Skip to content

Commentaries
Arabic
رؤيا يوحنا
  
الختم الرَّابِع: 4- الجالس على الفرس الأخضر
(رُؤْيَا يُوْحَنَّا 6: 7- 8)
6:7وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِع سَمِعْتُ صَوْتَ الْحَيَوَانِ الرَّابِع قَائِلاً هَلُمَّ وَانْظُرْ.8فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ.


يصاب من يقرأ هذه الأعداد بوعي ويتصور هذه الكوارث الآتية حقيقة بفزع في عمق كيانه. لا يقدر العقل البشري أن يتصور الآلام واليأس وموت ربع البشرية. فقد تزول دول ذات سيطرة وتصبح عملاتها بدون قيمة.
ولكنَّ ملاك الرُّؤْيَا جلب ليوحنا تعزية: فهذا الحدث الفظيع قد حظي بموافقة حَمَل اللهِ وليس تطوراً آتيا بحكم الصدفة أو عملاً من أعمال الشيطان وحده؛ فلاَ بُدَّ لكل حدث من أن يمر بحَمَل اللهِ أوَّلاً. وهو يؤكد لخاصته: "لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي" (إِشَعْيَاء 43: 1). يحكم حَمَل اللهِ بسلطان، وأمانته لا نهاية لها.

الفارس الرَّابِع هو الوحيد الذي ُذكِر اسمه من بين الفرسان الأربعة: هو "الموت شخصياً". لا يظهر كشبح خيالي مخيف، بل يتقدم حاشيته بكل سلطان، ويستلم مِن حَمَل اللهِ مهمة نقل الحصاد إلى المخزن. عليه أن يضرب ويهلك ويعبئ في أكياس جميع الذين يسمح له الرب بذلك. وعلى الموت أيضا أن يطيع الحمل، فيَسُوْع هو الذي يحمل مفاتيح الهاوية والموت. هو الأوَّل والآخر. كان ميتا وها هو حي (رُؤْيَا يُوْحَنَّا17:1- 18). من ينظر إليه وهو غالب الموت يطمئن. لقد وضع حَمَل اللهِ حياته الخاصة في أتباعه. من آمن به يحيا وإن مات، ومن يحيا بروح المَسِيْح ويرتبط به بالإيمان لا يمت أبدا (يوحنا 11: 25- 18). أتؤمن بهذا؟
الصَّلاة: أبانا الَّذي في السماوات، يخاف كلّ إنسان مِن الموت. ولكنك تمنحنا الحياة الأبدية، بواسطة الإيمان بابنك المقام مِن بين الأموات. ساعدنا حتَّى لا نخاف مِن عبيد الموت وأساليبهم المرعبة، بل نتمسّك بك ونقبل إرشاد روحك القدّوس، الَّذي يقودنا إلى ابنك، ينبوع الحياة الأبدية.

ولماذا يسمح حَمَل اللهِ بفناء شامل كهذا؟
لا ننس أن ليس الحمل هو من يسبب الكوارث أو يرسلها أو ينفِّذها، بل إن عدم الإيمان، ورفض الحمل ومصالحته التامة، والمقاومة، والبغضاء، والتجديف، قد بلغت حدّاً لم يعد يمكن يَسُوْع معه أن يحمي الجميع أو أن ينقذهم؛ فهو مضطر أن يسمح للناس أن يدمروا بعضهم بعضاً ويحصدوا ثمار شهوتهم (رومية 1: 18- 32).
يشتد بغض الأصوليين، في مختلف الديانات، وعداؤهم لابن الله المصلوب؛ وتحارب الشيوعية، من جهتها، الله ومَسِيْحه؛ أمَّا روح الثورة في روسيا والصين فلم يمت بعد (مزمور 2: 1- 3).
ليس ما يستصرخ السماء هو عدم الإيمان، ورفض الحمَل من قبل الشعوب والديانات وإسرائيل فحسب، بل أنانية الطبقة الثرية المزدهرة. تُقدِّم الشعوب الغنية القروض للفقراء على سبيل الهبة كصدقة مع كلمات لطيفة وفي الوقت نفسه تستغل المواد الخام في العالم الثالِث دون وازع من ضمير. يستلقي الأغنياء الذين يقضون إجازاتهم على شواطئ المسلمين والهندوس والبوذيين عراة، ومن ثم يستغربون لماذا يبصق أتباع هذه الديانات أمامهم. أفلام هوليوود مفروضة على جمعيات التلفزيون في العالم كله، حتى إن الأفلام المنافية للأخلاق والحافلة بمشاهد القبلات والعنف تعرض على الشاشات المنزلية في غرف الجلوس.
أين نقرأ في الصحف شيئا عن غضب الله أو عن المصالحة التي تمَّمها حَمَله؟ يقول مراسلو الأخبار إن الأخبار السارة كالأخبار المزعجة لا تلقَى رواجا. لقد أصبح مجتمعنا بفضل الدعايات والملصقات الإعلانية التي لا تُعد ولا تحصى مجتمعاً فارغاً وسطحياً ومشحوناً بالجنس. وليس مِن شأن لامبالاة العاملين على الناقل الآلي، أو توتر أعصاب المتجولين بسبب العمل، أو غضب السائقين في أزمات السير البالغة عدة كيلومترات أن تؤدي إلى التوبة أو إلى الإيمان.

