Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
الرّسالة إلى راعي الكنيسة في ثياتيرا
(رؤيا يوحنا 2: 18- 29)
2:18وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثِيَاتِيرَا, هَذَا يَقُولُهُ ابْنُ اللَّهِ, الَّذِي لَهُ عَيْنَانِ كَلَهِيبِ نَارٍ, وَرِجْلاَهُ مِثْلُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ.19أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ وَصَبْرَكَ, وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى.20لَكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ, أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إِيْزَابل الَّتِي تَقُولُ إِنَّهَا نَبِيَّةٌ, حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ.21وَأَعْطَيْتُهَا زَمَاناً لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ.22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ, وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ, إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ.23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالقلُوبِ, وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.24وَلَكِنَّنِي أَقُولُ لَكُمْ وَلِلْبَاقِينَ فِي ثِيَاتِيرَا, كُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هَذَا التَّعْلِيمُ, وَالَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ, كَمَا يَقُولُونَ, إِنِّي لاَ أُلْقِي عَلَيْكُمْ ثِقْلاً آخَرَ,25وَإِنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إِلَى أَنْ أَجِيءَ.26وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَاناً عَلَى الأُمَمِ,27فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ, كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ, كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضاً مِنْ عِنْدِ أَبِي,28وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ.29مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ.

يتكرّر الأمر ليوحنا بالكتابة إلى رعاة الكنائس كلّ بمفرده. ليست الكلمات الموحى بها في الرّسائل كلمات بشريّة بل إعلانات الرّب المقام من الأموات والمنقذ.
كانت ثياتيرا مدينة واقعة بين برغامس وساردس شمال شرقي أفسس وإزمير، وهي مسقط رأس ليدية تاجرة الأقمشة الأرجوانية الفخمة التي انتقلت إلى فِيْلِبِّيْ التي تدعى اليوم أخيسار (أعمال الرسل 16: 14- 40).
يرى بعض المفسّرين أنّ الكنيسة في ثياتيرا أصبحت صغيرة ولم تستحقّ بعد اسم كنيسة تقريباً. (كان العرف اليهودي حينئذ لا يعترف بكنيس ما لم يجتمع فيه أكثر من عشرة مؤمنين. أمّا في القيصريّة الجديدة فقد عيّن أسقف لكنيسة تضمّ 17 مؤمن مسيحي فقط). تعلّق أكثرية أعضاء الكنيسة في ثياتيرا بنبيّة جذّابة وارتدّوا عن تعاليم راعي الكنيسة البسيط. ربّما كان راعي الكنيسة في ثياتيرا هو القديس كوربوس الذي جمع حوله بقيّة الأعضاء المؤمنين.

يزيل تعريف يسوع المسيح بهذه الطريقة كل غموض ويخترق أسماءه المذكورة سابقاً. نسمع من فمه أنه ابن الله. لا يتكلّم في ثياتيرا كابن الإنسان ولا كمخلص أو منقذ العالم بل يأتي بمجده الإلهي الباهر لكي يدين ويهلك الروح المفسد في الكنيسة لئلا يتضرر ملكوت أبيه السماوي.
إنّ شهادة يسوع هذه عن نفسه هي شهادة نادرة وإشارة وامضة في سفر الرؤيا إلى السّر الجوهري: أنّ المسيح هو ابن الله وأنّ الله هو أبوه. يشير يسوع بهذه الشّهادة إلى نفسه وبالكلمات الأخرى إلى وعد الرّب الإله في (مزمور 2: 7) حيث أعلن بطريقة دراماتيكيّة قبل 1000 سنة من هذه الرّسالة: "أنت ابني. أنا اليوم ولدتك".
وضع الرّب في سفر (صموئيل الثاني 7: 14) مرّة أخرى بنوّة الله ليسوع نصب عيني النبي داود، وأكّد للملك أنه ليس هو الذي سيبني بيتاً له، بل الرب سيبني بيتاً لنفسه. ولهذه الغاية اختار ابناً من صلب داود، وهو في الوقت نفسه ابن الله. وهو سيبني البيت الرّوحي للرّب أي كنيسته.
نقرأ عن ابن الإنسان هذا الذي هو من أصل إلهي في (مزمور 2: 8- 12)
أنه لا يحكم أبناء يعقوب فحسب، بل جميع الشّعوب أيضاً، وسيحطّم جميع القوى الشّيطانية فيها (2 كُورنْثوْس 10: 4- 5) ويطرد رئيس هذا العالم (1 يوحنا 3: 8) ويبدأ ملكوت السلام الإلهي. ينبغي للملوك والقضاة جميعاً أن يجدّدوا أذهانهم ويتوبوا ويقبّلوا قدمي ابن الله الفريد (فِيْلِبِّيْ 2: 12؛ عبرانيين 12: 28؛ رؤيا 2: 27؛ 12: 5؛ 19: 15).
ظهر ابن الله ليوحنا بعينين كلهيب نار لا يخفى عليهما فكرٌ ولا عمل.
يرى كلّ شيء في العمق ويقدر أن يحكم بالحقّ العادل وأن يفصل النّور عن الظلمة. لا تخفى كذبة أو حيلة أمام عينيه. رجلاه مثل النّحاس النّقي كعلامة على إحقاق الحقّ فوراً دون تأخير. سيدوس الأرواح الثائرة ويجعلها كالرّماد. يضع الله بنفسه أعداءه موطئاً لقدميه (مزمور 110: 1).
تكلّم ابن الله بمجده السّاطع منتصراً وديّاناً إلى راعي الكنيسة في ثياتيرا. أعلن المسيح نفسه لهذا القسّ وحده كابن الله، فأثبت بهذا الظهور ليوحنا في بطمس أيضاً شهادته السّابقة أنَّ يسوع هو كلمة الله المتجسّد وابنه الوحيد. قد جاء إلى ثياتيرا ليحكم ويبيد وينجّي ويطهّر كنيسته المهدّدة.

