Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
5- رِسَالة يَسوع إلى راعي الكنيسَة التي في ساردس
(رؤيا يوحنا 3: 1- 6)
3:1وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ, هَذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللَّهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ. أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ, أَنَّ لَكَ اسْماً أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيِّتٌ.2كُنْ سَاهِراً وَشَدِّدْ مَا بَقِيَ, الَّذِي هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ, لأَنِّي لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللَّهِ.3فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ وَاحْفَظْ وَتُبْ, فَإِنِّي إِنْ لَمْ تَسْهَرْ أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ, وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ أُقْدِمُ عَلَيْكَ.4عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ, فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ.5مَنْ يَغْلِبُ فَذَلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَاباً بِيضاً, وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ, وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ.6مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ.

مَن يرسل رسالة إلى ميت؟ أليس هذا أمراً عقيماً؟ ولكنَّ يسوع أملى على يوحنا في بطمس إعلاناً خاصاً إلى جثة روحية. لم يتخلّ عن الكوكب المصطفى في يده. دعا يسوع هذا الرّجل وعيّنه في خدمته كراعٍ لكنيسة، ومشى معه الخطوة الأخيرة. كانت ساردس عاصمة ليديا ومركزاً لمنطقة إدارية رومانيّة كبيرة. حمل راعي الكنيسة الميت روحيّاً مسؤولية كبيرة على عاتقه، وانتظر كثيرون من المختارين في محيطه نداء الإنجيل من فمه.

قدّم يسوع نفسه كربّ ورئيس للكنائس في آسيا الصّغرى. أمسك الرّعاة السّبعة بيده المباركة. لم يمسك يسوع بيده اليمنى ستّة كواكب فقط، بل سبعة كما كان قبلاً. لم يسقط الكوكب المصطفى من يده (رؤيا 1: 4 و16 و20؛ 2: 1).
قدّم نفسه أيضاً كمن يملك سبعة أرواح الله موضحاً بذلك قليلاً سرّ الثالُوْث الأقدس، فالسّبعة أرواح الله تعني كلّ ملء الرُّوْح القدُس. لا يعطي الله الرّوح بحسب القياس. المولود من الرّوح هو روح (يوحنا 3: 6 و 34). لذلك استطاع يسوع أن يقيم الموتى ويعمّد الأموات روحيّاً بروحه القدّوس (يوحنا 2: 33). لم يرمِ الكوكب المصطفى وأسرع مع ملء الرُّوْح القدُس "بسيّارة الإسعاف ذات الضّوء الأزرق" لكي يعيد الذي مات إلى الحياة من جديد.
لا يحبّ يسوع الأحياء المتحرّكين وحدهم بل الكنائس الميتة أيضاً. إنَّه لا يبكي عليهم، بل يعمل شيئاً ما لأجلهم. فالمائتون يهمّونه بنوع خاصّ، وهو يأتي لكي يأمرهم بالقيامة.

راقب يسوع راعي الكنيسة زمناً طويلاً وأبصر خدماته. ولعلّ المشرف على الكنيسة قد أولى اهتماماً خاصّاً لسمعته الشّخصية على حساب الحالة الروحية لكنيسته. حسنت أعمال كنيسته في عينيه لأنها شهرت اسمه فأصبح متألقاً ومعروفاً. كان دائماً يحتلّ الصدارة ويستأثر بالاهتمام. أمّا أعماله فكانت مرتبطة بشخصه. أراد أن يثبّت نفسه في كنيسته لا أن يمجّد يسوع وحده، فتحوّلت كنيسته إلى قاعة للجثث وضع فيها الأموات روحياً بانتظام.
ثمّة كاثدرائيات فارغة ميتة. قد تصدح أصوات الحفلات الموسيقيّة عبر قاعاتها، أو ينبّه السّياح إلى آثارها الفنّية. يأتي الآلاف أيضا إلى المؤتمرات الكنسيّة. هذا هو خداع النّفس.
فاز الشيطان في ساردس. وهنا ساد سكون المقابر. فدوائر الحكومة لم تضطهد أعضاء الكنيسة، وعبادة الأصنام لم تشكّل تجربة مريرة لهؤلاء الأعضاء. لم يكن يوجد خلاف في الرأي ولا رفض للعظة. ولا شيء. كان كلّ شيء ميتاً. لم توجد معرفة للخطايا، ولا نعمة لتعزّي المرتعبين. لم يحظَ الجوع للحياة بغذاء القوّة ولا بكلمة الله ولا بالخبز الرّوحي. تسلل الموت الروحي من بين مقاعد الكنيسة وجلب معه الصّمت الكبير.
حكم يسوع على راعي الكنيسة بكلمة مخيفة: "لك اسم حيّ ولكنّك ميت". لم تكن هذه كلمة الرب الدّيان الأخيرة، فلا تزال توجد فرصة طيّبة، لأنّ الرب يسوع عمل مع سبعة أرواح الله ليحيي الرّاعي الميت، وما زال يتكلّم مع الميت.
لم يكن راعي الكنيسة نائماً روحيّاً، ولم يكن شبه ميت، بل لقد أثبت الطّبيب السّماوي برزانة أنّ قلبه الرّوحي قد توقّف. لم تكن فيه محبّة. انطفأ دماغه الرّوحي. لم يكن ثمّة إيمان يعمل. كانت نفسه الرّوحية فارغة. لم يكن يسكن فيها رجاء بعد. كان كلّ ما حدث شكليّاً مبنيّاً على الأنانية. دوّت كلمات الخداع الذاتي الكبيرة دون تأثير قوّة الرّوح. ماذا فعل يسوع في هذا الوقت الخائب؟ هل بارك الرّاعي الميت أو الأسقف المتكبّر إلى مثواه الأخير؟ كلاّ، بل تكلّم يسوع مع الميت في الخطايا. أعطاه خمسة أوامر قصيرة. وجّه إليه نداء القيامة الخارق الذي لا يستطيع أن يوجّهه غير ابن الله.