لعل ثمة علاقة بين الدَّيْنُوْنَة الكبرى التي تفوق تصور العقل البشري وموت ربع البشرية في الخطايا الشيطانية قبل زمن الطوفان عندما اتَّحدت الأرواح تحت السماء بالإنسان (تكوين 6: 1- 6). ليست الحياة على الأرض خالية كما تظهر أحيانا، فعلى الأقل لا توجد في الجو فجوة بلا هواء، ولكن يوجد أناس بدون اتصال بالله أو بالأرواح. يُروى عن لوثر أنَّه قال: "إنَّ الإنسان كالحمار، إمَّا أن يركبه الله أو الشيطان، ولكن يوجد دَائِماً راكبٌ على ظهره".
لعل الجالس على الفرس الأبيض هو ضد المَسِيْح الذي يعمل بواسطة روحه في الثقافات والنظريات العالمية والدول ويسمم أناساً كثيرين بأفكاره وقواه وبرامجه، حتى يأتي بهم أخيراً إلى ضلال جماعي: فيعتقد الناس أنهم صالحون وأذكياء وقادرون أن يخلصوا العالم. ولكن حيثما يشير أفراد أو جماعات كهؤلاء إلى الله والحَمل "الباب" تدخل أرواح ضد الله من الباب الخلفي. إن غضب الله على الجنون الجماعي للجماهير ومضلليهم أكبر من معرفتنا. من لا يقدِّس الآب ويمجده كل حين كالحَمل، بل يثق بالناس والأحزاب أو يعبد المال، يصبح عدو الله، وكما يقول المثل: "إنَّ طاحونة الله تطحن رويدا رويدا، ولكنها تطحن ناعما ناعما" فالله يمهل ولا يهمل.

يسمح يَسُوْع للموت، بواسطة حارس العرش الرَّابِع، أن يفتقد مجتمعاً شيطانياً لكي يفنيه بواسطة الكارثة العظمى التي تفوق كل تصوُّر بشري والتي يموت فيها ربع البشر؛ وعِنْدَئِذٍ تتوصل البقية الباقية إلى التفكير في تغيير رأيها والخضوع لله وحمَله والتغير إلى صورة الحمل. ليست الدَّيْنُوْنَة الكبرى دينونة الهلاك، فهي تتيح فرصة للتَّوبة والإيمان. ولكن مَن يسمع صوت الله في دينونته؟ مَن يرجع ويتوب توبة تغير حياته؟
أعلن ملاك الرب ليوحنا أنَّ الموت بالجملة والقتل بأسواط الله المختلفة (من حروب ومجاعات وأوبئة ووحوش برية" سَيَحلاَّن بالبشر كما سبق وأعلن النبي حزقيال بوضوح مخيف (حزقيال 6: 11- 13؛ 7: 14- 15؛ 33: 27).

