Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
3- مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ
(رؤيا 13: 9- 10)
13:9مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ.10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْياً فَإِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ. هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإِيمَانُهُمْ.


لا يقدر كلُّ إنسانٍ أن يَقبل كلمةً روحيَّةً. فكثيرون لا يقدرون أن يُصغوا لأنَّهم اتخذوا الشَّيطان أبا لهم (يوحنَّا 8: 43- 45). ولذلك يدعوك يسوع قائلاً: إن كانت لك أذنٌ واحدةٌ على الأقلِّ طليقة لسماع رسالتي، فدع كلمتي تجد لها مكاناً في قلبك وذهنك. لا تعش بطريقةٍ سطحيَّةٍ، بل اسأل نفسك: هل اسمك مكتوبٌ في سفر حياة الحمل؟ إذا كنتَ لا تعرف حتماً فتُب واطلب إلى يسوع أن يُطهِّر قلبك بدمه المقدَّس والتمس مسحك بروحه كي يُصبح امتيازك في المسيح واضحاً ومؤكَّداً لك (رومية 8: 26- 28).
سيصبح كلُّ نجاحٍ وكلُّ استحقاقٍ في حياتك ثانويّاً بالمقارنة بكلمة يسوع: افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ (لوقا 10: 20). الرّبّ يسوع مخوَّلٌ أن يمحو أسماء معيَّنة مِن سفر الحياة (رؤيا 3: 5)؛ وهو كذلك قادرٌ أن يضيف أسماء جديدةً في سفر الحياة فيما بعد بدافع النِّعمة. لذلك اركع واعترف له بجميع خطاياك، واطلب النِّعمة، وآمِن بقوّة دمه الذي به ستتبرَّر وتنال بالإيمان قوّة الرّوح القُدُس (يوحنَّا 20: 22) كي تحيا في الأبديَّة، بواسطة فاديك، معه وفيه.

رأى يوحنَّا دحروجة الموت التي يقودها ضدّ المسيح تتقدَّم على نحوٍ لا مفرَّ منه لتكتسح كنائسه. أمر القيصر دوميتيان جميع مرؤوسيه بعبادته وادَّعى أنَّه "ربُّهم وإلههم". وفي رسالة يسوع المسيح إلى شيوخ "سميرنا" اعترف المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ أنَّ بعض أعضاء الكنيسة الفعَّالين سيُلقون في السِّجن ويُستجوَبون ويُجرَّبون ويُعذَّبون. وستستغرق هذه الضِّيقة عشرة أيَّامٍ فقط بالنِّسبة إلى معظمهم. واجه يسوع قائد الكنيسة بالحقيقة أنَّ قطع رأسه بالسَّيف لا مفرَّ منه، وشجَّعه على أن يكون أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ كي يكون الأوَّل في كنيسته الذي ينال إكليل الحياة (رؤيا 2: 10- 11).
سيصبح الإضطهاد، في فترة ضدّ المسيح الأخير، أكثر وحشيَّةً (متَّى 24: 9- 14). وقد طبع يسوع هذا في أذهان تلاميذه كما يلي:
10: 19 فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ, لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ, 20 لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. 21 وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ, وَالأَبُ وَلَدَهُ, وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ, 22 وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلَكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ (متَّى 10: 19- 22).
يُكرِّر يوحنَّا هنا إنذارات يسوع كخلاصةٍ موجزةٍ: إذا كان على أحدٍ أن يؤخذ للأسر فإلى الأسر يمضي، وإذا كان على أحدٍ أن يُقتَل فسيُقتَل. وبذلك كتب إلى أعضاء كنيسته: لا تهربوا! فالرّبّ لن يتمجَّد فقط بالخدمة والصّلاة والتَّضحية، بل بآلامنا وموتنا أيضاً. وهكذا هيَّأ القسُّ كنيسته بأنَّ قوى الظَّلام ستهبط عليهم لا محالة. لم يتكلَّم عن نفي أو إبعاد، بل عن اضطهاد وموت. وكان الشُّجعان بين مؤمنيه قد حُذِّروا مِن قِبل يسوع: إنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ (متَّى 26: 52). هنا تتمُّ كلمة موسى التي نُطق بها في ضيقةٍ شديدةٍ: الرّبّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ (سفر الخروج 14: 14).
يُشجِّع يوحنَّا جميع الكنائس المضطهَدة على أن تصبر لا أن تيأس. إنَّ العبارة اليونانيَّة للصَّبر لا تعني فقط الإحتمال والدَّأب وعدم التَّخلص مِن العبء، بل تعني أيضاً رباطة الجأش وعدم الإستسلام سريعاً وتمالك
الأعصاب. إنَّ معنى الصَّبر في العهد الجديد هو الثَّبات حتَّى عودة المسيح القريبة. وإذ يعود المسيح لا يكون على الكنيسة أن تحاول بنفسها اتِّخاذ زمام الأمور، بل يكون لها الحقُّ في انتظار ظهوره وأعماله وانتصاره. إنَّ انتظار عودة المسيح سيهب لنفوسنا قوّة عظيمةً. يمكننا أن نصلِّي لأجل رجاء مجيء يسوع وننتظره بشوقٍ.
يُشجِّع الرَّسول الكنائس أيضاً، إلى جانب حضِّه على الصَّبر، على الأمانة في الصّلاة، ومساعدة بعضها بعضاً، والشَّهادة للمسيح مع الحكمة والتَّواضع. ينبغي أن يسمع وكلاء ضدّ المسيح وقضاته الحقيقة عن ماهيَّة الآب والابن والرّوح القُدُس. ينبغي ألاَّ نسكت خوفاً مِن الموت، بل أن نفتح فمنا ونُغلقه بشجاعةٍ تحت إرشاد الرّوح القُدُس فقط كما يأمرنا الرّوح (متَّى 26: 63- 64؛ أعمال الرسل 4: 8- 13؛ 26؛ 1- 26 وآيات أخرى). روح الآب المقيم في أولاده هو الذي يتكلَّم بواسطتهم في حالة الخطر وأمام المحكمة.
يمكن لمَن لا يجد أيَّ صبرٍ أو أمانةٍ في نفسه أن يطلب هذه المواهب مِن الرّوح القُدُس (متَّى 7: 7- 8). يُشجِّعنا يوحنَّا فيما هو يشهد قائلاً: الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ (1 يوحنَّا 4: 4). لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللَّهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهَذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ, إِيمَانُنَا (1 يوحنَّا 5: 4).

الصَّلَاة
أبانا الذي في السّماوات، نشكرك لأجل إنجيل إبنك يسوع، الذي حذرنا مسبقا من الإضطهاد العام الآتي حتما علينا، لنستعدّ بالصّبر والمحبة لإحتمال سقوط بُغضة إبليس علينا. ونطلب إليك أن تخلص من يشتاق إلى الحق، ليتجدّد ويمتلئ بروح محبة المسيح، بعدما طهّره بدمه الكريم. آمين.
السُّؤَال
لماذا لا مكان للخوف في المحبّة؟ لماذا يغلب الإيمان بالمسيح العالم؟ لماذا يمنعنا المسيح من الإضطراب إن وقفنا أمام أعداء المسيح ولم نعرف ماذا نشهد لهم؟