لم يكن راعي الكنيسة مستغرقاً في النّوم فحسب، بل كان ميتاً روحيّاً حقّاً. فسّر يسوع الموت عند ابنة يايرس بطريقة أخرى، وقال للمشكّكين: "إنها لم تمت لكنّها نائمة"، وأخذها بيده ونادى قائلاً: "قومي" (لوقا 8: 52- 54).

عرف الرّب الذين يقولون: "نعم، نعم" ويعملون "لا، لا". فطريق جهنّم عندهم قد رصفت بالنّيات الحسنة. لهذا السّبب أيقظ الرّاعي وهزّه وهدّده كي يبقى صاحياً. وهذا ليس لنفسه فقط، بل ليكون راعياً يقظاً في خدمة رعيّته. ونقرأ في (حزقيال 33: 1- 20) كيف أنّ الرُّوْح القدُس فسّر وظيفة الرّاعي في خدمة الله؛ وعلى الرّاعي أن يطبع كلماته في ذاكرته.
أنذر يسوع الرّاعي المتجدّد بأنّه سيأتي كعدوّ، بهدوء كلصّ، دون أن يشعر به أحد، في أفضل أوقات الراحة، حيث لا ينتظره أحد. أراد يسوع أن يربّي راعي الكنيسة على السّهر الدّائم مجهداً فكره حتّى لا يصحو لنفسه فقط بل لكنيسته كلها وينتظر مجيء المفتّش الإلهي. لا يقدر أحد أن يعيق يسوع. أعلن الرّب مسبقاً لراعي الكنيسة مجيئه كلصّ، واللّص عادةً لا يخبر أحداً مسبقاً عن مجيئه، بل يراقب صاحب البيت ويصرف انتباهه. ولكنَّ يسوع يعمل كلّ ما من شأنه أن يرهب رجل الله ويدرّبه على خدمة الحارس اليقظ. إن مجيء يسوع المسيح أقرب ممّا نعلم. هذا التّحذير هو الوعد الخامس في رؤيا يوحنا عن مجيء المسيح الثاني، والهدف من هذا التّحذير هو إيقاظ الرّاعي الميت لإنعاشه بخدمات جديدة كي يحيي أعضاء كنيسته الموتى.
ما من إنسان يعلم إن كان سيصحو مرّة أخرى من نومه، أو سيرجع سالماً إلى بيته في المساء من وسط زحام الشّوارع في المدينة. ليست ثمّة ساعة موت لكلّ واحد بمفرده، بل نقطة ختاميّة لدوران أرضنا.
ثمّة جهل مطبق وعدم مبالاة عند الحرّاس في الكنيسة هما غالباً أكبر منهما عند شعب الكنيسة المحروس. لم يقل الرّب باطلاً: "هلك شعبي من عدم المعرفة". لقد بات عدم انتظار المسيح الآتي قريباً الخَطِيئَة المنتشرة في العالم. إنّ ارتفاع نسبة الفائض في عدد سكّان الأرض, وتلوّث الهواء والأرض والمياه، ونفاد الموادّ الخام في أرضنا، وازدياد التّعاسة في الشّرق الأوسط (مع جميع المساعي الفاشلة لحلّ أزمة مدينة القدس) يجب أن تجعل المسيحيّين الأحياء يقظين.
يبثّ التّلفزيون يوميّاً تقارير شهود عيان عن الكوارث الرّهيبة في جميع القارّات والمؤتمرات الفاشلة لرجال الدّولة والعلماء تحثنا على الابتهال من أجل الأرض. لقد أصبحت الأرض قرية كبيرة ونحن مسؤولون روحيّاً بعضنا عن بعض. إنّ أكثر من ثلثي سكّان العالم لا يعرفون يسوع ولا إنجيله بعد. هل نقدر أن ننام بهدوء إن كنّا نحن أنفسنا أحياء روحيّاً بينما الجماهير في كل مكان أموات روحيّاً؟ دعونا نطلب توبة عالميّة وانتعاشاً عالميّاً وانتشاراً للإنجيل في القارات كلِّها. يتسلّط الموت الرّوحي على المليارات. نحن موكلون أن نقدِّم حياة يسوع إلى الآخرين ونوقظ الكثيرين من موتهم الرّوحي.
يسري هذا النّداء أيضاً على كنائس الأقليّة المسيحيّة المحتقَرة. نسأل الرّب أن ينعش هذه الكنائس الجامدة والمفزعة والخاضعة، ونصلّي من أجل رعاتها كي يصبحوا مخلصين في وظيفتهم ضمن اجتماعاتهم ومحيطهم ولا يهاجروا أو يخبئوا أنفسهم.
يحاول بعض رعاة الكنائس أن يسيروا في الطريق التي فيها أقلّ مقاومة، ويسعون إلى التآخي بين ديانات العالم. لا يرون أنهم بذلك يشرعون في عملية إبادة جماعيّة روحيّة في كنائسهم، فيخنقون البقيّة الباقية من الأحياء روحياً في كنائسهم، فلا برّ ولا سلام مع الله ولا حياة أبديّة بدون المصلوب المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ.
طعن يسوع في تبخير الرّاعي لنفسه سابقاً لأنّه أشهر اسمه الخاصّ في كلّ مكان ومناسبة كي يتطلّع الجميع إليه، فقال يسوع: "لا يزال بعض المؤمنين في كنيسته، وبدون مجهوداته، يصلّون ويخدمون بالمحبّة ويمجّدون وهم مخبأون ولا يقدّمون أنفسهم في المظاهر، بل يعملون في الخفاء وبهدوء".
الصَّلاة: نشكرك أيُّها المخلص الحي، الَّذي يعتني بالخطاة الميتين روحياً. إذ لم ترمِ نجم راعي كنيسة ساردس إلى أسفل، بل حفظته وعالجته وأمرته حتَّى يقوم ويقوّي المشرفين على الموت الرُّوحي، ويفكّر ويتوب بنفسه، ويتغير إلى الحياة في الرُّوح القدس. أحيي يا ربّ كلّ خادم مشرف على الموت الرُّوحي في أيامنا، وساعدنا لئلاّ ندينهم، بل ندين أنفسنا أوَّلا،ً ونتوب لأجل لطف نعمتك العظيمة.