ليست الحرب آخر وسيلة للسياسة فحسب، بل تعني في الوقت نفسه دينونة الله. فالحروب لا تدمِّر البيوت والأراضي والحضارات فحسب، بل أخلاق المحاربين أوَّلاً. ليس من السهل أن يقتل الناس؛ ولكن بوجود الأسلحة النووية والبيولوجيّة والكيميائية أصبح فناء الكون اليوم معقولا. أعلنت القنبلة الذرية على هيروشيما عام 1945 ثورة نتائجها الكاملة غير منظورة. وضعت القنبلة الهيدروجينية المتطورة والقنبلة النيوترونية وقنبلة الكوبلت في أيدي الناس قوة للدمار لا تهلك ربع البشرية فحسب، بل تقدر أن تمحو الجنس البشري كله مع النباتات والحيوانات كلها في أرضنا مرات عديدة. إننا نقف في وسط عصر نهاية الزمن.

إستُخدِمَت في الحرب العالمية الأولى قنابل غاز مدفعية بالجملة، وخَلَّفَ
تأثيرها خوفاً عميقاً لدى قوى التكنولوجيا، حتى إنَّ الجميع ارتعبوا من السلاح القبيح: الغازات السامة. استخدم جمال عبد الناصر الغازات السامة في شمال اليمن، واستخدمها نظيره صدام حسين ضد جيوش إيران الزاحفة وضد الثوار الأكراد، ومع أن الأخير استطاع أن يُخضع الخميني بها، لكنه لم يجرؤ على استخدامها ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في حرب "عاصفة الصحراء" عام 1991. بحث مفتشو الأمم المتحدة طويلاً عن معامل ومخازن تحت الأرض ولكن دون جدوى. وفي ليبيا أيضاً لم يكن للصواريخ الأمريكية أي تأثير فعَّال في وقف معامل الغازات السامة تحت الأرض أو تدميرها. أمَّا الحكام المستبدون المتعطشون للدماء فيبتسمون ويترقبون.

طوَّر أخصائيون مِن الحلفاء في الحرب العالمية الثانِية، على جزيرة مهجورة في اسكتلنده، أسلحة بيولوجية يمكنها بمساعدة البكتيريا القاتلة أن تدمّر مناطق صناعية شاسعة كمنطقة الرور Ruhr أو مثلث الراين Rhein أو شتوتجارت Stuttgart. بَيْدَ أَنَّ هذه الأسلحة البيولوجية التي تُرمى مِن الطائرات بصفائح تنفتح تلقائياً لم تستعمل. وأنتج الاتحاد السوفياتي أيضاً مستودعاً كاملاً من الأسلحة البيولوجية التي محت، نتيجة لسوء استعمالها وتخزينها، أراض واسعة في أواسط أسيا من السكان.
لقد كان هتلر بوجهه الشاحب كالأموات، وبكلامه الفاتر المجرَّد مِن الإحساس عن إمكانية إبادة شعوب بكاملها، وبجرائمه الوحشية ضد اليهود، البداية فقط للكوارث المقبلة.
الصَّلاة: أيُّها الآب السماوي، نعظّمك و نشكرك، لأنّك حفظت بعضاً مِن خدّامك وسط انفجارات القنابل الممزّقة. فليس حقّ وسلطة للموت على الَّذين في حمايتك. ساعدنا أن نلتجأ فيك وفي ابنك، لنستطيع أن نكمل واجباتنا الرُّوحية، حتَّى في وادي ظلّ الموت.

يمكنك أن تدرك ما معنى كارثة الجوع حين ترى أفواج اللاجئين وهم يزحفون بصمت ويأس أو يطيرون إلى منطقة قاحلة، حيث يجمع الناس الأعشاب أو يقشرون الشجر، كي يجدوا طعاما. حين تهجم أسراب من الجراد وتأكل كل ما هو أخضر فلا تبقي ولا تذر، حين يخنق المتعصبون لحزبيتهم وعقيدتهم مبادرتهم الخاصة تبدأ البلدان الخصبة تجوع.
ولكنك تجد في الوقت نفسه في كندا وفي الولايات المتحدة الأميركية إنتاجاً فائضاً من القمح. وفي بعض دول أوروبا تتلف كميات كبيرة من التفاح والبرتقال والبندورة فِيْ سَبِيْلِ الحفاظ على أسعارها، كما يخفض إنتاج جبال من الزبدة وبحيرات من الحليب قسراً وتحت طائلة العقوبة. دفع في أستراليا في عام 1990 مليونا رأس من الغنم إلى حفر كبيرة حيث تم قتلها بموجب إذن من الحكومة الأسترالية لأن تكاليف إطعامها ونقلها بالسفن تفوق ثمنها بكثير. ليس ثمة توافق: فهناك الجوع وقلة التغذية وهنا الفائض.
وممَّا يؤسف له أن قليلين هم مستعدون للتضحية والخدمة. لا يبدأ الغضب بالغليان عند الله فحسب بل وعند الناس أيضاً.

