Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
ثانياً: رسائل يسوع المسيح المقام مِنْ بَيْن الأَمْوَاتِ
إلى الكنائس السّبع في أسيا الصّغرى
(رؤيا يوحنا 2: 1- 3: 21)

رسالة يسوع المسيح إلى ملاك كنيسة أفسس
(رؤيا يوحنا 2: 1- 7)
2:1اُكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ, هَذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ, الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ,2أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ, وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ, وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلاً, فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ.3وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْرٌ, وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ.4لَكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى.5فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ, وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى, وَإِلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا, إِنْ لَمْ تَتُبْ.6وَلَكِنْ عِنْدَكَ هَذَا, أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضاً.7مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللَّهِ.

كانت أفسس العاصمة البارزة في مقاطعة أسيا الرُّوْمَانية، و قد سمع أهلها الإنجيل منذ أكثر من 30 سنة (من 55 ب. م.). منع الروح بولس الرسول مرارا ًأثناء سفرته التبشيرية الثانية من دخول العاصمة (أعمال الرسل 16: 6- 8).
و لكنّه في سفرته التبشيرية الثالثة مكث ثلاث سنوات في مركز أسيا الصّغرى الثقافي والاقتصاديّ وبشّر هناك علانيةً (أعمال الرسل 19: 8- 10؛ 20: 31). بَيْدَ أَنَّ ثورة صاغة الفضّة سبّبت هيجاناً وسط أهل أفسس ضدّ الكنيسة المسيحيّة (أعمال الرسل 19: 23- 20: 1). تتميّز كلمة بولس الوداعيّة الموجّهة إلى أساقفة الكنائس في هذه العاصمة ومحيطها بأثرها الكبير في أعمال الرسل (أعمال الرسل 20: 17- 35). كتب بولس أثناء إقامته الجبريّة رسالته الأخيرة إلى أعضاء كنيسة أفسس (أفسس 3: 1؛ 4: 1) وسمّاهم "القدّيسين في المسيح" (أفسس 1: 1).
ربّما كان مساعده تيموثاوس هو المشرف على الكنائس في هذا المركز الإداري المتعدّد الثقافات بعد قطع رأس بولس سنة 63 ب. م. في رومية وصلب بطرس سنة 64 ب. م. أمّا يعقوب أخو يسوع فكان قد رجم بالحجارة سنة 62 ب. م. في القدس. وأخيراً أسرع يوحنا الرسول المتبقي إلى أسيا الصغرى ليحمل أعباء هذا المركز الجديد لكل المسيحية، فكان له كشاهد عيان لحياة يسوع سلطان واحترام بين المؤمنين. ولكنّ الرب يسوع نقله كحجرة شطرنج من العاصمة أفسس إلى جزيرة بطمس النائية ليكتب من هناك رسائله المعزّية إلى كنائسه ويدوّن الرّؤى عن نهاية الزّمان لإنارة المسيحية في الأجيال كافّة.

سمع يوحنا أمر يسوع المسيح بكتابة رسالة رعوية إلى المسؤول عن كنيسة أفسس (المدعوّ هنا ملاكاً أو رسولا). لم يمدح الرسول الكنيسة أو ينتقدها من ذاته، بل دوّن ما أملاه يسوع المسيح حرفياً. كان الرب نفسه هو المتكلم المباشر مع المسؤول عن الكنيسة وأعضائها.
تبدأ الرسائل السبع بطلب يسوع المسيح من يوحنا الكتابة إليهم. عرّف الرب نفسه في هذه الرسائل بألقاب وأسماء مختلفة أخذها من مقدمة هذا الكتاب ومن الرؤيا الأولى (رؤيا 2: 1 و 8 و 12 و 18؛ 3: 1 و 7 و 14).
يلي هذا التعريف عن المرسِل وصف الحالة الروحية لكل واحد من المسؤولين في الكنائس وحالة أعضائها. توجّه الرب، نتيجة لهذا التحليل، إلى خمس من هذه الكنائس بطلب فوريّ للتوبة وتغيير الذهن كيلا ينفذ تهديده لهم، أمّا الكنيستان الأخريان فكتب الرب إليهما، عوضاً عن طلب التوبة، تشجيعاً لهما على الثبات وسط المشقات.