لفت يسوع انتباه الرّاعي في ساردس إلى العدد القليل من المؤمنين في كنيسته الذين كانوا مجهولين لدى سكّان المدينة ولكنّ أسماءهم كانت مكتوبة في السّماء. كان على راعي الكنيسة أن يحفظ أسماء هؤلاء المؤمنين غيباً ويزورهم ويتعلم منهم لأنّهم أهمّ مَن في كنيسته.
سلك هؤلاء الهادئون في الأرض بِحَذَرٍ وسط الثقافة الإغريقية الملوّثة في أسيا الصّغرى. أرادوا بعد تطهيرهم من كلّ خطاياهم بواسطة دم يسوع المسيح أن يعيشوا بحسب حضارة مخلصهم ويجتهدوا في البيت والوظيفة، في المدارس وفي وقت الفراغ أن يعيشوا باستقامة طاهرين مقتصدين ومستعدّين للمساعدة. لا نعلم إن كانوا كباراً في السّن أو صغاراً، أغنياء أو فقراء، رجالاً أو نساءً. لقد ابتعدوا عن عبادة الأصنام المليئة بالجنس. وأرادوا بوعي أن يكونوا ملح الحساء لا أن يصبحوا هم أنفسهم الحساء.
رسم يسوع أمام عيني الواعظ أنّ هؤلاء المجهولين أو أعضاء الكنيسة غير المعتبرين هم ذوو قيمة لأنّ الرّب يسوع نفسه سيسلك معهم في هذه الحياة وفي الحياة الأبديّة. يفجّر هذا الوعي نطاق تفكيرنا. فخالق الكلّ وملك الملوك وقاضي القضاة لا ينحني أمام المسيحيّين الودعاء فحسب، بل يرتبط بهم بميثاق أبديّ ويريد أن يقيم شركة معهم كصديق مع أصدقائه. وكما يعامل الأب أولاده هكذا يؤكّد الرّب لأمنائه أنّهم يستقون من ملء نعمته حكمة وهداية وقوّة وتعزية وحياة أبديّة. إن حضور ابن الله في كنيسته الخفيّة والمحتقرة في هذا الزّمان وفي الأبديّة هو أحد الامتيازات الكبيرة التي لا توصف والتي لا تعرفها الدّيانات الأخرى ولا تدركها. أمّا يسوع فسيسلك مع عبيده وإمائه في الأبديّة.
تشير ثيابهم البيض إلى طهارتهم بواسطة ذبيحة المسيح لم يكن هؤلاء المختارون من ساردس أفضل بطبيعتهم من بقيّة الأنيميّين الهلّينيين أو السّاميين اليهود. سكن فيهم كما في كلّ إنسان كلّ قذارة وبغض وكبرياء. ولكنّ هؤلاء التّائبين ماتوا عن أنانيتهم وعاشوا مع ربّهم ومخلصهم. ترقّبوا مجيئه باشتياق ولبسوا برّه. ليس برّ أعمالهم الخاصّة جعلهم مستحقّين بل نعمة المسيح وحدها. أحبّوا يسوع من كلّ قلبهم. وضع له فيهم مسكناً وغيّرهم إلى صورته.
عنى إظهار القدّيسين المجهولين في ساردس دعوة كبيرة إلى راعي الكنيسة للتّوبة. لم يقل الرّب إنّ راعي الكنيسة يخصّ هؤلاء المختارين ولم يثبت أنّه لا يخصّهم. على الرّجل أن يمتحن نفسه ما هو الأهمّ: أن يكون معروفاً لدى النّاس أو لدى الله؟ فيمَ تأسّست كرامتهم؟ هل كان عمله الدّؤوب أو سمعته الحسنة واجتهاده أساس برّه الذاتي أو كانت رحمة المسيح وحدها ذبيحته؟ سأل الرّب الواعظ بطريقة غير مباشرة: "إلى أين وصلت؟ أين أنت داخليّاً؟ هل أنت لابس ثوب برّ النّعمة الأبيض أو أنت ملطّخ كلياً بالخطايا بالتواء وصمت على أساس محاولات التّكيف وحبّ الشّهرة والجاه؟