تقع مشكلة المجاعة في أماكن كثيرة بسبب تزايد عدد السكان الذي لا يتوقف. يتحدث العلماء عن انحراف في منحنى السكان في أفريقيا وأسيا بين عامي 1940و1970. كان نمو أكثر الشعوب قبل هذا الوقت معتدلا، ولكن مع انتشار النظافة الطبية وفن الطب والأدوية انخفضت نسبة الوفيات أيضا في الدول النامية بينما ارتفعت نسبة المواليد ارتفاعا هائلا. يضع الكتاب السنوي عن الإحصاءات للبلاد الخارجية لعام 1995 الصادر عن دائرة الإحصاءات الألمانية في "فيزبادن" إحصاء للتطور. وتقدم بعض الدول مثلا للوضع الشامل.
يُشير نمو بعض الدول المحسوب من قبل هيئة الأمم المتحدة على أساس معدل النمو إلى ما يلي (الأعداد بالملايين):

أمَّا أعداد السكان في الدول الصناعية الأوروبية فتتوقف أو تهبط:

تفتقر بلدان أوروبا الغربية الأخرى مثل فرنسا وإيطاليا أيضاً إلى القدرة في التوفيق بين تجارب الرفاهية والنمو لسكانها.( الأعداد بالملايين)
إذا لم يأت يَسُوْع ثانية قبل عام 2050 ولم تحدث كوارث هامة قبل ذلك التاريخ، فسوف تنطبق تنبؤات هيئة الأمم المتحدة على الدول العشرين الأكثر سكانا بين دول العالم (الأعداد بالملايين):

مَن سيُطعم هذه الشعوب؟ المياه والأرض والمواد الخام في العالم محدودة جدا. وبرنامج المجاعة موضوع مسبقاً. ونزوح الشعوب متوقع بعد 50 سنة. يحتمل ألا تكون أية دولة أوروبية من ضمن الدول العشرين الفائضة بالسكان.
لقد بدأ موت الجياع في العالم الثالِث يتخذ شكلاً مخيفاً. فملايين الأولاد والبالغين يموتون سنويا بسبب قلة التغذية. الجوع كافر. وكل فرد جائع يتقدم بشكواه إلى الإنسانية أجمع.
يصرخ كثيرون عند هلاكهم إلى الراكب على الفرس الأبيض. لكن القليلين فقط هم الذين يرفعون أعينهم إلى الحمل في عرش الله.
الصَّلاة: أيُّها الخالق القدّوس، يزداد عدد سكان العالم بسرعة، وعن قريب لا يكفي الماء والخبز والمكان للسكن، وتزداد الأوساخ في كلّ البلاد. ويتسمّم الجو بالغازات والإشعاعات النووّية. تعال أيُّها الرَّبّ القدوس، واحصد عالمك، وامنح الأمّهات أولاداً مؤمنين لئلاّ ينتهي "ملح الأرض".