عرض يسوع في نهاية كل رسالة وعوداً بهيّة، شريطة أن يتغلب رعاة الكنائس على تجاربهم بقوّة الرُّوْح القدُس. وهذه الوعود الاثنا عشر هي إشارات إلى إتمام الخلاص الآتي كما هو مكتوب بالتّفصيل في الأصحاحات 19 إلى 22 من كتاب الرؤيا هذا. تبدو رسائل الرب، بهذه المبادئ، منسجمة مع الكتاب كله في تطوّر نهاية الزمن الآتي.
عندما عرّف يسوع بنفسه في رسالته إلى راعي الكنيسة في أفسس سمّى نفسه: "هذا يقوله الممسك الكواكب السّبعة في يمينه"، فأرشد يوحنا إلى أوّل مشهد لمحه في رؤيا ابن الإنسان المجيد وديّان العالم، وأكّد لراعي الكنيسة في أفسس أنه الرب الذي لم يترك الكنيسة ولم ينسَها بالرغم من نفي يوحنا، وأنه يحفظه مع الرعاة الآخرين بيده اليمنى المباركة.
بالإضافة إلى ذلك، يمشي الرب الحي في وسط المناير السبع الذهبية.
فحضور يسوع المسيح الفعّال لا يختبره المشرفون على الكنائس وحدهم بل أعضاؤها أيضاً. وهو بصفته رئيس الكهنة يملأ المناير الذهبية بزيت الرُّوْح القدُس كي يظلوا مضيئين، وينظف فتائل ذكرهم ليصبحوا شعلة واضحة. ويهتم الرب بعدم انقطاع طاقة إضاءتهم. لا حاجة لاتكالهم على أنفسهم لأنهم ليسوا متروكين. فالرب يهتمّ بكل واحد من خدامه وأعضاء كنائسه.

يوضح تشخيص الرّب أنه يعرف بالضبط الأعمال الناقصة والكاملة عند راعي الكنيسة في أفسس. فيسوع هو العليم الحكيم. لا يتدخّل بجفاء عندما لا يعجبه أمرٌ ما، بل ينتظر وينظر في العمق الباطني لكل واحد. يذكر أعماله الهامة وحتى البسيطة، ويشهد بأنّ العمل في الكنيسة وبخاصة في خدمة التبشير، عند غير المسيحيين، عملٌ شاقّ. لا يدوم العمل عند البعض ثمان ساعات يومياً فحسب، بل تتطلب خدمة الممرضة أو القابلة استعداداً في كل حين. نقرأ في العهد الجديد أكثر من عشرين مرّة كلمة "عمل" عوضاً عن "خدمة روحية". لا يأتي شيءٌ من لا شيء. فينبغي لرعاة الكنائس أن يركضوا ويتكلّموا ويخدموا ويصلّوا. تدفعنا محبّة يسوع المسيح وتحثّنا على الذهاب إلى جيراننا وإلى أعضاء كنائسنا لنقدّم لهم نعم يسوع من ملئه. لم يأمرنا يسوع المسيح بالبقاء جالسين في صالات الكنيسة، بل أمَرَنا بالنّهوض والإسراع والركض والعمل وتلمذة الشعوب. يريد يسوع أن يكسر دوراننا حول أنفسنا لنتقدم إلى الذين هم خارج الكنيسة. ولقد أسّس يسوع في أفسس بالفعل حركة روحية وعمل باجتهاد.

اختبر المؤمنون ورعاتهم في أفسس أثناء تضحيتهم كصانعي سلام مقاومة عنيفة من خدّام الأصنام ومن اليهود الذين تمسّكوا ببرّهم الذاتي بحفظ الشّريعة، فرفضوا نعمة المسيح.
سمّى بعض أبناء يعقوب أنفسهم مسيحيّين، ولكنّهم كانوا يهوداً أكثر منهم مسيحيّين. تكلّموا بمصطلحات مسيحيّة، ولكنّهم قصدوا في النهاية برّاً
من أعمال خاصّة. ظهروا بثوب نقي وكانت لهم معرفة جيّدة بالتوراة والأنبياء. كانوا في الواقع منافقين خطرين، سمّاهم يسوع "أشراراً". لا تعني التقوى دائماً الإيمان الصحيح بيسوع أو أتّباعه بأمانة. فقد تكلم الشيطان مع حواء ومع يسوع، واستخدم كلمات الكتاب المقدّس لكي يجرّبهما. أراد أن يضلّ حواء من خلال مساواتها بالله في معرفة الشر فوق الخير المعروف لديها، فكذب عليها علانية. جرّب يسوع أيضاً ليعمل الخير والعجائب بدون الصَّلِيْب، وادّعى مضللاً أنّ كل غنى وسلطان هذه الأرض هما له.