لم يمدح يسوع راعي كنيسة حتى الآن لأجل تعدّد خدماته الأمينة كما مدح المسؤول في ثاتيرا. راقبه يسوع طويلا بعينيه اللتين كلهيب نار ونظر إلى أعماقه وفهمه. رأى أنّ ملاك هذه الكنيسة ما كان فيلسوفاً ولا خطيباً شهيراً، بل خدم عملياً لتمجيد ابن الله. أحبّ أعضاء كنيسته وعائلته وأعداءه. خدمهم ليس بدافع الأنانية أو تحقيق الذات، بل كانت بالأحرى محبّة الله قد انسكبت في قلبه بواسطة الرُّوْح القدُس الذي عمل فيه (رومية 5: 5). كانت خدمته مبنيّة على الأمانة في الإيمان وقيادة الرّوح. لم يقصد أن يحيي كنيسته بقوّته الشّخصية، بل انتظر بصبر ما سيفعله الرّب. لم ينتقد أعضاء كنيسته الصّعاب بلا شفقة ولم يوبّخهم أمام الآخرين، بل احتملهم بأناة الرّوح.
كان هذا الرجل عطوفا،ً ولطيفا،ً وحليماً في كنيسته. لم يسقط من محبّته الأولى، كما فعل الراعي في أفسس بالرغم من حلول أرواح في كنيسته. لم تصبح خدماته أعمالا روتينيّة، فكلما كثر عمله كثر إنتاجه. تحقّق نضج محبته في الخدمات المتزايدة في الجودة وطول الأناة. كان رجلاً أميناً ومتمرّساً في الآلام.
أسفر الجرد القضائي من الدّيان الأزلي عن حمد كثير وكرامة ثابتة للمسؤول في ثياتيرا. ولكن اكتشف الرب عنده نقطة ضعف. فهو في طول أناته ومحبته الكثيرة استحى أن يقاصص المرأة الرديئة في كنيسته. ولعله لم يمتلك موهبة تمييز الأرواح، فاحتمل بأناة المرأة المضلّة التي جرّبت أعضاء كنيسته بكشف الغيب. كانت تعوزه المقدرة على اتخاذ القرار والقصاص؛ ولهذا السبب أسرع ربّه لمساعدته، ولكنه لام عبده الأمين لأنه سمح للمرأة الخطرة أن تنسلّ إلى الكنيسة وتعشّش فيها.

