Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
5- قَطْع العهد الجديد في العَشَاء الرَّبَّانِيّ
(مرقس 14: 17- 25)
وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 18وَفِيمَا هُمْ مُتَّكِئُونَ يَأْكُلُونَ قَالَ يَسُوْع الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي. اَلآكِلُ مَعِي.19فَابْتَدَأُوا يَحْزَنُونَ وَيَقُولُونَ لَهُ وَاحِدًا فَوَاحِدًا هَلْ أَنَا، وَآخَرُ هَلْ أَنَا.20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ، هُوَ وَاحِدٌ مِنْ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ.21إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، كَانَ خَيْرًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ22وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوْع خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ خُذُوا كُلُوا هَذَا هُوَ جَسَدِي.23ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ فَشَرِبُوا مِنْهَا كُلُّهُمْ،24وَقَالَ لَهُمْ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ.25اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي لاَ أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوْت اللهِ.


أعدَّ المَسِيْح تلاميذه إعداداً كاملاً لتناول العَشَاء الرَّبَّانِيّ، وأعلن لهم حقيقة نفوسهم، وقادهم إلى التَّوبة العميقة بانكسار قلوبهم، لأنَّ في حالة التَّوبة المستمرَّة فقط نستحقُّ أن نتناول العَشَاء الرَّبَّانِيّ المبارَك.
وأعلن المَسِيْح خيانة أحد التَّلاَمِيْذ الذي لازمهم منذ البداية، وعمل معهم، وصلَّى في شركتهم. وقد عاش الخائن مِن نعمة المَسِيْح، واستغلَّ سلطان الرَّب لمصلحته. وعندما لم تتمّ مقاصده، احتقر يَسُوْع وأبغضه، حتَّى صمَّم على إبادته نهائيّاً.
وقد كان لهذا الإعلان وَقْعُ الصَّاعقة على التَّلاَمِيْذ، فصُدِموا واضطربوا وحزنوا جميعاً.
والأمر العجيب هو أنّهم لم يتَّهموا بعضهم بعضاً، بل رأى كلٌّ منهم الخيانة كامنةً في نفسه.
هل أدركتَ هذا الاعتراف الرَّهيب من فم كلّ رسول؟ ما كان لأحدٍ منهم ملء الثِّقة واليقين بنفسه أو بتقواه، بل شعر كلٌّ منهم أنَّ في كلّ إنسانٍ ينبوعاً للشَّر ما لم يُخلِّصه المَسِيْح من الشِّرِّيْر.
طوبى لك إن خجلتَ مِن خطيَّئتك، وارتعدتَ مِن إمكانيَّة ارتدادك عن المَسِيْح وخلاصه.
أراد يَسُوْع أن يخلِّص يَهُوذَا في اللَّحظة الأخيرة بواسطة هذا الإعلان المستتر. فقد أحبَّ خائنه، وحاول إنشاء توبة في قلبه بكلمات عاطفيَّة قويَّة. ولا نرى في كلمات يَسُوْع تضارباً إذ قال: إنَّه مكتوبٌ منذ الأزل أنّ ابن الله يموت، وأن يكون يَهُوذَا في الوقت نفسه مسؤولاً عن خيانته.
لقد حذَّره يَسُوْع بوضوح من قصاصه العظيم، وأفهمه أنّه كان أفضل له لو لم يولَد. هكذا حاول يَسُوْع أن يهزَّ الشُّعور الباطنيَّ ليَهُوذَا قبل فوات الأوان.
ولكنَّ الخائن قد صمَّم على خيانته، فلم يُصغِ لكلمات يَسُوْع اللَّطيفة، ولم يقدر أن يفهمها، لأنَّه تقسَّى تدريجيّاً أكثر فأكثر، حتَّى حقد على مَحَبَّة الله المتجسِّدَة.