انتشر الطاعون الأسود في أوروبا في القرون الوسطى مِن عام 1347م. إلى عام 1351م. واتَّهم معظم الناس حينئذ الشيطان واليهود. واجتاحت موجة قتل اليهود أرجاء المدن الألمانيّة ما عدا "ريجنسبورغ" و"فيينا"؛ فأبيدت ستون طائفة يهودية كبيرة ومائة وخمسون طائفة يهودية صغيرة على بكرة أبيها، كما أصيبت ثلاثمائة وخمسون طائفة يهوديّة بأضرار جسيمة. وهرب اليهود مذعورين طلبا للحماية من الأشراف ونزح بعضهم إلى أوروبا الشرقية. بالرغم من اعتراض البابا كليمنس السَّادِس على الاتهامات الباطلة، قُتل آنذاك ربع يهود أوروبا أو طُردوا. ودعا المطرودون إلى بلدان شرق أوروبا أنفسهم "أشكينازيم" Ashkenazim (أي اليهود مِن أصل ألماني).
ظهر الطاعون الأسود في زمن الإصلاح البروتستانتي (اللوثري) مراراً عديدة وقضى على سكان وأراضي أوروبا بكاملها.
يظهر اليوم أنَّ هذا الوباء قد اندثر أو امحى، ولكنَّ احتمال عودة الطاعون الأسود لا يزال قائماً طالما وجدت جرذان تحت الأرض دون القضاء عليها. كثيراً ما يظهر الطاعون الأسود في شمال الهند، مما يجعل شركات الطيران توقف رحلاتها. وبعض الهنود لا يقتلون الجرذان خشية أن تكون أرواح أجدادهم قد حلت فيها.

توجَد في العالم أمراض كثيرة لا تعلن الصحافة عنها بالرغم من عواقبها الوخيمة.
ثمة عميان أو معوقون بالنظر في كل مكان. يوجد منهم في الهند وحدها أكثر من عشرة ملايين، وفي الصين 8 ملايين، وفي باكستان مليون، وفي نيجيريا 500000 ، وفي السودان 300000 ، يعيش معظمهم في ظلام دائم يمكن إضاءته بحسب الإنجيل.
البرَص منتشرٌ أكثر مما نعلم. يوجد في الهند 4 ملايين أبرص، وفي الصين 3 ملايين، وفي نيجيريا 900000 ، وفي بنغلادش 500000 ، وفي السودان 100000 ، وهم يتناولون الطعام معزولين عن المجتمع، مع أن هذا المرض أصبح قابلاً للشفاء، أو على الأقل تحت المراقبة.
يعيش في الهند 9 ملايين مخبول أو مجنون، وفي الصين 5 ملايين، وفي إندونيسيا 800000 ، وفي باكستان 500000 ، وفي بنغلادش 450000 ، وفي نيجيريا 450000 ، وفي تركيا 300000 وفي إيران 200000 .
يمتد الإيدز أكثر فأكثر، وتخشاه البشرية في كل مكان كسوط يهددها. مات في كينيا سكان قرى بأكملها لأنَّ معظم البالغين ماتوا بالإيدز وأولادهم الأيتام يحملون فيروس المرض فيهم.
ومِن جديد يسقط عدد ممن يعانون سوء التغذية بين ذراعي الموت من مرض السل. والذين يموتون مِن مرض السل هم أكثر من هؤلاء الذين يموتون من الإيدز.
انسداد شرايين القلب المعروف (بالجلطة)، والسَّرطان مرضان قديمان. أسفر إنتاج كربوهيدرات مكررة عن مزيد من الضحايا في السنوات المائة الماضية. حذرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC من "سموم عصرية ثلاثة" هي السكر الأبيض، والطحين الأبيض، والرز الأبيض. عند إضافة مادة لحفظها، يستخرج الفيتامين B Complex من هذه المواد الغذائية ويستخدم كعسل السكر أو كغذاء للحيوانات.
وتأتي الكولا COLA في مقدمة المشروبات الخطرة التي إذا شُربَت بكثرة تمهِّد الطريق إلى الموت أكثر ممَّا يفعل الكحول والقهوة. ربما ينبغي لنا أن نقرأ قوانين الطعام في العَهْد القَدِيْم بمزيد من الانتباه، ليس لكي نتبرر
فنحن مبرَّرون بالصَّلِيْب، بل لكي نحافظ على صحتنا.
الصَّلاة: يا حمل الله الرحوم، ارحمنا لأنّ ضربات قداستك حقّ، لأنّ الجماهير تركتك، وتعمل ما لا تريد أنت. فأسلمتهم ليبيد بعضهم بعضاً. وتتسربل فيهم الأمراض والأوبئة والسموم خلسة، ولا يتوبون! امنح لنا الحكمة والجرأة، لنبشّر مَن تقودنا إليهم، لكي لا تُطفأ نور السماء في أيامنا مطلقاً.