تعني كلمات يسوع هذه إنذاراً مخيفاً، إذ اتّخذت نبيّةٌ كاذبة المكانَ الرّوحي في كنيسة ثياتيرا بقوى شيطانيّة. طلب الله في العهد القديم الإبادة الفورية لكلّ نبيّ كذّاب. لعن بولس كلّ روح يكرز بإنجيل آخر غير الذي أعلنه هو بلعنة أبدية (تثنية 13: 5- 6؛ 18: 20؛ الملوك الأول 18: 19 و 40؛ ارميا 14: 14- 15؛ 28: 15- 16؛ غَلاَطِيَّة 1: 8- 9). اعتبر الرب الإعلانات الوهمية والإغراءات الشيطانية التي تغلغلت في وسط كنيسة ثياتيرا مهمة حتى انه قام وأسرع كديّان ليدين النبية الكاذبة شخصياً.
كانت الملكة إِيْزَابل في العهد القديم زوجة الملك آخاب. لم تدّعِ أنها نبيّة، ولكنها جلبت مائة نبيّ من عبدة "استرتي" من صور إلى الأرض المقدّسة، وأبادت أنبياء الرّب الحقيقيين بلا شفقة، فأصبحت رمزاً للقوى المعادية لله التي تسرّبت إلى منطقة حكم روح الله وأرادت أن تنازعه نفوذه.
يشكّل الأنبياء الكذبة خطراً كبيراً على كنيسة يسوع المسيح. قد تكون لهم أسماء ومظاهر مختلفة وشعارات جذّابة وتعاليم فاتنة مثل روسّو الذي علم أنّ الإنسان صالحٌ، أو كارل ماركس بكتابه "رأس المال" Das Kapital ، أو هتلر بكتابه "كفاحي" Mein Kampf الذي قصد به القضاء على الجنس الآري، أو محمّد بقرآنه الذي أنكر ألوهية المسيح. وينضمّ المسيحيون الذين يؤلّهون مريم العذراء إلى صفوف الأنبياء الكذبة، فيخطفون قلوب الناس ويربطونها بآلهتهم أو بمثلهم العليا الفارغة، ويملؤونها بروح غريب. إنَّهم يضللون الناس بالزّنى الروحيّ حتى لا
يحبوا يسوع "وحده"، بل إبليس الذي ينوب عنه رسله المتلألئون.
علم بولس قائلاً: "لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ" (1 كُورنْثوْس 14: 34). أنّب يسوع راعي الكنيسة لأنه سمح لإِيْزَابل الجديدة أن تعلم بانتظام في الاجتماعات. ربما كان الواعظ لا يتمتع بموهبة الخطابة، فكان يلقي عظاته بطريقة مملة بدون كلمات جذّابة، وكان شاكراً لهذه المرأة أنها جلبت أخيراً النشاط ورياح التغيير إلى كنيسته، دون أن يدرك أنها كانت وسيطة لروح غريب يكافح من أجل حقوق المرأة وأكثر من ذلك. فلم يتكلّم الرُّوْح القدُس بواسطتها. كانت هذه المرأة ذكيّة وجذّابة، واستطاعت أن تخدع حتى الرجال الأتقياء بحديثها المعسول. لم يمتحن راعي الكنيسة بقلبه الطّيب تعاليم هذه الأرواح، بل تركها وشأنها. لم يدرك فوراً أنّ الآب والابن والرُّوْح القدُس لم يكونوا فيما بعد المحور في كرازة هذه المرأة، وأنها قادت أعضاء الكنيسة إلى التعمق في الشيطان والتساهل مع الزنى والدّعارة اللذين فسّرا أنهما تطبيق عمليّ ووفاء "للحبّ".
جذبت المرأة الرجال إليها، وربطتهم بها، وقادتهم أخيراً إلى الاحتفالات الوثنية الماجنة. سار الأسلوب في ثياتيرا من زنى النبية الكاذبة إلى طعام الوليمة في شركة الآلهة المضيفة، بينما سار طريق الكنيسة في برغامس بالعكس (رؤيا 2: 14). تبيّن غالباً أنّ الزنى الروحي ينتهي إلى زنى جسدي. وحيثما تزول مخافة الله وقداسته الواحدة في الثالُوْث الأقدس تظهر أعمال النجاسة.

أعطى يسوع النّبية الكذابة المصابة بمسّ من الشّيطان زمناً وفرصة
للتوبة. وكان لا يزال فيها بقيّة من حرّية تقرير المصير. يقدر المرتبطون بالأرواح الشّريرة أن يقولوا إن كانوا يريدون أن يتحرّروا من عبودية خطاياهم أم لا. يقدرون أن يصرخوا في طلب المساعدة وأن يرتموا عند قدمي مخلصهم لكي يحرّرهم من سلطة الشّيطان. "إن كلّ من يعمل الخَطِيئَة هو عبدٌ للخَطِيئَة. "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً" (يوحنا 8: 34- 36).
أمّا النبية الكذابة في ثياتيرا فلم ترد أن تترك خطاياها. أحبّت الرّوح النّجس الذي كان يحكم فيها. كثيراً ما دعا يسوع سكان أورشليم ورؤساءها إليه، ولكنّهم لم يريدوا (متى 23: 37- 39). اعترضوا على خلاصه هكذا حتى إنَّه لم يقدر أن ينجّيهم (يوحنا 5: 37- 40). لذلك كان على دينونة الله أن تأتي لا محالة. لقد حكموا على أنفسهم عندما حكموا على مخلصهم ورفضوه.