يظلّ من واجب راعي الكنيسة أن يفحص جميع المتكلّمين والضّيوف والمبشّرين بالإنجيل والأنبياء والذين يريدون أن يخدموا في كنيسته. علمنا يوحنا في رسائله أسلوباً معيّناً لمعرفة مَن هو الرّوح ضدّ المسيح: فكلّ من ينكر أنّ يسوع هو ابن الله لا يعرف الآب أيضاً (1 يوحنا 2: 23- 25؛ 4: 1- 5). وكان يسوع قد أوضح في السابق: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ" (متى 7: 15- 23).
من يأتي بدين محترم منكراً الآب و الابن والرُّوْح القدُس الإله الواحد فهو لا يعرف الله بجوهره، بل يضلّ أتباعه ويربطهم بعيداً عن محبّة الله وخلاصه. فلا يحلّ الرُّوْح القدُس في قلبه بالرغم من تقواه الظاهرة، بل يظهر في حياته الرياء والتعصب، لأنه يؤمن بتقواه المبنيّة على أعماله الخاصّة، فلا يعرف أنه خاطئ هالك، ولا يعترف بخطاياه، بل يرفض صليب المسيح؛ فلا غفران عنده، ولا راحة للنفس، ولا يقين في الحياة الأبدية، بالرغم من كلّ تقواه و تديّنه المخلص.
يأتينا المذهب الإنساني Humanism بلطف وحنان ليعلمنا أنّ الإنسان صالح ولا يحتاج إلى التوبة والمغفرة والولادة الثانية. وقد انبثق الكثير من النظريات العلميّة الملحدة من هذا التضليل المغري، كالزواج من شركاء من الجنس الواحد (المثلية الجنسية)، وهو ما يعتبر غالباً عند أتباع هذا المذهب "أمراً طبيعياً" بالرّغم من كونه انحرافاً جنسياً وأخلاقيّاً شائناً.
يجب على رعاة الكنائس المنتعشة أن يميطوا اللثام عن هذه النظريات العالمية وأن يسمّوا هذه الأكاذيب بمسمّياتها. فلا يجوز لنا أن نتساهل مع هذه المبادئ المتعدّدة الثقافات ولا أن نغوص في مستنقع الحضارة المتعدّدة الأطراف.
قال بولس إنّ ضلالات قويّة سوف تدخل الكنائس؛ وينتظر المسيحيون بالاسم غير التائبين تطوّرات مثيرة خلابة وأفكاراً جذابة تحجب عنهم استياء الصَّلِيْب. ليست عبادة الشيطان المكشوفة هي وحدها التي تبعد الإنسان عن الله وتضلله، بل كل فكر غير مرتكز على الصَّلِيْب، كعبادة مريم العذراء Mariolatry أو السّجود لها في بعض الكنائس، ومناصرة السّامية Philosemitismus , والمساواة بين الجنسين Feminismus ، وقوانين الإجهاض، والحساسية الوطنيّة الزائدة. تشبه هذه الحركات كلّها ألف صنّارة يحاول الشّرير بواسطتها أن يجذب إليه المؤمنين الضعفاء أو غير المؤمنين. مَن لا يثبت "في المسيح" وحده ويصلّي قائلاً: "لاَ تدْخِلنا فِي تجْربَةٍ لَكِنْ نَجِّنا مِنَ الشِّرِّير"
فلينظر كيف يمكنه أن يتهرّب من سلطة الشّرير. إبليس أقدم منّا, وهو يعرف نقاط ضعفنا تماماً. ليس يسوع منقذ الخطاة الهالكين البعيدين فحسب بل هو أيضا مخلص المؤمنين الثابتين من حيل الشرير وسلطته.
قال يسوع إنَّه الصّراط المستقيم والشّريعة الواقفة وينبوع الحياة الأبدية. "لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يوحنا 14: 6). من لا يقبل شهادة يسوع عن نفسه ينفصل عن ابن الله المصلوب وخلاصه التام لكل إنسان. لا تكفي الكلمات الرنانة. إنّ الإيمان بوحدة الثالُوْث الأقدس هو حياتنا وحفظنا. وما أصوات مذاهب التلفيق إلاّ إغراء شيطانيّ سرعان ما ينقلب إلى تعصّب أعمى واضطهاد على الذين لا يفكّرون تفكيرهم نفسه. فيجب على رعاة الكنائس أن يظلوا صاحين روحياً وأن يطلبوا بتواضع موهبة تمييز الأرواح.