كان من الضّروري لراعي الكنيسة أن يدرك - إلى جانب إنكار الذات – كذب الشّيطان المتسلل وأنّ كلّ إنسان صالح بطبيعته ويستطيع أن ينشئ خلاصه باجتهاداته. إنَّ معظم الأديان وبرامج التّربية وعقائد الأحزاب مبنيّ على الضّلال الكبير وخداع النّفس. ولاَ بُدَّ مِن التغلّب على هذا الكذب جذريّاً بواسطة الحقّ وهو أنْ ليس إنسانٌ صالحاً ولا يقدر أحدٌ أن يرضي الله إلاّ إذا كان مرتبطاً بالإيمان بذبيحة يسوع المسيح. هو وحده صالحنا مع الله. لا برّ خارج ذبيحته ولا طهارة ولا قبول عند الله.
لهذا السّبب قال الرّب الذي بيديه سبعة أرواح الله والسّبعة الكواكب: "أيُّها الفاشل والميت روحيّاً بسبب كذبة الشّيطان وبسبب كبريائك اللامحدود، اطرح شهرتك كلياً والبس برّ الله بالنّعمة". لا ينال الثوب الأبيض إلاّ من قَبل ذبيحة يسوع المسيح بالنّيابة عنّا. فدم يسوع يطهّرنا من كلّ خَطِيئَة. وعند يسوع ثياب بيض ناصعة واسم مقدّس جاهز لكلّ مَن يرجع إليه ولا يخدم نفسه، بل يعبد يسوع. هل اسمك مكتوبٌ بدم ابن الله المقدّس في سفر الحياة؟
ليست أسماؤنا بحدّ ذاتها أهلاً لأن تذكر أو تدوّن في سفر الحياة. لكن لأجل ذبيحة ابن الله الكفّارية وبواسطة إيماننا به نستحقّ أن نسجّل في سفر الحياة. ما دمت تتمسّك بحَمَل اللهِ تعيش. حالما ترنو إلى الشّرف تفقد كرامتك عند الله. إنَّه من الواقع أن يمحو يسوع اسمك من سفر الحياة إن أهملت صليبه الذي منحك الاستحقاق للحياة. ليس مهمّاً أن يكون اسمك مكتوباً في الصّحف، بل الحاسم أبديّاً أن يبقى اسمك مدوّناً في قائمة مواطني ملكوته السّماوي.
قال يسوع: "مَن ينكر ذاته ويحمل صليبه يوميّاً يحقّ له أن يتبعه في موكب النّصر". إذا مات راعي الكنيسة كلياً وإلى الأبد عن شهرته الذاتية وكرامته واسمه يمكن ليسوع كشاهد رئيسيّ ومحام ووسيط في الدَّيْنُوْنَة الأخيرة أن يعترف باسمه أمام أبيه وملائكته، كما قال بوضوح: "كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ, وَلَكِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى10: 32-33)
كان على رجل ساردس أن يختار إما أن يمجّد اسمه الخاصّ ويعمل لأجل كرامته الخاصّة بواسطة النّاس أو أن ينكر اسمه الخاصّ ويمجّد يسوع وحده ويعظّمه قدّام النّاس. لم يكن ثمّة خيار آخر. قال يسوع: "كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟" (يوحنا 5: 44).