لم يقتل الرّب المُضِلَّة فوراً بالرّغم من قساوة قلبها، بل أعطاها مرّة ثانية ساعات وأيّاماً للتوبة، فضربها بالبلاء، وربّما بالطّاعون الأسود الذي لم يشفَ منه أحدٌ آنذاك. و يمكن تشبيه ضيقها بمرض الإيدز الذي يضرب الكثيرين من عبيد غرائزهم بدون إمكانية للشّفاء منه.
أصاب الذين زنوا معها فزعٌ عظيم، ولم يعرفوا إن كانوا قد أصيبوا بالعدوى نفسها. وبالإضافة إلى ذلك، تحدّثت المدينة كلّها عن "الأتقياء الأنجاس"؛ فابتعد الجميع عنهم، لأنّ خطر انتقال الوباء كان قائماً. كانت الفضيحة والابتعاد وخطر الموت نتيجة تعليم النّبية الكذابة. قال الرّب يسوع: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ".

لا بدّ لمواليد شركة الزّنى المتعدّدة الثقافات من أن يموتوا كلّهم كما مات الابن الأوّل الذي أنجبه داود من بثشبع بالزّنى. كان ينبغي أن تطعن النبية الكذابة في قلبها طعنة نجلاء قبل أن يداهمها الموت. كان القصد من ألمها بسبب وفاة أولادها هو حثّها على التوبة. ولكن ينبغي ألاّ يموت جميع أولاد الزواني، وإلا لهلك ملايين الأطفال. علمنا يسوع ألاّ نلعن الزناة حين قال: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيّئةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ" (يوحنا 8: 7).
كان ينبغي لأعضاء الكنيسة الضالين الذين دعاهم الرب "عبيدي" (في الآية 20)، ولكنهم فتنوا بالنّبية الكذابة وزنوا معها، أن يدركوا بواسطة دينونة ابن الله ما نقرأه كثيراً في الكتاب المقدّس: "لاَ تَضِلُّوا. اَللَّهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً" (غَلاَطِيَّة 6: 7). كان عليهم أن يدركوا أنهم لم يخطئوا بحقّ أنفسهم فقط، بل وقبل كل شيء بحقّ الله. ولكن حالما يدرك المضللون خطاياهم، ويعترفون بها، ويندمون عليها، ويبغضونها، ويتركونها يمكنهم أن ينالوا النعمة والمغفرة. لم يكن الهدف من حركة التجديد بواسطة دينونة ابن الله إنعاش الكنيسة في ثياتيرا فقط، بل جميع الكنائس في أسيا الصغرى أيضاً. عليهم أن يفهموا أنّ الرّب حيّ وقدّوس وأنّه لا يتهاون في الخَطِيئَة. تبدأ دينونته بالكنيسة. نحن لسنا أفضل من الإخوة الضَّالين كلهم. قال يسوع: "إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا, فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ" (متى 5: 28). هل جميعنا زناة أمام الله؟
كان ينبغي أن يسري ذعر مفيد من قداسة ابن الله في الكنائس كلها، كي تدرك أنّ النعمة ليست رخيصة. من يستخدمها كغطاء لشروره يسقط من النّعمة ويدان بحسب أعماله الشّريرة. من يعبد آلهة أخرى وأرواحاً وقدّيسين وأنبياء بجانب الله ويكرمهم فوق كل شيء سيرى أنّهم جميعاً خطاة مائتون ولا يقدرون أن يساعدوه في الدَّيْنُوْنَة الأخيرة. إنّ نعمة المغفرة التامة هي من نصيب الذين يتمسّكون بيسوع وحده كلياً ويبقون في حماه وفي تواضعه وبقيادة روحه. مَن يدرك مصلحته فلينظر كيف يجري الأمر معه بدون نعمته في الدَّيْنُوْنَة. سوف توزَن كلّ كلمة وكلّ فعل وكلّ فكر بنور الله. يمتحن روح الله قلبه وكلاه على نيّاته وشهواته. لا تبقى كرامة خاصّة ولا برّ ذاتي بل ذنب وندامة متأخّرة. تصيب هذه الدَّيْنُوْنَة كل مَن يبتعد عن النّعمة ويبني مستقبله على أعماله أو على أعمال غيره.
الصَّلاة: أيُّها الرَّبّ يسوع، أحفظنا من معلمين ورعاة وسيّدات متنبئين ثرثارين، حتَّى لا يقودونا إلى علوم الشيطان وأكاذيبه. أنت وَبّخت المضلّة في ثياثيرا الغير المستعدّة للتوبة، وأعلنت الموت عليها وعلى أولادها. طهّر كنائسنا مِن التعاليم المضلّة، ولا تمنح الشرير أن يميت الحياة الرُّوحية في أتباعك.