ربّما كانت للمضللين في أفسس مواهب روحية خاصّة يبرزونها ويدّعون بمعجزاتهم المؤثرة أنهم رسل المسيح الرسميون، ولكن لم يكن أحدهم شاهد عيان لسيرة المخلص الحنون وموته. لم يكن المصلوب المقام من الأموات مركز تعاليمهم. فانفصلوا بذلك عن ينبوع الرُّوْح القدُس، لأنه لا روح بدون ذبيحة الكفارة على الصَّلِيْب التي هي نبع البركة الإلهية.

إنّ الشّهادة بمثل هذه الكلمات نادرة سواء في الحياة الدّنيا أو في الكنيسة. لم يهرب راعي الكنيسة في الشّدائد، بل برهن على ثباته وصموده واحتماله المشقّات والاتهامات والمعاداة ومحاولة الانشقاق بصبر مثالي. جاهد جهاد الإيمان الحسن واجتاز مراحل النضج وطهر بواسطة الآلام (رومية 15: 4). لم يكتفِ بالإيمان بالله عامّة، بل دافع عن اسم يسوع علانية. وجّه الكنيسة بأحاديث فرديّة، وفي اجتماعات البيوت، وفي الوعظ الرّسمي عن الآب والابن والرُّوْح القدُس، ومارس الصّلاة. لم يكلّ بالّرغم من النّكسات ومن المرائين الذين لا يحبّون النّصح، بل طارد الأرواح المظلمة الآتية في لباس عصري، لأنها فارغة من مضمون الإنجيل ومن القوّة الرّوحية.
أرشد الراعي كنيسته بحكمة للاشتراك في الخدمات العملية، وشجّعها مراراً على أعمال المحبة في سبيل يسوع المسيح. وهكذا أصبحت الكنيسة الرئيسية في أسيا الصغرى مزدهرة وصارت قدوة حسنة لكثيرين. ولعلّ بعض شيوخ الكنيسة لم يجدوا الوقت الكافي للصّلاة والتأمّل بسبب عملهم المرهق ونشاطاتهم المتراكمة، فبذلوا ما في وسعهم للخدمة، ولكنهم لم يرفّهوا أنفسهم في حضرة يسوع فظلوا مشغولين فوق طاقتهم.
الصَّلاة: نشكرك أيُّها الرّاعي الصالح، لأنّ الرّاعي في كنيسة أفسس، والرّعاة في الكنائس الأخرى خدموك باستمرار، وتعبوا بصبر، وميّزوا الأرواح النّجسة في البدع الداخلة في كنائسهم. هيّأ الرّعاة والأساقفة، وأعضاء الكنائس ليخدموك أيضاً باستمرار. واقلع عنا الكسل والبخل، لتظهر محبّتك فينا جلياً.

وقع انتقاد يسوع على راعي الكنيسة المجتهد وقوع الصّاعقة، لأنّ يسوع كشف انشغاله وغرقه في الأعمال الكثيرة وتكاثف جدول أعماله، فأصبح متعصّباً للحقّ بالرغم من أمانته في الخدمة. لم يقل الرب إنّ راعي الكنيسة لم يخدم بمحبّة، لأنّ خدماته الكثيرة برهنت على معنى تضحيته.
قام الانتقاد على نوعيّة المحبّة: هل هي متّقدة ومتحمّسة ونقيّة كمحبّة الطفل لأبويه ومطمئنة ومتوّجة بالتهليل، أم فارغة من هذه الصّفات؟ كافحت الكنيسة والمشرف عليها كفاحاً عنيفاً لأجل حقّ الإنجيل. وأسرفا في اهتمامهما بكشف الكذب وردّه وإبطاله. كان كفاحهما موجّهاً ضدّ الشّرير نفسه. برّدت الغيرة للحقّ المحبّة في الكثيرين، كما حذّرنا يسوع: "لِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ" (متى 24: 12- 13).
