضطراً للتمنع عن دفن والدك العزيز بموته، بل أحرى بك أنْ تعيش أمام أهلك في فرح المسيح وتواضعه الخادم، لكي يسألك أبوك عن القوّة العاملة في حياتك، ويتجدّد بصلواتك وإبلاغك الإنجيل. فهل أنت شاهد للحياة الأبديّة، أو دافن ميت للأحياء الأموات؟