Skip to content

Commentaries
Arabic
رومية
  
2- غَضَبُ الله مُعْلَنٌ على اليَهود
(رومية 2: 1- 3: 20)

أ: الَّذي يَدين غَيرَه يَحْكُم على نَفْسِه
(رومية 2: 1- 11)
2::1لِذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ كُلُّ مَنْ يَدِينُ، لأَِنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ، لأَِنَّكَ أَنْتَ الَّذي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا.2وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ اللهِ هِيَ حَسَبُ الْحَقِّ عَلَى الَّذينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ.


إنَّ تاج الإثم هو الرِّياء. تَرى النَّاس، على الرَّغم مِن عِلْمهم عِلْمَ اليقين أنَّهم بالنِّسبة إلى قَدَاسَة الله أشرارٌ جدّاً، يتظاهرون بالصَّلاح والحكمة والتَّقوى، حاسبين أنفسهم المثل الأعلى الَّذي يستحقّ كلّ تكريم وتبجيل. وهُم فوق مراءاتهم هذه يدينون زملاءهم، ويتحدَّثون عنهم باحتقار وازدراء، وكأنَّهم حثالة القوم.
ولكنَّ بُوْلُس يحطِّم استكبارك، فيُطيح بقناع ريائك وكذبك، ويُريك أنَّك لا تُميِّز الحقيقة. هل تعرف إنساناً كذّاباً؟ إنَّك أكذب منه. أرأيتَ قاتلاً؟ إنَّك أقتل منه في بغضتك. وما الفكرة الَّتي تحاول ترويجها عن نفسك إلاَّ كذبة. فروح الله هو الَّذي يدينك. وهو يطعن بالمتظاهرين بالتقوى أوَّلاً، الظَّانين أنفسهم أفضل مِن باقي النَّاس الغوغاء الخُطاة. فيسوع لم يصلبه الغوغاء والأُمِّيون والسُّذَّج، بل معلِّمو الشَّرِيْعَة الفقهاء المثقَّفون المُختالون كالطواويس في ثياب التَّقوى، وهم في داخلهم قبورٌ نتنةٌ.
ولا يدينك الله بحسب أَعْمَالك فقط، بل بحسب نيَّاتك وأفكارك وأمانيك أيضاً. فأحلامك شرِّيرةٌ منذ حداثتك، وأنت في أعماق نفسك أنانيٌّ، وثائرٌ على الله، ومُعارضٌ لمقاصده، ومُتعَدٍّ على وصاياه، ومُحتقِرٌ لأخيك الإنسان. فأنت زانٍ في روحك، ومُنفصلٌ عن خالقك. ومِن قلبك تَخرج أفكارك الشِّريرة. وستسمع في الدَّيْنُوْنَة الأخيرة كلماتك المُسجَّلة، وترى أَعْمَالك المُصوَّرة، وخُبْث نيَّاتك، فترتعد خوفاً، وتَصمُت، لأنَّك خاطئٌ وفاسدٌ. فاعترف بخُبثك جهراً، ولا تحتقر خاطئاً آخَر. قد يكون جارك شرِّيراً جدّاً. ولكنَّ شَرَّه لا يُبرِّر شرَّك ولا يُخلِّصُك منه، بل إنَّك تموت عن خطاياك أنت، لأنَّك أنت المَسْؤُوْل عن ذاتك أمام الله. فاعرف نفسك المُجرمة في قَدَاسَة الله الطَّاهرة.
قد لا تَقبَل هذه الكلمات القاسية، أو لعلَّك تَقبلها عقليّاً فقط، بدون أن تنكسر في كبريائك وتبكي أمام الله نادماً. ألا فاعلم أنَّ عدم إدراكك لحالتك لا يُخلِّصُك مِن الدَّيْنُوْنَة الإلهيَّة. إنَّنا في دُنيانا الزَّائلة نختبر حقوق الآخَرِيْنَ علينا، ومن ثمّ الحقَّ العامَّ الَّذي تُطالبنا به الدَّولة. أمَّا الحقُّ الإلهيٌّ الَّذي سيُلاحقنا به الله فلا نُعيره الاهتمام الَّذي يستحقُّه. فللقاضي الأزلي والدَّيان الأعظم حقوقٌ سيديننا بموجبها. وجميع الأَدْيَان الرَّئيسيَّة في العالم تعترف بيوم الدّين وتعلم قليلاً عنه، ويُسمِّيه بعضُها بالقارعة، ويوم الحساب. ولا يُنكر المثول أمام الله سوى المُلْحِدِيْنَ الكُفَّار. في ذلك اليوم تنكشف أسرارك كلُّها وأفكارك وأقوالك وفواحشك أمام الجميع، ويُطلَب منك أن تُعطي حساباً عن كل كلمة بطَّالة نطَقْتَ بها، وكلّ قرش أنفقته بطيش، وكلّ دقيقة لم تستخدمها لتمجيد إلهك، لأنَّك وكيلٌ على مواهب الله، وهو سيُحاسبك عن كلِّ ما أودعك إيَّاه. وأشعَّة مجد الله، الَّتي تفوق في قوَّتها ودقَّتها وتطوُّرها كلَّ أجهزة الأشعَّة الَّتي نَعرفها في مستشفياتنا الأرضيَّة، ستَنْفُذُ في داخلك وفي ماضيك، وستُعرِّيك وتكشفك على حقيقتك. وهكذا ستقف أمام الدَّيَّان الأعظم.

الصَّلَاة
أيُّها الإله القُدُّوْس، أنت أزليٌّ وبارٌّ. أمَّا أنا فمُذنِبٌ هالكٌ. اغفر لي كلَّ تظاهري بالتَّقوى، وافتح قلبي لتخرج كلّ قذارة منه أمام نورك. أعترف أمامك بخطاياي كلِّها، وألتمس منك أن تمنحني روح محبَّتك، كي لا أرفض أحداً أو أدينه أو أكرهه، بل أُدرك بقوَّة روحك أنَّني أوَّل الخُطاة. ارحمني حسب رحمتك، وحطِّم آخر أسوار كبريائي ودُكّ آخر معاقل حساسيتي، كي أصبح متواضع القلب، وديعاً.
السُّؤَال
كيف يحكم الإنسان على نفسه فيما يدين غيره؟