بيّن يسوع بنفسه ما هي المحبّة الأولى. قبل يهوذا كصديق حين قبّله قبلة الخيانة على وجنته. صلّى على الصَّلِيْب في عاصفة الآلام المؤلمة: "يَا أَبَتَاهُ, اغْفِرْ لَهُمْ, لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ" (لوقا 23: 34). ضحّى يسوع بكلّ ما لديه لكي ينجّينا نحن غير المستحقّين الظالمين. محبّة المنقذ هي جوهر المحبّة الأولى.
يحثّنا الرُّوْح القدُس على أن نحبّ أعداءنا. فمن يتبع يسوع يصلّي لأجل الذين يسيئون إليه ويضطهدونه. ينبغي لنا ألاّ نبغض الكاذبين بل أن نحبّهم. لا يجوز الاستخفاف بالحقّ، بل يجب إعلانه بلباقة. فمن يباشر بالحق بدون محبة يشبه قاتلاً معنوياً، أمّا من يمارس المحبة بدون حقّ فهو يشرف على خطر مداهنة الآخرين والكذب عليهم. ينبغي أن نجمع بين المحبّة والحقّ، فهذا الجمع هو الفنّ في إرشاد الرُّوْح القدُس.
فعلنا المحبّة الأولى لنشكر الآب والابن والرُّوْح القدُس من صميم القلب لأجل محبّته العميقة التي لا يسبَر غورها، ولأجل نعمته ورحمته وصبره علينا. و تصعد عاصفة الحمد من الذين اختبروا خلاصهم وتقديسهم بنعمته. ليت هذا الحمد لا يخمد بعد فترة وجيزة، بل ليت الابتهاج والشّكر يرافقاننا إلى الأبد. هل انتهت التّرانيم والتّسابيح في قلوبنا؟ هل انقطع الوتر الروحي في فؤادنا؟ لا يمارس المسلمون عادة الترانيم في عبادتهم، أمّا المسيحيّون فينتعش فرحهم من ترانيمهم. عبادة المحبوب هي سرّ تسليمنا أنفسنا لمن أحبّنا أوّلاً. ليست عبادتنا مبنيّة على الخوف من الله، بل على الشكر والحمد لأجل محبّته الأبدية.
لخّص يسوع وصايا العهد القديم والعهد الجديد معاً في جملة واحدة: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ, أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا" (يوحنا 13: 34- 35). بهذه الوصيّة جعل يسوع نفسه مقياس المحبّة الحقّة. المحبّة الأولى هي تلك التي أحبّ يسوع بها الله والنّاس. ففيه ومعه وبواسطته فقط نستطيع أن نمارس محبته الأولى.

يجب علينا ألاّ نَغفل وننتقل إلى جدول أعمالنا متى أنّبَتْنا كلمة الله، بل أن نصمت ونراجع ضميرنا. تبدأ خطايانا بالصراخ في هدوء أمام الله: "اعرف من أين سقطت". لكن لا تبقَ منكسراً، بل قف واعترف بخطاياك لله وتصالح مع عدوّك. إن كنت تبغض إنساناً في قلبك فمحبّتك الأولى لا تتطوّر فيك. اغفر لخصمك لأنك إن لم تغفر لا يغفر لك الله أيضاٌ. متى انكسر كبرياؤك وغلب حقدك تصبح كالماء في يد الله. عندئذ يسكب فيك روحه القدّوس ويهبك به محبّته الأصلية التي تدفعك إلى الشّهادة والخدمة الخيرية العملية والصلاة المستمرة. يتمنى يسوع أن يتمثّل فيك وأن تكمل قوّته في ضعفك (رومية 5: 5).
قليلون هم الذين يتوبون لأنّ أكثرية البشر لا يعرفون خطاياهم ولا يريدون أن يعترفوا بها، مع العلم أنّ التوبة هي عمل مفرح لأنها تحرّر النفس وتخلق في الإنسان الإرادة ليتخلّى عن خطيئّته ويبغضها ويصحّحها في حالات معيّنة. يدفعنا الرُّوْح القدُس لنعيد الممتلكات التي لا تخصّنا إلى أصحابها ونسألهم الغفران. لا بدّ لكبريائنا وعنادنا وأنانيتنا وبخلنا من أن تموت لينمو فينا تواضع المسيح وفكره.