أخي العزيز، أختي العزيزة، تعاليا إلى يَسُوْع، مُنْسحقَيْن في قلبَيكما بدموع النَّدامة، واعترفا بكلِّ خطاياكما. هكذا فقط تستحقَّان أن تتناولا العَشَاء الرَّبَّانِيّ الّذي أعدَّه المَسِيْح، ليس للأبرار الكاملين، بل للتَّائبين المنكسرين. فاليوم إن سمعتما صوته، فلا تُقسِّيا قلبيكما.
وفي أثناء العَشَاء المبارَك، شكر المَسِيْح على الخبز المكسور، وأبرزه رمزاً لجسده المَصْلُوب، وأمر تلاميذه أن يقبلوه عمليّاً في قلوبهم، مثلما يدخل الخبز إلى جوفهم.
فالمَسِيْح يشاء أن يسكن فيك حقّاً. ليس لأنَّك صالحٌ، بل لأنَّه يُحبُّك، ويريد أن يكون معك، بل فيك، في كلّ حين.
ما أعظم مَحَبَّة الله الّتي لا ترفضنا، نحن الخطاة المساكين! بل يحل فينا بواسطة كلمته، وفي العَشَاء الرَّبَّانِيّ، وبواسطة حلول الرُّوْح القُدُس في قلب المؤمن.
ويسكن الآب والابن والرُّوْح القُدُس في كلِّ مَن ينفتح للمَسِيْح.
وجعل يَسُوْع الخمر رمزاً لدمه. وقال لتلاميذه إنَّ هذا الدَّم المبارَك سيُطهِّرهم تطهيراً كاملاً، فيسري بدفئه المقدَّس كما تسري الخمر في أرفع عروق شاربيه. إنَّ دم المَسِيْح ليس دم إنسانٍ عاديٍّ، بل هو دمُ ابن الله الحاضر في هيئة إنسان. وقد سفك دمه مرَّةً واحدةً لتطهيرٍ مستمرٍّ أبديٍّ لجميع الّذين يدخلون بواسطته في عهدٍ جديدٍ مع الله.
فلا ارتباط ولا اتِّحاد بالله، ولا تقرُّب إليه، بدون غسل الذُّنوب. فدم يَسُوْع المَسِيْح يطهِّرك من كلِّ إثم.
وهذا العهد الجديد ليس مقتصراً على قبيلة أو أمَّة أو شعب معيَّن، بل هو مفتوحٌ لجميع النَّاس والقبائل والأمم. وكلُّ مَن يشرب هذا الدَّم الطَّاهر، ويتطهَّر في ضميره مِن الذُّنوب الماضية، ويتقدَّس أمام الله تقدُّس النِّعمة، يستحقُّ الدُّخول والثَّبات في العهد الجديد.
هل أدركتَ أنَّ اللهَ القُدُّوس الأبديَّ يرتبط بالإنسان المخلوق العاصي، وأنَّه يتَّحد بك وبكلِّ تائبٍ، لأنَّ المَسِيْح برَّرَنا بموته؟
هل دخلتَ بوعيٍ وعزمٍ في العهد مع الله؟ هل حلَّ المَسِيْح في قلبك فِعلاً؟ وهل غسلك دمه مِن كلِّ نجاسةٍ وإثمٍ؟
إنَّ الله يدعوك اليوم إلى وليمته السَّمَاوِيّة، ويُقدِّم لك نعمته كلَّها في ابنه. فماذا تفعل؟ وكيف تشكره؟

الصَّلَاة
يا حَمَل الله القُدُّوس، قد ذُبِحْتَ عوضاً عنَّا، وأعطيتَنا الامتياز أن نأكل مِن جسدك الطَّاهِر، ونشرب مِن دمك الثَّمين، بواسطة الخبز والخمر في العَشَاء الرَّبَّانِيّ. تعال إلينا، واسكُن فينا حقّاً، وقوِّنا للحياة الأبديَّة، وطهِّرْنا مِن كلِّ مَيْلٍ للخطيئة، كي نثبت متَّحدين بك وبأبيك في العهد الجديد إلى الأبد، وننتظر مجيئك القريب لنشكرك على خلاصك بفرح وابتهاج. آمين.
السُّؤَال
ما هي المعاني المتضمَّنة في العَشَاء الرَّبَّانِيّ؟