Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
4- العذاب الأبدي للسَّاجدين للوحش
(رؤيا 14: 9- 11)
14:9ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ, إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ, وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جِبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ,10فَهُوَ أَيْضاً سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللَّهِ الْمَصْبُوبِ صِرْفاً فِي كَأْسِ غَضَبِهِ, وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْحَمَلِ.11وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَاراً وَلَيْلاً لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ.


كان الشَّيْخ الجَلِيْل في منفاه مدركاً روح وطرق الوحش المضاد للمسيحيّة وشركائه النبي الكذاب وبابل الزّانية. فلفت انتباه كنائسه في أَسِيَّا الصُّغْرَى، كإنذارٍ أخيرٍ، إلى دينونة الملاك الثالث الخطيرة كي يحفظهم، كراعٍ صالحٍ، مِن عذاب جهنَّم.
نادى الملاك الثَّالث بصوتٍ حادٍّ وجليٍّ قائلاً إنَّ كلَّ نوعٍ مِن أنواع السُّجود لابن التِّنين ولصورته المتكلِّمة سيؤدِّي حتماً إلى النَّار الأبديَّة. لا بدَّ لكلِّ مِن ينفتح للرّوح الشرّير للوحش الطالع مِنَ البَحْرِ ويسجد لعدوِّ المسيح مِن أن يُدان ويُعاقَب سواء فعل ذلك عمداً وعن سابق تصوُّرٍ وتصميمٍ أو ظاهريّاً ومراءاةً فقط إتماماً لواجبه، سواء فعل ذلك بإرادته أو ضدّ إرادته. إنَّ التَّسليم المتعمَّد لابن الشَّر وكذلك مجرَّد الإتِّصال الظَّاهري أو الإتِّصال الشَّكلي به يجعلان الإنسان شريراً إلى حدِّ أنَّه لا يكون ملائماً بعد للسَّماء. الخيار الوحيد الباقي هو حرقه. انتصاراً للحق والمستقبل لا بدَّ مِن إهلاكه وإبادته مع ابن الشِّرير. إنَّ قبول علامة الوحش على الجبهة أو على الذِّراع يعني إعلان الإنتماء إلى عدوِّ الحَمَل والإبتعاد المقصود عن ابن الله المخلِّص الوحيد مِن غضب الله.
يريد يوحنَّا أن يقود كنيسته إلى شهادةٍ صريحةٍ للمسيح حتَّى ولو عنى هذا الإعتراف الموت. إنَّ إعلان الإنتماء لحَمَل اللهِ هو أهمُّ مِن أيِّ عقابٍ دنيويٍّ. وكلُّ مَن يظنُّ أنَّه يقدر، رغم ذلك، أن يخدم الله والمال، المسيح والوحش، الرّوح القُدُس وبابل الزّانية، هو ساذجٌ ولم يعرف الله ولا الشَّيطان ولا شرَّه الخاص. ليس ثمّة خلاص إلاَّ بيسوع المسيح. ومَن يرتبط بآلهة أو أرواح أو قادة أو قوى أو أحزاب أو منظمات كنسية أخرى ويعلِّق آماله وثقته فيها ستزل قدمه ويهوي بعيداً. يسوع وحده مخلِّصنا وفادينا والرّاعي الصّالح. هو الرّبّ وديّاننا. وفي هذه الحالة لا تنفع لعبة المراءاة المزدوجة. إنَّ القوى المضادّة للمسيحيّة ترغمنا على اتِّخاذ قرارٍ صادقٍ وسارٍ إلى الأبد للسّير مع المخلِّص يسوع المسيح أو ضدّه.

سيُبتَلى كُلُّ مَن يسلّم نفسه لعدوِّ الله، أو يتلاعب لتحقيق نفعٍ منه، بقدرٍ كبيرٍ مِن غضب الله. لقد أحبَّ اللهُ العالم إلى حدِّ أنَّه ضحَّى بابنه الوحيد لأجل الخطاة الفاسدين ليُبرِّرهم ويمنحهم حياته الأبديّة (يوحنَّا 3: 16). فمَن ينبذ بازدراءٍ محبَّة الآب والإبن والرّوح القُدُس، هذه المحبّة ا القدّوسة، ويرفضها بمحض اختياره أو بدون مبالاةٍ ستقع عليه وطأة غضب الله العظمى. سيُسلمه الإله الأزلي للعقاب الذي يستحقُّه. فبينما هو يحتقر الخلاص المُعَدَّ له يدين نفسه ويختار هلاكه المحتوم بسبب خطاياه وعدم إيمانه. وهنا لا يجري الحديث عن مطهر أقصر أو أطول، كما في الإسلام أو الكنيسة الكَاثُوْلِيْكِيَّة، بل عن عذابٍ أبديٍّ يتضمَّن توبةً متأخِّرةً وتبكيت ضمير متواصلاً بالإضافة إلى الآلام الخارجية والكرب واليأس. ينبغي لنا كمسيحيين أن نتكلَّم أكثر عن حقيقة جهنَّم كي ننقذ أعضاء الكنيسة، وإلاَّ فسيشتكي المعذَّبون على رعاة كنيستهم ومعلِّميهم لأنَّهم تكلَّموا عن نعمة الله ومحبَّته فقط وسكتوا عن حقيقة دينونته وقصاصه.
لعلَّ الذي اختبر لذعة الحريق في أصابعه أو في أيِّ مكانٍ آخر في جسده يستشعر ما معنى أن يكون إلى الأبد في نار غضب الله. والذي تنفَّس يوماً في نتن الكبريت أو كان على وشك الإختناق بالدُّخان سيعلم كم يتلهَّف المرء في مثل هذه الحالة على الهواء والأكسجين. في المسيح وحده نجاتنا مِن نار ودخان جهنَّم. مع يسوع ثمَّة هواء نقي وماء عذب وراحة وسلام ومحبَّة وفرح.