ليت التّائب لا يبقى في كآبته ولا يحاول أن يصلح نفسه بنفسه، بل يقوم بقوّة يسوع متطهّراً بدمه الثمين ويتقوّى في محبّته ويشترك في الخدمات المختلفة في الكنيسة. إنما لا يمارس هذه الخدمات آليّاً بدون محبّة وبسرعة واضطراب، بل بلطف وفرح وهدوء الرّوح في حضرة المسيح.

تبدأ دينونة الله بكنيسته. سيدين الرّب الرّعاة أوّلاً ثمّ رعيّتهم بكلمته التي تخترق قلوبهم وكبرياءهم وتوقف انشغالهم الفارغ.
اضطرّ يسوع أن يهدّد راعي الكنيسة في أفسس بكلمة صارمة لكي يتعقّل وسط انشغاله وقساوة قلبه، وليخلّص في الوقت نفسه المؤمنين في كنيسته من تقليدهم للراعي كيلا يفقدوا الحياة الرّوحية الأصلية. لقد رفع الرّب أمام الراعي علامة "قف". لا يمكن أن تستمر. وإن لم تتغيّر من كيانك آتي إليك وأقاصصك. فما هو قصاص محبّة يسوع؟ قال الرب إنِّي آتي بنفسي لأصلح الراعي المجتهد بارد القلب. لا يعني مجيء المسيح فرحًا وابتهاجاً فحسب، بل أيضا قصاصاً وتربية للأحبّاء بتأديبهم الأليم إن لم تتغيّر أذهانهم وطرقهم.
لم يقل الرّب سأطفئ منارة الكنيسة أو أسقطها، بل أزحزحها قليلا، أي انه يأخذها ويحرّكها جانباً. إذا لم يشعر أعضاء الكنيسة بالمحبة عند راعيهم وافتقدوا العناية الروحية ولم يسمعوا في عظاته صوت الراعي الصالح فسيتركونه ويذهبون إلى كنيسة أخرى يشعرون فيها بالغذاء الروحي والتّعزية والقوّة ومحبّة الله.
لم يهدد الرب بتدمير الكنيسة المذكورة، بل بتفريق الرّعية وسلبها من الراعي المشغول والفقير بالمحبة.غالباً ما يشير الفراغ في الكنائس إلى نقص في التوبة عند رعاة الكنائس وشيوخها. ينبغي لهم أن يتواضعوا وأن ينحنوا في حضرة يسوع المسيح لكي يغفر لهم ويملأهم بمحبّته الحارّة. عندئذ تنتعش الكنيسة مرّة أخرى وتنال قوّة إشعاع جديدة وحيوية الرُّوْح القدُس. ويهدي هذا الروح التائبين السامعين صوته إلى الذين ينتظرون التشجيع والتعزية والإرشاد.

لا نعلم اليوم بالضّبط مَن كان النقولاويون في أفسس، ومِن غير المتوقّع أن تكون لهم علاقة بنيقولاوس المذكور في (أعمال الرسل 6: 5) لأنّ الأخير كان شماساً موهوباً و مجتهداً. ولعلهم كانوا أعضاء في إحدى الكنائس أو في جماعة متعاطفة مع الذين حاولوا أن يعقدوا صلحاً زائفاً مع الوثنيين أو اليهود في أفسس، فحاولوا التقرب من الذين يفكرون خلافاً للإنجيل. وربما وافقوا على أنّ البرّ يقوم على حفظ الشريعة الموسوية وعلى الختان، أو ذهبوا إلى عبَّاد الأصنام واشتركوا معهم في أعيادهم المبنية على الذبائح في هيكل أرطميس حيث كانت النساء والنبيذ والغناء تجذبهم إلى الخلاعة والمجون والفحش.
أكّد يسوع لراعي الكنيسة أنه أصاب عندما أدان وأبغض الحركة التي كانت تسعى إلى مزج الأديان بعضها ببعض. لم يرفض النقولاويين كأشخاص بل رفض أعمالهم فقط. يكره يسوع الخَطِيئَة ولكنَّه يحب الخاطئ. طرد الأرواح النجسة بل وحرّر المجانين. يحثّنا الرُّوْح القدُس على أن نحبّ كل إنسان، ولكنه يحثنا أيضاً على أن نكشف أخطاء هذا الإنسان ونوبّخه. يجب على المسيحي أن يحب الهندوس والبوذيين والمسلمين واليهود من كلّ قلبه، ولكن ينبغي له أن يرفض تعاليمهم وأعمالهم ويميّز أرواحهم المضادة لابن الله المصلوب ويبغض هذه الأرواح النجسة.