دعا يسوع أباه "إلهي" في بداية الرّسالة عندما وضع راعي الكنيسة المنتفخ أمام الدّيان الأبديّ: عليه أن ييأس من قداسة الله وعظمته. أمّا الآن، وبعد كلمة الإنعاش والتّوبة وبعد كلمة التّهديد وعرض الوعد جذب يسوع خادمه المدعوّ بإعلان أكبر الأسماء كلّها. دعا القدّوس "أبي". كان للمبشّر في ساردس أن يدرك من جديد أنّ الحياة والنّعمة، النّور والقوّة، الرّوح والمسرّة لا تأتي من المشرّع ولا من الدّيان، بل من إله المحبّة وحده الذي أعلن بنفسه أنّه هو الآب ليسوع المسيح. هذا هو الموضوع الجديد لعظة الرّاعي المقام من الموت الرّوحي.
ليس بالاجتهاد الخاصّ ولا بالاحترام الشّخصي، بل بالنّعمة والسّلام من الله أبينا وبربّنا يسوع المسيح نعيش وندوم إلى الأبد.

لكلّ جثّة أذنان ولكنّ هاتين الأذنين لا تسمعان بعد. ربّما تتجوّل بيننا جثث روحيّة متعدّدة وخاصّة من السّلك الرّوحي ممّن لا يقدرون أن يصغوا فيما بعد إلى ما يقوله الآخرون، بل يتغامزون من كلماتهم الخاصّة فقط.
قصد يسوع أن يمنح راعي الكنيسة في ساردس بواسطة رسالته المنعشة أذناً جديدة ليصغي بشرف إلى كلمة ربّه وينتبه إلى صوته. فكيف حالة سكوتك أمام الله؟ هل تجد فيك جوعاً لكلمة الله؟ أم تفضّل أن تصغي إلي كلماتك الخاصّة؟
توجد كنائس ميتة روحيّاً بسبب عظات جذّابة، فآذان أعضاء الكنيسة مملوءة ممّا سمعوا وهم يظنّون أنّهم يفهمون كلّ شيء، ولا يهتمّون إلا بمشاكل لاهوتيّة مثيرة، أو بعبارات طنّانة. وبهذا قد انفصلوا عن قوّة خطّ كلمة الله البسيطة. يسمعون بذكائهم لا بقلوبهم. ليتنا نطلب من الرّب أذهاناً وقلوباً مفتوحة ونفعل ما يقوله الرّوح لنا.

الصَّلَاة
نعظّمك أيُّها الرَّبّ يسوع، لأنّك حفظت كنيستك في ساردس، حتَّى وإن كان راعيها ميتاً روحياً. لقد عاش في وسط هذه الكنيسة مؤمنون بسطاء، مختارون منك، والموعود لهم بشركتك معهم في السماء. ومنحت بنفس الوقت للراعي المدعو للتوّبة، أن يبقى اسمه مسجّلاً في سفر الحياة في السماء، إن تاب توبة نصوحة. أحفظ المؤمنين البسطاء في كنائسنا، حتَّى إذا لم يتكلّموا كثيرا،ً يستمرّون صامتين لأجل حالة الكنيسة الخالية مِن الحياة الرُّوحية.
السُّؤَال
ما هي الأوامر الخمسة التي حاول الرَّبّ بها أن يقيم الراعي الميت روحياً؟ ما هي ميزة المؤمنين البسطاء في الكنائس الميتة؟ وما هي الوعود لخدّامهم لو تابوا توبة حقيقية؟