يتّضح عمق شرّ المضلّة في كلمة النّعمة التي وجّهها يسوع إلى بقيّة الكنيسة في ثياتيرا. أغلق القليلون من أعضاء الكنيسة قلوبهم على إعلانات الشّيطان الجذّابة واكتفوا بالإنجيل البسيط. ثبتوا في نعمة يسوع المسيح، وفي محبّة الله الآب، وفي شركة الرُّوْح القدُس. لم يتلوّث هؤلاء الأمناء في الرّوح لا فكرياً ولا جسدياً.
حتّى حوّاء وقعت في شرك الشيطان حين خدعها وقال لها: إنّ الله لا يريد أن تدركي الشّر وتتعرّفي به، فأضلّها الشرير لتأكل من شجرة الخير والشر، فنمت في داخلها الشهوة للشر. لقد عرفت الصالح منذ زمن طويل، ولكنها أرادت الآن أن تتعرّف إلى الشرير أيضاً؛ وما أن قضمت الفاكهة الممنوعة حتّى انفتحت عيناها على ذنبها وسقطت من شركتها مع الله وطردت إلى صحراء الحياة فأصبحت مائتة.
هكذا أرادت النبية الزائفة الكاذبة كابنة حواء أن تقود الكنيسة إلى أعماق الشّيطان، فأصبحت مع أتباعها كلهم شريرة جداً. إنّ من يعبث اليوم مع قوى الغيب، ويشترك في جلساتها، وفي تحريك المائدة لتحضير الأرواح، وقراءة ثفل القهوة، والتجارب الشيطانية الأخرى، كي يتعرّف إلى المجهول ويجرّبه يأتي بواسطة إيمانه الجديد هذا إلى حرمة الشّر، فيصبح بنفسه شرّيراً ويمتلئ دائماً أكثر فأكثر من هذا الروح الشّرير. لذلك ابتعِد عن أساليب معرفة الغيب نهائياً. يجب علينا أن نبتعد عن جميع الدراسات العلمية عن قوى الغيب وأفعالها. إنّ الإعلانات والأصوات والرؤى الخارجة عن الكتاب المقدّس كلها كاذبة. يسوع وحده اخترق ببصيرته أعماق الشيطان وأعلنها وتغلّب عليها، وتكفينا إعلاناته.
دعا يسوع الشيطان "بالشّرير" وعلم أبناء الله أن يصلّوا إلى الآب السّماوي قائلين: "نجّنا مِن ‘الشّرير’" لأنه لا يقدر أحدنا أن يقاوم مكر الشيطان وسلطانه. ولكن إن كنّا "في المسيح" يحفظنا من الشّرير.
دعا يسوع إبليس "كذّاباً" و"أبا الكذب"، وكشف القناع عنه وأظهره كقاتل منذ البدء لم يثبت في الحقّ (يوحنا 8: 44) وخير الماكرين (تكوين 3: 1). مَن لا يثبت في يسوع ويعيش تحت حماية رشّ دمه يقع في التّجربة ويفسد روحياً وجسديّا ويصبح سبباً لفساد الآخرين.
دعا يسوع الشيطان "رئيس هذا العالم" الذي يطرد الآن (يوحنا 12: 31؛ 14: 30). أمّا بولس فدعاه "إله هذا الدّهر" الذي أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله (2 كُورنْثوْس 4: 4).
رأى يوحنا الشرير في هيئة "تنّين أحمر كبير" له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان. هذا التّنين الكبير هو "الحيّةّ القديمة" التي تدعى إبليس والشيطان الذي يضلّ العالم كلّه (رؤيا 12: 3 - 9).
لا حاجة للكنيسة إلى الاشتراك في جلسات أو في دروس الاتّصال بالأرواح، لأنّ الكتاب المقدّس كشف القناع عن الشّرير منذ أمد طويل. من يشترك بالرغم من ذلك في الطرق الشيطانية يسقط تحت نفوذ الشرير ويهوي تدريجياً إلى الأعماق.
نجد اليوم اجتماعات لعبَّاد الشيطان، وفيها تجرى جميع النجاسات والشرور، وتنتهي حتى بقتل الأبرياء الغرباء. أمّا الكنيسة فتعرف التّحرير من سلطة الشّرير، وقد أعطاها الرب هدفاً آخر غير دراسة أعماق الشّيطان، فلها الامتياز في أن تدرّب نفسها على التغير إلى صورة الآب والابن والرُّوْح القدُس.
إنّ الرُّوْح القدُس هو الذي يفحص أعماق الله (1 كُورنْثوْس 2: 10). يصرخ هذا الروح: "يا أبا الآب"، ويرينا أنّ خالق السماوات والأرض، القدير، والقدوس، والمجيد، هو أبونا الذي ننال منه الأمان التام وحياته الأبدية. يساعدنا الرُّوْح القدُس على أن نعرف أنّ يسوع هو ابن الله، ونختبر تطهيرنا من الخطايا بواسطة دمه، ونؤمن بحكم يسوع. ظهرت محبة الله في المسيح. يكفينا نوره، وحياته، وحقّه، وطريقه، وحكمه الملوكي، وقيامته. لسنا بحاجة إلى اختبارات الأرواح بجانبه.
يسكب يسوع فينا روحه القدوس، روح التعزية والسلام الذي لا يعرفه
العالم. فهو قوّة الله والنور والحياة والفرح والصّبر والحقّ والطّهارة. يمنحنا القوّة للمحبّة. يسمح أن ننقاد بواسطة يسوع وروحه إلى أعماق الله. يختبر حقّ الكلمة التي كتبها يوحنا في رسالته: "إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ, فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ, وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيْئَةٍ" (1 يوحنا 1: 7).