قال يسوع صراحةً وهو محبة الله المتجسد إنَّه يبغض أيضاً أعمال النقولاويين. ما أشد هذا الحكم الإلهي! لا يسمح الرُّوْح القدُس بحل وسط مع الخَطِيئَة، فهو بذاته قدوس يقدّس من يتبع يسوع ويفصلنا عن المذاهب الأخرى كلها وعن الذين يعارضون روح المسيح لكي لا نشترك معهم في معاملاتهم النجسة والخبيثة. لا يسمح يسوع بحل وسط أو بالاقتراب من الظلم، لكن يدفعنا روح يسوع في الوقت نفسه لنحترم الهندوس والبوذيين والمسلمين واليهود وغيرهم، ونكرمهم، ونصلّي لأجلهم، ونضحّي في سبيلهم، ونقدّم لهم بشرى الخلاص، ونخدمهم دون أن نوافق على سلوكهم المضاد للمسيح، ودون أن نشترك معهم في ذلك. إنّ بغض الخَطِيئَة ومحبة الخاطئ عمل يفوق طاقة الإنسان، وهو عطية يسوع المسيح. كانت ثمرة هذا التوتر خطة خلاص الله، حتى انه بذل ابنه الوحيد، وهو يدفع أيضاً كل مسيحي ليَثبت في المحبّة الأولى، وفي الوقت نفسه ليبغض الأرواح الشريرة.

كتب اكلمنس من الإسكندرية: "الإيمان هو أذنا النّفس". وقال يسوع: "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي". هذه نعمة الله أن يكلّمنا ونسمع كلماته ونلاحظها ونفهمها. يقصد يسوع أن ينظّف آذاننا من صمغ البرّ الذاتي والاكتفاء بأنفسنا وأشغالنا الكثيرة لكي نتعلم الإصغاء إليه في هدوء.
ينبغي لنا أن نطلب إلى يسوع أن يساعدنا على ألاّ نصغي إلى أية أصوات أخرى، بل إلى ما يكلّمنا به الرُّوْح القدُس. نحتاج إلى موهبة تمييز الأرواح لكي لا نصغي إلى صوت الشيطان ظانين أنه صوت الله، كما تخيّل بعض (الأنبياء) أنهم رسل الله فأصبحوا رسل الشيطان.
يمجّد الرُّوْح القدُس دائماً يسوع ابن الله المصلوب والمقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، كما يمجّد الابن الآب ويقدّس اسمه في كلّ حين. إنّ جميع الأصوات التي لا تعترف بالآب والابن والرُّوْح القدُس أو ترفضهم ليست أصواتاً من الله (يوحنا 2: 23- 25؛ 4: 1- 5). فاحترسوا من جميع الرؤى والإلهامات الزائفة والمضللة. كتب بولس: "لَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً" (1 كُورنْثوْس 1: 23). فقصد بهذه الآية أن يشهر الأصوات، والألسنة، والنّبوات، والأفكار اللاهوتية الجديدة، والشرائع المصنعة في كنائسه، وعزم على أن يعيد المؤمنين إلى أساس إيمانهم الأصلي.
أراد الرّوح الذي أوحى إلى يوحنا في بطمس وتكلّم إليه أن يجهّز الكنيسة لمجيء يسوع الثاني. فللبركات، والدينونات، ونداء التوبة، وجامات الغضب، وكلمات التعزية، وظهور الشّرير المشخّص، والكوارث، هدفها وهو: مجيء يسوع الذي يأتي حتماً بدون أن تمنعه قوّة حتى يتحقق ملكوت أبيه.
من له أذن فليسمع ما يقوله الرّوح للكنائس. لا تخاطَب هنا الكنيسة الرئيسية في أفسس فقط، بل جميع الكنائس في أسيا الصغرى، وكل كنيسة في العالم. فماذا يقول الرُّوْح القدُس لأتباع يسوع المسيح اليوم؟

يولد المسيحي ثانيةً للنّصر (1 يوحنا 4: 4- 6). يجب على من يتبعون يسوع أن يتغلّبوا على جميع القوى المعادية لله بإيمان ومحبّة ورجاء. دعا الرب كل كنيسة من الكنائس السبع في أسيا الصغرى إلى الاشتراك في الغلبة كما تغلّب يسوع المسيح بنفسه (رؤيا 3: 21؛ 5: 5 و 9). تشهد رؤيا يوحنا بوضوح من هو الذي ينبغي أن تغلبه كنيسة يسوع: الشيطان المشتكي (رؤيا 1: 12) ووحشه (رؤيا 15: 2)، فهما يغلَبان شرعياً (رؤيا 12: 1) كما بكفاح الإيمان الباسل (17: 14). كثيراً ما يكمل النّصر بموت الشّهداء كما غلب يسوع بموته النّيابي عنّا الخَطِيئَة والشيطان والموت وغضب الله. انه يهب خلاصه الكامل كإرث للغالبين.
