Skip to content

Commentaries
Arabic
مرقس
  
12- الخلاف حول غَسْلِ اليدَين، وأحكام الطقوس الأخرى
(مرقس 7: 1- 13)
7:1وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ الْفَرِّيْسِيّونَ وَقَومٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُوْرُشَلِيْم*2وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضاً مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزاً بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ لاَمُوا*3لأَنَّ الْفَرِّيْسِيّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيهُمْ بِاعْتِنَاءٍ لاَ يَأْكُلُونَ. مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ. وِمِنَ السُّوقِ إنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ*5ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيْسِيّونَ وَالْكَتَبَةِ لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزاً بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ*6فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ. هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً*7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهًمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ*8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ. غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ وَأُمُوراً أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ*9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ حَسَناً رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ*10لأَنَّ مُوسَى قَالَ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ. وَمَنْ يَشْتُمُ أَباً أَوْ أُمّاً فَلْيَمُتْ مَوْتاً*11وَأَمّّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ إنْ قَالَ إنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ قُرْبَانٌ أَيْ هَدِيَّةٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي*12فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئاً لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ*13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ.


تعوّد الناس أن يغسلوا أيديهم قبل تناول الطعام، لأنَّ الغبار المحيط بنا يتضمَّن جراثيم تُسبِّبُ أمراضاً مختلفة. ولكن مَن يزعم أنّ الغسل الخارجي ضروريٌّ لتبرير النفس وإرضاء اللّه روحياً هو في الواقع غبيٌّ وسَطحيٌّ، لأنّ القُدُّوس يريد طهارة القلب، وليس طقوساً فارغة. فالعامل المؤمن بغفران خطاياه بدم المَسِيْح هو إنسانٌ مقدّسٌ في صورة خالقه حتَّى وإن اتَّسخَت يداه بسبب عمله المرهق. أمَّا مَن كان قلبه نجساً أو مليئاً بالأفكار الشِّرِّيْرة، فلا بدّ أن يُحشَرَ في جَهَنَّم، حتَّى وإن توضّأ واغتسل على الدَّوام ولبس أفخر الثياب وأثمنها.
لقد جاء المَسِيْح بانقلاب جذري على الأديان كلِّها، وحرّرنا مِن الطقوس والفرائض والشَّرائع، وكشف لنا جوهر السجود وغايته: القلب الجَدِيْد. فالادِّعاءُ بحفظ الوصايا بأجمعها مراءاةٌ وخداعٌ للنفس، ما دام الإنسان مولوداً ثانيةً مِن اللّه. والصَّلوات كلُّها سطحيّةٌ وكاذبةٌ ما دام الإنسان لا يعترف بذنبه قائلاً: "اللَّهُمَّ ارحمني أنا الخاطئ". وكلُّ خدمةٍ نقدّمها للّه مِن مخازن أنانيتنا لا تنال مكافأةً. لا يستطيع الإنسان أن يرضي اللّه بأحكام بشرية وأَعْمَال فريضة وطقوس متعدّدة، ولا بالصَّلاَة والصوم والحجّ والزكاة، لأنّ كلّ ما يخرج مِن قلب الإنسان ومِن عقله نجسٌ وغير مقبول عند القُدُّوس. أمّا ما يأتي مِن اللّه فهو وحده مقبول.
إنَّ بِرَّنا الموهوب لنا مِن المَسِيْح هو رحمةٌ مِن اللّه، وليس عملَنا نحن. وتقديسنا هو عمل الرُّوْح القُدُس، وليس نتيجة حفظنا للوصايا بمجهودنا الشَّخْصِيّ. فكلّ دين مبني على الفرائض هو مجرّد خيال ورياء وخداع للنفس، لأنّ اللّه يريد توبتنا وانكسار قلوبنا، ليملأ فؤادنا المتحرّق بمَحَبَّته. عِنْدَئِذٍ نتغيّر مبدئياً، ونخدم والدينا باحترام وشكر، ونضحّي لأجلهم بآمالنا، ونصرف وقتاً لأجلهم. وعِنْدَئِذٍ نشكر اللّه، وتفيض قلوبنا بالتّسبيح، لأنَّ اللّه قد أتى إلينا في ابنه وحرّرنا مِن عبودية الطقوس.
هل تَعلم أنَّ الرّياء مِن أقبح الخطايا المتغلغلة في قلوب بعض الناس الّذين يَظهرون أتقياء، ويتكلّمون بعبارات تقيّة، ويصلّون أمام الآخرين، أمَّا قلبهم فلا يتكلّم كما تنطق أفواههم، وأفكارهم بعيدة كلَّ البُعْد عن اللّه؟ إنَّ الملايين مِن الصلوات باطلة، لأنّها غير صادرة عن قلب متواضع، وغير مطهّرة بدم المَسِيْح وروحه. فكلّ تدّين هو باطلٌ عند اللّه، إن لم يستسلم المصلّي بكلِّيَّته للقُدُّوس.
ويزداد خطر التقوى في سبيل الأنانية حالما ينشئ المتعصّبون قوانين خاصة ليخطّطوا الطريق لتقديس خاص، ويدينون الّذين يعيشون كما هم. فاحترس مِن الريّاء، لأنَّه أخطر من السم، فهو يُمِيْتُ المَحَبَّة والإيمان مع الصَّلاَة الصَّالِحة، وينفخ الأنا كبالونٍ قُبَيْلَ انفجاره.

الصَّلَاة
أيّها الآب، نشكرك لأنّك رحمتنا نحن الخطاة، وغفرت ذنوبنا تماماً بموت ابنك الوحيد. املأنا بقوّة محبّتك، لكي نكرّس لك حياتنا حمداً وشكراً، ونخدم في الوقت نفسه والدينا بدافع المَحَبَّة. احفظنا مِن الرّياء الظاهر في صورة التقوى، لنخلع الكبرياء والتعصّب، ونعيش منكسرين أمامك يا اللّه. آمين.
السُّؤَال
هل لغسل اليدين والوضوء أيّ قوّة مطهّرة أمام اللّه؟ لماذا؟