قال يسوع للبقيّة المقدّسة من الكنيسة في ثياتيرا التي تنحّت عن النّبية الكذّابة: "لقد عانيتم الأمرّين من ابنة التّنين هذه ولم تثقوا بتجاربها الخدّاعة. لا أريد أن أثقل عليكم بامتحان آخر أو حمل أو اضطهاد. ولكن لا تتكبّروا ولا تظنّوا أنكم أفضل من المضلّين، لأني أنا الذي حفظتكم. ليس لكم كرامة غير نعمتي وحدها. أنتم تقفون إلى جانب المنتصر، فاثبتوا في نعمتي إلى أن أجيء". يؤكّد الرّب للمساكين بالروح أنَّه سيجيء ثانيةً بنفسه، سريعاً، بكل تأكيد إليهم، وإلى جميع الذين ينتظرونه. كان مجيء يسوع المسيح، كحدث مرتقب ووشيك، جزءاً لا يتجزّأ من إيمانهم.

لا يقدر إنسان أن يتغلّب من ذاته على قوّات خارجة عن الشّر. ولكن من يتمسّك باسم يسوع ويحيا بقوّته على أساس خلاصه يهَب الرّب له النّصر مراراً وتكراراً. قاد الرُّوْح القدُس يسوع إلى مواجهة الشيطان وتجاربه، حتى يجرّد الشّرير، ويتغلّب على تجاربه، بواسطة كلمة الله، ويتركه يذهب مهزوماً. هكذا يقودنا روح يسوع أيضاً لنكشف التجارب واختراق الرّوح في الكنيسة وبين الأفراد ونتغلّب عليها بواسطة كلمة الله. لا يذوب بغض المبغضين إلا بواسطة محبّة المحبّين.
إنَّه مكتوبٌ بوضوح أنّنا لا نقدر أن ننتصر بأعمالنا واجتهاداتنا وتبرّعاتنا وصلواتنا، بل بثباتنا في أعمال المسيح وسلطانه وحقّه

تعني ولادته دخول الحياة الإلهية في عالمنا المرسوم بالخَطِيئَة والموت. أتمّ شريعة موسى وأكمل متطلباتها في حياته وفي مماته. لخّص الشّريعة كلّها بجملة واحدة: أن نحبّ كما أحبّنا (يوحنا 13: 34). كانت أعمال يسوع إشارةً إلى محبّته وسلطته الخالقة. شفى جميع المرضى الذين أتوا إليه، وأخرج الأرواح النّجسة، وزاد الخبز للجياع إلى البرّ. أقام الموتى، وأكل مع العشّارين والخطاة. حمل خَطِيئَة العالم على الصَّلِيْب واحتمل قصاصنا. أطفأ غضب الله بموته الكفاري وصالحنا مع الله. وهكذا تمّم الخلاص في هذا العالم لكلّ من تبعه.
أعلنت قيامته انتصاره على الموت والشّيطان. أرانا وجوده بالجسد والرّوح مستقبلنا. صعوده إلى السّماء جزء من موكب انتصاره. وهو يحيا ويحكم مع اللّه أبيه إلى الأبد.
يقودنا روحه إلى نشر محبّته. يعمل يسوع اليوم بواسطة أتباعه، وهو ينجّي الذين يسمحون أن ينجّيهم.
ليست "أعمال يسوع المسيح" كلمات فارغة، بل هي أعمال مملوءة قوّة ورحمة. حرّرنا من لعنة النّاموس ونقلنا إلى عالم نعمة الله القدّوس. مَن يثبت في نعمته ويحفظ وصاياه يعمل فيه وعدان كبيران، هما الوعدان اللذان وعد بهما بقيّة الكنيسة الفقيرة في ثياتيرا التي يخصّها أيضاً راعي الكنيسة العطوف.