أمر الملاكُ يوحنَّا أن يصف الواقع الأبديَّ بطريقةٍ قاسيةٍ ليُنذر كنائسه ويهزَّها. ينبغي لهم أن يفضِّلوا الموت الجسدي بحدِّ السَّيف على الموت الأبدي في نار الدَّينونة الإلهيَّة. لا يمكن كثيراً مِن الناس أن يتغلَّبوا على خطر الإرتداد خوفاً مِن الموت وتجربة السُّجود للوحش وصورته إلاَّ بواسطة الهلع والخوف مِن غضب الله. وفي هذه الحالة لا بدَّ مِن اتِّخاذ القرار: الله أو الشَّيطان، المسيح أو ضدّ المسيح، الرّوح القُدُس أو جهنّم العذاب.
ضحَّى يسوع بنفسه لأجلنا، وهو يعرفك حتَّى أنت وقد خلَّصك بدافع محبَّته. فإذا رفضت هذه العطيّة بالنعمة سينظر يسوع وملائكته القديسون إليك في عذابك وهم ممتلئون حزناً كي تدرك وتقول: أنَّ "الله صالحٌ. وحَمَله أراد أن يُخلِّصني، ولكنني اخترتُ شركة الوحش. خفت مِن النَّاس أكثر مِن الله وحَمَله". سيصبح المسيح، بوصفه الديّان، شاهداً لقصاصك. لا بدَّ له، بسبب قداسة مَن محبَّته لا تنقطع، مِن أن ينظر إلى عذاب الذين سلَّموا أنفسهم للأصنام، والأرواح الشِّريرة، وضدّ المسيح.
زاد الملاك مِن حدَّة إنذاره وأكَّد أنَّ عذاب الذين يحبُّون الزَّانية، وأتباع النبي الكذاب، والسَّاجدين للوحش سيدوم بلا انقطاعٍ، وبلا نهايةٍ، وبدون استراحةٍ وبدون أيِّ اعتراضٍ أو فيتو مِن دهرٍ إلى دهرٍ. لأنَّ ما مِن خطأ أعظم مِن احتقار محبَّة الله وتفضيل الضَّمانات البشريَّة عليها. مِن المستحيل اللَّعب على حبلين في المدى الطَّويل. إنَّ مَن يسجد للوحش وصورته ويعترف بذلك علانيةً بحمل علامته يكون ينفصل عن الخلاص بالمسيح وعن الله ويختار إبليس وابنه شريكاً للأبديَّة. يومٌ واحدٌ في جهنَّم هو بمثابة ألف عام.
الفلسفة الإنسانيَّة التي تؤكِّد على قدرة الإنسان على تحقيق الذَّات من طريق العقل وترفض الإيمان بأي قوّة خارقة للطَّبيعة هي كذبٌ وافتراءٌ. ليس أحدٌ صالحاً وقادراً على تخليص نفسه بنفسه. حتَّى المعرفة الثَّمينة لا تأتي بأي تقدُّمٍ لذاتنا الأنانية. دم المسيح وروحه القدّوس وحدهما يُخلِّصاننا ويقدِّساننا. ومَن يرفض هذا الخلاص بالنِّعمة يتحمَّل اللَّوم بنفسه ويختار بذلك دينونته. يُنذرنا الله المُثَلَّث الأَقَانِيْمِ في محبَّته القدّوسة. ليست ثمَّة "خلاصيَّة" كما يزعم البعض أنَّ جميع الناس سينعمون آخر الأمر بالخلاص، بل خلاص أو دينونة فقط.

الصَّلَاة
أيّها الآب الحنون، إسمك قدّوس، ومحبّتك مقدّسة، وترشدنا لنسلم أنفسنا إلى المسيح ولا إلى إله آخر ولا إلى الدّجّال أو أي روح وقوّة أخرى. أنت أبونا الوحيد ألأمين ألوفيّ. ساعدنا أن نتجاوب بمحبتك لنا بالمحبة الموهبة لنا، فنثبت في إبنك يسوع. إمنح لنا ألاّ نطيع دضّ المسيح مهما يكلف ألأمر، وساعد أصدقائنا وأقربائنا ألاّ يخضعوا لإبن الشرّير أبدا. آمين.
السُّؤَال
لماذا سيغضب ألله على السّاجدين للدّجّال غضبا مهلكا؟ لماذا لن يجد أتباع ضدّ المسيح راحة لأنفسهم، بل سيقاسون عذابا أبديا؟