لا نعلم إنْ كان ملاك الرب، بكلماته هذه ليوحنا الرائي، يشير إلى الوحوش التي مزَّقت أجساد شهود يَسُوْع المَسِيْح الأمناء في ميدان رومة، لأنهم رفضوا أن يعبدوا حكامهم القياصرة كآلهة. لعل الإشارة إلى وحوش الأرض لا تتضمن الذئاب والسنوريات فقط، بل المناطق الخالية بسبب الحروب والمجاعات والأوبئة التي قضت على السكان فيها.
ولعله يمكننا أن ندرج أيضا في عداد الوحوش الضارية بعوضة حمى الملاريا التي تنقل الملاريا والتي أصبحت منذ بضع سنوات حصينة من اللقاح الكثير العدد، فانتشرت مجدَّداً في الدول الاستوائية. كَرَّم العبيد المحررون العائدون إلى وطن آبائهم ليبيريا هذه البعوضة "قاتلة الرجل الأبيض"، فأصدروا طابعاً بريدياً تحت شعار "قاتلة الرجل الأبيض". بالرَّغم مِن فظاعة الآلام التي يمكن للوحوش الضارية إلحاقها بالإنسان، يمكن للإنسان عندما يكون كالوحش الضاري أن يُلحق آلاماً أفظع. كثيرا ما يفقد الإنسان كل شفقة ويتعطش للدماء في الحروب وفي أعمال الإرهاب. لقد تسببت الثورة الفرنسية، وغازات "أدولف هتلر"، واستخدام الحراس الحمر في الصين "بول بوت" Pol Pot في كمبوديا، والأصوليّون في مصر وفي الجزائر بويلات فظيعة. لم تنته العداوة التقليدية بين العرب وإسرائيل، وهي تنتظر ساعتها. تشير المذابح بين هوتوس Hutus وتوتسيس Tutsis والحروب الأهلية في السودان وحتى في لبنان إلى وجود وحش جاثم في كل إنسان، وإذا أفلت فسيخرب أكثر من وحوش الأرض التي كثيراً ما تقتل بدافع الجوع وليس بدافع الضغينة والثأر.
أمَّا الحروب الدينية فتحفر عميقاً في وعي الإنسان الباطني وتضلله ليقتل عمدا وليرتكب أعمالا وحشية بضمير حي في آن واحد. لذلك كتب إِشَعْيَاء بحق ثلاث مرات لقرائه: "لاَ سَلاَمَ قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إِشَعْيَاء 48: 22؛ 57: 21؛ 59: 8).
ولكنَّ حَمَل اللهِ يأمرنا قائلا: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ, وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ, لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 5: 44- 45).
لو اتخذت البشرية تعاليم المَسِيْح وحق المصالحة وقوة روحه القدوس لما بقيت حروب ولا دينونة غضب الله فيما بعد. عِنْدَئِذٍ لا يجد الجالس على الفرس الأبيض مع حاشيته مدخلا إلى الشعوب. ولكنَّ أفراداً قلائل فقط يسمحون ليَسُوْع بأن يناديهم فيتبعون الحَمل راضين. تقسي جماهير الناس قلوبها ضد مخلصها، فيسلمها ليفني بعضهم بعضا (رومية1: 18-32). بالرغم من قصاصات الله المتزايدة لا يريد من تطبعوا بطبيعة الذئب أن يصيروا حملاناً.

الصَّلَاة
أيُّها الرَّبّ المسيح المتعالي، قد أعلنت لتلاميذك أنّ رئيس هذه الدنيا يسيطر على الأكثرية. إنّما أنت غلبته على الصليب، وأرسلت عبيدك إلى العالم أجمع. ليؤسّسوا ملكوت محبّتك في قلوب التائبين، لتنفخ ملائكتك في بوق الانتصار وسط الدمار، لأنّ مملكتك تأتي حتماً.
السُّؤَال
ماذا يعني "الموت يظهر شخصياً مرافقا الفارس الرَّابِع؟ كيف يهاجمنا الموت بواسطة الحروب الحديثة؟ لماذا ينمو الجوع في العالم؟ ما هي الأوبئة التي يستخدمها الرب ليقودنا إلى التوبة؟ لماذا لا يحلّ السلام بين الشعوب في الوقت الحاضر؟