لا يستحقّ أيّ مسيحيّ أن يحكم على الآخرين. فجميعنا باطلون مذنبون. لكنّ يسوع وهب سلطانه للمسيحيّين القلائل الحزانى في ثياتيرا، لأنهم ثبتوا في يسوع وأعماله حتى انهيار النّبية الزّائفة لعدم قدرتهم على مقاومة حججها كثيراً. وهكذا لم يتمسّكوا بكلمات يسوع فقط بل بالحريّ بأعماله.
أيّ سلطان يعطي المسيح أمناءه؟ قال يسوع لأتباعه في (أعمال الرسل 1: 8): "سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوْح القدُس عَلَيْكُمْ, وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ". ينال أتباع يسوع لأجل صلبه سلطاناً لشهادة تفضي إلى حياة أبديّة.
الوثنيّون أموات في الخطايا، وقد دعاهم اليهود نجسين. تقيم دعوة يسوع الأموات النّجسين. كنّا جميعنا مثلهم مذنبين وأمواتاً روحيّاً. وأمّا دم يسوع المسيح فطهّرنا من خطايانا كلّها. أعطانا روحه حياةً وقوّةً وحقّاً.
يعيش الوثنيّون في نطاق سلطة الشّيطان، فيحتاجون إلى التّحرر من ارتباطاتهم. يرشد الرُّوْح القدُس أتباع المسيح لاستدعاء غير المؤمنين من عالم الشّيطان إلى كنيسة يسوع. ويعني هذا كفاحاً ومقاومة. لهذا السّبب قال يسوع:

يمكن أن يعني "قضيب الحديد" كلمة الله (بشريعته وإنجيله) والتي وضعت في خدمة المؤمنين في ثياتيرا لكي يرشدوا عبدة الأوثان إلى رحاب المسيح فيرعاهم بأمانة. يعني قضيب الحديد للذئاب الموت وللخراف الحياة. و لكن إذا وقع خروف نتيجة لعناده في خطر الموت فيجب على الراعي أن يستخدم قضيب الحديد ويردّ الخروف العنيد إلى رعيّته، فيقاصصه لكي يحيا.
ولكن حيث يكون أكثر الناس غير مستعدّين للاندماج في رعيّة الرّاعي الصّالح ويعيشون بعيداً بلا شريعة ويفسدون العالم، يصبح القضيب الحديدي مقياساً لشرّهم وقضيب دينونة يقاصص الشّعوب ويدينهم بالعدل.وممّا يدعو للدّهشة أنّ بقيّة الكنيسة الضّعيفة في ثياتيرا نفسها نالت هذه المهمّة العالميّة، مهمّة التّبشير والرّعاية والدَّيْنُوْنَة. لماذا؟ لأنّها بقيت في المحبّة الأولى والصّبر وتمسّكت بأعمال يسوع المسيح ولم تتبع تعاليم غريبة ومضلّة.
منح الرّب الكنيسة المذعورة المتقلّصة خدمات ثابتة الأركان وواضحة الهدف. وذكّرها بوعده في (مزمور 2: 8- 12) حيث يصف عمله كحاكم على شعوب الأرض. كذلك ينبغي لكنيسة ثياتيرا وأشباهها أن تكسر القوى الثقافية والحضارة الوثنيّة وتحطم فلسفتها وبرامجها بقضيب حديد الشّريعة والإنجيل. ليس المطلوب فلسفات جديدة، وبرامج حزبيّة، وعادات، وتعاليم، لتحسين العالم، بل بالأحرى محبّة يسوع المسيح على أساس نعمته بارتباط وجوده المقدّس. سوف يصبح الأخيرون أوّلين والضّعفاء أقوياء. يجعل يسوع المتواضعين كباراً لأنّهم عرفوا عجزهم وحقّقوا الغلبة بالإيمان ناظرين إلى الغالب.

