Skip to content

Commentaries
Arabic
فيلبي
  
7 - شكر الرَّسُول لِلْهِبة الماليَّة
(فِيْلِبِّي 4: 10-20)
4:10ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَِنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ.11لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ.12أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ.13أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذي يُقَوِّينِي.


فرِحَ بُولُس الرَّسُول دائماً، حتَّى وهو في السِّجن، لأنَّ المَسِيْح كان فرحه وشمسه. فاستطاع الرَّسُول أن يستمرّ في الفرح، سواء في الاضطهاد أو الشركة مع الأصدقاء، لأنَّ يَسُوع كان حياته. فآمن به وبإرشاده المطلَق في كلِّ دقيقة مِن حياته. وهكذا لم يفارقه سروره قَطّ.
وأرشد المَسِيْح أهل فِيْلِبِّي، أن يرسلوا للسَّجين هبةً ماليَّةً. ولم يَعتبر بُولُس هذا المال أهمَّ شيء، بل فرح باهتمام المُؤْمِنِيْن به ومحبَّتهم النامية، وابتهج جدّاً لأجل نمو ثمار الرُّوْح القُدُس فيهم. وهذه المحبَّة تشبه نموَّ زهور الربيع. فالنُّضْج يحتاج إلى وقتٍ وإلى صَبْرٍ.
طوبى للَّذي لا يفتكر متهلِّلاً بخلاص نفسه فقط، بل يمارس التَّضْحِيَة لأجل الآخرين أيضاً، ويعمل ما يمليه عليه قلبه وضميره. هل تعرف أخاً مؤمناً محتاجاً؟ ساعده ولا تتوانَ أو تتلكّأ أبداً.
لننظر إلى مدرسة المبشِّرين الَّتي تعارض مبادىء حياتنا المدنية وتقاليدها مائة بالمائة، حيث فتح بُولُس قلبه، وكان عليه أن يتعلَّم الجوع والشَّبع، الصَّوم والقناعة؛ لأنَّ الرُّوْح القُدُس درَّبه على العَيش في جميع الظروف بدون تذمُّر، وبدون أن يعتبر التَّقَشُّف طريقاً أو فَضلاً للبر. فالصَّوم لا يخلِّصنا، بل المَسِيْح وحده هو مخلِّصُنا الَّذي يَحفظنا.
وفي مدرسة إرشادات اللّه تعلَّم الرَّسُول أن يغلب أيضاً تجارب الغنى والرَّفاهية. فتملُّك المال ليس خطيئة، بل إنَّ الخطيئة هي التَّصرُّف بالمال بدون محبَّة، وخارج إشراف الرُّوْح القُدُس. ثمَّة أمران يتطلَّبان مِنَّا قناعة عظيمة وحكمةً بالغةً، وهما: الغنى والفقر. والمؤسِف أنَّ المدارس وعلوم التَّربية لا تُهيِّئ الأولادَ، لصراع البقاء، ولا تُدرِّبهم عليه، فيفشلون عادةً في علاقتهم بالمال وفي تجربة الغنى أو الفقر. أمَّا المَسِيْح فيعلِّمنا أن نَرضى بالجوع، وأن نَرحم في الغنى. وهو يُحرِّرنا مِن الكبرياء، كيلا نَعتبر امتلاكنا للمال، أو افتقارَنا له مقياساً لقيمة حياتنا؛ لأنَّ درجة قبولنا عند اللّه تتوقَّف على إيماننا ومحبَّتنا ورجائنا، وليس على قيمة رصيدنا المصرفيِّ.
فمَن تعلَّم في مدرسة المَسِيْح، يمكنه أن يعيش غنياً أو فقيراً، لأنه قد تحرَّر مِن مطالب الدنيا وشهواتها. فهو بالحقيقة قد أدرك أنَّ لديه قدرةً لا توجد في الآخرين. ويحقُّ له القول مع الرَّسُول: "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذي يُقَوِّينِي." وعِِنْدَئِذٍ يَقبل مِن يد ربِّه جميع ظروف الحياة، بلا تمرُّد أو تذمُّر؛ فتجري منه قوىً وبركاتٌ كثيرةٌ، لأنَّه قد مات عن أنانيته، ويحيا بالمَسِيْح الَّذي ينفِّذ سُلْطَانه الإلهي بواسطة صلَوات المُؤْمِنِيْن، وإيمانهم المشترَك، وشهاداتهم القويَّة.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْع، لقد تذمَّرنا كثيراً مِن الجوع، ونقص المال، وارتفاع الأسعار، والأمراض. اغفر لنا طمعَنا، لأنَّك أنت الحيُّ وتعتني بنا. علِّمنا التَّحرّر مِن تجارب الفقر والغنى، مِن مبادئ الرأسماليَّة والشُّيوعية، لنتقدَّس حقاً فيك، ونختبر قدرتك. إنَّك لا تتركنا، بل تعتني بنا، وتحفظنا ليلاً ونهاراً. آمين.
السُّؤَال
لماذا استطاع الرَّسُول أن يفرَح وسط الغنى والفقر؟