كثيراً ما نظنّ أنّ الغلبة نتيجة لاجتهادنا. لذلك ينبغي لنا أن ننكر أنفسنا ونحمل صليبنا ونتبع يسوع. قال يسوع: "من يحبّني يحفظ وصاياي". تتضمّن طاعة الإيمان التغلب على الشهوات الخاصة والأماني والضّعفات والميول السلبية. لا نعيش لنحقق مقاصدنا، بل ليتمجد يسوع فينا.
يهدف التغلب الخاص الذي نادى به يسوع يوحنا بروحه إلى أبعد من إنكار الذات. فهو يقصد الغلبة على قوى نهاية الزمن والسّلاطين التي اختار يسوع كنيسته كي تشترك في غلبتها، بالإيمان، والآلام، والموت في قوّته الإلهية. لا يستطيع إنسان أن يقوم بهذه المهمة من تلقاء نفسه؛ ولذلك كتب بولس قبلاً للكنيسة في أفسس أنّه يجب على كلّ مؤمن أن يلبس سلاح الله الكامل. فيحسن بنا أن ندرس إرشاداته كلمة كلمة ونطبقها (أفسس 6: 11- 20).
ليسوع السّلطان أن يهب للغالبين في نهاية الزّمن مواهب النّعمة التي لا يقدر عقلنا أن يستوعبها. إنّ يسوع نفسه هو أعظم العطايا. يقف كالمعطي أمامنا، ويمنح كلاً منّا ما وعده به. نقرأ في الرسائل السبع اثني عشر وعداً تنتظر كجائزة كلّ واحد أحبّ يسوع أكثر من كرامته وسلطته وآثر الموت على إنكار مخلصه.

نقرأ في سفر التكوين (3: 3) أنّ شجرة الحياة كانت في وسط جنّة عدن وأنّ من يأكل من ثمارها يعيش إلى الأبد ولا يموت. يدعى هذا الوعد في (رؤيا 22: 2 و 14 و 19) أسمى وآخر وعد يضمّ الوعود الباقية كلَّها، لأنَّه يعني أزليّة الله. مَن يطهر نفسه في دم الحمل ينل اليوم الحياة الأبدية (يوحنا 3: 15- 18).
يكون هذا الوعد قويّاً بقدر تغلّبه على الخوف من الاستشهاد. فمِن الضروري أن يحضّر المسؤولون في الكنيسة أعضاءها للاضطهادات العنيفة المقبلة عليهم في نهاية الزمن. لذلك وعد يسوع بالحياة الأبدية مَن يقابلون مضطهديهم وقاتليهم بالمحبة والرّجاء.
شجرة الحياة منتصبةٌ بحسب (رؤيا 2: 7) في فردوس الله. أمّا بحسب (رؤيا 22: 2) فينتصب هذا النوع من أشجار الحياة في وسط أورشليم الجديدة. ومعنى هذا أنه حيث يكون محضر الله هناك تنبع الحياة الأبدية. تعني كلمة فردوس بالفارسية بستاناً مسيّجاً. أكّد يسوع المعلّق على الصَّلِيْب للّص التائب والواثق به والذي يمثل البشرية الخاطئة: "الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لوقا 23: 43). سوف يكون يسوع نفسه والله أبوه حاضرين في الفردوس. لا ينتظر أتباع المسيح متعة أرضية في الفردوس، بل سيرجعون إلى بيت أبيهم ومخلصهم. أصبحوا عائلة الله وأهل البيت وأولاده الأحباء. وعدهم يسوع: "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ, وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً, وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ, حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيضاً" (يوحنا 14: 2- 3). وهكذا صلّى يسوع قائلاً في صلاته الكهنوتية: "أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا, لِيَنْظُرُوا مَجْدِي" (يوحنا 17: 24).