عمّق يسوع وعده الملوكيّ للكنيسة في ثياتيرا المضطربة والتي ابتسمت بعض الكنائس ساخرة منها. بيّن لها السّلطان الذي وعد به الثابتين في المحبّة والصّبر والأمانة. وهو السّلطان نفسه الذي ناله ابن الله من أبيه. يذكّرنا هذا الإعلان المثير بأمر إرسال يسوع لرسله المشدوهين الذين فشلوا في الإيمان والرّجاء قائلاً لهم: "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (يوحنّا 20: 10). كان للعاجزين الذين يشبهون الخراف الضّالة أن يصبحوا رعاة، مكلّفين، حماة، قادة، مقاصِصين و قضاة وكلاء ابن الله.
خوّل يسوع راعي الكنيسة وبقيّة الأمناء، إذ أعلن لهم اسم الله السّري في العهد الجديد وهو: "الآب". دعاه يسوع للمرّة الثانية في سفر الرؤيا: "أبي". كما الآب كذلك الابن. أعطى الآب الابن الصّفات الموروثة كلّها، وكلّ قوّة وغنى وبركة ومجد لأنّ الابن كان مثله متواضعاً، وديعاً، قدّوساً، مليئاً بالمحبّة والصّبر. لقد جاء إلينا الآب في الابن.
علمنا الابن أن نصلي قائلين: "أبانا الذي... " لكي نوضع في حقوق ابنه، وكمولودين ثانية نمجّد اسم الآب أمام النّاس بالقول والفعل والصّلاة.
إنّ اسم الآب هو جواب الله للدِّيانات الأخرى. يقدر هذا الاسم أن يصلح اليهوديّة الفاسدة وأن يمنح العالم الملحد رجاءً. من رأى الابن فقد رأى الآب. هو صورة الله غير المنظور. في الابن جاء الآب ليفتّش عنّا ويجدنا. يريد أن يكسر عنادنا ويخلّصنا من خطايانا لكي ينتزعنا من سلطان الشّيطان والموت. يريد أن يسكب حياته الأبديّة الخاصّة فينا. يحدث هذا فقط بالإيمان بيسوع المسيح ابن الله الوحيد ربّنا الذي يريد أن يقيمنا ويحيينا ويقودنا بروحه القدّوس المنبثق من الآب والابن. من عرف الآب قد أدرك الله واسمه الجوهريّ الذي يتضمّن السّلطان ليخلق العالم الجديد (يوحنا 10: 30 و36- 38؛ 14: 9- 11و17: 21- 26ورومية 8: 14- 18).

من ينعم عليه يسوع يمنحه من ملئه نعمة فوق نعمة. هكذا وعد يسوع راعي الكنيسة وبقيّة كنيسته المقدّسة بكوكب الصّبح كجهاز الخدمة. لهذا الرّمز محتويات مختلفة. من ير كوكب الصّبح يعرف أنّ اللّيل ينتهي قريباً ليبدأ يومٌ جديد. وينضج هذا في الخادم المتواضع اليقين بقرب مجيء المسيح الذي يقيم ملكوتاً جديداً يسكن فيه البرّ.
لقبت فينوس في أيام يوحنا في بطمس بكوكب الصّبح ، والذي كان يفسّر كعلامة على النّصر والحكم. ويعني بالتالي هذا الوعد الموجّه إلى الأمناء في ثياتيرا أنّ بدء زمن العالم الجديد يتحقّق بواسطة خدمة المحبّين الصّابرين المتمسّكين بالنّعمة.
وأخيراً يعني أنّ يسوع هو كوكب الصّبح الذي يأتي منيراً ساطعاً وسط ليل نهاية الزّمن المظلم. فمجده يضيء الآن بنوره السّاطع لجميع العارفين. سيظهر دون توقّف كالشّمس المشرقة بقوّتها. يريد يسوع أن يهب نفسه للضّعفاء لكي يسلمهم سلطانه الذي يتحقّق بمحبّته القدّوسة.

ماذا تعلمت حتّى الآن من قراءة هذا الكتاب؟ هل نسيته بسرعة، أو كما يقال: "دخل من أذن وخرج من الأخرى"؟ أم أنّك تسمع كلمة الله وتحفظها؟ يُطوِّب يسوع مَن لا ينسى كلمته بل يعمل بها.

الصَّلَاة
يا ابن الله الدّيان العادل، والراعي الصالح، أنت تعرف المواهب المحدودة في خدّامك. إنَّما مَن يتمسّك بأعمالك الخلاصية، ولا ينكر إسمك "يسوع"، يستلم منك القدرة، ليخدمك بين الشعوب النّجسة، كما أنّ أباك السماوي أعطاك السلطان، أن تنشر الخير وسط الشرّ. ساعدنا لكي لا نمنع قوّتك، أن تكمل في ضعفنا، بل أن نؤمن ونعترف بانتصارك.
السُّؤَال
لماذا اغتاظ المسيح مِن الراعي الأمين في كنيسة ثياثيرا؟ ما هي الوعود التي منحها المسيح للراعي في ثياثيرا؟